خطر الصوفية وبدعهم في الدّين
حسين بن حمزة حسين
1447/05/07 - 2025/10/29 12:06PM
اتقوا اللهَ تَعَالَى – عِبَادَ اللهِ – وَاعْلَمُوا أنَّ أعظمَ نعمةٍ نعمةٍ اللهُ بها على عبادِه نعمةُ الإسلام، وأنّ الله تعالى أرسل نبيَّهُ محمدًا ﷺ ليُبيِّن للناس هذا الدين العظيم، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أكمل اللهُ الدين، وتمَّت النعمة، قال تعالى:﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾.وقال ﷺ: (تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ) رواه ابن ماجه، فدينُ الله قائمٌ على الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، لا على الأوهام والأحلام والكشوفات والخرافات.
إخوة الإيمان: لقد ظهرت فِرَقاً وجماعات قديما وحديثا أحدثت في الدّين ما ليس منه، وابتدعت طرقًا في العبادة لم يأتِ بها الله ولا رسوله ﷺ، حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (فإنَّه من يعِشْ منكم من بعدي فسيرَى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ المهديِّينَ الرَّاشدينَ، تمسَّكوا بها، وعضُّوا عليها بالنَّواجذِ، وإيَّاكم ومحدَثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ مُحدثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، زاد في حديثٍ آخرَ : وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ) صححه الألباني، فأهل هذه الفرق زعموا لأنفسهم مقامات وأحوالًا، وتعلّقوا بالأولياء والأضرحة، وادّعوا أن لهم طريقًا إلى الله غير طريق الكتاب والسنة، يزعمون كذبا وزوراً أنّ الله يُخاطبهم بلا وحي، وأن أولياءهم أقطاباً يُسَيّرون الكون، ويكشفون الغيب، ويُغيثون الملهوفين وهم أحياء وبعد موتهم، ويصرفون الضر ويجلبون النفع، وهذه عقائد شركيةٌ كفريّة تُناقض التوحيد الذي بُعث به الأنبياء جميعًا، قال تعالى ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ )، ومن تلك الفرق فرقة الصوفية، وهو الاسم المشهور الذي يشمل كل فرقهم، وهم يرضون به ويتمدحون بالانتساب إليه ، وهم فرقٌ كثيرة خلطوا بين الدّين والدَّجَل، وبين الذكر المشروع والرقص الممنوع، وبين الحقّ والخرافة، وبين محبة الله والابتداع في دينه. فترى بعضهم يدور في حلقات الرقص، ويصيح بصوت الطرب والموسيقى زاعمًا أنه ذكر، من ضلالاتهم وخرافاتهم أن منهم من يزعم أنه يرى الله تعالى ويرى النبي ﷺ يقظةً، فيأخذ عنهم الأحكام!، ومنهم من يعتقد أن شيوخهم يملكون التصرف في الكون أو في أرواح الأتباع! ويسمّونهم الأقطاب، فيكون أحدهم بين شيخه كالميّت بين يدي المغسّل يفعل به ما يشاء، ومنهم من يستغيث بالأموات ويطلب منهم قضاء الحاجات!، ومنهم من يجعل البرَكة في تراب الشيخ وثوبه ولُعابه ونَفَسِه! ، يروّجون لموالد وأعيادٍ ما أنزل الله بها من سلطان، كمولد الحسين والبدوي وغيرهم، ليُصْرَف فيها الناس عن عبادة الله إلى عبادة غير الله، وتُرتكب فيها المنكرات باسم الذكر والأولياء، وتُخلط فيها الخرافة بالدّين، ويُزيّنُ فيها الشرك والرّقص والضلال على أنه عبادةٌ وقُربة!، وما تلك المشاهد التي نراها في بعض بلاد المسلمين من التوسل بالأضرحة، والطواف بالقبور، والرقص على الذكر، إلا دليلٌ على خباثة تلك البدع وأهلها، وضلال طريقهم وبٌعدهم عن هدي النبي ﷺ. واعلموا وإن مما زاد خطر هذه الانحرافات اليوم سرعة انتشارها في وسائل التواصل؛ حيث يُزيَّن الباطلُ للناس باسم “الكرامات” و“الأسرار الربانية” و“المقامات العالية”، وهي في حقيقتها أوهامٌ وضلالاتٌ يُلبّس بها الشيطان على أتباعه ليصْرِفَهم عن عبادة الله وحده. فاتقوا الله عباد الله، واحذروا أن تنجرفوا وراء هذه الكفريّات والشركيّات وحاشاكم، أو تكون حساباتكم وسيلةً لنشر هذه الأباطيل، أو إعادة بثّها بحجة التسلية أو الجهل بحقيقتها، فكل من روّج باطلًا فهو شريكٌ في إثمه، كما قال النبي ﷺ: (مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا( رواه مسلم واحمدوا الله — عباد الله — أن جعل بلادنا بلاد الحرمين الشريفين، خاليةً من غلاة الصوفية والقبوريين، طاهرةً من خرافاتهم وضلالاتهم، رافعةً راية التوحيد والسنة، قائمةً على هدي الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فهذه نعمةٌ عظمى تستحق الشكر والثبات.
الخطبة الثانية: إنَّ الله تعالى أكمل لنا الدين، وأتمّ علينا النعمة، وحرَّم علينا البدع والضلالات، واعلموا أن طريق النجاة هو طريقٌ واحد، اتباع ما جاء به النبي ﷺ وأصحابه الكرام، من غير زيادة ولا نقصان، قال ﷺ: (كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى) رواه البخاري فاحذروا من كُلّ فكرٍ أو طريقٍ أو جماعةٍ تُروّج البدع وتُمجّد أهلها، أو تنشروا خرافاتهم عبر المقاطع والمنشورات، فالعبرة بالحق لا بالأشخاص، وبالسُّنّة لا بالأسماء، ولا تكونوا عونًا لهم بنشرها أو الإعجاب بها، فإن النبي ﷺ قال: (من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص من آثامهم شيئًا) رواه مسلم. فلنحذر طرقهم كلها ليسلم لنا ديننا وعقيدتنا، ولينشأ أبناؤنا على ما نشأ عليه السلف الصالح من الدين الصافي الصحابة والتابعون لهم بإحسان، الدّين الذي لم يتلوث بالبدع والخرافة. نسأل الله أن يثبتنا على الكتاب والسنة غير مغيرين ولا مبدلين، إلى يوم نلقاه إنه سميع مجيب، اللهم طهّر قلوبنا من البدع والضلال، وزيّنها بالتوحيد والإيمان، اللهم اجعلنا من المتمسكين بسنة نبيك، السائرين على نهجه. اللهم احفظ بلاد الحرمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ووفّق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، واجعلهم هداة مهتدين، ناصرين للدين، واشمل بذلك جميع بلاد المسلمين. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واهْدِ من ضلّ منهم إلى الحق والرشاد، وادفع عن أمتنا البدع والشرور، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.