كثرة الزلازل في اخر الزمان

عبدالله منوخ العازمي
1446/10/26 - 2025/04/24 10:46AM

طبة الجمعة: الزلازل آية من آيات الله وعلامة من علامات الساعة

الخطبة الأولى:

 


الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه تُرجعون. نحمده تعالى ونشكره، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 


أما بعد:

 


عباد الله،
في أيامٍ معدودة مضت، شهد العالم أكثر من اثنين وثلاثين زلزالاً، جميعها بقوة تجاوزت أربع درجات على مقياس ريختر، اهتزت فيها الأرض، وتتابعت الأخبار من شرق العالم إلى غربه، وكأن الأرض تقول: اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون.

 


فهل هذه مجرد حوادث عشوائية؟ أم هي آيات ربانية؟

 


إنها والله آيات من آيات الله، وتخويف من رب العالمين، قال سبحانه: "وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا" [الإسراء: 59].

 


وقد جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل".

 


أيها المسلمون،
الزلازل تذكير بعظمة الله، وضعف الإنسان، وسرعة زوال الدنيا، فكم من آمنٍ بات في بيته فخرج في الصباح يبحث عن أهله وبيته بين الأنقاض! وكم من غنيٍّ أصبح لا يملك شيئاً، وكم من غافلٍ أيقظه الزلزال على الحقيقة الكبرى: أن لا أمان في هذه الحياة إلا بطاعة الله.

 


إن الزلازل تفضح غرور الإنسان، وتذكره بأنه مهما بلغ من التقدم والعلم، فإنه يبقى ضعيفاً أمام قدرة الله. فالأرض التي يمشي عليها، إذا اهتزت، هزت كيانه كله، وأربكت حياته، وخلفت الرعب والخسائر.

 


فلنعتبر يا عباد الله، ولنتذكر أن الذي يملك السكينة والأمان هو الله وحده، وأن الذي يدفع البلاء ويكشف الضر هو الله وحده.

 


الخطبة الثانية:

 


الحمد لله على حلمه بعد علمه، وعلى عفوه بعد قدرته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 


عباد الله،
إذا رأينا الزلازل وسمعنا عنها، فلا نقف عند حدود الأخبار، بل نراجع أنفسنا، ونستغفر ربنا، ونتوب إليه.
فالزلازل لا تأتي عبثاً، وإنما بسبب الذنوب والمعاصي.

 


قال تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" [الروم: 41].

 


وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتُليتم بهن... ولم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع... ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء..." [رواه ابن ماجه وغيره].

 


فلنكثر من الاستغفار، ولنصلح أحوالنا، ولنربِّ أبناءنا على الخوف من الله، فما وقع بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة.

 


وأكثروا من الصدقة، فإنها تطفئ غضب الرب، وأكثروا من الدعاء، فإن الدعاء هو السلاح الأعظم في وجه البلاء.

 


واحذروا الذنوب والمعاصي، فإنها سبب كل مصيبة، وتذكروا أن الله إذا أراد بعبده خيراً، رزقه اليقظة قبل العبرة، والتوبة قبل الفوت.

 


اللهم اجعل هذه الزلازل آيات رحمة لا نقمة، اللهم احفظنا واحفظ ديار المسلمين من الزلازل والمحن والفتن، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، فاغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصل اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المشاهدات 221 | التعليقات 0