خطبة بعنوان ( فضائل شهر محرم + الإجازة الصيفية) مختصرة

سعيد الشهراني
1446/12/29 - 2025/06/25 08:18AM

خطبة ( فضائل شهر محرم + الإجازة الصيفية )

سعيد سيف الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة

الخطبة الأولى:

الحَمْدُ للهِ َمُصَرِّفِ الأَيَّامِ وَالشُهُورِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَومِ النُّشُورِ، وَسَلَّمَ تَسلِيمًا كثيرًا.

أما بعد: فاتقوا اللهَ عبادَ الله، فإنَّ مَن اتَّقى اللهَ وَقَاه، وكَفَاهُ عَذَابَ آخِرَتِه وفِتَنَ دُنيَاه.

عباد الله: هَا أَنتُمْ ودَّعْتُمْ عامًا، واستقبلتهم عامًا آخَر، وذلك كلُّه مِنْ أعمالِكُم وأعْمَارِكُم، عَامًا مضى بما أودَعتُموهُ مِنْ عَملٍ، فمَنْ أحسَنَ فلْيَهنَأْ، ولْيَحْمَدِ الله ولْيَزْدَدْ، وخيرُ الزَّادِ التقوى، ومَنْ كانَ غيرَ ذلك؛ فلا يَزالُ في الأجَلِ فُسْحَةٌ، فلْيَسْتَعْتِبْ، وربُّكم يَتوبُ على مَنْ تابَ.

أيها المسلمون: إن شهر محرم، هو أحدُ الأشهرِ الحُرُم، التي اخْتَصّها اللهُ بالتّعظيم، وقد زادَ اللهُ في تعظيمِه مِن بينِها بإضافتِه إليه إضافةَ تَشريفٍ وإكرام، وَلِهَذَا الشَّهْرِ فَضَائِلُ وَأَحْكَامُ نَتوَقَّفُ مَعَهَا فِي هَذِهِ الخُطْبَةِ ومنها:

الوَقْفَةُ الأُولَى: شَهْرُ مُحرَّمٍ هُوَ أَوَّلُ شُهُورِ السَّنَةِ الهِجْرِيَة، وَقَدْ كَانَ يُسَمَّى فِي الجَاهِلِيَةِ بِالـمُؤْتَمَرِ؛ لِأَنَّ العَرَبَ كَانَتْ تَجتَمِعُ فِيهِ لِلتَشَاوُرِ، وَشهر مُحرَّمُ هو أَحَدُ الأَشْهُرِ الأَرْبَعَةِ الحُرُمِ الوَارِدَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}، وَهَذِهِ الأَشْهُرُ الأَرْبَعَةُ هِيَ ذُو القَعْدَةِ وَذُو الِحجَّةِ وَمُحرَّمُ وَرَجَبُ، وَسُمِّيَتْ بِالحُرُمِ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّم فِيهَا القِتَالَ، كَمَا أَنَّ اللهَ خَصَّهَا بِنَهْيِ الإِنْسَانِ أَنْ يَظْلِمَ فِيهَا نَفْسَهُ.

الوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ: شَهْرُ مُحَرَمَ شَهْرٌ فَاضِلٌ، وَمِنْ فَضْلِهِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى نَسَبَهُ إِلَيْهِ، رَوَى اِبْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلَاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: (شَهْرُ اللهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ الـمُحَرَّمَ).

الوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ: مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ الفَاضِلَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الفَاضِلِ: الصِّيَامُ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ)، وأَعْظَمِ الأَيَّامِ التِي جَاءَ الحَثُّ عَلَى صِيَامِهَا يَوْمُ العَاشِرِ مِنْ مُحَرَّمَ، رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: (قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ). وقَالَ ﷺ في فضله:(صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) رواه مسلم، فاحرصوا ـ رحمكم الله ـ على صيام يوم عاشوراء محتسبين الأجر من الله تعالى سائلين منه القبول والإعانة، نسأل الله يجعل عامَنا عامَ خيرٍ وبرَكة، وأيامَنا أيامَ أمنٍ وأمان، وسلامةٍ وإسلام.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرَ الْحَكِيمَ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.

 أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ أيها المؤمنون، واعلموا الإجازة الصيفية قد حطت رحالها، وستستمر ضيفة عزيزة لعدة أشهر، وهذه الإجازةُ التي يعيشُها أبنَاؤنَا وبناتُنا نعمةٌ ومنَّةٌ مِنَ اللهِ بعدَ طولِ دراسةٍ فينبغي علينَا أن نعمرَها بكلِّ خيرٍ، ومن ذلك:

أولاً: المحافظة على الصلوات المفروضة ففي الإجازةِ يكثر السهرَ طوالَ الَّليلِ على المباحِ وغيرِه، والنَّومَ بالنَّهارِ، وخاصةً الشبابَ والفتياتِ، فَتَضيْعَ عليهم صلاتَا الظُهرِ والعصرِ، ولا يستيقظونَ إلا قربَ المغربِ، وهؤلاءِ على خطرٍ عظيمٍ، لتهاونهِم وتضييعهِم لوقتِها، قالَ تعَالى:{فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة..}، فاتَّقوا اللهَ تعالى في صلاتِكم، فهي عمادُ دينكِم، وأعظمُ العباداتِ عندَ ربِّكم، ومن ضيَّعها فهو لما سُواها أضيعُ ـ نسألُ اللهَ السلامةَ والعافيةَ.

ثانيًا: استغلالُ الوقتِ بالسفر إلى مكَّةَ والمدينةَ، لأداءِ العُمرةِ، وزيارةِ مسجدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومشاهدةِ الأماكنِ السياحيةِ في بلادِنا، والتَّمتّعِ بما فيهَا من مناظرَ جميلةٍ وخلابةٍ. وكذلك بالمشاركةِ بالدوراتِ العلميةِ؛ أو حفظِ القُرآنِ ومراجعتِه، وكذلك الاهتمام بصحة البدن من خلال ممارسةُ الأنشطةِ الرياضيةِ، كالسباحةِ والمشيِ، والجريِ وغيرِها.

ثالثًا: الحرصُ على صلةِ الرحمِ، وزيارةِ الأقاربِ، وإدخالِ السُّرورِ عليهم ففي ذلكَ أجرٌ عظيمٌ، وكذلك الترويحِ عن الأهلِ بالمباحِ، والبعدُ عن التبذيرِ والإسرافِ في الإنفاقِ والمناسباتِ، وليكنْ منهجُنا التَّوسطَ في كلِّ شيءٍ، ففي ذلكَ حفظٌ للنعمةِ وشكرٌ لمسدِيها.

رابعًا: اجتماعُ الآباءِ والأمهاتِ مع أبنائِهم وبناتِهم، وملءُ فراغِهم بالموضوعاتِ والأعمالِ المفيدةِ، وغيرُ خافٍ أنَّ عدمَ التواصلِ بين أفرادِ الأسرةِ وخاصةً في هذه الإجازةِ يُولِّدُ الجفاءَ والوحشةَ بينهم، كما أنَّه يُعرِّضُ الأبناءَ والبناتِ لشرورٍ كثيرةٍ، وانحرافاتٍ خطيرةٍ. نسألُ اللهَ جلَّ وعلا أَنْ يباركَ لنا في أوقاتِنا وأعمارِنا، وأَنْ يُصلَحَ لنَا أبناءَنا وبناتِنَا وأَنْ يُنشِّئَهم على الخيرِ وأن يجعلَهم صالحينَ بارِّينَ، وأن يعيذَهم من الفتنِ ما ظهرَ منهَا وما بَطَنَ.

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد...(الدعاء مرفق)

المرفقات

1750830220_خطبة بعنوان( فضائل شهر محرم^Mالإجازة الصيفية) مختصرة.docx

1750830228_خطبة بعنوان( فضائل شهر محرم^Mالإجازة الصيفية) مختصرة.pdf

المشاهدات 1111 | التعليقات 0