وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ
عايد القزلان التميمي
1446/06/24 - 2024/12/26 22:14PM
الحمد لله شرَح بفضلِه صدورَ أهل الإيمان فاستقامَت على الهدَى، وأضلّ من شاء بعدلِه وحكمتِه وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده ولا أشرِك به أحدًا، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبد الله ورسوله صلَّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ: فيا أيها المؤمنون (وَاتّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلُّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)
عباد الله : فعَنْ عبدالله بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا خَطًّا ثُمَّ قَالَ: هَذَا سَبِيلُ الله، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ (( هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ تَلَا: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )) أخرجه أحمد والنسائي وحسّنه الألباني.
والاسْتِقَامَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ وهي إِنَّهَا اتِّبَاعُ الدِّينِ الحنيف بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ المُحَرَّمَاتِ ،
ولَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ وَأَصْحَابَهُ الكِرَامَ رضي الله عنهم بِالاسْتِقَامَةِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: (( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَولِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ )).
عباد الله فإنَّ المسلمين في كل يوم وليلة على الأقل في سبعة عشر ركعة وهم في صلواتهم يسألون الله سبحانه وتعالى أن يهديهم الصراط المستقيم قال تعالى: (( اهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّالّينَ )).
ومعنى(( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ )) اهدنا أي: دِلَّنَا وأرشدنا، ووفقنا للصراط المستقيم، وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله، وإلى جنته .
عباد الله : ووصف الله تبارك وتعالى صِراطَ المُنْعَمِ عليهم بقوله: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾؛ لتأكيد كَمَال صِراط المُنْعَمِ عليهم ، وهم المذكورون في سورة النساء؛ حيث قال: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾
وقال عَدِيُّ بنُ حاتمٍ رضي الله عنه: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ قال: ((هم اليهود))، ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ قال: ((هم النَّصَارى)) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
وقد وَصَفَ اللهُ تعالى اليهود بالغَضَبِ، وحَكَمَ عَليهِم به في مواضعَ من كتابه؛ قال تعالى: ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ وإنما وُصفوا بالغضب، واستوجبوه ؛ لأنهم عرفوا الحق وتركوه كفرًا وحسدًا، كما قال تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾
عباد الله
واليهودُ وَصَفُوا الله سُبحانه وتعالى بأَقْبَحِ الأوْصَاف، فقالوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ﴾ وقالوا: ﴿ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ وزَعَمُوا أنهم ﴿ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ ونَسبُوا للهِ الوَلَد: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾
سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
وأماّ النصارى فقد وَصَفَهُم ربنا بالضَّلال قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾
واليهودُ وَصَفُوا الله سُبحانه وتعالى بأَقْبَحِ الأوْصَاف، فقالوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ﴾ وقالوا: ﴿ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ وزَعَمُوا أنهم ﴿ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ ونَسبُوا للهِ الوَلَد: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾
سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
وأماّ النصارى فقد وَصَفَهُم ربنا بالضَّلال قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾
وتقوم عَقِيدَة النَّصارى الفَاسِدَة على أُلُوهِية الْمَسِيح، والزَّعْم بِأنَّه ابنُ الله ،
ولقَدْ حَكَمَ عَلِيهِم ربُّنا بِكُفْرِهِم في كتابه بقوله ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
وقال: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾
وقال تعالى عنهم ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾
وقال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾
فَاسْتَقِيمُوا ـ عباد الله- عَلَى شَرْعِ اللهِ كَمَا أُمِرْتُمْ، وَلاَ تَتَّبِعُوا سَبِيلَ الذينَ لا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ وتُوبُوا إِلَيهِ، إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله الذي هدانا بالبشير النَّذِير إلى الصِّرَاط الْمُستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعدُ فالاستقامةُ هي الثباتُ على دين الله ولزومُ الصراط المستقيم، والمحافظةُ على الطاعات، مع الإخلاصِ لله عزّ وجلّ والخوف أن لا تُقبَل.
وقَدْ جَعَلَ اللهُ ثَوابَ الاستقامةِ أعظمَ الثواب، وأمّن صَاحِبَها مِنَ العَذَاب، فقال عزّ وجلّ: (( إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ))
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....
المرفقات
1735275668_وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ.docx