مطبوعة ومشكلة: واجب الأبناء ومسؤولية الآباء في بر الوالدين

عبدالكريم الخنيفر
1447/02/21 - 2025/08/15 01:32AM

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبدُ الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد، أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فبالتقوى تُفرجُ الهمومُ وتُيسرُ الأمورُ ويُنالُ الفلاحُ في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

عبادَ الله، للإنسانِ في هذه الحياةِ علاقاتٌ كثيرةٌ ومختلفةٌ تربطهُ بالآخرين، وقدْ وَضَعَ الشَّارعُ الحكيمُ حدودَ كلِّ علاقة.

لكن، تفرَّدتْ واحدةٌ منها وانمازتْ بعظيمِ شأنها وشدِّة حساسيتها.

إنها العلاقةُ بالوالدين، حيثُ الضمانُ بالجنةِ لمن برَّهما وأحسنَ إليهما، والوعيدُ الشديدُ بالعذابِ لمن عقَّهما ولم يؤدِّ واجبَه معهما.

والسببُ في أهميةِ هذه العلاقةِ ما جاء في كتابِ اللهِ الكريمِ وسنةِ نبيِّهِ ﷺ من التذكيرِ المتكررِ بوجوبِ برِّ الوالدين والتحذيرِ من عقوقهما.

قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۝ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۝ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).

هذا هو حدُّ العلاقةِ بالوالدين أنها قائمةٌ على الإحسانِ والرعايةِ وحسنِ الحديثِ والتوددِّ والتذللِ والدعاءِ لهما.

ومِنْ عِظَمِ منزلةِ برِّ الوالدين في الدينِ أنها مقرونة بحق الله تعالى، وقد قال ﷺ ((رِضا الرَّبِّ في رِضا الوالِدِ، وسَخَطُ الرَّبِّ في سَخَطِ الوالِدِ)).

وإنَّ ظروفَ الحياةِ اليومَ ومشغلاتِها الكثيرةَ تجعلُ الإنسانَ يغفلُ عن أداءِ هذا الحقِّ العظيم، وهذا يقتضي يا عبادَ اللهِ بذلَ الفِكْرِ والهمِّ والعملِ، في برِّهما والنظرِ في ما يُصلحُ أحوالَهما، ويحققُّ رضاهما.

كما أنَّ من الزيغِ العظيمِ والخطرِ الجسيمِ إهمالَ برِّ الوالدين، وعدمَ أداءِ الحقوقِ الواجبةِ على الأبناءِ تجاههما، وأنكى من ذلك وأشنعُ أن يُعصون أو يُؤذونَ بالقول والفعل، فقد قال النبي ﷺ: ((أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ)).

اللهم وفقَّنا وأعنَّا على بر آبائنا، وجنِّبنا ما لا يرضيهم من قول وفعل.

أقول قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقه وامتنانه، أما بعد:

عبادَ الله، إن ظرفَ التواصلِ العالميِّ اليومَ بوسائله التأثيريةِ المختلفة، وما يفرضُهُ من قيمٍ وأخلاق، وجَّه الأولادَ والبناتِ نحو سلوكياتٍ في العلاقةِ مع الوالدين بعيدةٍ عن البرِّ بهما، بل هي في كثيرٍ منها عقوقٌ وسوء تعامل.

ولأجلِ ذلكَ فإنَّ من واجبِ الآباءِ والأمهاتِ أن يُعينوا أبناءَهم على برِّهم.

ومن الوسائلِ في ذلكِ الحرصُ على صلاحِ الأبناءِ، وإرشادُهم إلى تحقيق البرِّ بهم؛ فإنَّ كثيرًا من الأبناءِ اليومَ خالي البالِ من هذه القضيةِ العظيمةِ غافلٌ عنها. وقد جاءَ في الأثر: رحمَ اللهُ وَالدَيْنِ أَعانا وَلَدَهُما على برِّهِما.

والوسيلةُ الأخرى أن يرى الولدُ والبنتُ في والديَهما نموذجًا صالحًا في البرِّ جديرًا بالإحسان.

فينثالُ الأبناءُ والبناتُ طواعيةً نحو برِّ والدِهم،

ثم لا تغفلوا عن الدعاء لهم بالهداية والصلاح، فحريٌّ بدعوة الوالدين لأبنائهم أن تُستجاب.

اللهم أصلح النيةَ والذرية،

ربنا هبْ لنا من أزواجنا وذرياتنا قرةَ أعين، واجعلنا للمتقين إماما.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، وانصر عبادَك الموحدين.

اللهم يا ربنا أنزل رحمتك على أهلنا في غزة، والطفْ بهم، وانصرهم نصرًا مؤزرًا، يا ناصر المظلومين.

اللهم عليك بالصهاينة ومن ناصرهم، اللهم أرنا فيهم ما يشفي صدورنا. يا قوي يا عزيز يا شديد العقاب.

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه ونائبه لما فيه خير البلاد والعباد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

المرفقات

1755210701_أوصيكم ونفسي بتقوى الله.pdf

المشاهدات 478 | التعليقات 0