نعمة البيوت
عبدالرحمن عبدالعزيز القنوت
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَعَلَيْكُمْ بِسُنَّةِ الْمُصْطَفَى ﷺ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نِعَمُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ عَدِيدَةٌ، إِنْ عَدَدَهَا لَا نُحْصِيهَا. وَمِنَ النِّعَمِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ وَمُشَاهَدٌ، يُذْكَرُ فَيُشْكَرُ، وَمِنَ النِّعَمِ مَا يَغْفُلُ عَنْهُ الْبَعْضُ، فَأَشَارَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ إِلَى بَعْضِهَا لِنَعْرِفَهَا فَنَشْكُرَهَا.
وَمِنْ تَمَامِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ التي نَبّه اللُه تَعَالى إليها، مَا جَعَلَ لِلنَّاسِ مِنَ الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ سَكَنٌ لَهُمْ، يَأْوُونَ إِلَيْهَا، وَيَسْتَتِرُونَ بِهَا، وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا سَائِرَ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ.
فحاجةَ الإنسانِ إلى مأوىً آمنٍ ومريحٍ ليستْ مجردَ رغبةٍ عابرةٍ، بلْ هيَ حاجةٌ فطريةٌ أساسيةٌ لسلامتِهِ الجسديةِ والنفسيةِ على حدٍّ سواءٍ، وهذا ما تُحقِّقُهُ البيوتُ.
قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ الَّتِي تُسَمَّى سُورَةُ النِّعَمِ، ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾.
فَيُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ لَنَا مِنْ البيوت الَّتِي نبنيها مِنَ الْحَجَرِ وَغَيْرِهِ اسْتِقْرَارًا وَرَاحَةً، وَجَعَلَ لنا مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ خِيَامًا وَقِبَابًا فِي الْبَادِيَةِ، يَخِفُّ حَمْلُهَا عِنْدَ التَّنَقُّلِ وَالتَّرْحَالِ، وَيَسْهُلُ نَصْبُهَا وَقْتَ النُّزُولِ.
كَمَا جَعَلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ أَصْوَافِ الْغَنَمِ، وَأَوْبَارِ الْإِبِلِ، وَأَشْعَارِ الْمَعْزِ أَثَاثًا لِلْبُيُوتِ، وَأَكْسِيَةً وَأَغْطِيَةً.
عبادَ اللهِ..
إن تخصيصَ أماكنَ للعبادةِ والتأملِ بعيدًا عن صخبِ الحياةِ مطلبٌ أساسيٌ لِتنميةِ الروحِ والقرب من الله، ومن نِعَمِ اللهِ أنْ جعلَ بُيُوتاً للعبادةِ والذِّكرِ في سكونٍ وطمأنينةٍ.
وَكَانَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾.
وجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَسَاجِدَ بُيُوتًا وَمَكَانًا لِلْعِبَادَةِ، ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾
كَمَا جَعَلَ اللَّهُ بُيُوتَ الْمُؤْمِنِينَ مَكَانًا لِلْعِبَادَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾
وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ مِنْ صَلَاتِهِ غَيْرَ الْمَفْرُوضَةِ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا، فَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: (اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَرَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: (قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ حَثٌّ عَلَى جَعْلِ بُيُوتِ الْمُؤْمِنِينَ عَامِرَةً بِالصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ وَذِكْرِ اللَّهِ.
عبادَ اللهِ..
احترامُ خصوصيةِ الأفرادِ والأُسرِ ضرورةٌ أساسيةٌ لأيِّ مجتمعٍ يسعى للاستقرارِ والتماسكِ. فلكلِّ فردٍ مساحةٌ خاصةٌ للأمانِ والحريةِ، وانتهاكُها يُفَكِّكُ الثقةَ ويُنشرُ الفوضى والقلقَ.
وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْبُيُوتِ أَنْ جَعَلَهَا مَكَانًا يَأْمَنُ فِيهِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَجَعَلَ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ حُرْمَةً لَا يَجُوزُ دُخُولُهَا إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِهَا فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾، أيْ: تستأذنُوا.
فَشَرَعَ الِاسْتِئْذَانَ لِمَنْ يَزُورُ أَحَدًا فِي بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ اتَّخَذُوا الْبُيُوتَ لِلِاسْتِتَارِ مِمَّا يُؤْذِي الْأَبْدَانَ مِنْ حَرٍّ وَقَرٍّ وَمَطَرٍ، وَمِمَّا يُؤْذِي الْعِرْضَ وَالنَّفْسَ مِنِ انْكِشَافِ مَا لَا يُحِبُّ السَّاكِنُ اطِّلَاعَ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ وَجَاءَهُ أَحَدٌ لَمْ يَدْخُلْهُ حَتَّى يُصْلِحَ مَا فِي بَيْتِهِ، وَلِيَسْتُرَ مَا يُحِبُّ أَنْ يَسْتُرَهُ، ثُمَّ يَأْذَنَ لَهُ أَوْ يَخْرُجَ لَهُ فَيُكَلِّمَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَابِ.
وَقَدْ أَبَاحَ النَّبِيُّ ﷺ حُرْمَةَ مَنْ تَطَلَّعَ فِي بُيُوتِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَأَهْدَرَ كُلَّ جِنَايَةٍ تَقَعُ عَلَيْهِ، جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَفِي الْبُيُوتِ تُحْفَظُ الْعَوْرَاتُ وَتُصَانُ، فَكَانَ مُكُوثُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا خَيْرًا لَهَا مِنْ خُرُوجِهَا، وَقَدْ أَمَرَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ﴾، أَيْ: وَالْزَمْنَ بُيُوتَكُنَّ، وَلَا تَخْرُجْنَ مِنْهَا إِلَّا لِحَاجَةٍ، وَلَا تُظْهِرْنَ مَحَاسِنَكُنَّ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ نِسَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ فِي الْأَزْمِنَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَهُوَ خِطَابٌ لِلنِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ فِي كُلِّ عَصْرٍ.
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْبُيُوتَ مَكَانًا لِلرَّاحَةِ وَالِاسْتِقْرَارِ، وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ مَعْنَى السَّكَنِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْبُيُوتِ. ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾، وَالسَّكَنُ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي الْبُيُوتِ نِعْمَةٌ لَا يُقَدِّرُهَا حَقَّ قَدْرِهَا إِلَّا الْمُشَرَّدُونَ الَّذِينَ لَا بُيُوتَ لَهُمْ وَلَا سَكَنَ وَلَا طُمَأْنِينَةَ.
وَالْأَمْنُ فِي الْبُيُوتِ نِعْمَةٌ تَسْتَوْجِبُ الشُّكْرَ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَمَعْنَى حِيزَتْ: أَيْ جُمِعَتْ لَهُ الدُّنْيَا.
هَكَذَا يُرِيدُ الْإِسْلَامُ الْبَيْتَ مَكَانًا لِلسَّكِينَةِ النَّفْسِيَّةِ وَالِاطْمِئْنَانِ الشُّعُورِيِّ، هَكَذَا يُرِيدُهُ مُرِيحًا تَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَتَسْكُنُ وَتَأْمَنُ، فَلَيْسَ الْبَيْتُ مَكَانًا لِلنِّزَاعِ وَالشِّقَاقِ وَالْخِصَامِ، إِنَّمَا هُوَ مَبِيتٌ وَسَكَنٌ وَأَمْنٌ وَاطْمِئْنَانٌ وَسَلَامٌ.
وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى جَعْلُ الْبُيُوتِ مَكَانًا لِلِادِّخَارِ وَحِفْظِ مَا يَحْتَاجُهُ الْإِنْسَانُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَسْكَنَ الْإِنْسَانِ أَعَزُّ الْبُيُوتِ عِنْدَهُ، وَأَخْفَى لِمَا يُرِيدُ أَنْ يُخْفِيَهُ، وَمَكَانُ أَمْنِهِ وَاسْتِقْرَارِهِ فَلَا غَرَابَةَ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ مُدَّخَرَاتِهِ، يَخْبَأُ فِيهِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَهَذِهِ الْمُدَّخَرَاتُ لَا يَعْلَمُ بِهَا إِلَّا صَاحِبُهَا، وَلِهَذَا جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مُعْجِزَاتِ نَبِيِّ اللَّهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
وَهَذِهِ الْبُيُوتُ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْمَأْوَى وَالْأَمْنُ وَالْحِفْظُ وَالصَّوْنُ، هِيَ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَيْسَتْ لِلْإِنْسَانِ فَحَسْبُ، قَالَ تَعَالَى عَنْ بُيُوتِ النَّمْلِ: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى عَنِ النَّحْلِ: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
وَلِلْبُيُوتِ آدَابٌ عِنْدَ دُخُولِهَا. مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ عَلَى سُنَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الْإِتْيَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْبُيُوتِ لَا مِنْ ظُهُورِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾.
وَمِنْ تِلْكَ الْآدَابِ الِاسْتِئْذَانُ قَبْلَ الدُّخُولِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾، أَيْ تَسْتَأْذِنُوا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا انْصَرَفَ.
وَمِنَ الْآدَابِ السَّلَامُ. أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْحَاضِرِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾، وقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾.
وَمِنَ الْآدَابِ عِنْدَ الدُّخُولِ أَنْ يَقُولَ الدَّاخِلُ الدُّعَاءَ النَّبَوِيَّ الْوَرَّادَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلِجِ، وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا، وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ لْيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ).
وَمِنَ الْآدَابِ عَبْدَ اللَّهِ: السِّوَاكُ.
سَأَلْتُ عَائِشَةَ، قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قَالَتْ: (بِالسِّوَاكِ).
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي بُيُوتِنَا وَأَوْطَانِنَا
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ انْصُرْ عِبَادَكَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُمْ بِتَأْيِيدِكَ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْهِمْ.
اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا، وَارْحَمْ مَوْتَانَا، وَيَسِّرْ أُمُورَنَا، وَاقْضِ دُيُونَنَا، وَأَصْلِحْ نِيَّاتِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِنَا لِكُلِّ خَيْرٍ، وَاهْدِهِمْ سُبُلَ الرَّشَادِ، وَاجْعَلْهُمْ صَلَاحًا لِلْبِلَادِ وَالْعِبَادِ، وَجَمِيعَ وُلَاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ
المرفقات
1747034650_نعمة البيوت- نسخة للجوال.pdf