خَطَرُ رُفَقَاءِ السُّوءِ (مختصرة)

فهد فالح الشاكر
1447/04/24 - 2025/10/16 18:29PM

خُطْبَةُ الجُمُعَةِ: خَطَرُ رُفَقَاءِ السُّوءِ

                   خطيب جامع الشاكر بمدينة تربة - حائل:

                                 فهد فالح الشاكر

 


الحمدُ للهِ الذي أَمَرَ بعبادتِهِ ونَهَى عن معصيتِهِ، وحذَّر من قُرَناءِ السُّوءِ، وأَمَرَ بصُحبةِ الأَخْيَارِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.
أمّا بعدُ:
فأُوصيكم – عبادَ الله – ونفسي بتقوى اللهِ، فهي وصيّةُ اللهِ للأوّلين والآخرين.
أيّها المؤمنون:
إنّ الإنسانَ بطبعِه اجتماعيٌّ، لا يعيشُ بمعزلٍ عن الناس، ولهذا جاءتِ الشريعةُ الغرّاءُ بالحثِّ على اختيارِ الصاحبِ الصالح، والتحذيرِ من صُحبةِ الأشرارِ.
قال النبيُّ ﷺ:
«المرءُ على دينِ خليلهِ، فلينظر أحدُكم من يُخالِل» (رواه الترمذي).
وبيّن ﷺ أثرَ الجليسِ في حياةِ الإنسان فقال:
«إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً» (متفق عليه).
فانظر – يا عبدَ الله – من تُصاحب، فالصاحبُ إمّا أن يرفعكَ إلى الجنّةِ، أو يجرَّكَ إلى النار، إمّا أن يُذكّرك بالله، أو يُنسيكَ الله، إمّا أن يُطهّرَ قلبَك، أو يُلوّثَه بالذّنوبِ.

 

عبادَ الله:
كم من شابٍّ كان طيّبًا مستقيمًا، فغواه رفيقُ السوءِ حتى أضاعَ دينَه وخلقَه! وكم من قلبٍ نقيٍّ أفسدَه صاحبٌ فاسدٌ، وكم من بيتٍ دمّره قرينُ سوءٍ زَيَّن الحرامَ ولبَّس الباطلَ بثوبِ النصيحةِ!
وقد صوّر اللهُ تعالى هذا المشهدَ في القرآنِ تصويرًا مؤلمًا فقال:
﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ۝ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾
وهنا تشرقُ حكمةُ الشُّعراءِ الذين قالوا:
إذا كنتَ في قومٍ فاصحب خيارَهُمُ *** ولا تصحبِ الأردى فتردى مع الردي
عنِ المرءِ لا تسلْ وسَلْ عن قرينِه *** فكلُّ قرينٍ بالمقارنِ يقتدي

وقال الآخر
واحذرْ مؤاخاةَ الدنيءِ لأنَّهُ *** يُعْدي كما يُعْدي الصحيحَ الأجربُ
واخترْ صديقَكَ واصطَفِيهِ تفاخُرًا *** إنَّ القَرينَ إلى المقارنِ يُنسبُ

فاتقوا الله – أيّها الأحبة – وكونوا من الذين قال الله فيهم:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾
بارك اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذِّكرِ الحكيم، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم

 

———

 

 

 

                                 الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وليَّ الصالحين، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعين.

أيّها الأحبةُ في الله:
رفيقُ الخيرِ نعمةٌ من الله، يُذكّركَ إذا نسيتَ، ويعينُكَ إذا ضعفتَ، ويدفعُكَ إلى الطاعةِ والنجاحِ.

فابحثْ عن رفقةٍ صالحةٍ تُقرّبُكَ من الله، ولا تستهِنْ بدعوةٍ إلى معصيةٍ، ولا بمجالسةٍ تُطفئُ الإيمانَ في قلبِكَ.

واعلمْ أنَّ المرءَ يُحشرُ يومَ القيامةِ مع من أحبَّ، فاخترْ من تُحبُّ أن تُبعثَ معه، واخترْ من تُريدُ أن تكونَ بجوارِه يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون.
اللهمَّ ارزقنا رفقةً صالحةً تُعينُنا على طاعتِكَ، واصرفْ عنّا قرناءَ السوء، واهدِ أبناءَنا وشبابَ المسلمين إلى الصحبةِ الطيّبةِ، وقرّ أعينَنا بصلاحِهم.

اللهمَّ أصلِحْ قلوبَنا، واغفرْ ذنوبَنا، ووفّقْ ولاةَ أمورِنا لما تحبُّ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطين على الحدود، واجعلْ هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًّا وسائرَ بلادِ المسلمين.
وصلِّ اللهمَّ وسلِّمْ على نبيّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعين.


 

المرفقات

1760628524_خطبة الجمعة_خطر_رفقاء_السوء.pdf⁩.pdf

المشاهدات 689 | التعليقات 0