قِصَّةَ مُوسَى وَفِرعَونَ-صِيَامُ عَاشُورَاءَ
محمد البدر
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿طسم(1)تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ(2)نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(3)إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4)﴾.وَإِنّ مِن أَعظَمِ قِصَصِ القُرآنِ:قِصَّةَ مُوسَى-عَلَيهِ السَّلَامُ-وَفِرعَونَ،لِنَسْتَلْهِمَ مِنهَا العِبَرَ،قَالَ تَعَالَى:﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ(62)فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ(63)وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ(64)وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ(65)ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ(66)إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(67)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(68)﴾.قَالَ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَاصِرِ السَّعْدِيِّ رَحِمَهُ اللهُ:﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾أي رأى كل منهما صاحبه﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى﴾شاكين لموسى وحزنين﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾
فـ﴿قَالَ﴾موسى،مثبتا لهم،ومخبرا لهم بوعد ربه الصادق:﴿كُلا﴾أي:ليس الأمر كما ذكرتم،أنكم مدركون﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾لما فيه نجاتي ونجاتكم.
﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ﴾فضربه﴿فَانْفَلَقَ﴾اثني عشر طريقا﴿فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ﴾أي:الجبل﴿الْعَظِيمِ﴾فدخله موسى وقومه.﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ﴾في ذلك المكان﴿الآخَرِينَ﴾أي فرعون وقومه،قربناهم،وأدخلناهم في ذلك الطريق، الذي سلك منه موسى وقومه.﴿وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ﴾استكملوا خارجين،لم يتخلف منهم أحد.﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ﴾لم يتخلف منهم عن الغرق أحد.﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾عظيمة،على صدق ما جاء به موسى عليه السلام،وبطلان ما عليه فرعون وقومه﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾مع هذه الآيات المقتضية للإيمان،لفساد قلوبكم.﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾بعزته أهلك الكافرين المكذبين، وبرحمته نجى موسى،ومن معه أجمعين.
أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ,وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللهِ:أوصيكم ونفسي بتقوى الله،والتزود من الطاعات والأعمال الصالحة المقربة إلى الله تبارك وتعالى،ومن ذلك صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ الذي احتسب فيه النَّبِيَّﷺعلى الله جلّ وعلا أن يكفر السنة التي قبله،والمراد بالتكفير هنا تكفير الصغائر،أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة النصوح إلى الله جلّ وعلا،فينبغي على المسلم أن يصوم يَوْمِ عَاشُورَاءَ وكذلك اليوم التاسع لتحصل بذلك مخالفة اليهود التي أمر بها الرسولﷺ.
الا وصلوا عِبَادَ اللهِ على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ،وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَاحْفَظْ اللّهمّ وَلِيَّ أَمْرِنَا،وَأَيِّدْه بِالْحَقِّ ،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَالنَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ،واصرِفْ عَنهُ بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ
يَزِدْكُمْ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
المرفقات
1751515730_قِصَّةَ مُوسَى وَفِرعَونَ-صِيَامُ عَاشُورَاءَ.pdf