رحيل العلماء (مختصرة)

يوسف العوض
1447/04/02 - 2025/09/24 07:57AM

الخُطْبَةُ الأُولَى

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَفَعَ مَكَانَ العِلْمِ، وَجَعَلَ العُلَمَاءَ مِصْبَاحَ الهُدَى وَنُورَ الظُّلُمَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).

عِبَادَ اللَّهِ :إِنَّ مَوْتَ العَالِمِ لَيْسَ كَمَوْتِ غَيْرِهِ، فَإِذَا فُقِدَ العَالِمُ، انْطَفَأَ مِصْبَاحٌ كَانَ يُضِيءُ لِلأُمَّةِ طَرِيقَهَا، وَضَاعَتْ أَلْسِنَةُ الحَقِّ، وَتَصَدَّرَ الجُهَّالُ، وَفُتِنَ النَّاسُ فِي دِينِهِم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:«إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» فَكَيْفَ حَالُ أُمَّةٍ تَمُوتُ فِيهَا العُلُومُ؟ وَيَتَقَلَّصُ فِيهَا ظِلُّ الفِقْهِ وَالبَصِيرَةِ؟ وَيَتَصَدَّى لِفَتْوَى النَّاسِ مَن لَا عِلْمَ لَهُ وَلَا هُدًى؟! وَمنْ عَجِيبِ تَفْسِيرِ قَولهِ تَعَالَى:﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ وَمِنْ أَبْرَزِ مَا قِيلَ فِي تَفْسِيرِ هٰذِهِ الْآيَةِ:أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:"نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا"،أَيْ: نُنقِصُهَا بِذَهَابِ عُلَمَائِهَا، وَانْطِفَاءِ أَنْوَارِ الْهُدَى مِنْهَا، فَيَكُونُ ذٰلِكَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَعَلَامَاتِ الضَّعْفِ وَالْفِتْنَةِ فِي الأُمَمِ ، فَالعُلَمَاءُ هُمْ حُرَّاسُ الدِّينِ، وَمَصَابِيحُ الْهُدَى، فَإِذَا ذَهَبُوا، نُقِصَتِ الأَرْضُ مِنَ الْخَيْرِ، وَرُفِعَ الْعِلْمُ، وَعَمَّ الْجَهْلُ.

عِبَادَ اللَّهِ: إِذَا مَاتَ العَالِمُ، فَقَدَتِ الأُمَّةُ خَبِيرًا بِأَمْرِ دِينِهَا، وَصَارَ النَّاسُ أَشْبَهَ بِقَوْمٍ فِي ظَلَامٍ دُونَ دَلِيلٍ، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَجِزَعُونَ لِمَوْتِ العَالِمِ جَزَعًا شَدِيدًا، وَيَعْتَبِرُونَ مَوْتَهُ ثُلْمَةً فِي الجِدَارِ لَا تُسَدُّ.

فَاللهُمَّ أَحْيِ قُلُوبَنَا بِالعِلْمِ، وَارْزُقْنَا مَعْرِفَةَ حُقُوقِ العُلَمَاءِ، وَاغْفِرْ لِمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَاخْلُفْ الأُمَّةَ بِخَيْرٍ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، قَاهِرِ العِبَادِ بِالمَوْتِ، المُتَفَرِّدِ بِالبَقَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

عِبَادَ اللَّهِ: فُجِعْنَا بِخَبَرِ وَفَاةِ سَمَاحَةِ المُفْتِي العَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ آلِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ  ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي أَفْنَى عُمْرَهُ فِي خِدْمَةِ دِينِ اللهِ، وَبَيَانِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، وَالإِفْتَاءِ، وَنُصْحِ الوُلَاةِ وَالعَامَّةِ ، رَحِمَ اللَّهُ الشَّيْخَ، فَقَدْ كَانَ عَالِمًا رَبَّانِيًّا، وَفَقِيهًا رَاسِخًا، وَمُفْتِيًا حَكِيمًا، عُرِفَ بِالثَّبَاتِ وَالحِكْمَةِ، وَالإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ، كَانَ لَا يَخْشَى فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَا يُجَامِلُ فِي الحَقِّ أَحَدًا، وَكَمْ مِنْ فَتْوَى حَلَّتْ مَشَاكِلَ، وَكَمْ مِنْ مَوْقِفٍ سَدَّ بَابَ فِتْنَةٍ، وَكَمْ نَصِيحَةٍ خَلَصَتْ بِهَا نُفُوسٌ مِنَ الحَيْرَةِ! ، فَمَوْتُ العُلَمَاءِ كَمَصَابِ الكِبَارِ، لَا يُقَاسُ إِلَّا بِفَقْدِ الأَطْوَادِ الرَّاسِيَةِ، وَقَدْ فَقَدْنَا فِي هَذَا الشَّيْخِ سَدًّا مَنِيعًا فِي وَجْهِ الجَهْلِ وَالتَّفْرِيطِ وَالغُلُوِّ.

اللَّهُمَّ اجْزِهِ عَنِ الإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِينَ خَيْرَ الجَزَاءِ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي رَحْمَتِكَ وَجَنَّاتِكَ.

 

المرفقات

1758691332_رحيل.docx

المشاهدات 880 | التعليقات 0