خطبة بعنوان( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ) مختصرة

سعيد الشهراني
1446/10/18 - 2025/04/16 08:57AM

خطبة ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا )

سعيد سيف الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة

الخطبة الأولى :

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أمَّا بعد :أوصيكم ونفسي بتقوى الله جلَّ وعلا؛ فهي سبب النجاح ومَدْرَج الفلاح.

عباد الله: رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهٌ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا؛ فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصارِ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ مَرْحَبًا وَأَهْلا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَيْنَ فُلَانٌ؟ قَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ، إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلهِ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، قَالَ فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ كُلُوا مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ أي (السكين)، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ؛ فَذَبَحَ لَهُمْ  فَأَكَلُوا مِنْ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ، وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ  .

هَذَا هو خَيْرُ خَلْقِ اللهِ ﷺ؛ وَهَؤُلَاءِ صَحْبُهُ الكِرَامُ رَضَيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، يُخْرِجُهُمُ الجُوعُ مِنْ بُيُوتِهِمْ، يَرْبِطُونَ مِنَ الجُوعِ الْأَحْجَارَ عَلَى بُطُونِهِمْ، يَأْكُلُونَ الجِلْدَ وَوَرَقَ الشَّجَرِ حَتَّى تَتَقَرَّحَ أَشْدَاقُهُمْ. فكيف هي أحوالنا ونحن نتقلب في وافر من النعم .

أيها المسلمون: انظروا إلى أحوالنا اليوم في البيوت والمناسبات والزواجات؛ فترى صاحب الضيافة يسعى لإظهار مناسبته بالشكل المناسب من توفير أصناف كثيرة من ألوان الطعام وأصناف الشراب ما يكفي لكثير من الناس ومع ذلك لا يأكلون الناس إلا القليل من هذا وذاك ثم يلقى باقي الطعام في سلة النفايات؛ ونسي صاحب الضيافة أنه محاسب على تبذيره قال تعالى ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.

 عباد الله: ومن معالم التبذير أيضاً في حياة الناس اليوم الحرص على الحصول على اخر ما يستجد من المراكب والملابس والمساكن والأجهزة الجديدة والحديثة وغيرها؛ فتجد أقواما تحملوا الديون العظيمة وأرهقوا ذممهم وتحملوا فوق طاقتهم ليكونوا من أوائل الناس في الحصول على كل ما استجد وهذا والله من التكاثر والتفاخر؛ ومن سفه العقل؛ وهو الإسراف بعينه قال ﷺ (إن الله كره لكم ثلاثا قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال) رواه البخاري .جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ المُتَّقِينَ، وَأَوْرَثَنَا جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَوَقَانَا عَذَابَ الجَحِيمِ.

بارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ؛ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ،

أَمَّا بَعْدُ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنَّ وَعْيَ الْفَرْدِ وَالأُسْرَةِ هُوَ أَوَّلُ خُطْوَةٍ فِي التَّصْحِيحِ، والْمُسْلِمِ عليه أَنْ يَتَقَيَّدَ بِطَعَامِهِ بِمَا جَاءَ عَنْ نَبِيِّهِ ﷺ الْقَائِلِ: «مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٍ يُقْمِنْ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» صحيح الترمذي، فَيَا مَنْ أَنعمَ اللهُ عَليهِ، كُلْ أَنتَ وَأَهلكَ مَا يَكفيكُم دُونَ إسرافٍ، وأَكرمْ بِالمَعروفِ مَنْ جَاءَكَ من الأضيافِ، ثُمَّ اصرفْ ما فَاضَ على الفُقراءِ والمساكينِ، والأيتامِ والأراملِ والمُحتاجينَ، شاكراً لنعمةِ ربِّ العالمينَ، وإياكَ أن تكونَ أنتَ وغيرُك سَبباً لِتَبديلِ أمنِنا خوفاً، ورِزقِنا جوعاً، كما أخبرَ سُبحانَه (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) فاتقوا الله عباد الله واشكروا الله تعالى على ما أنعم به عليكم، وأحسنوا الثناء عليه، وأكثروا من حمده، واقتدوا بحديث نبيكم ﷺ الذي قال «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا»أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

هذا وصلوا وسلموا نبيكم محمد...(الدعاء مرفق)

المرفقات

1744783389_خطبة بعنوان (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا )مختصرة.docx

المشاهدات 2078 | التعليقات 0