«لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ»
د خالد بن عبدالرحمن الراجحي
الخُطْبَةُ الْأُولَى
إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَتُوبُ إلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [سورة آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [سورة النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [سورة الأحزاب: 70، 71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْبُدُوهُ، وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَىٰ أُمُورِكُمْ، وَاسْتَعِيذُوا بِهِ مِنَ الشُّرُورِ وَالْفِتَنِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ مِمَّا أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَسْتَعِيذَ بِاللَّهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ مِنَ الفِتَنِ، مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَمِنْ فِتْنَةِ المَمَاتِ.
وَإِنَّ الحُرُوبَ وَمَوَاطِنَ القِتَالِ مِنَ الفِتَنِ العُظْمَى، إِذْ فِيهَا تُزْهَقُ الأَرْوَاحُ، وَتُنْتَهَكُ فِيهَا الأَعْرَاضُ، وَتُبْتَلَى فِيهَا القُلُوبُ وَتَضْطَرِبُ العُقُولُ، يُشْتَبَهُ فِيهَا الحَقُّ بِالبَاطِلِ، وَيَقَعُ فِيهَا الظُّلْمُ وَالغِلُّ وَالفُرْقَةُ وَالشَّحْنَاءُ.
وَالحَرْبُ إِذَا وَقَعَتْ نَوْعٌ مِنَ الفِتَنِ العُظْمَى، تَعُمُّ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ.
وَلِذَلِكَ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)} [سورة الأنفال: 25].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
فِي ظِلِّ مَا نُشَاهِدُهُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ مِنْ قِتَالٍ وَحُرُوبٍ تَفْتِكُ بِالنَّاسِ، عَلَيْنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ -وَنَحْنُ نَرَى وَنَسْمَعُ- مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعْمَةِ الأَمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالاجْتِمَاعِ عَلَى كَلِمَةِ الإِمَامِ، وَأَنْ نَشْكُرَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا عَلَى وَحْدَةِ الصَّفِّ وَتَمَامِ الشَّمْلِ وَانْتِفَاءِ الفُرْقَةِ، فَلَا دَعَاوَى لِلْفِتْنَةِ بَيْنَنَا، وَلَا شَقَّ لِصَفِّ المُسْلِمِينَ.
وَإِنَّ مِنْ شُكْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ: تَحْقِيقُ طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ ﷺ، وَالِالْتِزَامُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِوَلِيِّ أَمْرِ المُسْلِمِينَ بِالمَعْرُوفِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحَذِّرُ أُمَّتَهُ مِنَ الفِتَنِ، وَيَكْرَهُ لَهُمْ مَوَاطِنَ القِتَالِ، لِأَنَّهَا مَوَاطِنُ تَتَزَعْزَعُ فِيهَا النُّفُوسُ، وَيُبْتَلَى فِيهَا المُسْلِمُ.
فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَىٰ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
»يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ«.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: "مَعْنَاهُ الأَدَبُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَىٰ فِي الدُّعَاءِ، فَلَا يَتَمَنَّى البَلَاءَ، وَلَا يَسْأَلْ مَا لَا يُدْرَى هَلْ يَصْبِرُ عَلَيْهِ، إِنَّمَا يَسْأَلُ العَافِيَةَ، فَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ".
وَلِذَلِكَ فَإِنَّ سُؤَالَ اللَّهِ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ يَتَحَتَّمُ عَلَى المُسْلِمِ فِي كُلِّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ، وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ مَوَاطِنِ الفِتَنِ وَالحُرُوبِ.
يَقُولُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "وَاللَّهِ، مَا نَظَرْنَا إِلَى فِئَةٍ تَقْتَتِلُ إِلَّا قُلْنَا: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَلَا تَجْعَلْ لَنَا فِيهَا نَصِيبًا".
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَىٰ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مُشَاهَدَةَ الْحُرُوبِ وَمَا يُعْرَضُ فِيهَا مِنَ الْقُوَّةِ وَالْعَتَادِ مِمَّا يُوهِنُ الْمُسْلِمَ، فَيَكُونُ سَبَبًا لِضَعْفِ إِيمَانِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَنَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَنْ نَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَنُفَوِّضَ الْأَمْرَ إِلَيْهِ، {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} [سورة آل عمران: 173]، هُوَ عَتَادُ الْمُسْلِمِ وَأَمَانُهُ مَهْمَا بَلَغَتْ قُوَّةُ الْعَدُوِّ.
فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا قَدْ بَشَّرَ نَبِيَّهُ ﷺ بِأَنَّهُ حَسْبُهُ إِذَا مَا كَادَ بِهِ الْكُفَّارُ، فَقَالَ: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)} [الأنفال: 62]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ مُخَاطِبًا نَبِيَّهُ ﷺ وَمُطَمْئِنًا لَهُ فِي آيَاتِ الْقِتَالِ:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)} [سورة الأنفال: 64 - 66].
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا حَسُنَ تَوَكُّلُهُ عَلَى اللَّهِ وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهِ، هَانَتْ أَمَامَهُ الْمُعْضِلَاتُ، وَمِنْ أَشَدِّ تِلْكَ الْمُعْضِلَاتِ الْقِتَالُ وَرُؤْيَةُ مَا لَدَى الْكُفَّارِ مِنْ قُوَّةٍ وَعَتَادٍ.
وَلِذَلِكَ لَمَّا سَعَىٰ أَهْلُ الْفِتْنَةِ فِي بَثِّ الرُّعْبِ فِي نُفُوسِ الصَّحَابَةِ، وَقَالُوا لَهُمْ: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)} [سورة آل عمران: 173 - 174].
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي آخِرِ الْآيَاتِ: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)} [سورة آل عمران: 175].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، "قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا، وَقَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ} [سورة آل عمران: 173]. رواه البخاري في صحيحه.
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْحُرُوبَ هِيَ مَوَاطِنُ خَوْفٍ وَفِتْنَةٍ، لَا مَوَاطِنُ ضَحِكٍ وَسُخْرِيَةٍ وَاسْتِهْزَاءٍ.
قَالَ البُسْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "السُّخْرِيَةُ بِأَهْلِ الْبَلَاءِ مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ، وَسَخَافَةِ الرَّأْيِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَرَى الْمُبْتَلَى عِبْرَةً، لَا نُكْتَةً".
وَالسُّخْرِيَةُ حَتَّى مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ لَيْسَتْ خُلُقَ الْعُقَلَاءِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ بَابِ التَّحْذِيرِ أَوْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ، لَا مِنْ بَابِ الإِضْحَاكِ وَالشَّمَاتَةِ.
وَالْمُسْلِمُ إِذَا رَأَى الْحُرُوبَ، حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الأَعْدَاءِ، عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَأَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَأَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ، وَيَلْتَزِمَ الْجَمَاعَةَ وَأَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، فَالْحَالُ مَا بَيْنَ خَوْفٍ وَاعْتِبَارٍ، لَا سُخْرِيَةٍ وَاحْتِقَارٍ.
وَالْمُسْلِمُ لَا يَشْمَتُ وَلَا يَسْخَرُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ هَدْيِ مُحَمَّدٍ ﷺ.
فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَا مَرَّ بِهِ مَوْقِفٌ كَانَ أَدْعَىٰ لِلشَّمَاتَةِ مِنْ عَدُوِّهِ كَالَّذِي كَانَ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ الِانْتِصَارِ الْعَظِيمِ بَعْدَ تِلْكَ الْمَوْقِعَةِ الْكُبْرَىٰ وَكَسْرِ شَوْكَةِ الْمُشْرِكِينَ وَسُقُوطِ طُغَاتِهِمْ كَأَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِهِمْ، كَانَ مَوْقِفُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَوْقِفَ الرَّحْمَةِ لَا مَوْقِفَ الشَّمَاتَةِ، مَوْقِفَ الْمُشْفِقِ لَا الْمُنْتَقِمِ.
عِنْدَمَا رَأَى النَّبِيُّ ﷺ قَتْلَى بَدْرٍ، لَمْ يَضْحَكْ وَلَمْ يَسْخَرْ، بَلْ وَقَفَ عَلَى الْقَلِيبِ وَقَالَ: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ ثُمَّ بَكَى وَذَهَبَ، وَهُوَ الْمُنْتَصِرُ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [سورة الأحزاب: 56].
اللَّهُمَّ صِلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الْأَرْبِعة -أَبِي بِكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ-وَعَنْ سَائِرِ الآلِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرَحَمَ الرَّاحِمَيْنَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [سورة النحل: 90]، فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
1752240523_«لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ».docx
1752240523_«لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ».pdf