عظموا الصلاة في 7-2-1447
أحمد عبدالعزيز الشاوي
الحمد لله رب العالمين لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين وأشهد ألاإله إلا الله وحده لاشريك له قيوم السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد العابدين وإمام المتقين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين وسلم تسليما
أما بعد :فياأيها الذين آمنوا اتقوا الله العلي العظيم فلاشيء أعظم من ربنا ولاأحد أعلى من خالقنا فاعبدوه واشكروا له إليه ترجعون
ماقدر رب العزة والجلال في قلوبنا ومامقدار تعظيمنا لخالقنا وهو الذي خلقنا ورزقنا ثم يميتنا ثم يحيينا وآتانا من كل ماسألنا
وماقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوسنا وهو الذي قال عنه ربه ( عزيز عليه ماعنت حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، ويوم الفزع الأكبر حداؤه ( أمتي أمتي )
رب قائل يقول : إننا نعظم ربنا فنحفظ اسمه من التدنيس ونقلب النعل إذا كانت على ظهرها ، فقدر الله في قلوبنا عظيم ، ونكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانرضى بسبه أو السخرية منه وإن فعل كافر ذلك رفعنا شعار ( إلا رسول الله ) ووضعنا في سياراتنا ( إلا الحبيب ياعباد الصليب)
أما إن تعظيم الله ورسوله ليس بالشكليات والمظهريات لكنه عقيدة في القلوب تظهر في الأعمال والسلوكيات
إن حق العظيم أن يعظم ، وأن تمتليء القلوب بمحبته وإجلاله والخوف منه وأن توجل القلوب من رهبة الوقوف بين يديه ، وإنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ، والذين هم من خشيته مشفقون )
تعظيم الله بالاستجابة لدينه والانقياد لشريعته والتسليم لحكمه وتعظيم نصوص الشريعة والتقيد بها والرضا بمضمونها ولو خالفت النفس والهوى (فلنعظم الله بقبول حكمه وشعارنا (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا ... )
ألا وإن من عظم الله فليعظم أعظم شعائره والتي فرضها من فوق سبع سموات وجعلها وسيلة التواصل بين العبد وربه ، وليعظم أمره حينما قال : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
ومن أحب رسول الله وقدره فليعظم وصيته وهو يصارع الموت وفي لحظاته الأخيرة ينادي : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ) ويسأل وهو يغمى عليه من شدة السكرات : أصلى الناس
ألا ومن عظم الله فليكرم هذه الشعيرة التي هي آخر مانفقد من ديننا ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، وهي أول مايسأل عنه العبد يوم القيامة فإن قبلت قبل سائر عمله وإن ردت رد سائر عمله
فلنعظم شأن الصلاة التي كان صحابة رسول الله لايرون شيئا تركه كفر سواها ،
لقد هان أمر الصلاة في نفوس المسلمين اليوم فأصبحت هماً يلقى لاقرة عين تبتغى .. لم تعد الصلاة أكبر همهم ولا مبلغ علمهم ولا في قائمة همومهم وحتى في اختيار الأزواج لم تعد معيارا للاختيار .. يسألون عن مراكبه ومراتبه وراتبه ودخله .. يهتمون بمدى عطاياه وصلاته ولايحزنهم تفريطه في صلاته صارت الصلاة عند فئة من الناس في ذيل الاهتمامات ففريقا تركها جملة وفريقا فرط في أدائها وفريقا يصليها متى شاء وكيفما شاء وبأي شكل شاء فهل تبتغي الأمة بعد هذا نصرا ورزقا وعزا وفرجا ؟
ياعباد الله فاتقوا من خلقكم ورزقكم وعظموا شعيرته الصلاة
عظموا الصلاة بإجابة مناديها ومتابعة المؤذن ثم الدعاء بالمأثور فمن فعل ذلك حلت له شفاعة المصطفى
عظموا الصلاة بالتهيؤ لها والاستعداد النفسي والبدني .. نفسيا بتعظيم شأنها وأنها لقاء مع الله ووقوف بين يدي الله ومحاورة مع الله واتصال بالخالق المجيد ، وبدنيا بأخذ الزينة ولبس الثوب الحسن امتثالا لأمر الله ( خذوا زينتكم عند كل مسجد )
فياعجبا ممن استهانوا بلقاء الله فجاءوا للصلاة بلباس نومهم أو ثياب شغلهم أو بالسراويلات القصيرة أو البدلات المشوهة بالصور والعبارات بينما يلبسون أحسن مالديهم للقاء أصغر مسؤول فهل هان لقاء الله في قلوبهم ؟ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: تَخَلَّفْتُ يَوْمًا فِي عَلَفِ الرِّكَابِ فَدَخَلَ عَلَيَّ ابْنُ عُمَرَ وأنا أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لِي: أَلَمْ تُكْسَ ثَوْبَيْنِ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ بَعَثْتُكَ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَكُنْتَ تَذْهَبُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ؟ قُلْتُ: لا قَالَ: فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُتَجَمَّلَ لَهُ أَمِ النَّاسُ؟ فاتقوا الله لايكن الله أهون من تلاقون
عظموا الصلاة بأدائها في بيوت الله حيث أمر الله ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ) فلو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : من سمع النداء فلم يجب فلاصلاة له إلا من عذر وقال ابن مسعود : ولقد رأيتنا ومايتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، فهل ترضى يامسلم أن تتشبه بأخبث فئة وأرذلها
عظموا قدر الصلاة بالمبادرة إليها والتبكير فور سماع ندائها تأسيا بسلف هذه الأمة بصورهم الرائعة في إجابة نداء الله ، فلو تعلم الأمة مافي التبكير لاستبقوا عليه ، وفي التبكير فضائل جمة وسنن متنوعة ودعوة مجابة وقرآن يتلى وملائكة تدعو لك وتستغفر ، ومؤلم والله أن تقام الصلاة برجل ورجلين بينما تغص المقاهي والأسواق بالمتسوقين ( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة .. ) ومؤلم والله أن ترى القدوات في ركب المتأخرين ، فهل تجدي الأقوال إذا خالفت الأفعال
عظموا شعيرة الله الصلاة بأدائها بخشوع وخضوع وطمأنينة وسكينة متلذذين بها لامستثقلين ، ولاتكونوا كبعض رواد مساجد المحطات الذين يؤدون الصلاة تخلصا لاإخلاصا بطريقة تشعرك أن الصلاة حمل ثقيل وهم وبيل وكأنهم يقولون : أرحنا من الصلاة ، ومحزن أن ترى أئمة يشاركون في رسم هذه الصورة عن الصلاة بنقرهم للصلاة والتخفيف المخل تسابقا إلى إرضاء الناس على حساب عظمة الصلاة وقدرها ، وصدق الله ( وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين )
أقول هذا القول ...
الخطبة الثانية ... أما بعد :
عظموا الصلاة بتعلم أحكامها وشروطها وواجباتها وأركانها وتعليمها للناس ، فقد صرنا نرى قي الصلاة مخالفات وتجاوزات حينما عم الجهل بأحكامها وقل الحديث عن آدابها
عظموا قدر الصلاة بذكر الله بعدها ( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ، والخروج من الصلاة بلا ذكر ولا تسبيح بلا عذر هو عنوان السآمة والملل من العبادة وفقدان للراحة وقرة العين التي وجدها المصطفون الأخيار
يؤلمك أن تجد من المصلين بل ومن بعض الأئمة من إذا قضى صلاته وقبل أن يذكر الله أخرج جواله يستعرض مافيه من مستجدات وتطبيقات ، فأين تعظيم قدر الصلاة عند هؤلاء ، وأين آثار الصلاة في نفوسهم
وختاما : عظموا قدر الصلاة عند أبنائكم وأجيالكم ، بأن تكونوا قدوات في تعظيمها وبالترغيب في أدائها والترهيب من هجرها ، ووضع برامج من لية وخطوات عملية لتربية الأبناء على حب الصلاة وتعظيمها فتلك سنة المرسلين ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ) ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) ومن دعاء إبراهيم عليه السلام : ( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي )
فكيف يعظم الأبناء قدر الصلاة وهم يرون والدا لايأبه إن رأى من الأبناء تخلفا عنها ولايوقظهم لها ولايأمرهم بها ، بينما يشتد غضبه وتنتفخ أوداجه إذا هم تخلفوا عن دراسة أو عرض دنيوي
كيف يتربى الأبناء على تعظيم الصلاة وهم يرون والدا ينام عن المكتوبة ولايشهد الصلاة مع الجماعة
كيف تتربى الأجيال على تعظيم الصلاة وهم يرون القدوات في قائمة المتخلفين حضورا وخشوعا وتبكيرا وتعظيما
وكيف يتربون على حب الصلاة وهم لايسمعون توجيها ولا موعظة ولا ذكرى
ياعباد الله : عظموا شعيرة الصلاة في نفوسكم وفي نفوس أولادكم وأهلكم وأجيالكم.. إن أردتم قرة العين وراحة القلب ومصدر الرزق والمفزع إذا حزب الأمر والسلامة من المنكر والفحشاء والنور والبرهان والنجاة فعظموا الصلاة وقدروها حق قدرها.. كيف تطيب الحياة إذا هانت في نفوسنا الصلاة ، وكيف تزكى النفوس وتصلح القلوب وتستقيم الأخلاق إذا لم يكن للصلاة قدر واهتمام ، فعظموا ماعظمه الله ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ومن خان حي على الصلاة يخون حي على الكفاح
اللهم صل وسلم ...
المرفقات
1755082007_عظموا الصلاة.doc