فِتْنَةُ الدَّجَّالِ

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1447/01/22 - 2025/07/17 15:26PM

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَومِ الدِّينِ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَقِينَ وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ﷺ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمُ الله وَاعْلَمُوا أَنَّ بَينَ يَدَي السَّاعَةِ فِتْنَةٌ مُخِيفَة هيَ أعظَمُ الفِتَن لَيْسَ ثَمَّ فِتنَةٌ أكبرَ مِنهَا ومَا مِنْ نَبيٍّ إلَّا حَذَّرَ أمَّتَهُ منها ألَا وهيَ فِتْنَةُ المَسِيحِ الدَّجَّال قالَ النبيُّ ﷺ ( مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبيٍّ إلَّا أنْذَرَ أُمَّتَه أنذَرَهُ نُوحٌ والنبيُّونَ مِنْ بَعدِه ) وأنذَرَ مِنهُ النبيُّ ﷺ أمَّتَهُ وكانَ  يَتَعَوَّذُ في صَلاتِهِ مِنْ فِتْنَتِه ويُعَلِّمُ أصحَابَهُ ذلك ويُخبِرُهُمْ عَنْ قُرْبِ ظُهُورِه قالَ النوَّاسُ بنُ سَمْعَان  حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْل أي عِندَ النَّخْلِ الذي بِجَانِبِهِمْ وَلِخُرُوجِهِ أمَارَاتٌ وعَلامَات ومِنْ عَلامَاتِ خُرُوجِه ألَّا يُثْمِرَ نَخْلُ بَيْسَان مدينة بينَ حَوْرانَ وفِلَسْطِين بعدَ أنْ كانَ يُثْمِر ومِنْ أمَارَاتِ خُرُوجِه ذَهَابُ مَاءِ بُحَيرَةِ طَبَريَّة والآنَ قَلَّ مَاؤُها وأوَّلُ مَخْرَجِهِ مِنْ حَيٍّ يُقَالُ لَهُ اليَهُودِيَّة في مَدَينَةِ أَصْبَهَان مِنْ أَرْضِ خُرَاسَان يَخرُجُ ومعَهُ سَبْعُونَ ألفًا مِنْ يَهُودِهَا ولَهُ حَرَسٌ وأعوَانٌ وهُوَ سَرِيعُ الاِنْتِقَالِ في الأَرْض لا يَتْرُكُ بَلَدًا إلَّا دَخَلَه إلَّا مَكَةَ والمَدِيْنَة كُلَّمَا أرَادَ أنْ يَدْخُلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا اِسْتَقْبَلَهُ مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ يَصُدُّهُ عنها
والدَّجَّالُ شَابٌّ أحمَرُ جَسِيمٌ كَبِيرُ الخِلْقَة وَاسِعُ الجَبْهَة فيهِ انحِنَاء لَهُ شَعْرٌ كَثِيرٌ مُجَعَّد عَيْنُهُ كأنَّها عِنَبَةٌ طَافِيَة أيْ ظَاهِرَةٌ عَوْرَاء وهُوَ أكبَرُ خَلْقٍ في هَذِهِ الدُّنيا قالَ ﷺ ( مَا بينَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أكبَرُ مِنَ الدَّجَّال ) رواهُ مسلم
وخُرُوجُهُ في حَالِ خَفْةٍ مِنَ الدِّين وإدْبَارٍ مِنَ العِلْم لِيَتَمَيَّزَ المُؤمِنُ مِنَ الكَافِر ويَتَبيَّنَ المُسْلِمُ المُوقِنُ مِنَ الشَّاكِّ المُرتَاب فيَدَّعِي أنَّهُ رَبُّ العَالَمِين ويُفْتَنُ بهِ العِبَادُ بمَا يَخْلُقُهُ اللهُ معَهُ مِنَ الخَوَارِق ومِنْ فِتْنَتِه أنَّ مَعَهُ جَنَّةً ونَارًا فَنَارُهُ جَنَّة وجَنَّتُهُ نَار ومَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَان أحَدُهُمَا مَاءٌ أَبْيَض والآخَرُ نَارٌ تَأَجَّج فَمَن أدْرَكَ ذَلِك فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الذِي يَرَاهُ نَارًا فإنَّهُ مَاءٌ بَارِد كمَا في صَحِيحِ مُسلِم
ويَمْكُثُ الدَّجَّالُ في الأَرْضِ أَرْبَعُينَ يَوْمًا قالَ ﷺ ( يَوْمٌ كَسَنَةٍ ويَوْمٌ كَشَهْرٍ ويَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وسَائِرُ أيَّامِهِ كأيَّامِكُم ) رواهُ مسلم فإذَا كَثُرَ أتبَاعُهُ وعَمَّتْ فِتْنَتُه يَنْزِلُ عِيسَى  عِندَ المَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ بدِمَشْق فيَلْتَفُّ عِبَادُ اللهِ حَولَه فيَلْحَقُ عِيسَى  بالدَّجَّالِ حِينَ يَتَوَجَّهُ إلى بَيتِ المَقْدِس فيُدْرِكُهُ عِندَ بَابِ لُدٍّ في فِلَسْطِين فإذَا رَآهُ الدَّجَّالُ ذَابَ ذَوَبَان المِلْح فَيَلْحَقُهُ عِيسَى فَيَقْتُلُه
ومِنْ أعظَمِ الفِتَنِ أنَّهُ لا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ حتَّى يَذْهَلَ النَّاسُ عَنْ ذِكْرِه وحتَّى تَتْرُكَ الأئمَّةُ ذِكْرَهُ علَى المَنَابِر هكَذَا وَرَدَ الخَبَرُ مَرفُوعًا وإذَا خَرَجَ الدَّجَّال أُغْلِقَ حِينَها بَابُ التَّوبة قالَ ﷺ ثَلَاثٌ إذَا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُها لم تكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أو كَسَبَتْ في إيمَانِها خَيرًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِها والدجَّال ودَابَّةُ الأرض
فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ الله واسْتَعِيذُوا باللهِ مِنَ الفِتَن مَا ظَهَرَ مِنهَا وبَطَن واستعيذوا بالله من فتنة الدجال فإنها شر فتنة
بَارَكَ اللهُ لِي ولَكُمْ فِي الكِتَابِ والسُّنَّةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالحِكْمَةِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّ رَبِي غَفُورٌ رَحِيمٌ

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وبَادِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ بالأعمَالِ الصَّالِحَةِ ما دمتم على قيد الحياة قال رسول الله ﷺ ( فهَلْ تَنْتَظِرُونَ إلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا أو غِنىً مُطْغِيًا أو مَرَضًا مُفْسِدًا أو هَرَمًا مُفَنِّدًا أو مَوْتًا مُجْهِزًا أو الدَّجَّالُ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَر أو السَّاعَةُ فالسَّاعَةُ أَدْهَى وأَمَرُّ )
واعلموا أن الفِرَار مِنَ الفِتَنِ والابْتِعَاد عنها عِصْمَةٌ بإذنِ الله فالمَنْهَجُ الشَّرعِيُّ في التَّعَامُلِ معَ فِتْنَةِ الدَّجَّال هُوَ الابْتِعَادُ عنها قالَ ﷺ ( مَنْ سَمِعَ بالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عنه أيْ لِيَهْرُب فوَاللهِ إنَّ الرَّجُلَ لِيَأْتِيهِ وهُوَ يَحْسَبُ أنَّهُ مُؤمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ ممَّا يَبْعَثُ بهِ مِنَ الشُّبُهَات )
وكذلك التَّعَوُّذُ بالله من فِتْنَةِ الدَّجَّال آخر الصلاة قبل السلام قالَ ﷺ ( إذَا تَشَهَّدَ أحَدُكُم أيْ في الصَّلاة فَلْيَسْتَعِذْ باللهِ مِنْ أربَع يَقُول اللهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّم ومِنْ عَذَابِ القَبر ومِنْ فِتْنَةِ المحيَا والمَمَات ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّال )
ومن ذلك أيضا حفظ عشر آيات من سورة الكهف قال ﷺ ( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّال )

يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ نَعُوْذُ بِكَ مِنْ عَذَابَ النَّارِ وَعَذَابَ القَبْرِ وفِتنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ ومِنْ فِتْنَةَ المَسِيحِ الدَّجَّالِ
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وقَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ خَيرٍ وَصَلَاحٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ
اللَّهمَّ رَبَّنَا أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَاْدَ اَللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))

المرفقات

1752755134_خطبة الجمعة الموافق 23 محرم 1447هـ فتنة الدجال.pdf

1752755142_خطبة الجمعة الموافق 23 محرم 1447هـ فتنة الدجال.docx

المشاهدات 454 | التعليقات 1

خطبة الجمعة الموافق الثالث والعشرون من شهر الله المحرم لهذا العام الهجري 1447

عن فتنة المسيح الدجال خطبة قصيرة ومختصرة