خطبة عن فضل الحج وشروط وجوبه

 خطبة عن فضل الحج وشروط وجوبه  كتبها : خالد بن خضران العتيبي   الجمش- الدوادمي
 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  .                            

أما بعد :

فالحمد لله الذي فرض على عباده حجَ بيته الحرام وجعله ركناً من أركان الإسلام ومن مبانيه الجسام ودعائمه العظام :

يقول الله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)  

 عباد الله إن الحج فضائله عظيمة جداً وإليك يا عبد الله شيئاً من فضائل الحج لأن الإنسان إذا علم فضائل الشيء حرص عليه أكثر :

فمن فضائل الحج ركن من أركان الإسلام  

ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بني الإسلامُ على خمسٍ شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسولُ الله وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاة وصومِ رمضانَ وحجِ البيتِ من استطاع إليه سبيلا )

ومن فضائل الحج أن الحج إذا كان مبروراً ليس له جزاء إلا الجنة :

جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم  قال : العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) متفق عليه

والحجُ المبرورُ كما  قال ابنُ عبدِ البر رحمه ( هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة ، ولا رفث ولا فسوق ويكون بمال حلال )

ومن فضائل الخحج أنه سببٌ للعتقِ من النار  :

ففي صحيح مسلم ، عن ابن المسيب قال قالت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يومٍ أكثرَ من أن يعتقَ اللهُ فيه عبداً من النارِ من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء ؟ )

ومن فضائل الحج أن فيه تكفيرٌ للسيئات : جاء في حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيومِ ولدتُهُ أمه ) أخرجه البخاري  .

الرفث : هو الجماع ودواعيه  

الفسق: الخروج عن طاعة الله تعالى بفعل المعاصي  .

وظاهر الحديث حتى الكبائر تكفر لأن المولود عندما تلده أمه ليس عليه ذنوب  .

وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال لعمرو بن العاص (  أما علمتَ أن الإسلامَ يهدمُ ما كان قبله ؟ وأن الهجرةَ تهدمُ ما كان قبلها ؟ وأن الحجَ يهدمُ ما كان قبله ؟

ومن فضائل الحج أنه سببٌ لغنى الإنسان غناه في يده وغناه في قلبه بأن يرزق القناعة :

ففي سنن الترمذي ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقرَ والذنوبَ كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديدِ والذهبِ والفضةِ وليس للحجة المبرور ثواب إلا الجنة )  

ومن فضائل الحج أنه سببٌ في تربية النفس على الصبر على طاعة الله والله سبحانه وتعالى يقول

( إنما يوفى الصابرونَ أجرَهم بغيرِ حساب )  

ومن فضائل الحج أن فيه تربيةٌ للنفس على القناعة فالحاج يقنع بمركوب متواضع ويقنع بمكان صغير ينام فيه قد يكون فقط لا يسع إلا موضع فراشه  والقناعة كنز عظيم فقده كثير من الناس  وهو من أسباب سعادة الإنسان جاء في  صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنَّعه الله بما رزقه .

ومن فضائل الحج أن فيه تربيةٌ للنفس على التواضع  فإن بعض الناس لم يعود نفسه على التواضع ففي الحج يجتمع الفقراء والأغنياء في مكان واحد ويلبسون لباس واحد وهذا فيه تربية للنفس على التواضع  

ومن فضائل الحج أن في الحج يتعرضُ الإنسانُ لنفحاتِ الله سبحانه وتعالى  في الطواف والسعي وعند الجمرات وغير ذلك من المواضع ومن أعظمها موقفُ عرفةَ ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ثم أتى الموقف فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة ) قليلاً )

 فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لحجِ بيته الحرام أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  .                            

أما بعد :

أعلموا عباد الله أن الحج واجب في العمرة مرة واحدة  ووجوبه على الفور فلا يجوز لمن توفرت فيه شروط وجوب الحج أن يؤخر الحج

 يقول النبي صلى  الله عليه وسلم ( يأيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا ) أخرجه مسلم  

والأمر الأصل فيه على الفور .

وقد قال عمرُ رضي الله عنه  – كما في سنن البيهقي بإسناد صحيح : ( من أطاق الحج فلم يحج فسواءً مات يهودياً أو نصرانياً )  وهذا من باب الترهيب وإلا فإن من ترك الحج على وجه التكاسل فإنه لا يكفر  .

والحج لا يجب على كل إنسان وإنما له شروط إذا توفرت فإن الحج واجب على الفور وإليك هذه الشروط :

الشرط الأول : الإسلام فلا يجب على كافر أصلي ولا مرتد ولو حج لم يصح حجه .

الشرط الثاني : الحرية : وضد الحر العبد فالعبد لا يجب عليه الحج لأنه لا مال له بل ماله ملك لسيده، فإذا كان لا يملك فهو غير مستطيع  .

الشرط الثالث : أن يكون بالغاً فالصغير لا يجب عليه الحج ولكن لو حج فحجه صحيح ويكون نافلة له وإذا بلغ يحج حجة الإسلام  والدليل على ذلك والدليل على صحة حج الصبي ولو كان في المهد ما جاء في صحيح مسلم  عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركباً فقال: من القوم ؟ قالوا المسلمون فقالوا من أنت ؟ قال رسول الله فرفعت إليه امرأةٌ صبيا فقالت ألهذا حج ؟ قال نعم ولك أجر )

الشرط الرابع : أن يكون قادراً في بدنه وماله ويكون هذا المال الذي يحج به زائد على الديون والنفقات الشرعية والحوائج الأصلية  .

 والديون تنقسم إلى قسمين :

القسم الأول : ديون لله سبحانه وتعالى مثل الزكاة ومثل الكفارات ومثل النذر ، فتقدم على الحج  

القسم الثاني : ديون للخلق وهي على قسمين :

القسم الأول : ديون حالة عليه فالواجب سدادها وهي مقدمة على الحج ، فالمال الذي ينفقه في الحج يسدد به الدين ولو كان يسدد بعض الدين فإن زاد مع مال ويكفي للحج يحج به

 القسم الثاني : ديون مؤجلة فإذا كان يتمكن من وفاء الدين المؤجل بعد الحج إما من وظيفة أو ربح تجارة أو ريع وقف ونحو ذلك وجب ، وكذا إن كان الدين مقسطاً ويتمكن من وفاء قسطه بعد حجه فيجب على الحج وأكثر الناس عليهم أقساط شهرية فنقول إذا كان يستطيع أن يدفع القسط الحال ثم بعد ذلك يسدد الأقساط كل شهر بشهره من مرتبه مثلاً فلا يعتبر هذا الدين مانعاً له من الحج  

والنفقات الشرعية : كالنفقة على نفسه وعلى أهله وعلى أولاده وكل من يلزمه النفقة عليهم  فإذا كان عنده مال يستطيع أن يحج به ولكن يحتاج هذا المال في النفقة على أهله أو على نفسه فإنه لا يجب عليه الحج

 والحوائج الأصلية التي لا بد منها في حياة الإنسان كالسكن واللباس والسيارة والثلاجة وغير ذلك من الأشياء الضرورية  .

 و أما الذي لا يقدر في بدنه على الحج كالكبير والمريض مرضاً  لا يرجى برؤه فإنه ينيب من يحج عنه إذا كان قادراً في ماله ويشترط في هذا النائب أن يكون قد حج عن نفسه  .

وأما إذا كان مرضه يرجى شفاءه فينتظر حتى يشفيه الله ثم يحج ولا يجوز له أن ينيب من يحج عنه  

والمرأة تزيد شرطاً سادساً وهو وجود المحرم فإن لم تجد محرماً فالحج ليس واجباً عليها .

ومما أريدُ التنبيه عليه أن الواجب على المسلم أن يتقيد بالأنظمة التي وضعت للحج فهذه الدولة تقوم على تنظيم حج بيتِ الله الحرام والمحافظة على الحجاج على أرواحهم وأموالهم حتى يحجوا ويرجعوا إلى بلادهم ومن الأمور التي نظمتها ما يتعلق بتصريح الحج لضبط الأعداد التي تحج فلو تُرك الأمر لجميع الناس أن يحجوا لكان هناك زحاماَ شديداً ولحصل مشقة شديدةٌ وضررٌ عظيم على الحجاج .

فمن لم يستطع الحصول على تصريح الحج فالحج ليس واجباً عليه ويُعتبر معذوراً .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يُيسر لحجاج بيت الله حجهم وأن يردهم إلى أهلهم سالمين غانمين إنه سميعٌ عليم .

اللهم إنَّا نسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً .....

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
 
 

المرفقات

1746707131_خطبة جمعة عن الحج فضله وشروطه.doc

المشاهدات 342 | التعليقات 0