وصايا الإجازة الصيفية
راكان المغربي
الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}، أما بعد:
انْقَضَى الْعِيدُ وَوَلَّتْ أَشْغَالُهُ وَأَفْرَاحُهُ، وَهَا هِيَ أَيَّامُ الدِّرَاسَةِ تَلْفِظُ أَنْفَاسَهَا الْأَخِيرَةَ، ثُمَّ يَعْقُبُهَا إِجَازَةٌ صَيْفِيَّةٌ قُرَابَةَ شَهْرَيْنِ مِنَ الزَّمَانِ. وَبَيْنَ يَدَيِ الْإِجَازَةِ، هَذِهِ بَعْضُ الْوَصَايَا لِفِئَاتِ الْمُجْتَمَعِ الْمُخْتَلِفَةِ.
الوَصِيَّةُ الْأُولَى لَكُمْ يَا مَعَاشِرَ الشَّبَابِ.. أَنْتُمْ وَقُودُ الْأُمَّةِ، وَرَمْزُ قُوَّتِهَا، وَمَصْدَرُ عِزَّتِهَا. وَلِذَا كَانَتْ أَوَّلُ الْوَصَايَا مُوَجَّهَةً إِلَيْكُمْ.
يَقُولُ مُعَلِّمُكُمْ وَحَبِيبُكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ).
أَنْتُمُ الْيَوْمَ فِي مَرْحَلَةِ تَأْسِيسِ الْقَوَاعِدِ، وَوَضْعِ اللَّبِنَاتِ، فَلْيَكُنْ بِنَاؤُكُمْ قَوِيًّا مَتِينًا، حَتَّى تَكُونُوا مِنَ الْأَقْوِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَخْيَارُ الْأُمَّةِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ. "وَالْقُوَّةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ قُوَّةُ الْإِيمَانِ، وَالْعِلْمِ، وَالطَّاعَةِ، وَقُوَّةُ الرَّأْيِ وَالنَّفْسِ وَالْإِرَادَةِ، وَيُضَافُ إِلَيْهَا قُوَّةُ الْبَدَنِ إِذَا كَانَتْ مُعِينَةً لِصَاحِبِهَا عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ".
وَنَيْلُ هَذِهِ الْقُوَّةِ يَكُونُ بِالْحِرْصِ عَلَى مَا يَنْفَعُكُمْ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ، وَنَبْذِ الْكَسَلِ وَالْعَجْزِ وَالضَّعْفِ كَمَا جَاءَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ).
فَالْوَصِيَّةُ لَكُمْ بِاسْتِثْمَارِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ فِيمَا يَنْفَعُكُمْ فِي دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ، فَكَمْ مِنْ قِصَّةِ نَجَاحٍ نُسِجَتْ أَوَّلُ خُيُوطِهَا، وَرُسِّخَتْ أَوَّلُ لَبِنَاتِهَا فِي الْإِجَازَاتِ الصَّيْفِيَّةِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ بَرَكَتُهَا وَنَفْعُهَا طَوَالَ الْحَيَاةِ.
كَمْ مِنْ شَبَابٍ الْتَحَقُوا بِدَوْرَاتِ حِفْظِ الْقُرْآنِ فِي الْإِجَازَةِ الصَّيْفِيَّةِ، فَصَارُوا بَعْدَ حِينٍ مِنْ حَفَظَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَمِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ؟
كَمْ مِنْ شَبَابٍ اغْتَنَمُوا الْإِجَازَةَ فِي بَرَامِجَ عِلْمِيَّةٍ فَصَارُوا بَعْدَ مُدَّةٍ مِلْءَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَتَعْلِيمِ النَّاسِ الْخَيْرَ؟
وَكَمْ مِنْ شَابٍّ اغْتَنَمَ الْإِجَازَةَ فِي تَعَلُّمِ مَهَارَةٍ أَوْ إِتْقَانِ لُغَةٍ فَأَنْضَجَ ذَلِكَ الِاغْتِنَامُ ثَمَرَاتٍ يَانِعَةً، ذَاقَ لَذَّتَهَا، وَرَأَى نَفْعَهَا فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا؟
أَخْبِرُونِي بِاللَّهِ عَلَيْكُمْ يَا مَعَاشِرَ الشَّبَابِ: أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ أَنْ تَقْضُوا سَاعَاتِ الْإِجَازَةِ وَأَيَّامَهَا تَتَقَلَّبُونَ بَيْنَ يَوْمِيَّاتِ الْمَشَاهِيرِ، وَمُتَابَعَةِ التَّرَنْدِ، وَالتَّسَكُّعِ الْيَوْمِيِّ فِي الْمَلَاهِي وَالْأَسْوَاقِ؟!
الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ نَمَّى إِيمَانَهُ، وَبَنَى مَعَارِفَهُ، وَصَقَلَ مَهَارَاتِهِ، فَنَفَعَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمُسْتَقْبَلِ دُنْيَاهُ، وَعِمَارَةِ آخِرَتِهِ، فَيُوشِكُ أَنْ يَفْرَحَ بِمُنْجَزَاتِهِ، وَيَرَى أَثَرَ اجْتِهَادِهِ، وَيَذُوقَ ثَمَرَةَ إِنْجَازِهِ.
وَالْفَرِيقُ الثَّانِي عَاشَ حَاضِرَهُ فِي الْفَرَاغِ، وَمَاذَا تَتَوَقَّعُ مِنَ الْفَرَاغِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؟! وَاللَّهِ لَنْ يَجِدَ أَصْحَابُ الْفَرَاغِ إِلَّا الْخَوَاءَ، وَسَيُبْصِرُ الْفَارِغُ الْأَقْرَانَ قَدْ سَبَقُوهُ، وَالْأَصْحَابَ قَدْ تَخَطَّوْهُ، وَهُوَ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي الطَّرِيقِ خُطْوَةً، وَلَمْ يَصْعَدْ مِنَ السُّلَّمِ دَرَجَةً، وَحِينَئِذٍ سَيَنْدَمُ أَشَدَّ النَّدَمِ عَلَى أَوْقَاتٍ ضَيَّعَهَا، وَسَاعَاتٍ فَرَّطَ فِيهَا.
فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ مِنَ الْقَلْبِ إِلَى الْقَلْبِ، أَرْجُو أَنْ تَقْبَلُوهَا مِنِّي فَتَبْدَأُوا فِي خُطُوَاتِ التَّفْكِيرِ فِيمَا يَنْفَعُكُمْ، وَالْبَحْثِ عَمَّا يُنَاسِبُكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى ذَلِكَ بِاسْتِشَارَةِ الْعَارِفِينَ، وَسُؤَالِ الْمُخْتَصِّينَ، وَلَعَلَّنَا نَلْتَقِي فِي نِهَايَةِ الْإِجَازَةِ مَرَّةً أُخْرَى، وَقَدْ مَلَأْتُمُوهَا بِالْإِنْجَازَاتِ الْبَاهِرَةِ، وَالنَّجَاحَاتِ الْعَظِيمَةِ فَنَفْرَحَ سَوِيًّا بِفَضْلِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ لَكُمْ.
يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ).
زَكَّى اللَّهُ بِالْإِيمَانِ قُلُوبَكُمْ، وَأَنَارَ بِالْعِلْمِ دُرُوبَكُمْ، وَمَلَأَ بِالصَّالِحَاتِ مِيزَانَكُمْ.
الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ هِيَ لَكُمْ يَا مَعَاشِرَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ. الْأَبْنَاءُ وَالْبَنَاتُ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِكُمْ، تَتَحَمَّلُونَ عِبْئَهَا، وَتُسْأَلُونَ عَنْهَا أَمَامَ اللَّهِ، فَـ (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).
لَيْسَ هُنَاكَ أَفْسَدُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْفَرَاغِ مَعَ الشَّبَابِ، فَالشَّابُّ حِينَ يَفْرَغُ يَفْتَحُ عَلَى نَفْسِهِ أَعْظَمَ الثُّغُورِ لِلشَّيْطَانِ. وَقَدْ قِيلَ:
إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَةَ مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَةِ
فَأَعِينُوا أَبْنَاءَكُمْ وَبَنَاتِكُمْ عَلَى إِشْغَالِ أَوْقَاتِهِمْ بِالنَّافِعِ الْمُفِيدِ، وَسُدُّوا ثَغْرَ الْفَرَاغِ لَا يُصِيبَنَّهُمْ مِنْهُ سِهَامٌ مِنْ سِهَامِ الشَّيْطَانِ.
الْفَرَاغُ فِي الْإِجَازَةِ يَعْنِي سَهَرَ اللَّيَالِي، وَانْقِلَابَ سَاعَاتِ النَّوْمِ، وَالْمُكُوثَ أَمَامَ الشَّاشَاتِ، وَتَسَلُّطَ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ عَلَى الْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ، فَهَلْ يَرْضِيكُمْ ذَلِكَ؟!
مَعَاشِرَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، لَا يَكُنْ غَايَةُ هَمِّكُمْ وَقُصَارَى جُهْدِكُمْ مَعَ أَوْلَادِكُمْ هُوَ تَوْفِيرُ الطَّعَامِ اللَّذِيذِ وَالشَّرَابِ الْهَنِيءِ، فَهَذَا الصَّنِيعُ إِنَّمَا يَصْلُحُ لِلْبَهَائِمِ وَالْأَنْعَامِ. وَأَمَّا الْبَشَرُ فَلَهُمْ قُلُوبٌ تَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةٍ، وَعُقُولٌ تَحْتَاجُ إِلَى تَنْمِيَةٍ، وَقُوًى تَحْتَاجُ إِلَى اسْتِثْمَارٍ، وَطَاقَاتٌ تَحْتَاجُ إِلَى تَوْجِيهٍ، فَمَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؟!
أَبْنَاؤُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ كُنُوزٌ مَكْنُونَةٌ مَلِيئَةٌ بِالطَّاقَاتِ الْكَامِنَةِ، وَالْمَوَاهِبِ الْمَدْفُونَةِ، فَلْيَكُنْ هَمُّكُمْ اكْتِشَافَ تِلْكَ الْمَوَاهِبِ، وَاسْتِخْرَاجَ هَذِهِ الْكُنُوزِ، وَتَفْجِيرَ هَذِهِ الطَّاقَاتِ فِي النَّافِعِ وَالْمُفِيدِ.
اقْرَؤُوا فِي كُتُبِ التَّرْبِيَةِ، شَاهِدُوا مَقَاطِعَ الْمُخْتَصِّينَ، ابْحَثُوا عَنِ الْبَرَامِجِ الْمُفِيدَةِ، اسْتَشِيرُوا الْعَارِفِينَ. أَبْنَاؤُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ هُمْ مَشْرُوعُكُمُ الْأَعْظَمُ، وَمُسْتَقْبَلُكُمُ الْمَدِيدُ، فَاصْنَعُوهُ بِكُلِّ إِخْلَاصٍ، وَابْذُلُوا فِيهِ بِكُلِّ تَفَانٍ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا فِيهِ جُهْدًا وَلَا وَقْتًا وَلَا مَالًا.
وَهَذِهِ الْإِجَازَةُ فُرْصَةٌ لَكُمْ لِتَأْخُذُوا بِأَيْدِي أَبْنَائِكُمْ وَبَنَاتِكُمْ، وَتَسْلُكُوا بِهِمْ طَرِيقَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ الْجَادِّ، فَيَكُونُوا بِإِذْنِ اللَّهِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ الْجَارِيَةِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ).
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَوْلَادَنَا وَبَنَاتَنَا وَنَشِّئْهُمْ عَلَى طَاعَتِكَ. اللَّهُمَّ زَيِّنْهُمْ بِالْإِيمَانِ وَاجْعَلْهُمْ هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ. اللَّهُمَّ جَنِّبْهُمْ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
أَمَّا الْوَصِيَّةُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ لِكُلِّ الْمُجْتَمَعِ. مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْإِجَازَةَ هِيَ وَقْتُ الْمُتْعَةِ وَالتَّرْفِيهِ، وَالنَّفْسُ تَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ التَّرْوِيحِ وَالتَّنْفِيسِ بَعْدَ أَيَّامِ الْجِدِّ، وَسَاعَاتِ الِاجْتِهَادِ.
وَالْوَصِيَّةُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّرْوِيحُ فِيمَا وَسَّعَتْ لَنَا فِيهِ الشَّرِيعَةُ مِنْ دَائِرَةِ الْمُبَاحِ، وَلَا يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ إِلَى التَّعَدِّي عَلَى حُدُودِ اللَّهِ، بِارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَإِتْيَانِ أَمَاكِنِ الْمُنْكَرَاتِ.
وَمَنْ أَرَادَ الْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ الْهَنِيئَةَ فَلَنْ يَجِدَهَا وَاللَّهِ إِلَّا فِي الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، لَا فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُنْكَرَاتِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَاعِدًا عِبَادَهُ وَعْدَ الصِّدْقِ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وَلَا تَغُرَّنَّكُمْ زَخَارِفُ الدُّنْيَا وَمُلْهِيَاتُهَا الْمُحَرَّمَةُ فَإِنَّمَا هِيَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ زَائِلٌ، تَزُولُ لَذَّتُهُ، وَتَبْقَى حَسْرَتُهُ، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى، وَأَزْكَى وَأَطْهَرُ، وَأَجْمَلُ وَأَبْهَى، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ).
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
المرفقات
1750329782_وصايا الإجازة الصيفية.docx
1750329782_وصايا الإجازة الصيفية.pdf