مَسْؤُولِيَّةُ الطُّلَّابِ وَالمُعَلِّمِينَ وَالأُسَرِ فِي بِنَاءِ الجِيلِ

الحمدُ للهِ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أُوصِيكُمْ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَنَفْسِي الْمُقَصِّرَةَ أَوَّلًا بِتَقْوَى اللهِ، فَهِيَ وَصِيَّةُ اللهِ لِلأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ]وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ[

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ: نَسْتَقْبِلُ عَامًا دِرَاسِيًّا جَدِيدًا، وَالْعِلْمُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الْعَامُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى ]قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ[، وَقَالَ سُبْحَانَهُ ]يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[، وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ".

عِبَادَ اللهِ.. هَذَا الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ كَانَ يَتِيمًا فَقِيرًا، لَمْ يَجِدْ مَا يَكْتُبُ عَلَيْهِ الْعِلْمَ، فَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الْعِظَامِ وَالْجُلُودِ، وَمَعَ ذَلِكَ أَصْبَحَ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ، يُدَرِّسُ عِلْمَهُ فِي الْآفَاقِ.

وَهَذَا الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَطَعَ آلاَفَ الْأَمْيَالِ عَلَى قَدَمَيْهِ لِيَطْلُبَ حَدِيثًا وَاحِدًا عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَ يَقُولُ: مَعَ الْمِحْبَرَةِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ.

وَرَسُولُ اللهِ ﷺ جَعَلَ أَسْرَى بَدْرٍ يُعَلِّمُونَ أَبْنَاءَ الْمُسْلِمِينَ الْكِتَابَةَ فِدَاءً لأَنْفُسِهِمْ، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَدْرَسَةٍ فِي الإِسْلَامِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَأَوَّلُ مَنْهَجٍ فِيهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ.

فَيَا طَلَبَةَ الْعِلْمِ.. أَنْتُمْ أَمَلُ الْأُمَّةِ وَمَحَلُّ رَجَائِهَا، فَاجْتَهِدُوا وَلا تُضَيِّعُوا أَوْقَاتَكُمْ، قَالَ ﷺ: "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلا تَعْجَزْ".

اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَزِدْنَا عِلْمًا. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.

 

 

الحمدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَيُّهَا الأَحِبَّةُ.. الْمُعَلِّمُونَ أَصْحَابُ رِسَالَةٍ سَامِيَةٍ، بِهِمْ تُبْنَى الْعُقُولُ وَتُهَذَّبُ النُّفُوسُ، وَقَدْ عَظَّمَ الإِسْلَامُ مَكَانَتَهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، حَتَّى النَّمْلَةُ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ، لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ".

لَمَّا جَلَسَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ وَهُوَ حَبْرُ الأُمَّةِ ـ بَيْنَ يَدَي زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَرَادَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أن يرَكِبَ دَابَّتَهُ، أَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرِكَابِهِ، فَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا وَكُبَرَائِنَا. فَقَالَ زَيْدٌ: أَرِنِي يَدَكَ. فَأَخْرَجَ يَدَهُ، فَقَبَّلَهَا، فَقَالَ: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا ﷺ. فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ طُلَّابُ الْعِلْمِ يُوَقِّرُونَ أُسَاتِذَتَهُمْ.

وَالإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ كَانَتْ أُمُّهُ تُلْبِسُهُ أَجْمَلَ الثِّيَابِ وَتَقُولُ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى مَجْلِسِ رَبِيعَةَ، فَخُذْ مِنْ أَدَبِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ. فَكَانَتِ الأُسْرَةُ أَصْلًا فِي صُنْعِ الْعُلَمَاءِ، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ صَارَ إِمَامًا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ.

فَيَا أَيُّهَا الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ: اتَّقُوا اللهَ فِي أَبْنَائِكُمْ، وَزَيِّنُوهُمْ بِالْخُلُقِ قَبْلَ الْعِلْمِ، وَرَاقِبُوهُمْ فِي دُرُوسِهِمْ وَسُلُوكِهِمْ، فَإِنَّهُمْ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِكُمْ.

العِلْمُ عِبَادَةٌ، وَالطَّالِبُ مُثَابٌ، وَالْمُعَلِّمُ مَأْجُورٌ، وَالأُسْرَةُ شَرِيكَةٌ، وَالْمُجْتَمَعُ كُلُّهُ رَابِحٌ إِذَا أُقِيمَ الْعِلْمُ عَلَى التَّقْوَى وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.

اللَّهُمَّ عَلِّمْ أَبْنَاءَنَا مَا يَنْفَعُهُمْ، وَانْفَعْهُمْ بِمَا عَلَّمْتَهُمْ، وَوَفِّقْ مُعَلِّمِيهِمْ لأَدَاءِ رِسَالَتِهِمْ، وَاحْفَظْ أُسَرَنَا وَمُجْتَمَعَنَا بِالْعِلْمِ وَالإِيمَانِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ

اَللَّهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنَا، وَأَصْلِحْ أَحْوَالَنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَعْمَارِنَا وَأَوْلَادِنَا وَأَهْلِينَا. اَللَّهُمَّ وَفِّقْ طُلَّابَنَا لِطَلَبِ الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَانْفَعْهُمْ بِمَا تَعَلَّمُوا، وَافْتَحْ عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ الْحِكْمَةِ وَالرَّشَادِ. اَللَّهُمَّ جَازِ الْمُعَلِّمِينَ عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي مَوَازِينِ الْحَسَنَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ أُسَرَنَا، وَبَارِكْ فِي أَوْلَادِنَا، وَاحْفَظْ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَفِتْنَةٍ.
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا، وَلِمَشَايِخِنَا، وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

 

المرفقات

1755812580_مَسْؤُولِيَّةُ الطُّلَّابِ وَالمُعَلِّمِينَ وَالأُسَرِ فِي بِنَاءِ الجِيلِ.pdf

1755849138_مَسْؤُولِيَّةُ الطُّلَّابِ وَالمُعَلِّمِينَ وَالأُسَرِ فِي بِنَاءِ الجِيلِ.pdf

1755849153_مَسْؤُولِيَّةُ الطُّلَّابِ وَالمُعَلِّمِينَ وَالأُسَرِ فِي بِنَاءِ الجِيلِ.docx

المشاهدات 486 | التعليقات 0