خطبة في ذكر عناية الإسلام بالمرأة

صالح محمد السعوي
1447/06/20 - 2025/12/11 14:45PM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة في ذكر عناية الإسلام بالمرأة

 

بقلم وتأليف/ صالح بن محمد السعوي

21/6/1447هـ

الحمد لله الذي جعل للمرأة الكرامة في دين الإسلام، وحسن المعاشرة والاحترام.

أحمده تعالى على التوفيق والالهام، وأشكره سبحانه ويا سعادة من للشكر استدام.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عليه التوكل وبه الاعتصام.

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الأنام.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأئمة الأعلام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه وتذكروا أن الله أنعم علينا بأن خلقنا وخلق لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها ولمصالح كثيرة ومتنوعة فيها.

قال الله عز وجل: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) [الروم الآية ٢١]

والله بين لنا في كتابه الكريم مصالحنا من الزوجات ومصالحهن بنا.

قال جل وعلا: ((هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ)) [البقرة الآية ١٨٧].

والله سبحانه وتعالى جعل القوامة للرجال على النساء.

قال عز وجل: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)) [النساء الآية ٣٤]

ووصى رسول الله ﷺ بالنساء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ" متفق عليه.

وحينما نذكر حال الزوجين فيما بينهما لأن النساء شقائق الرجال وما هذا التوالد ونمو الذراري إلا بوسيلة الزواج من قبل الطرفين والأدلة عليه كثيرة ولا امرأة في مجتمع المسلمين إلا وهي في عصمة زوج أو تكون مطلقة أو ميت عنها زوجها أو أن تكون في رجاء الزواج ومن كان منهن فيه عائق فلها وليٌّ متولٍ أمورها وجاء في خطبة رسول الله ﷺ يوم عرفة حيث قال: "ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوانٍ عندكم. ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجعِ واضربوهن ضربًا غير مبرِّحٍ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا فحقُّكم عليهن أن لا يوطئنَ فرُشَكم من تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقُّهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن" رواه الترمذي.

وقال: حديث حسن صحيح وله شاهد عند الإمام أحمد.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ" رواه مسلم.

ومن أهم ما يكون في المعاشرة حسن الخلق.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: "خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي وإذا مات صاحبكم فدعوه" رواه الترمذي والدارمي وإسناده صحيح.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهمْ خُلُقًا وخياركم خياركم لنسائهم" رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وكما للمرأة حسن المعاشرة والإنفاق عليها وتولي رعايتها فإن الله فرض لها حق من ميراث قريبها فلا يجوز حرمانها منه ولا من صداقها وربنا سبحانه يقول: ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْن)) [النساء الآية ١١] وقال سبحانه: ((لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)) [النساء الآية ٧].

والثواب العظيم لمن قام بحق البنات، عن أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "مَن عالَ جارِيَتَيْنِ حتَّى تَبْلُغا، جاءَ يَومَ القِيامَةِ أنا وهو كهاتين وضَمَّ أصابِعَه" رواه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "السَّاعِي علَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ، كالْمُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّه" وأحسبه قال: "وكالقائِمِ الذي لا يَفْتُرُ، وكالصَّائِمِ الذي لا يُفْطِرُ" متفق عليه.

 ولمن سعى في زواج البنات بالكفء رجي له أن يحمد العاقبة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا خَطَب إليكم مَن تَرْضَوْنَ دِينَه وخُلُقَه، فزَوِّجُوه. إلا تفعلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ" رواه الترمذي وهو حديث حسن.

اللهم اجعلنا من عبادك الرحماء الذين يحبون للناس الخير كما يحبونه لأنفسهم.

وأصلح الزوجات والأولاد وقهم الفتن والأسواء.

اللهم أصلح إمامنا وأصلح ولي عهده والعلماء والأمناء والمستشارين وشد أزره بهم يا رب العالمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)) [النساء الآية ١٢٤].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

خطبة أخيرة في ذكر عناية الإسلام بالمرأة

 

الحمد لله الذي شرع الحقوق بين المسلمين، وأمر بالقيام بها بصدق ويقين.

أحمده تعالى على فضل هذا الدين، وأشكره سبحانه والمزيد متحقق للشاكرين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين.

وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه قدوة الهداة المهتدين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه، ومما يذكر به النساء أن لا يكن فيهن وسيلة فتنة من تبرج وسفور وإظهار زينة تلفت أنظار الرجال وعليهم أن يتقوا كل ما يخشى أن يكون من فواتح أبواب الفتن والابتلاء بأمور لا تحمد عقباه.

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: "ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ" متفق عليه.

والله أمر بالتعاون على البر والتقوى ومن ذلك تعاون الجميع في تسهيل متطلبات زواج الأيمين والأيمات وترك المغالاة ومجارات الأثرياء تفادياً عن تأخر زواجهم أو عدمه والله الموفق والمعين.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم.

وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن بنات نبينا وزوجاته أمهات المؤمنين وعن سائر الصحابة والتابعين وتابعيهم وعنا معهم أجمعين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين واحم حوزة الدين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين.

وأعذنا من شياطين الإنس والجن، واجعل هذا البلد آمناً مطمئنًا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين.

اللهم ادفع عنا الغلا والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين.

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك.

اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وعم بالصلاح الزوجات والأولاد وجميع المسلمين.

اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا وكل من تولى للمسلمين أمراً، وخص إمامنا وولي عهده بالتوفيق والعون والتسديد وصلاح البطانة من العلماء وخيرة المؤمنين المصلحين.

اللهم احفظ لنا إيماننا وثبتنا عليه واحفظ أمننا والقائمين عليه.

اللهم اغفر لنا وارحمنا واغفر لوالدينا وقادتنا بالعلم والسلطة وجميع المسلمين وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

 

 

المشاهدات 379 | التعليقات 0