خطبة عيد الأضحى 1446هـ (مشكولة)
صالح عبد الرحمن
خطبة عيد الأضحى 10-12-1445هـ
الخطبة الأولى:
الحمد لله المتفرد بالعزة والجلال، له الحمد والشكر في الغدو والآصال ، حج لبيته الحجاج يعلنون أن الله هو الكبير المتعال ، وأشهد أن نبينا محمداً عبدالله ورسوله، أفضل من صلى وصام، وأطهر من حج بيتَ الله الحرام ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وعلى من سار على دربهم واتبع الآثار إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرا.
الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر .. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا
الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر
الله أكبر بُكرةً وعشيَّةً ** الله أكـــبرُ سامعُ الأصــــواتِ
الله أكبر عالمًا ومُهيمِــنًـا ** مُحصِي الحَجيجِ وجامعَ الأشتاتِ
الله أكبر أنت أرحمُ راحمٍ ** فاقبَلْ بمنك صالحَ الدعــــواتِ
الله أكبر كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلا.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ وَمُرَاقَبَتِهِ؛ فَهِيَ الأَصْلُ والأَسَاسُ، وَهِيَ خَيْرُ لِبَاس! ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾
إنّ يومَكم هذا يومُ عظيمٌ جليلٌ أبان اللهٌ فضلَه، وأوجبَ تشريفَه، وعظّم حرمتَه، ووفّق له مِن خلقهِ صفوَته، وابتلى فيه خليلَه، وفدى فيه من الذّبح نبيّه، ؛ يومٌ حرامٌ من أيّامٍ عِظام، جعله اللهُ خاتمَ الأيامِ المعلوماتِ من العشر، ومتقدِّمِ الأيامِ المعدودات، ذلكم هو يومُ النحر ، يومُ الحجِّ الأكبرِ، يومٌ دعا اللهُ إلى مشهدهِ، ونَزَلَ القرآنُ بتعظيمهِ (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} .
هذا اليومُ الأغرُ عيدٌنا أهل الإسلام ، يَستفتِحُهُ بصلاةِ العيدِ أهلُ الأمصار، ويستفتحهُ الحجاجُ برمي الجمار، أقوالُ وأعمَالُ وأنساكُ يتجلَّى فيها توحِيدُ اللهِ والانقِيادُ لهُ (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ) .
شُرعت فيه أعمالٌ هي من أجلِّ العباداتِ وأعظَمِ الطاعاتِ، مِن حجِّ بيتِ اللهِ الحرامِ، وَالوقوفِ بالمشاعرِ العظامِ.. فيا هناءَ من بَلَغوا ذاك المَقام، وهم الآن يدفعون من مزدلفةَ لرمي الجمار..
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله كبر ولله الحمد ..
معاشر الكرام والكريمات
وَذَبْحُ الأُضْحِيَةِ: مِنْ أَعْظَمِ القُرُبَاتِ، وَأَشْرَفِ العُبُودِيَّات، فَهِيَ إِرَاقَةُ الدَّمِ للهِ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ؛ فَلَا يَجُوزُ الذَّبْحُ لِغَيرِ اللِه: كَائِنًا مَنْ كَان!قال ﷺ: (لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ!).
وَذَبْحُ الأُضْحِيَةِ: مِنْ أَعْظَمِ الشُّكْرِ للهِ ﷻ؛ فَهُوَ إِيْثَارٌ بِالمَالِ المَحْبُوبِ لِلْنُّفُوسِ، وَيَجْتَمِعُ فِيْهِ: الإِيمَانُ، وَالإِخلَاصُ، وحُسْنُ الظَّنِّ، وَقُوَّةُاليَقِينِ، وَالثِّقَةُ بِمَا في يَدِ اللهِ! فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللُه عَنْهَا، أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً؛ فقال ﷺ: (مَا بَقِيَ مِنْهَا؟)، قالت: (مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا)؛ فقال: (بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا!). أَيْ: بَقِيَتْ لَنَا في الآخِرَةِإلَّا كَتِفَهَا؛ وفي هذا تَحْرِيضٌ على الصَّدَقَةِ، وَأَلَّا يَسْتَكْثِرَ المَرْءُ مَا أَنْفَقَهُ فِيْهَا؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنَ المالِ: يَفْنَى بِأَكْلِهِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ: فَهِيَ بَاقِيَةٌ عِنْدَ اللهِ! كما قال ﷻ: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ﴾.
وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الأَضَاحي: إِلَى غُرُوبِ اليومِ الثالثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ اليومُ (الثَّالِثُ عَشَر) مِنْ ذِي الحِجَّةِ؛ قال ﷺ: (أَيَّامُ التشريقِ:أَيَّامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ، وَذِكْرٍ للهِ).
قال ابْنُ رَجَب: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ يَجْتَمِعُ فِيْهَا لِلمُؤمِنِينَ:نَعِيمُ أَبدَانِهِم بِالأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَنَعِيمُ قُلُوْبِهِمْ بِالذِّكْرِ وَالشُّكْرِ!).
وَيَتَأَكَّدُ الذِّكْرُ في هَذِهِ الأَيَّام؛ قال عز وجل : ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾.
قال عِكْرِمَةُ: (يَعْنِي التَّكْبِيْر في أَيَّامَ التَّشرِيقِ، بَعْدَ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَاتِ).
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله كبر ولله الحمد ..
نحمد الله ونشكره ونستغفره فاستغفروه إن ربنا لغفور شكور.
الخطبة الثانية :
الحمد لله الكبيرِ المتعال .. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد
أَيَّتُهَا المَرْأَةُ المُسْلِمَة: أنتِ مَدْرَسَةُ الأَجْيَال، وَمصْنَعُ الرِّجَال، وَوَصِيَّةُ النَّبِيِّ ﷺ، حِيْنَ قال: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا).
والإِسلامُ أَعلَى شَأنَ المَرأَةِ، ورَفَعَ قَدْرَهَا، وحَفِظَ حَقَّهَا، وأَوْصَى بِهِنَّ في أَعْظَمِ مَشْهَدٍ! قالَ ﷺ -في خُطْبَةِ الوَدَاعِ-: (اتَّقُوْا اللهَ في النِّسَاءِ).
أَيَّتُهَا المَرْأَةُ الكريمة والدرة المكنونة المصونة: اللهَ اللهَ فِي حَيَائِكِ وَعَفَافِكِ، وَاعْلَمي أَنَّ الْمَرْأَةَ بِصَلَاحِهَا يَصْلُحُ الْمُجْتَمَعُ، وَبِفَسَادِهَا يُصْبِحُ الْمُجْتَمَعُ فِي تِيهٍ وَسَرَابٍ! فَالْأُمُّ هِيَ الْمُجْتَمَعُ، وَالْأُمُّ هِيَ الْأَسَاسُ، وَهِيَ صَمَّامُ الْأَمَانِ بِإِذْنِ اللهِ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله كبر ولله الحمد ..
ضَحُّوا تقبلَ اللهُ ضحاياكُم ، واذكرُوا اسم الله على ما رزقَكُم، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته، وليباشرِ المضحيْ ذبح أضحيتِه بنفسه عند قدرته، فإن لم يتيسر فلا يولينَّ على ذبحها إلا مسلماً.
واعلموا أن من الآداب المرعيّة: ألا تذبح البهيمةُ أمام أختها.
وكبرُوا الله على ما هداكُم ، إنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، فتهادُوا وتصدقُوا، وَكلُوا وادَّخِرُوا، تواصَلُوا وتزاوَرُوا، وتصافَحُوا وتصالَحُوا، وأفشوا السَّلامَ بينكم تفلحوا، فإِنَّكُم في أيامِ عيدٍ وأكلٍ وشُربٍ وذكرٍ للهِ، يَحرُمُ صومُهَا، وتُعَظَّمُ الشَّعَائِرُ فيها، من صلاواتٍ وطاعاتٍ وقرباتٍ ، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
واعلموا معاشر الكرام: أن يومكم هذا اجتمع فيه عيدان وصلاتان، عيد الأضحى والجمعة ، فمن صلى صلاة العيد مع الإمام؛ فيُرخّصُ له في ترك صلاة الجمعة، ويصليها ظهرا أربع ركعات، بعد دخول وقت الظهر، ومن فاتته صلاة العيد فلا تشمله الرخصة، وتجب عليه صلاة الجمعة.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وغفرلنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.