خَطَر الشَّائِعَاتِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةُ-مَوْتُ الْعُلَمَاءِ

محمد البدر
1447/01/15 - 2025/07/10 01:16AM

 الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ اللهُ تَعَالَى:﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سُئِلَ رَسُولُ اللهِﷺعَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ،فَقَالَ:تَقْوَى اللهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ،وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ،فَقَالَ:الفَمُ وَالفَرْجُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.فالواجب حفظ اللسان من الوقوع في أعراض الناس بما يكرهون.

عِبَادَ اللَّهِ:على كل مسلم أن يُدرك خَطَر الشَّائِعَاتِ وَالحَذَرَ مِنْ نَشْرِهَا وَتَلَقِّيهَا، أو السماع لها وتصديقها وعلى الجميع الحذر من السير وراء كل ناعق،والركض وراء كل صيحة،فالله حذرنا من ذلك بقوله:﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾.وَقَالَ اللهُ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾.وَقَالَ اللهُ تَعَالَى:﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ(10)هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِﷺقَالَ«لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ،فَقُلْتُ:مَنْ هَؤُلَاءِ يَاجِبْرِيلُ،قَالَ:

هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ،وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِﷺيَقُولُ:

«لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.فاحذروا من الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةُ فإن لها آثار سيئة على الأفراد والمجتمعات فهي توغر الصدور،وتشحن النفوس،وتذهب الألفة والمودة،وتزرع الضغينة بين المسلمين،وهي من كبائر فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:مَرَّ النَّبِيُّﷺبِقَبْرَيْنِ فَقَالَ:«إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا:فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ وَأَمَّا الآخَرُ:فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ﴾يجب على الجميع عدم السماع لأهل الإشاعات والغيبة والنميمة،و الواجب الإنكار عليهم ونصحهم وتوجيههم وتذكيرهم بالله تعالى،والذب عن أعراض إخوانكم،وأحفظوا ألسنتكم ياعباد الله ولا تطلقوا عنانها فتهلككم،واعلموا أنكم محاسبون على كل كلمة تخرج من أفواهكم فلا تطلق لسانك يا عبدالله بالقول لمجرد ظن توهمته أو خبر سمعته فلعل ظنك كاذبا ولعل الخبر غير صحيح وحينئذ تكون خاسرا خائبا،وأما الكلام في الجماعات المخالفة للكتاب والسنة والمصنفة إرهابية أمثال الإخوان والسرورية والتبليغ وداعش والقاعدة وغيرها مما يثاب عليه وفضح أوكارههم عند الدولة لا يعد غيبة ولا نميمة لأن خطرهم كبير وشرهم مستطير على الامة الإسلامية وبلاد الحرمين.

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ,وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَﷺ«إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:مَوْتُ الْعَالِمِ ثُلْمَةٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَقَبْضُهُ ذَهَابُ أَهْلِهِ.إلخ.

فَإِنَّ فَقْدَ الْعُلَمَاءِ لِتَتَضَاعَفُ بِهِ الْبَلِيَّةُ،وَتَعْظُمُ بِهِ الرَّزِيَّةُ؛لأَنَّ الْعُلَمَاءَ الْعَامِلِينَ أَصْبَحُوا نُدْرَةً قَلِيلَةً فِي النَّاسِ،وَكَثُرَ فِي الْأُمَّةِ الْجَهْلُ وَالتَّشْكِيكُ وَالْالْتِبَاسُ، وَكَثُرَ فِي الْأُمَّةِ الْقُرَّاءُ،وَقَلَّ فِيهِمُ الْفُقَهَاءُ،فَحَيَاةُ الْعُلَمَاءِ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ،وَمَوْتُهُمْ بَلَاءٌ وَنِقْمَةٌ،تُوُفِّيَ أَسَدُ السُّنَّةِ وقامع البدعة ومحطم حصون الأحزاب والجماعات وكاشف معتقداتهم الفاسدة وفاضح الأخوان المفسدين الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ رَبِيْعُ بْنُ هَادِيْ عميْر المَدْخَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ نسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويدخله الفردوس الأعلى من الجنة وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدم،وحَفِظَ اللهُ تَعَالَى عَلَمَاءَ الْأُمَّةِ الرَّبَّانِيِينَ الْعَامِلِينَ الأحياء،وَأَعْلَى ذِكْرَهُمْ،وَزَادَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ،وَنَفَعَ بِهِمْ خَلْقَهُ،وَرَحِمَ اللهُ تَعَالَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمُ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ.

الا وصلوا عِبَادَ اللهِ على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ،وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَاحْفَظْ اللّهمّ وَلِيَّ أَمْرِنَا،وَأَيِّدْه بِالْحَقِّ ،اللّهمّ وَهيِّئْ  لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَالنَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ،واصرِفْ عَنهُ بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ 

يَزِدْكُمْ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

المرفقات

1752099344_خَطَر الشَّائِعَاتِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةُ-مَوْتُ الْعُلَمَاءِ.pdf

المشاهدات 397 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا