مهارات اقتباس الخطبة
سامي القرشي
مهارات اقتباس الخطبة
أيًا كان السبب الداعي إلى أن يقتبس الخطيب خطبته من غيره فليس في ذلك بأس، ولكن الاقتباس له مهارات تجعله اقتباسًا نافعًا غير ضار.
أولاها: حسن الاختيار، فإن الخطب المنشورة تتفاوت في جودتها، وفي مناسبتها لحال المصلين الذين تخطب فيهم، فلا يكن الاقتباس التقاطًا كيفما اتفق، ولا بالنظر إلى اعتبارات منفصلة عن مصلحة المستمعين أيًا كانت تلك الاعتبارات.
ثانيتها: تعديل الخطبة من جهة المضمون، فيحذف منها ما لا يناسب المقام الذي تخطب فيه، ويضاف إليها ما يحتاج إليه المقام.
ثالثة المهارات: تعديل الخطبة المقتبسة من جهة الأسلوب، بما يتناسب مع حال الخطيب وحال المستمعين، فإن لكل خطيب أسلوبه الذي يميزه عن غيره، وطريقته التي تناسب إلقاءه وقدراته، فصاحب النفس الطويل -على سبيل المثال- له عبارات تتناسب مع طول نفَسه، وقصير النفَس له مقادير من العبارات تناسبه، وبعض العبارات أسْلَكُ على لسان الخطيب من بعض، بحسب الإلف والعادة، وبحسب القدرات كذلك، فيتنبه إلى ذلك قبل أن يرتقي المنبر فيُحرجَ أو يجهد، والمستمعون كذلك لهم أساليب يفهمونها أكثر من غيرها، ولهم خصوصيات علمية وثقافية يناسبها أسلوب دون أسلوب، وقد تكون الخطبة المقتبَسة مكتوبة لمجتمع بعيد عن مجتم الخطيب المقتبِس، والخطيب الواعي يعرف ما يصلح لمستمعيه ومالا يصلح لهم، فرب عبارة في تُفهم في مجتمع ولا تُفهم في آخر، ورب أسلوب مقبول في مجتمع ولكنه مرفوض في مجتمع آخر.
الرابعة: التوثق من صحة الأحاديث والنقول التي تضمنتها الخطبة المقتبسة، لئلا يكون مشاركًا في نشر ما لا يجوز نشره دون أن يشعر، ولا تكفي ثقتك في كاتب الخطبة فإنه جل من لا يخطئ.
السادسة: التنبه إلى أن بإمكانه الاقتباس من أكثر من خطبة وصياغة مقتبساته في خطبة واحدة ليأخذ من كل بستان أحسن ما فيه ويكمل ما نقص من هذه بما في هذه.
وأخيرًا، المقصود ألا يكون الاقتباس سبيلًا إلى إضعاف الخطبة أو تقليل نفعها للمستمعين، بل يعطي الخطيبُ من اهتمامه في الخطبة المقتبسة ما يعطيه في الخطبة التي يُعِدُّها هو، ويتذكر أنه مسؤول عما يلقيه على مسامع المصلين مقتبسًا كا أو مُنشئًا وأن مصلحتهم مقدمة على مصلحته، والله الموفق.