عاشوراءُ وشكرُ اللهِ
محمد محمد
عاشوراءُ وشكرُ اللهِ-9-1-1447ه-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري
الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيَا أيُّها الـمُكَرَّمُونَ:
الشُّكرُ هو عبادةُ الأنبياءِ والأصفياءِ من كلِّ جيلٍ، ولذلكَ فإنَّ المُتَّصِفينَ بها والعاملينَ لها قليلٌ، قالَ-سبحانه-: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
فهذا نوحٌ أولُّ الرُّسلِ-عليهِم السلامُ-يُعَلَّقُ وِسامُ الشُّكرِ على صَدْرِهِ: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا).
وهذا إبراهيمُ الخليلُ-عليه السَّلامُ-يُعطى شهادةً في الشُّكرٍ والإسلامِ: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ*شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وهذا سُليمانُ-عليه السَّلامُ-لما أُتيَ له بعرشِ بلقيسَ: (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ).
وسيدُ الشاكرينَ نبينُا محمدٌ-عليه الصلاةُ والسلامُ-، فَعَنْ أمِنا عَائِشَةَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إِذَا صَلَّى، قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا".
عَلِموا أنَّ الشُّكرَ عندَ اللهِ عظيمٌ، وأنَّه-سبحانَه-عن عبادِه غنيٌ كريمٌ، وأنَّه يُعطي العطاءَ الجزيلَ الوافرَ، ليعلمَ الشَّاكرَ من الكافرِ، وهكذا كلُّ إنسانٍ هو بينَ الشُّكرِ والكُفرِ، قالَ-تعالى-: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)،
فَالشُّكرُ سببٌ لبقاءِ النِّعمِ وزيادتِها، قالَ ربُّنا-عزَّ وجلَّ-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، فليسَ بَعدَ الشُّكرِ إلا الكفرُ والعذابُ، والشُّكرُ أمانٌ من عذابِ اللهِ، قالَ-تعالى-: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ).
أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...
الخطبة الثانية
الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فمن تأمَّلَ كتابَ اللهِ-تعالى-، وَجَدَ أكثرَ القَصصِ تِكرارًا قِصةَ موسى-عليه السَّلامُ-وفِرعونَ، وفيها مِثالٌ حيٌّ للشُّكرِ والكُفرِ، فقد أهلكَ اللهُ-تعالى-فِرعونَ، الذي كفرَ ولم يشكرْ ما أعطاهُ اللهُ: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، فأغرقَهُ اللهُ وأبقى بدنَهُ؛ ليكونَ عبرةً ودرسًا لكلِ الكافرينَ والمتكبرينَ إلى يومِ الدِّينِ.
وأما الشُّكرُ، فعندما "قَدِمَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-المدينةَ، فَوَجدَ اليهودَ يَصُومُونَ يومَ عاشوراءَ، فقالَ لهم: ما هذا اليومُ الذي تَصُومُونَهُ؟ قالوا: هذا يومٌ عظيمٌ، أنجَى اللهُ فيه موسى وقومَه، وأَغْرَقَ فرعونَ وقومَه، فصامَه موسى شُكرًا، فنحنُ نَصُومُهُ، قالَ: فنحنُ أحقُّ وأولَى بمُوسَى منكم، فَصَامَه وأَمَرَ بصيامِه، وَقَالَ: لَئِنْ بقيتُ إلى قابلٍ-العامِ القادمِ-لَأَصُومَنَّ التاسعَ"-يعني معَ العاشرِ مخالفةً لليهودِ-، وقالَ في فضلِ صيامِهِ: "صيامُ يومِ عاشوراءَ أحتسِبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السَّنةَ التي قبلَه"، فما أحسنَ أنْ نصومَهُ شُكرًا للهِ، متذكرينَ قولَه-تعالى-: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
الدعاء
اللَّهمَّ لكَ الحمدُ، وإِليكَ الـمُشتكى، وأَنتَ الـمُستَعانُ، وبِكَ الـمُستغاثُ، وعليكَ التُكْلان، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بكَ.
اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ، وأَنَّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، المنَّانُ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ياذا الجلالِ والإِكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ.
اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لرضاكَ، ونَصرِ دِينِكَ، وإعلاءِ كَلمتِكَ.
اللَّهُمَّ انصرْ المسلمينَ وجنودَنا الـمُرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.
اللَّهُمَّ اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه.
اللَّهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ.
اللَّهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم، حسبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ، لا إلهَ إلَّا هوَ عليهِ توكلنا وهو ربُّ العرشِ العظيمِ.
اللَّهُمَّ إنَّا والمسلمينَ مغلوبونَ مستضعفونَ فانتصرْ لنا يا قويُ يا عزيزُ.
اللَّهُمَّ الطفْ بنا وبالـمِسلمينَ على كُلِّ حالٍ، وبَلِّغْنا وإياهُم من الخيرِ والفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.
اللَّهُمَّ أَلِّفْ بينَ قلوبِ الـمُسلمينَ، وأصلحْ ذاتَ بينهم.
اللَّهُمَّ أحسنْتَ خَلْقَنا فَحَسِّنْ أخلاقَنا.
اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا ولوالدِينا وأهلِنا والـمُسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ، والهُدى والسَّدادَ، والبركةَ والتوفيقَ، وَصَلَاحَ الدِّينِ والدُنيا والآخرةِ.
اللَّهُمَّ يا شافي اِشْفِنا وأهلَنا والـمسلمينَ والـمسالِمين.
اللَّهُمَّ (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالـمينَ.
المرفقات
1751510682_عاشوراءُ وشكرُ اللهِ-9-1-1447ه-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.docx
1751510682_عاشوراءُ وشكرُ اللهِ-9-1-1447ه-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.pdf