خطبة في التوفير والاحترام لكبار السن والقادة والعلماء

صالح محمد السعوي
1447/05/29 - 2025/11/20 01:36AM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة في التوفير والاحترام لكبار السن والقادة والعلماء

بقلم وتأليف/ صالح بن محمد السعوي

الحمد لله الذي جعل لأمة الإسلام الكرامة ومضاعفة التقدير للوالدين وكبار السن والعلماء والقادة، أحمده تعالى ولا نحصي ثناءً عليه، وأشكره سبحانه ويا فوز من استدام ذكره وشكره وحسن عبادته.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللطيف بعباده، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أفضل أمته وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه وتذكروا أن الله جل وعلا خلق الإنسان في أحسن تقويم وصوره في أحسن الصور وأسبغ عليه النعم وواصلها عليه وهو القائل سبحانه: {{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه}} [سورة النحل الآية ٥٣]، وقال: {{وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}} [سورة إبراهيم الآية ٣٤]، وقال سبحانه: {{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}} [سورة البقرة الآية ٢٩].

وما في الكون من مسخرات إلا وهي في صالح الإنسان، وربنا عز وجل ذكر لنا في كتابه أنه سخر لنا ما في السماوات وما في الأرض وما في البحر وسخر الشمس والقمر والليل والنهار والملائكة الحفظة والكتبة والرقباء والعُتداء، والنعم كثيرة ومتنوعة، والله أكرم الإنسان بوجه عام وأكد الكرامة بوجه خاص للمتقين فقال: {{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}} [سورة الحجرات الآية ١٣].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي ﷺ: من أكرم الناس؟ قال: "أكرمهم أتقاهم" رواه البخاري.

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: المؤمن أكرم على الله من ملائكته. انتهى. ونظر ابن عمر رضي الله عنهما يوماً إلى البيت أو الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك. انتهى.

وهذا الاكرام والتوقير والاحترام والإكبار يقدم فيه من المسلمين للوالدين، والله وصى بهما، فقال: {{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}} [سورة لقمان الآية ١٤].

وقال: {{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}} [سورة الإسراء الآيتان ٢٣،٢٤].

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي ﷺ أيُّ العمل أحبُّ إلى الله تعالى؟ قال: «الصلاة على وقتها». قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين». قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» متفق عليه. وعقوقهما من كبائر الذنوب، ولا ينتهي برهما بموتهما.

عن أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال: فيما نحن عند رسول الله ﷺ إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: «الصلاةُ عليهِما، والاسْتغفارُ لَهُما، وإنْفاذُ عهدِهِما من بَعدِهِما، وصِلَةُ الرَّحِمِ التي لا تُوصَلُ إِلَّا بِهِما، وإِكرامُ صَدِيقِهِما» رواه أبو داود وأحمد والحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

وتقدم في الإكرام العلماء قال سبحانه: {{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب}} [سورة الزمر الآية ٩].

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما إن نبيكم ﷺ قد قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين" رواه مسلم.

وحُق لعلماء الإسلام أن يكون لهم في نفوس الناس المنزلة التي تميزهم عن عامة المسلمين، وللقادة نصيبهم من تقديم الإكرام والإكبار والله يقول: {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}} [سورة النساء الآية ٥٩]

وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة" رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن غريب وابن حبان في الثقات وابن أبي عاصم في السنة وحسنه الألباني.

ولكبار السن ولمن يلحق بهم إكرامهم وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ من إجلالِ اللهِ إكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ، وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرامِ ذي السُّلطانِ المُقسِطِ" حديث حسن رواه أبو داود وحسن سنده الحافظ العراقي وابن حجر.

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله ﷺ: "ليسَ منَّا من لم يرحَم صغيرَنا ويعرِفْ شرفَ كبيرِنا" حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "من شاب شيبةً في الإسلامِ كانت له نورًا يومَ القيامةِ" رواه النسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

ولعامة المسلمين التوقير والاحترام ولا نغفل عن العطف والحنان على المساكين والأرامل والأيتام والمرضى.

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ابْغُوني الضُّعَفاءَ؛ فإنَّما تُنصَرونَ وتُرزَقونَ بضُعَفائِكم" رواه أبو داود بإسناد جيد. والكل منا يحب أن يحترم ويوقر فلنعامل الناس بما نحب أن يعاملوننا به من البر والفضل والإحسان، عن أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" متفق عليه.

اللهم وفقنا لمحبة أهل الخير وإنزالهم منزلتهم وأصلح لنا الزوجات والأولاد وقهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أصلح إمامنا واحفظه وانصر به الدين وأصلح ولي عهده والعلماء والأمناء والخدم والمستشارين وشد عضده بهم لصالحين الإسلام والمسلمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

خطبة أخيرة في التوقير والاحترام لكبار السن والقادة والعلماء

الحمد لله الذي رفع قدر أوليائه المؤمنين، وجعل لهم الكرامة في الدنيا والفوز بالجنة دار المتقين.

أحمده تعالى على التوفيق لمحبة الصالحين، وأشكره سبحانه وفضله مسبغ على الشاكرين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مصلح الصالحين وأشهد أن نبينا محمدًا الصادق الأمين.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه هداة العالمين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه، ولنأخذ منهج الرفق واللين وحسن الخلق والأدب وطلاقة الوجه والبسمة والبشاشة وحسن اللقاء والالتقاء والإلقاء وإفشاء السلام وإظهار البشر والرحمة والمودة والتوادد، والمؤمنون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم وصفوا بأنهم كالجسد وكالبناء المتماسك، والأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، والراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء.

ولنكن قدوة صالحة في ملازمة هذه الفضائل، ليؤخذ منا الفعل والتوجيه والعون من الله عز وجل.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد بعدد لفظات اللسان وحركات الأركان.

وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بنات نبينا وزوجاته أمهات المؤمنين وبقية الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان وعنا معهم أجمعين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين واكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم أصلح ولاة أمورنا وكل من تولى للمسلمين أمراً، وخص إمامنا بالتوفيق والإلهام والعون والتسديد، وصلاح البطانة من ولي عهده والعلماء وخيرة المؤمنين الصلحاء المصلحين.

اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا واهدنا لأحسن الأخلاق والآداب، وأعذنا من مساوئها.

اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين واقض الدين عن المدينين. واشف مرضانا ومرضى المسلمين واجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل بلاء عافية يا أرحم الراحمين.

اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وأصلح قلوب وأعمال الزوجات والأولاد وجميع المسلمين.

اللهم احفظ لنا إيماننا وثبتنا عليه واحفظ قادتنا وعلماءنا ورجال الدعوة والحسبة والأمن، اللهم احفظ المرابطين في الحدود لحمايتنا وحماية ممتلكاتنا ومحارمنا وحرماتنا واحمم دماءهم وأعراضهم وعتادهم واغفر لمن مات منهم وأحسن الخلف على من خلفوا واشف مرضاهم واجزهم خيرًا.

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعفو عنا وأكرمنا ولا تهنا واغفر لوالدينا ولمن دلنا إليك ورغبنا فيما عندك ولمن أحسن إلينا وله حق علينا وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

المشاهدات 160 | التعليقات 0