خُطْبَةٌ مُخْتَصَرَةٍ عَنْ نِعْمَةِ بُلُوغِ رَمَضَانَ

محمد البدر
1446/08/28 - 2025/02/27 14:21PM
خُطْبَةٌ مُخْتَصَرَةٍ عَنْ نِعْمَةِ بُلُوغِ رَمَضَانَ-محمد أحمد الذماري- جامع الشيخ صالح بن عبدالله العمودي رحمه الله-جدة التاريخية

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾وَقَالَﷺ:«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ،وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ،فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ،فَأكمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيَقُولُ الشَّيْخِ العُثِيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ:وَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ حِسَابِ الْمَرَاصِدِ الْفَلَكِيَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ رُؤْيَة.إلخ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.فمن هدي النَّبِيُّﷺإذا رأى هِلَالَ  شَهْرُ رَمَضَانَ أو رآه أحد الصَّحَابَةِ يصومه،وَكَانَ يَقُولُﷺ:«اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ»رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.وَقَالَﷺ:«أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ»رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فَاحَمْدُوا الله وَاشُّكْرُوه عَلَى نِعْمَةِ بُلُوغِ رَمَضَانَ،وَالصِّيَامُ هو التَّعَبُّدِ لِلَّهِ بِتَرْكِ المُفَطِّراتِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ،وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمُقِيمِ الْقَادِرِ،فَالصَّغِيرُ,لايَجِبُ عَلَيْهِ الصِّيَامُ حَتَّى يَبْلُغَ،وَلَكِنْ يَؤمَرُ بِالصَّوْمِ تَمْرِينًا لَهُ عَلَى الطَّاعَةِ لِيَأْلَفَهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ،وأما الْمَجْنُونُ فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ الصِّيَامُ وَلا يَصِحُّ مِنْهُ قَالَﷺ:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةَ:عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ،وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي.وأما المريض الذي قد يشفى فإنه يفطر إن شقّ عليه الصوم أو كان الصوم يضره أو يؤخر شفاءه؛وعليه أن يقضى بعد شفائه،وأما العاجز عن الصوم لسبب دائم كالكبر والمرض الذي لا يرجى شفاؤه فليس عليه صوم؛وإنما يطعم عن كل يوم مسكينًا،وأما المسافر فيباح له الفطر ويَقضي،سواءٌ كان في السَّفر مشقَّةٌ أمْ لا،وسواء كان السفر على دابَّة أمْ في الطائرة؛إذْ كلُّ ذلك يَدخُل في عموم قَوله تَعَالَى:﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.وَقَالَﷺ«لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.ومن أَحْكَامَ الصِّيَامِ وجوب تبييتُ النية في صوم الفريضة قَبْلَ الْفَجْرِ، قَالَﷺ:«مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ»رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.والنية محلها القلب،ويكفى لشهر رمضان نية واحدة.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.وَقَالَﷺ:«كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ؛الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى،إِلَّا الصَّوْمَ؛فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي،لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ،وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ،وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ،وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ،وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ؛فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ؛فَلْيَقُلْ:إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ،وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:وَمِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ فِي رَمَضَانَ وفضائله،يشرع للصائم تعجيلُ الْفِطْرَ؛اتباعاً لهدي النبيﷺومخالفةٌ لليهود والنصارى،قَالَﷺ:«لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.وإِذَا أَفْطَرَ قَالَﷺ:«ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ،فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ،فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ،فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.ولا كفّارة عليه ولا قضاء.وفي السحور بركة فتسحَّروا ولو بجرعة ماء،قَالَﷺ:«فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ«تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.وَقَالَﷺ:«نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ.

عِبَادَ اللَّهِ:فَهَا هُوَ شهرُ رَمَضَانَ قَدْ دَنَا فَقَدْ يَكُونُ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ فاحذروا مما تبثه بعض القنواة الفضائية من تمثيليات ومسرحيات وأغاني وأفلام وبرامج مختلفة لاشغال الناس بكل ما هب ودب واحذروا من المقاطع والرسائل والقصص والآثار والأحاديث ونشر الشائعات الوهمية والمكذوبة والموضوعة وغير صحيحة.واحذروا من تضييع الأوقات في الأسواق لجمع الأطعمة والمشروبات والزينة وغيرها وكأن الناس لا تأكل الا في رَمَضَانَ ، قَالَﷺ:«رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ،وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاحْفَظْ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ

الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ،واصرِفْ عَنه بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ 

يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

PDF:الرابط

https://n9.cl/9ey4b
المشاهدات 670 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا