خطبة بعنوان (ماذا بعد الخطأ؟!) مختصرة

سعيد الشهراني
1447/04/02 - 2025/09/24 08:25AM

خطبة ( ماذا بعد الخطأ؟! )

سعيد سيف ال حلاش الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة

الخطبة الأولى:

الحَمدُ للهِ يُحبُّ التَّوابينَ، وَيَغفرُ للمُخطئينَ المُستغفرينَ، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله إلهُ الأولينَ والآخِرينَ، وَأشهدُ أنَّ مُحمدَاً َعَبدُ اللهِ وَرَسولُه، أَرسلَهُ اللهُ رَحمةً وَأَمَاناً للعَالمينَ، صَلَّى اللهُ وَسلَّمَ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وأَصحابِهِ والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ.

أما بعد: فاتقوا اللهَ عِبادَ اللهِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}.

أيها الناس:(الخطأُ)صفةٌ لازمةٌ للبَشَرِ،مهما يكونُ من الاحتياطِ والحَذرِ،ولذلكَ قالَ ﷺ(كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ،وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)ولَكِنْ السُّؤالُ المُهمُ:مَاذا بَعدَ الخَطَأ؟.

عباد الله: مِنَ النَّاسِ بَعدَ الخَطَأ يَشعرُ بالفَرحِ بالمعصيةِ، والانتصارِ بتَحصيلِها، والنَّشوةِ بتَذَكُّرِها، وتَمني تِكرَارِها مرةً بعد مرةٍ، وهو مع ذلك يَتقلبُ في نِعَمِ اللهِ تَعالى، لا تَنفعُهُ مَوعظةُ النَّاصحينَ، ولا يَردَعُهُ هَلاكُ العَاصينَ، فإِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لَهُ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ، قال تعالى ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

ومِنَ الناسِ بَعدَ الخَطَأ مَنْ يَقعُ في المعصيةِ، ثم يَعقبُها نَدمٌ يُقطِّعُ القُلوبَ، ودُموعٌ تَحرقُ الجُفونَ، هَمٌ وقَلقٌ، سَهرٌ وأَرقٌ، يَذكرونَ نِعَمَ اللهِ عَليهم التي لا تُحصى، ويَذكرونَ مَقامَهم بَينِ يَدِّي خَالقِهم يَومَ القِيامَةِ لَو مَاتوا عَلى تِلكَ المَعاصي، فَيتُوبونَ ويَستَغفرونَ، وعَنْ جَميعِ الذُّنوبِ يُقلِعونَ، كَمَا وَصَفَهم تَعَالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، ومِنهم عِبادُ الرَّحمانِ، الذينَ ليسَ للشَّيطانِ عَليهم سُلطانٌ، إنما هِيَ وَسوسةٌ بالمَعصيةِ وتَزيينٌ لها، شَبهَهَا اللهُ تَعَالى بالمَسِّ الذي لا تَمكينَ مَعَهُ، وبالطَّائفِ الذي لا حُلولَ له، وإنما هِيَ خَواطرُ ونَزغَاتٌ سِرعانَ مَا تَزولُ، عِندَمَا يَذكُرونَ رَبَّهم جَلَّ جَلالُه، فإذا بأبصَارِهم تَعودُ إليهم ليَعرِفوا حَقيقةَ البَاطلِ، وعَداوةَ الشَّيطانِ، فَيَمنعُهم مَا عِندَهم من التَّقوى عَن مَعصيةِ عَالمِ الجَهرِ ومَا يَخفَى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ).

ومِنَ النَّاسِ بَعدَ الخَطَأ مَن قَد أَسرَهُ الشَّيطانُ، وَزَيَّنَ لَهُ العِصيانَ، فَتارةً يُقَنِّطُهُ مِن مَغفرةِ الرَّحمانِ، وتَارةً يُذكِّرُهُ بِطُولِ الزَّمانِ، ومَعَ ذَلكَ فإنَّ لَهُ نَفسٌ لَوَّامةٌ، تُعاتِبُه كَثيراً، ووَاعظُ اللهِ في قَلبِهِ يُنَاديه: يَا عبدَ اللهِ إلى أينَ تَذهبُ؟، ومِمَنْ تَفِرُ؟، أَتَعصي الذي سَوَّاكَ وخَلَقَكَ؟، أَلا تَستَحي ممن يَرى مَكانَكَ ويَسمعُ كَلامَكَ؟، أَلا تَسمَعُ أَرقَ دُعاءٍ، وأَجملَ نِداءٍ، (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، فَهو في صِراعٌ نَفسيٌ، هَلْ يَختارُ مَا في الدُّنيا مِنْ لَذةِ الشَّهواتِ؟، أو يَختَارُ مَا أَعَدَّهُ اللهُ لمن أَطَاعَه من جَناتٍ؟، فتوبةُ هذا قريبةٌ، فَقَد تَكونُ كَلمةٌ أو آيةٌ أو مَوعظةٌ أو حَادثةٌ، يَفتَحُ اللهُ تَعالى بها أَقفالَ القُلوبِ، ويَنفضُ عَنها غُبارَ الذُّنوبِ، (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).

أَقولُ قَولي هَذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم مِن كُلِّ ذَنبٍ فَاستغفروهُ إنَّهُ هُو الغفورُ الرحيمُ.

 

الخطبة الثانية:

الحَمدُ للهِ الذي أَجزلَ للطَّائعينَ الثَّوابَ، وَأَنذَرَ العَاصينَ بالعِقَابِ، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَه لا شَريكَ له الكَريمِ الوَهَّابِ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، خير من صلى وصام، وأناب إلى الله وتاب.

أَمَّا بَعدُ: يَا أَهلَ الإيمانِ، مَاذا بَعدَ الخَطأ؟، يَقولُ تعالى: (مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا)، فَكَيفَ هُو شُعورُ مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللهَ تَعالى غَنيٌ عَن خَلقِهِ، لا تَضرُهُ مَعصيةُ العَاصينَ، ولا تَنفعُهُ طَاعةُ الطَّائعينَ، لَو أَنَّ أَولَ النَّاسِ وآخرَهُم، وإنسَهُم وجِنَّهُم، كَانوا عَلى أَتقى قَلبِ رَجلٍ مَا زَادَ ذَلكَ في مُلكِهِ شيئاً، ولو أَنَّ أَولَ النَّاسِ وآخرَهُم، وإنسَهُم وجِنَّهُم، كَانوا عَلى أَفجرِ قَلبِ رَجلٍ مَا نَقَصَ ذَلك مِن مُلكِهِ شَيئاً، فَالمعصيةُ لا تَضرُ إلا صَاحبَها، ومَعَ ذَلكَ فَإنَّهُ يَفرحُ بِتَوبةِ عَبدِهِ فَرَحَاً عَظيماً (إِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)، فَهَلْ رَأيتُم كَرَماً كَهَذا، وفَضلاً كَهَذا، هَل تخيَّلتُم تِلكَ اليدَ المَبسوطةَ لَيلاً ونَهَاراً للتَّائبينَ؟، (إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بالليلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها)، هل تعلمونَ أن التائبَ لا يبدأُ حياتَه من جديدٍ؟، بل يبدأُ من حيثُ انتهى، فتلكَ الجبالُ السودُ من المعاصي يبدُلها اللهُ تعالى إلى جبالٍ بيضاءَ من الحسناتِ، كما قال تعالى( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)، فاغتنموا يا عبادَ اللهِ الأوقاتِ، وبدِّلوا سيائتِكم بحسناتٍ، وإياكُم وطولَ الأملِ، فإنكم لا تعلمونَ متى الأجلِ.

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد...(الدعاء مرفق)

المرفقات

1758795593_خطبة بعنوان (ماذا بعد الخطأ؟!) مختصرة.docx

المشاهدات 1693 | التعليقات 1

هذه الخطبة مختصرة ومستوحاة من خطبة الشيخ هلال الهاجري جزاه الله خير