ففيهما فجاهد

عبدالله محمد الطوالة
1447/02/21 - 2025/08/15 08:55AM

إنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون}.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}..  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}..   

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ في النار..          

معاشر المؤمنين الكرام: إنّ من أجلّ الغنائم، وأكرم المنن، أن يكون الوالدان الكريمان على قيد الحياة، فذلك بابٌ من أبواب الجنة مفتوح..  والسعيدُ الموفق من عرف لوالديه قدرَهما، وأيقنَ أن وجودهما كنزٌ من الأجور والحسنات، وجنةٌ من الرضا والرحمات، ومفتاحٌ من مفاتيح التوفيق والبركات..

برُّ الوالدين ليس فقط مِفتاحٌ للجنة، بل هو مفتاحٌ لكل شيءٍ طيّب في هذه الحياة. فمن رام السعادة فليدخل من باب البر، ومن ابتغى رضا الله فليحسن إلى والديه، ومن أراد دعوةً لا تُرد، فليبرهما..

نعم يا عبد الله: فالموفق والله: من جعل برّ والديه تاجًا على رأسه، وزادًا لآخرته، وأفرد لهما من قلبه مكاناً علياً، ومن وقته نصيبًا مفروضاً، ومن دعائه خبيئةً خاصةً.. فإنّ الله تعالى قد عظّمَ أمرهما، وقرن برّهما بعبادته، فقال جل شأنه: {وَقَضىٰ رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا}، فأنزلهما منزلةً عالية، وقضى لهما كما قضى لنفسه، وما ذلك إلا لعظيم حقهما، وكبير فضلهما..  وانظر كيف أكدَ القرآنُ الكريم على برهما بقول تعالى: {إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا}، وتأمل كيف قال: (إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ) إشارةً إلى الملازمةِ لهما، وعدم البعدُ عنهما أو التقصيرِ في حقهما.. خصوصاً إذا تقدما في العمر، وأقبلا على الشيخوخة والكبر، فهما الان في حاجتك, بعد أن بذلا جهدهما في تربيتك، وصرفا أموالهما في رعايتك، فقد أنهيا مهمتهما، ليبدأ دورك أنت.. فتواضع لهما، واخفض لهما جناح الذل إجلالا ورحمة بهما، واحذر حتى من مجرّد التأفف (فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما)، وتخير عند خطابها من الكلمات ألطفها، ومن العبارات أعذبها (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا).. وتأمل كيف أنّ الله جلّ وعلا لم يُوصِ في كتابه بمثل ما أوصى بالوالدين، بل إنه قرن شكرهُ بشكرهما، فقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير}.. فهل ندرك عِظَم هذا المقام؟ وهل نقدِّرُ قيمةَ هذا الاقتران؟ فلا يُقرنُ بالعظيمُ إلا عظيم، ولا يَربِطُ اللهُ بين أمرين إلا لشرفهما.. وانظر كيف جعلَ اللهُ برّهما عبادةً من أعظم العبادات، فقال سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وبيّن لنا في موضع آخر أنَّ الإحسانَ إليهما حقٌّ لازمٌ لهما، حتى وإن كانا مشركين، مما يدلل على عظيم منزلتهما.. فمن أرادَ التوفيق في حياته، والبركة في وقته، والسعة في رزقه، والنجاح في أموره، فليحرص على رضا أبويه، فإن رضاهما من رضى الله، وسخطهما من سخط الله، كما في الحديث الصحيح: «رِضا اللهِ في رضا الوالدِ، وسخَطُ اللهِ في سخَطِ الوالدِ».. وفي الحديث الصحيح، أن النبي ﷺ قال لأحد الصحابة: "ألكَ والدانِ؟ قال: نعَم، قال: الزَمهُما فإنَّ الجنَّةَ تحتَ أرجلِهما"..

وَمَعَ كل ما في البر من أجور وبركة وخيرات.. فَإِنَّ كثيرا من النَّاس قَد يفوتهم الكثير من هذا، خصوصاً من يكون في مَطلَعِ الشَّبَابِ وَالفُتُوَّةِ، حَتى إِذَا صَحَا مِن سَكرَة الغفلة وَأَفَاقَ، نَدِمَ أَشَدَّ النَّدَمِ عَلَى ما أضَاعَ وَفَرَّطَ.. ولذا فَإِنَّ بِرَّ الوَالِدَينِ وَالإِحسَانَ إِلَيهِمَا، مُسَابَقَةٌ مع الزمن قَبلَ أَن يَرحَلَ بِهِمَا، وَمُسَارَعَةٌ لِلوَفَاءِ لَهُمَا قَبلَ فِرَاقِهِمَا، وَاستِثمَارٌ لِوُجُودِهِمَا لِرَدِّ جَمِيلِهِمَا، واستغلالٌ لِلفُرَصِ السانحة لإِسعَادِهِمَا وَإِدخَالِ السُّرُورِ عَلَيهِمَا..

أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ كُلُّ ابنٍ حَيٍّ وَالِدَاهُ، وَلْيَغتَنمها تجَارَةً رابحةً في سُوقِ الآخِرَةِ، وَلْيَفز بأَوفَر نَصِيبٍ مِنَ البَرَكَةِ وَالتَّوفِيقِ، وليعلم أنه لا يَنبغي لأَيِّ شَيءٍ في الحَيَاةِ أَن يَشغَلَ ابنًا عَن والديه، فعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ ﷺ فَاستَأذَنَهُ في الجِهَادِ. فَقَالَ: "أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟" قَالَ: نَعَم. قَالَ: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ" والحديثُ في البخارِيُّ ومُسلِمٌ. وفي صحيح مُسلِمٍ، أن رجلاً أَقبَلَ إِلى نَبيِّ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجرَةِ وَالجِهَادِ أَبتَغي الأَجرَ مِنَ اللهِ. قَالَ: "فَهَل مِن وَالِدَيكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ " قَالَ: نَعَم، بَل كِلاهُمَا. قَالَ: "فَتَبتَغِي الأَجرَ مِنَ اللهِ؟" قَالَ: نَعَم. قَالَ: "فَارجِعْ إِلى وَالِدَيكَ فَأَحسِنْ صُحبَتَهُمَا", إذن فبرُّ الوالدين والإحسانِ إليهما جهادٌ بنصّ الحديث، فَهَنِيئًا لِمَن أَدرَكَ وَالدَيهِ، فَجاهد في برهما بِنَفسٍ طَيِّبَةٍ وَخَاطِرٍ مُنشَرِحٍ، وَكَانَ في حَاجَاتِهِمَا دُون تَضَجُّرٍ وَلا تَسَخُّطٍ، فَإِنَّ الابن قَد يَلقَى من والده شِدَّةَ طَبعٍ أَو سَلاطَةَ لِسَانٍ، أَو قد يكون أحدهما بحَاجَةٍ لِعِنَايَةٍ خَاصَّةٍ بسبب مَرَضٍ ونحوه، وَبِمِثلِ هَذَا يَتَبَيَّنُ البَارُّ مِنَ العَاقِّ، والواصلُ من القَاطِعِ، والمُحسِنُ مِنَ المُسِيءِ، فَرَحِمَ اللهُ من رَحِمَ ضَعفَ وَالِدَيهِ فَرَعَاهُمَا، وَسَرَّهُمَا بِصَلاحِهِ وَاستِقَامَتِهِ، وبذل كل ما في وسعه وطاقته، وَرَدَّدَ كَثِيرًا في دُعَائِهِ: {رَبِّ ارحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَاني صَغِيرًا}..

وَاعلَمُوا أَنَّهُ وَإِن كَانَ بَعضُنَا قَد رَحَلَ وَالِدَاهُ وَخَلَّفَاهُ، فَإِنَّ بَابَ البِرِّ مَا زَالَ مَفتُوحًا، بِالدُّعَاءِ لَهُمَا بِالمَغفِرَةِ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَيهِمَا وَالصَّدَقَةِ عَنهُمَا، وَوَصلِ أَقَارِبِهِمَا وَأَهلِ وُدِّهِمَا، في صحيح مسلم، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِذَا مَاتَ الإِنسَانُ انقَطَعَ عَنهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِن ثَلاثَةٍ: إِلاَّ مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَو عِلمٍ يُنتَفَعُ بِهِ، أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَهُ "، وَفي صحيح البُخَارِيِّ أَنَّ سَعدَ بنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَت وَأَنَا غَائِبٌ عَنهَا، أَيَنفَعُهَا شَيءٌ إِنْ تَصَدَّقتُ بِهِ عَنهَا؟ قالَ: "نَعَم" قَالَ: فَإِنِّي أُشهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ المِخرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيهَا".. وَفي صحيح مُسلِمٍ أن رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: "إِنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعدَ أَن يُوَلِّيَ".. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا * رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَـٰلِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلاْوَّابِينَ غَفُوراً}..

أقول ما تسمعون ...

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما ًعلى عباده الذين اصطفى..

أما بعد، فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}..                      

معاشر المؤمنين الكرام: لو سأل أحدنا نفسه.. منْ مِن الناسِ أكثرَ مِن والدي يخافُ عليَّ رقّةَ النسيم, وحرّ الهواء؟.. منْ مِن الناسِ يُؤثرُني على نفسهِ سِواهُما؟.. منْ مِن الناسِ يعتقدُ أنَّ صورتي هي أبهى الصور عنده غيرهُما؟.. منْ مِن الناسِ يتمنى سعادتي ولو بالدنيا كلها.. فليس هناك سوى والداي الكريمان..

ولا شك أن الوالدين يندفعان بالفطرة إلى حب ورعاية أولادهما، بل وإلى التضحية بكل غالي ونفيس من أجلهم, وكما تمتصُ النبتةُ الخضراءُ كل غذاءٍ في الحبة فإذا هي فتات، وكما يمتصُ الفرخُ كل غذاءٍ في البيضة فإذا هي قشرةٌ يابسة، كذلك يمتصُ الأولاد كل ما لدى الوالدين الكريمين من رعاية واهتمام، فإذا بالوالدين في شيخوخةٍ الهرم، وانحدار العافية, إلَّا أنّ من الأبناء من ينسى سريعاً صنائعَ الإحسان، ويتنكرُ للرعاية والحنان، ويُسيءَ إلى من قضى عمره كلهُ محسناً إلية.. ووالله إن كل الكلمات لتتوارى خجلاً وحياءً, حين يُفجعُ الوالد أو الوالدة بالجحود والنكران، في حين أنه يتطلعُ للبرّ والإحسان.. لسانُ حالهِ ليتك لم تكن أبنا ًلي, أَحينَ كبُرت سِني واحتجت إليك، جعلتني أهونِ الأشياء عليك.. غَمرتَ غيري بالإحسان، وقابلت جميلي بالنسيان. أَحينَ بلغت موضع الأمل، ومحل الرجاء، وا أسفاً عليك.. 

فيا أيها الأبنـاء: أخاطِبُ فيكم الإيمان، واناشِدُ فيكم الأخلاق، استيقظوا قبل فوات الأوان.. فالعقوق لا ينفعُ معه عمل صالح وإن كثُر، العاقُّ لا صـلاةَ لهُ، ولا زكاةَ ولا حجَّ ولا صيامَ.. تأمَّل هذا الحديث الصحيح جيداً.. قال النبي ﷺ: " ثلاثةٌ لا يَنظُرُ اللهُ إليهِمْ يومَ القِيامةِ: العاقُّ لِوالِدَيْهِ والمرأَةُ الْمُترَجِّلَةُ المتَشَبِّهَةُ بالرِّجالِ، والدَّيُّوثُ. وثلاثةٌ لا يَدخلونَ الجنةَ: العاقُّ لِوالديْهِ، والمُدمِنُ الخمْرَ، والمنّانُ بِما أعْطَى"..  فيا معاشر الأبناء: اعلموا أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، بل إنَّ عاقَّ الوالدين ملعونٌ على لسان رسول الله ﷺ، ففي الحديث الصحيح: "لعن اللهُ من عقَّ والديه"، بل إنَّ عاقَّ الوالدين حرامٌ عليه الجنَّة، كيف وقد دعا عليه أفضلُ أهل السماء جبريل عليه السلام, وأمّنَ على الدعاء أفضل الخلق ﷺ، فقد صعد ﷺ درجاتِ منبره ذات مرةٍ فقال: آمين، ثم رقى الثانية فقال: آمين، ثم رقى الثالثة فقال: آمين، فلما سأله الصحابة عن ذلك، قال: "عرض علي جبريل وقال: يا محمد رغم أنف من أدرك أحد أبويه أو كليهما فلم يُدخلاه الجنة قل: آمين، فقلت: آمين" والحديث في مسلم، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه"، والحديث صححه الألباني..  فيا أيها الأبناء اتقوا الله في آباءكم، اتقوا الله في أمهاتكم، إياكم والعقوق، اجتهدوا في إكرام والديكم، اجتهدوا في طلب رضاهما وإدخال السرور عليهما.. فإن لم يكونوا موجودين فأكثروا من الدُّعاءِ لهما، وتصدقوا عنهما، وصِلوا من الناس من كانوا يصلونهُ فإن ذلك من برهما..  وأنتم يا معاشر الآباء الكرام: أعينوا أبناءكم على بركم، وارفقوا بهم، واصبروا عليهم، وادعوا لهم بالهداية والتوفيق، وقدموا بين يدي دعواتكم صدقة تتوسلون بها قبول دُعاكم.. ففي الحديث الصحيح قال رسول الله ﷺ: (ثلاث دعوات مُسْتَجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر).. وإياكم ثم إياكم أن تدعوا عليهم ولو في حال الغضب.. فقد قال النبي ﷺ: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم)، تقبل الله منا ومنكم، وأعاننا وإياكم على ما يحب ويرضى..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفرقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

اللهم صل على محمد..

..

المشاهدات 328 | التعليقات 0