خطبة بعنوان (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) مختصرة

سعيد الشهراني
1446/10/25 - 2025/04/23 09:43AM

خطبة ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ )

سعيد سيف الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ أَهْلِ الْحَمْدِ والثَّنَاءِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ في الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عليْهِ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أمَّــا بَعْـدُ: أوصيكم ونفسي بتقوى الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

أَيُّهَا المؤْمِنُونَ: رَبَطَ اللهُ عزَّ وجلَّ بينَ الخلائِقِ بِرَوَابِطَ وَصِلاتٍ، وَأَرْحَامٍ وَقَرَابَاتٍ، قالَ تعالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وَمِنْ أَشَدِّ هَذِهِ الرَّوَابِطِ وَأَوْثَقِهَا بَعْدَ الإِسْلامِ عَلاقَةُ الإخْوَةِ والأَخَوَاتِ.

عِبَادَ اللهِ: ولِلأَخِ في الإِسْلامِ مَنْزِلَةٌ كَرِيمَةٌ وَمَكَانَةٌ عَظِيمَةٌ، فَهُوَ هِبَةٌ وَرَحْمَةٌ، وَعِزَّةٌ وَمَنَعَةٌ، وَعَوْنٌ وَقُوَّةٌ، قَالَ تَعَالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا)، والأَخُ مَلاذٌ في الْوَغَى، وَأَنِيسٌ وَقْتَ الرِّضَا، يزينُهُ مَا يزينُكَ، ويعيبُهُ مَا يعِيبُكَ، يَنْشُرُ فَضَائِلُكَ، وَيَطْوِي مَعَايِبُكَ، إِنَّهُ ابْنُ أُمِّكَ، كَاتِمُ سِرِّك، وَعِصَابَةُ رَأْسِك، وَعِمَادُ ظَهْرِك إِنْ رَأَى مِنْكَ حَسَنَةً عَدَّهَا، وَإِنْ رَأَى فِيكَ سَيِّئَةً سَدَّهَا، إِنْ سَأَلْتَهُ أَعْطَاكَ، وَإِنْ سَكَتَّ عَنْهُ ابْتَدَاكَ، وَإِنْ نَابَتْكَ نَائِبَةٌ وَاسَاكَ، بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ.

أَيُّهَا المؤْمِنُونَ: والأَخُ هُوَ عَصَاكَ وَعَضُدَكَ، وَشَرِيكُكَ وَسَنَدُكَ، تَأْوِي إِلَيْهِ في المهَمَّاتِ وَتَلُوذُ بِهِ في الشَّدَائِدِ والملَمَّاتِ، سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ رَبَّهُ بِقَوْلِهِ: (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) فَأَجَابَهُ اللهُ بِقَوْلِهِ: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) الأَخُ هُوَ سَلْوَةُ الْخَاطِرِ، وَأُنْسُ النَّفْسِ وَبَهْجَةُ الْقَلْبِ، وَهُوَ النَّاصِحُ المؤْتَمَنُ، والمُسْتَشَارُ المعْتَمَدُ، وَهو أَمْنُكَ إِذَا غَالَبَتْكَ الْخُطُوبُ وَلَفَظَتْكَ الدُّرُوبُ قالَ يُوسُفُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لأَخِيهِ مُطَمْئِنًا وَمُبَشّرًا: (إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

عِبَادَ اللهِ: وَالأَخُ أَوْلى النَّاسِ بِالْبِرِّ وَالصِّلَةِ، شَقِيقًا كَانَ أَوْ لأَبٍ، لأُمٍّ كَانَ أَوْ مِنَ الرَّضَاعِ، قَالَ ﷺ: (بِرَّ أُمَّكَ وأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) أخرجه النسائي وصححه الألباني، ولمَّا ماتَ عُثمانُ بنُ مظعونٍ، وكان أخًا للنَّبِيِّ مِنَ الرَّضَاعِ أُخْرِجَ بجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فأَمَرَ النَّبيُّ ﷺ رَجُلًا أَنْ يأتيَهُ بحَجرٍ فلم يستَطِع حملَهُ، فقامَ إليها رسولُ اللَّهِ ﷺ وحسرَ عَن ذراعيهِ، يقول الراوي: كأنِّي أنظرُ إلى بياضِ ذراعَي رسولِ اللَّهِ ﷺ حينَ حَسرَ عنهُما، ثمَّ حَملَها فوضعَها عندَ رأسِهِ وقالَ: (أتعلَّمُ بِها قبرَ أَخي، وأَدفِنُ إليهِ مَن ماتَ من أَهْلي) أخرجه أبو داود وحسنه الألباني. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا).

بَارَكَ اللهُ لَي ولكم فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الْآَيَاتِ وَالْحِكْمَةِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خاتمُ المرْسَلِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ واعلموا أنه إِذَا كَانَ الأَخُ بِتِلْكَ المكَانَةِ، وَذَاكَ الْفَضْلِ، فَإِنَّ حَقَّهُ أَصِيلٌ وَوَاجِبَهُ أَكِيدٌ، وَأَوَّلُ حُقُوقِ الأَخِ: صِلَتُهُ وَبِرُّهُ، وَالإِحْسَانُ إِلَيْهِ، وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِ، وَإِنْزَالُهُ مَنْزِلَتَه، وَالتَّغَاضِي عَنْ خَطَئِهِ، قَالَ يُوسُفُ عليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لإِخْوَتِهِ بِلِسَانٍ سَلِيمٍ، وَمَنْطِقٍ قَوِيمٍ، وَقَلْبٍ رَحِيمٍ: (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). ولمَّا رَجَعَ مُوسَى إلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا مِمَّا وَقَعُوا فِيهِ مِنَ الشِّرْكِ وَعِبَادَةِ الْعِجْلِ، أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ، حُزْنًا عَلَى مَقَامِ التَّوْحِيدِ، وَمَهَمَّةِ الرِّسَالَةِ، فَمَا كَانَ مِنْ هَارُونَ إلا أَنْ ذَكَّرَهُ بِتِلْكَ الصِّلَةِ المتِينَةِ، وَالْعَلاقَةِ الأَصِيلَةِ (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فأجابَ مُوسَى بِقَوْلِهِ: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

أيُّهَا المؤْمِنُونَ: وَإِذَا كَانَ الأَخُ بِتِلْكَ المكَانَةَ، وَذَاكَ الْفَضْلَ، فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَفُتَّ عَاقِلٌ كَبِدَهُ، فَيُقَاطِعَ أَخَاهُ وَعَضُدَهُ؟! هَذَا وَاللهِ مِنَ الْغَبَنِ وَالْوَهَنِ، وَسُوءِ الْفِقْهِ، وَقِلَّةِ الْعَقْلِ وَالنَّظَرِ، وَإِذَا مَنَعَ الرَّجُلُ خَيْرَهُ عَنْ أَخِيهِ، فَأَيُّ خَيْرٍ فِيهِ؟ !.فاللَّهُمَّ احْفَظْ إِخْوَاننَا وَأَخَوَاتَنَا، واجْعَلْهُمْ قُرَّةَ عَيْنٍ لَنَا.

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد..(الدعاء مرفق)

المرفقات

1745390654_خطبة بعنوان (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) مختصرة.docx

المشاهدات 1776 | التعليقات 1

هذه الخطبة مستوحاة ومختصرة من خطبة الشيخ عبدالله الطيار جزاه الله خير