شكر نعمة الأمن ووحدة الصف.
أسامة بن سعود عبد الله التميمي
شُكْرُ نِعْمَةِ الأَمْنِ وَوَحْدَةِ الصَّفِّ
خُطْبَةٌ مُخْتَصَرَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلتَّعْمِيمِ
🕌 خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ
الخُطْبَةُ الأُولَى
الحمدُ للهِ الّذي أنعَمَ على عبادِه بنِعَمٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.
أمّا بعد؛ فأوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ عزّ وجل، فهي وصيّتُه للأوّلين والآخِرين، قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾.
عِبادَ الله؛
مِن أعظَم مقاصِدِ الشَّريعة: اجتِماعُ الكلمةِ ووَحدةُ الصَّفِّ، فهي قوّةٌ للأُمّة وسببٌ لعِزّتِها ورِفعتِها. قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، وقال جلّ وعلا: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾.
وقد بيَّنَ النبي ﷺ عِظمَ هذا الأمر فقال: «إنَّ اللهَ يرضَى لكم ثلاثًا ويَسخَطُ لكم ثلاثًا: يَرضَى لكم أن تَعبدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأن تَعتصِموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تَفرَّقوا، وأن تُناصِحوا مَن ولَّاه اللهُ أمرَكم…» [رواه مسلم].
أيُّها الأحِبّة؛
لقد امتنَّ اللهُ علينا في هذه البلادِ المباركة بنعمةِ الأمنِ والأمان، ووَحدةِ الصَّفِّ، واجتماعِ الكلمة، منذ أن وحَّدها الملكُ عبدُ العزيز – رحمه الله – تحت رايةِ التوحيد، ونحن اليوم نعيشُ في ظلِّ قيادةٍ رشيدةٍ وفَّقها اللهُ لما فيه خيرُ البلادِ والعباد.
وهذه النعمةُ العظيمةُ تستوجبُ منّا شكرَ اللهِ أوّلًا، ثمَّ الحفاظَ عليها بالطاعةِ، ولُزومِ الجماعة، وطاعةِ ولاةِ الأمرِ في المعروف، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾.
وإنَّ مِمّا يكونُ سببًا بإذن الله تعالى في دوامِ نعمةِ الأمنِ ووحدةِ الصَّفِّ: الالتزامُ بالأنظمةِ والتعليماتِ التي وضعتها الدولةُ لحفظِ الحقوقِ وصيانةِ الأرواحِ والممتلكات.
ومِن ذلك غَرسُ قيمِ المحافظةِ على أمنِ الوطنِ في نُفوسِ أبنائِنا وتكريسُ عِمارةِ الوطنِ في قلوبِهم.
والمشاركةُ الإيجابيةُ في البناءِ والتطوير، كلٌّ في مجالِه.
والحذرُ الحذرُ من الشائعاتِ التي تهدِمُ ولا تبني، وتُفرِّقُ الصفَّ.
أيُّها الإخوة؛
مِن تمامِ شُكرِ النعمة: ألا نَغترَّ بها، فمَن ظنَّ أنَّ النِّعَمَ تدومُ بلا شُكرٍ، فقد خالف سُنَنَ اللهِ في خلقِه. انظُروا إلى قصّةِ قارونَ الذي قال: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي﴾، فطغى وبغى، فخَسَف اللهُ به وبدارِه الأرضَ.
فلنحذَرِ الكِبرَ والطُّغيان، ولنعلمْ أنَّ الشكرَ يزيدُ النِّعَم، قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾.
أقولُ ما تسمعون، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم من كلِّ ذَنبٍ، فاستغفروه، إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه الدّاعي إلى رِضوانِه، صلّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبِه وسلّم تسليمًا كثيرًا.
عِبادَ الله؛
مِن تمامِ شُكرِ النِّعَم وحفظِها: أن يكون لدينا حُسنُ ظنٍّ باللهِ سبحانه، وأن نتفاءلَ بما عنده من الخير. قال النبي ﷺ: «لا عدوى ولا طِيَرَة، ويُعجبُني الفَأل» [رواه البخاري ومسلم].
عِبادَ الله!
اعلموا أنَّ التشاؤمَ مِن الشيطان، فهو كما قال الله تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ﴾، يُخوِّفُ العبادَ ويُقلقُهم، ليُحزنَهم ويُضعِفَ عزائمَهم، فلا يُقبِلون على الطاعةِ ولا ينشَطون في الخير.
لكنَّ اللهَ جلَّ وعلا وعدَنا بالمغفرةِ والفَضل، فقال سبحانه: ﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا﴾. فليكن يقينُنا باللهِ أكبرَ مِن مخاوفِ الشيطان، ولنستبشرْ بالخير، فإنَّ النبيَّ ﷺ كان يُحبُّ الفألَ الحسن، ويُبغضُ التشاؤمَ واليأس.
فلا مكانَ للتشاؤمِ واليأس بين المؤمنين، فاللهُ جلَّ وعلا يقول في الحديثِ القدسي: «أنا عندَ ظنِّ عبدي بي» [رواه البخاري ومسلم].
فإذا ظننَّا باللهِ خيرًا، وأحسنَّا العمل، حفِظَ اللهُ لنا دينَنا وأمنَنا ووطنَنا، وزادَنا مِن فضلِه.
فعندَ نُزولِ الأقدارِ أو وقوعِ الأحداث، نتذكّر أنَّ الخيرَ فيما اختاره الله.
ونُربّي أبناءَنا على التفاؤلِ والإيجابيةِ لا على اليأسِ والإحباط.
ونثق أنَّ اللهَ حافظٌ هذه البلادَ المباركة ما دامت متمسِّكةً بكتابِه وسنّةِ نبيِّه ﷺ.
مَعاشِرَ المسلمين؛
فلنستشعِر عِظَمَ الأمانِ والوَحدةِ التي نعيشُها، ولنكن عونًا في استمرارِها، ولندعُ اللهَ أن يحفظَها علينا، وأن يُديمَها، وأن يُسدِّدَ قيادتَنا، وأن يجعلَ التوفيقَ والسدادَ حليفَهم في جميعِ الأمورِ والشؤون.
📢 هذا وأكثروا من الصلاةِ والسلامِ على خيرِ الأنام، فقد قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللَّهُمَّ احفَظ بلادَنا مِن كلِّ سوءٍ وفِتنة، وأدِم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمان، ووفِّق خادمَ الحرمينِ الشريفين ووليَّ عهده لما تُحبُّ وترضى، وبارِك في جهودِهم، وانصُر بهم الدِّين، وارفع بهم رايةَ التوحيد.
اللَّهُمَّ اجعلْ هذا البلدَ آمنًا مطمئنًّا وسائرَ بلادِ المسلمين.
اللَّهُمَّ اغفِر ذنوبَنا، واستُر عيوبَنا، ونوِّر قبورَنا، وأحسِن خاتمتَنا، واجعلنا ممَّن طالت أعمارُهم وحسُنت أعمالُهم.
اللَّهُمَّ أعِذنا من الفواجع، وأعِذنا من زوالِ نعمتِك، وتحويلِ عافيتِك، وفجاءةِ نقمتِك، وجميعِ سخَطِك.
اللَّهُمَّ اجعلنا في خيرٍ وعافيةٍ وسعادةٍ، وعملٍ صالحٍ ترضاه عنَّا.
اللَّهُمَّ اجمعنا بوالدينا ووالديهم، وزوجاتِنا وذرّياتِنا وأرحامِنا في جنّاتِك جنّاتِ النعيم.
اللَّهُمَّ عليك باليهودِ المعتدين الغاصبين، اللَّهُمَّ دَحِّرهم وخُذهم أخذَ عزيزٍ مُقتدر، اللَّهُمَّ اكفِنا شرَّهم، وأنجِ المستضعفين من المؤمنين في فلسطين، وفي السودان، وفي كلِّ مكان، برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهُمَّ اكفِنا شرَّ الأشرار، وكيدَ الفُجّار، وطوارقَ الليلِ والنهار.
عِبادَ الله؛ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القُربى، وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي، يعظُكم لعلّكم تذكُرون.
فاذكُروا اللهَ العظيمَ يذكُركم، واشكُروه على نِعَمِه يزِدكم، ولذِكرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
المرفقات
1758137448_شُكْرُ نِعْمَةِ الأَمْنِ وَوَحْدَةِ الصَّفِّ.pdf