فضل العِلم والتعليم وأهمية دور المُعلمين والأسرة في ذلك

عايد القزلان التميمي
1447/02/26 - 2025/08/20 14:33PM

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَ الْعِلْم عَلَى الْجَهْلِ. وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَاشَريك لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْقَائِلُ: ((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ )) صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ فَيَا عِبَادَ اللَّهِ ((اتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهَ )).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ دِينَنَا الْإِسْلَامِيِّ دَيْنُ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ، دَيْنٌ حَارَبَ الْجَهْل وَالْأُمِّيَّة مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، وَفِي أَوَّلِ كَلِمَةٍ مِنْ الْوَحْيِ: اقْرَأْ ، لأن القراءة والكتابة من العناصِر الأساسية لِقيام الدُّول والشُّعُوب .
وقال سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ}
وقال سبحانه (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ))
ويقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح)) : مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ )) أخرجه أبو داود والترمذي .
وَكَانَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْرِكُ أهَمِّيَّةَ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ فِي مَسِيرِةَ الْأُمَّةَ الْإِسْلَامِيَّةَ، فَقَد افْتَدَى مَجْمُوعَة مِنَ أَسْرَى مَعْرَكَةِ بَدْرٍ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُمْ فِدْيَة بِتَعْلِيم جَمَاعَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة.
أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَأَمَّتنَا الْيَوْم هِي أَشُدّ مَا تَكَوُّن حَاجَةً إِلَى الْعِلْم النَّافِع الصَّحِيح وَإِنَّ الْعِلْم وَالتَّحْصِيل الْعِلْمِيِّ هُوَ السِّلَاَح الْقُوِّيُّ عَلَى مُوَاجَهَة الْأَفْكَار الْفَاسِدَة وَالثَّقَافَات الَّتِي تُخَالِف دِيننَا وَعَادَاتنَا وَبِالْعِلْم وَالتَّعَلُّم تَرْتَقِي الْمُجْتَمَعَات وَتَزْدَهِر .
عَبَادَ اللَّهِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُعَلِّمِينَ وَأَوْلِيَاءِ أُمُورِ الطُّلَّابِ حَثُّهُمْ وَتَشْجِيعُهُمْ عَلَى الْاجْتِهَادِ وَالِانْضِبَاطِ وَحُسْنِ اسْتِثْمَارِ الْوَقْتِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللَّهِ، ولَا تَعْجَزْ، وإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا كَانَ كَذَا وكَذَا، ولَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ، ومَا شَاءَ الله فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ)) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
أَيَّهَا الْمُسْلِمُونَ
إِنَّ مُعَلِّمَ النَّاس الْخَيْرَ مُنْزَلَتَهُ عَالِيَة وَمَكَانَتُهُ رَفيعَةٌ، لِأَنَّ الْمُعَلِّمَ يَبْذُلُ وَقْتهُ، وَيُجْهِدُ فِكْرَهُ، وَيَتْرُكُ رَاحَتَهُ ؛ لِأَجَلِ أَنْ يُعْطِي طَلَبَتهُ مِنَ التَّوْجِيهِ حَقَّهُمْ، وَمِنِ التَّعْلِيمِ نَصِيبَهُمْ،
فَلَوْلَا الْمُعَلِّمَ مَا رُفِعَتْ لِلْعِلْمِ مَنَارَة، وَلَوْلَا الْمُعَلِّمَ مَا تَقَدَّمَتِ الْأُمَمُ، وَلَا قَامَتِ الْحَضَاَرَاتُ، وَلَا اِزْدَهَرَتِ الْمُجْتَمَعَاتُ .
وَاِعْلَمُوا أَنَّ رِسَالَةَ الْمُعَلِّمِينَ سَامِّيَّةً وَعَالِيَةً فِي غَرْسِ الْقِيَمِ وَنَقْلِ الْعِلْمِ وَنَشْرِهِ، وَأَنَّ عَمَلَهُمْ حَثَّ عَلَيْهِ دِينَنَا الْحَنِيفَ،
فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ( إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ )) صححه الألباني.
وَمِهْنَةُ التَّعْلِيم هِي فِي الْحَقِيقَةِ أَشْرَفَ الْمِهَنُ، فَعَلَى الْمُعَلِّمِ أنْ يَسْتَشْعِرَ حَجَمَ الْمَسْؤُولِيَّة وَالْأمَانَة الَّتِي تَقَعُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَإِنْ يَكُونَ قُدْوَةً لِطُلَاَّبِهِ بِأَفْعَالِهِ وَأَخْلَاَقِهِ وَسُلُوكِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَأَنْ يُخْلِصَ النِّيَّةَ وَيُضَاعِف الْجَهْد، وَأَنْ يَسْعَى نَحوُ تَرْسِيخِ الْقِيم الْعَالِيَةَ وَالْأَخْلَاَق الْفَاضِلَة وَأَنْ يَزْرَعَ فِي نُفُوسِ طُلَاَّبِهِ حُبَّ الْعَقِيدَةِ وَالدِّيْنِ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ أَمْرِهم وَمَحَبَّةَ وَطَنِهِمْ.
عِبَاد اللهِ
إِنَّ مُهِمَّةَ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ لَيْسَتْ مُقْتَصِرَة عَلَى الْمَدْرَسَةِ وَحْدَهَا ؛ بَلْ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَسِرَّةِ فِيهَا النَّصِيبُ الْأكْبَرِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ ، قال ابن كثير في تفسيره إنَّ هذه الآية الكريمة أصلٌ في تعليم الأهل والذُّرِّية، قال عليٌ رضي الله عنه عن هذه الآية: ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾: "علِّمُوهم وأدِّبُوهم"؛ .
والوالدان مُرَبِّيَان مُؤَثِّران؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم (( ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ))أخرجه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم )) مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع))؛ رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
وَمَنْ أَنْفَقَ الْمَالَ فِي تَعْلِيمِ أهْلِهِ وَأَبْنَائِهِ فَهُوَ مأجورٌ إِذَا اِحْتَسَبَ ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نفقَةً يحتَسبُها فَهِي لَهُ صدقَةٌ)) متفق عليه.
وَاصْبِرُوا عَلَى أَبْنَائِكُمْ، وَازْرَعُوا فِيهِمْ الْعَقِيدَةَ الصَّحِيحَة، وَتَابِعُوهُمْ وَادْعُوْا لَهُمْ وَصَاحبوهم، وَاجْلِسُوا مَعَهُمْ وَنَاقِشُوهم وَاسْتَمِعُوا لِأَفْكَارِهِمْ فَقَوِّمُوهَا وَصَحِّحُوهَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ سُلُوكًا عَمَلِيًّا، تَعْجِزون عَنْ تَغْيِيرِهِ لَاحِقًا.
عباد الله
ولْيَعْلَم كلٌ من المُعَلِّم وولي أَمْرِ الطلاب والطالبات: أنه راعٍ فِيهم، ومسؤولٌ عنهم، ومطلوبٌ منه النُّصْحَ لهم ومُتَابَعَتِهِم وحَثَّهُم على التَّحصِيل العِلْمِي.
قال صلى الله عليه وسلم (( كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه))؛ متفق عليه.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله فاستغفروه، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا
أما بعدُ فيا أيها المسلمون:
بَعْدَ يَوْمَيْنِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سَيَعُود طُلَّاب وَطَالَبَات جَمِيع الْمَرَاحِل إلَى مَقَاعِد الدِّرَاسَة .
فَعَلَيْنَا جَمِيعًا حَثَّهُمْ عَلَى أَنَّ يَتَّقُوا اللَّهَ وَأنْ يَحْرِصوا عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا وَإِنْ يَحْرِصوا عَلَى تَعَلُّمِ الْعِلْمِ النَّافِعِ ، وَأنْ يَقْتَدُوا بِالْمُعَلِّم الْأَوَّلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْلِيمِهِ، وَتَرْبِيَتِهِ، وَفِي أَخْلَاقِه، وَحَرِيٌّ بِالْمُعَلُمِين وَالْمُرَبِّيْن، اقْتِفَاءَ أَثَرِه وَالِاهْتِدَاءَ بِهَدْيِهِ؛ فَفِيه الْخَيْر كُلّ الْخَيْر قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾
اللهم أقر عيوننا بصلاح أبنائنا وبناتنا وأهدهم إلى صِراطك المستقيم، وجنبهم رُفقاء السوء، وأحفظهم من شَرِّ الأشرار وكيد الفجار، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان واجعلهم من الراشدين، اللهم علِّمْهُم ما ينفعهم وانفعهم بما علمتهم وزِدهم عِلماً يا رب العالمين.
اللهم يَسِّر لأبنائنا وبناتنا سبيل العلم النافع، وطَهِّر به أخلاقهم، وارْفَع به في الدنيا والآخرة مقامهم، ومجتمعهم وبلادهم.
اللهم واجعلهم قُرّةَ عينٍ لأهليهم ودِينهم ومجتمعهم ووطنهم، وجميع أبناء وبنات المسلمين في سائر الأوطان.
ونسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يجعلَ هذا العامَ الدراسيَّ، عامَ خير وتحصيل وبركة للطلاب والطالبات، ورفعةٍ لبلادنا، وأن يوفق الجميع لما يحب ويرضى إنه سميع الدعاء
عباد الله صلوا وسلموا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه ......

المرفقات

1755689609_فضل العِلم والتعليم وأهمية دور المُعلمين والأسرة في ذلك.doc

1755689682_فضل العِلم والتعليم وأهمية دور المُعلمين والأسرة في ذلك.pdf

المشاهدات 729 | التعليقات 1

للرفع