وصايا لعامٍ دراسيٍ جديدٍ

راشد بن عبد الرحمن البداح
1447/02/25 - 2025/08/19 22:50PM

وصايا لعام دراسيٍ جديد ( راشد البداح – الزلفي) 28 صفر 1447هـ

 

الحمدُ للهِ الذي جعلَ لكلِّ شيءٍ قَدراً، وأسبَلَ علينا من رحمتهِ ستراً.وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، لهُ الحمدُ في الأُولىوالأُخرى، وأشهدُ أن نبيَنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ، خُصَّ بالمعجزاتِالكبرَى، صلى اللهُ وسلمَ عليهِ صلاةً تكونُ لنا ذُخراً. أما بعدُ:

عبادَ اللهِ: لنعتبِرْ بسرعةِ انقضاءِ الأيامِ، فبالأمسِ بدأْنا عطلةَالصيفِ، واليومَ نحنُ نودِّعُها. فالحمدُ للهِ على إمدادِ الأعمارِ والأعمالِ، والفسحةِ في الآجالِ، والأمنِ والرغدِ في الأحوالِ.

فيا مَن يَتبرَّمُونَ ويَتضايقُونَ لأنَّ الدراسةَ بدأتْ: تذكرُوا يومَتَسْعَونَ كُلَ صباحٍ إلى أماكنِ الدراسةِ أنكم تَسْعَونَ في تسهيلِطريقِكم لجناتِ ربِّكم، مصداقًا لقولِ نبيِنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ. رواهُ مسلمٌ.

أيُّها الأبُ ووليُ الأمرِ: تأملْ بيتَكَ وقارِنْ بينَ صباحِ غدٍ السبتِ، وصباحِ الأحدِ؛ فستجِدُ الفرقَ الكبيَر؛ حيثُ ترَى الصغارَ والكبارَ قد استيقَظُوا! فمِن أجلِ ماذا استيقَظُوا؟ ثم أينَ همْ عن حضورِالصلواتِ؟ فلماذا -أيُّها الأبُ- لا تتكدرُ طَوالَ الإجازةِ يومَ كانَ أولادُكَالبالغونَ ينامُونَ عن الصلاةِ في المساجدِ وتتراخَى عن إيقاظِهِمْ، وأنتَتعملُ قُصارَى جُهدِكَ لتُوقِظَهمْ للمدرسةِ؟! {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}.

يا معشرَ المعلمينَ المربينَ والمعلماتِ المربياتِ: استقبِلُوا عامَكمْوطلابَكمْ بتعاهُدِ الإخلاصِ للهِ وحدَهُ، وابدؤُوهُ بالانشراحِ والعزيمةِ، واصبرُوا -رحمكمُ اللهُ- وصابِرُوا، واغرِسُوا بأيديْكُم بُذوراً قريباً تكونُ ثمارُها، وقريباً يكونُ حصادُها.

ولا تيأسُوا من استصلاحِ الطلابِ مهما عظُمَ الفسادُ وقلَّ الأثرُ، وعليكم -ما استطعتمْ- بأفضلِ مناهجِ التعليمِ، وأرقَى طرقِ التربيةِ.

ولأجلِ الوقوفِ على أفضلِ وأرقَى أسلوبٍ تربويٍ تعليميٍ، فلنقفْعلى مثالٍ مؤثرٍ لمعلمٍ متميزٍ جداً، فاستمِعُوا إلى أحدِ تلاميذِ ذلكَ المعلمِوهو يمدحُهُ قائلاً: مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا ‌كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي. هل عرفتُم من هوَ؟ إنه خيرُ معلمٍوطِئَتْ قدماهُ الأرضَ، إنه نبيُنا محمدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} أي: يُربِّيْهِمْ.

فما القصةُ؟! يقولُ معاويةُ بنُ الحكمِ السُّلَميُّ -رضيَ اللهُ عنهُ-: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ. فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ. رواه مسلم().

ألا يا معشرَ المعلمينَ والمعلماتِ: وظيفتُكُم هيَ وظيفةُ الأنبياءِ، وإنكم بتعليمِكُمْ أولادَ المسلمينَ تكسِبُونَ خيراً ممتدّاً، وصدقةً جاريةً، ولكمْفي ذلكَ أجرُ مَن استفادَ منكم فدعا وتعلَّمَ وعلَّمَ. فتحيةً إلى مَن لم يُشْغِل نفسَه بـ: كمْ أخذْتُ؟ ولكنهُ يسألُ: كمْ أعطيتُ؟ كمْ ربَّيْتُ؟ كمْعلمتُ؟ كمْ نصحتُ؟

الحمدُ للهِ الذي علَّمَ بالقلمِ، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ معلمٍ بين الأممِ، أما بعدُ:

فيا أيُّها الأبُ: ها أنتَ توفرُ لأولادِكَ مستلزماتِهِمُ المدرسيةَ، وربما أرهقتْكَ مادياً، لكنْ هلْ استحضرْتَ أنكَ بهذا مأجورٌ إذا لم تُسرِفْولم تُبذِّرْ، فاحتسِبْ نفقتَكَ عندَ اللهِ، فالنبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ:دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ. رواهُ مسلمٌ. فأنفِقْ واحتسِبْ، واحذرْشراءَ المحرمِ لأولادِكَ، كالألبسةِ، التي عليها شعاراتُ الكفرِ، أو أسماءُكفارٍ.

وَيَا أَوْلَادَنَا: لْتَحْمَدُوا اَللهَ أَنَّ اَلتَّرَدُّدَ عَلَى صُرُوحِ اَلْعِلْمِ مُتَيَسِّرٌ بِأَمْنٍوَرَغَدِ عَيْشٍ، وَاعْتَبِرُوا بِاضْطِرَابِ بُلْدَانٍ كثيرةٍ -نَسْأَلُ اَللهَ لَهُمْ عَوْدَةَالأَمْنِ وَالرَّغَدِ- ودَعَوْا عَنْكُمُ اَلتَّذَمُّرَ مِنْ بَدْءِ اَلدِّرَاسَةِ، وَتَذَكَّرُوا نِعْمَةَ اَللهِ عَلَيْنَا فِي تَطَوُّرِ اَلتَّعْلِيمِ بِمَمْلَكَتِنَا رُغْمَ تَرَامِيْ أَطْرَافِهَا، وَاقَدَرُوا ضَخَامَةَ اَلتَّجْهِيزَاتِ وَالْبِنَايَاتِ وَالْمِيزَانِيَّاتِ، فَالدِّرَاسَةُ مَجَّانِيَّةٌ، وَالْمُقَرَّرَاتُ مَجَّانِيَّةٌ، والخِطَطُ جَبَّارَةٌ.

فاقدُرُوا هذا البذلَ قدرَهُ، واعلمُوا أن الأمةَ كما تريدُ علماءَ يحفظونَ ثغورَ الدينِ، فإنها كذلكَ تُريدُ مَن يقومُ بسدِّ ثغورِ الدنيا، فننتظِرُالطبيبَ بطبِّهِ، والعسكريَّ بحزمهِ، والمهندسَ بهندستِهِ، والتِّقَنيَّ بتقنيَتِهِ، وكلَّ خبيرٍ نافعٍ رافعٍ بخبرتِهِ. فجِدُّوا لتجِدُوا، وتزوَّدُوا لتزِيدُوا، وانتفِعُوا لترتفِعُوا.

• فاللهم اجعلْ عامَنا هذا عامَ رفعةٍ وازديادٍ للعلمِ، ووَفّقْ طُلَّابَنَا وَطَالِبَاتِنَا وَمُعَلِّمِينَا وَمُعَلِّمَاتِنَا وَقَادَةَ اَلتَّعْلِيمِ لِلسَّدَادِ وَالرَّشَادِ.
• اللهم احفظْ شبابَنا وشوابَّنا من فتنِ الشبهاتِ والشهوات.ِ واجعلهم بارِّينَ بوالدِيهم، نافعِينَ لوطنِهِم.
• اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أعْمَارِنَا أواخِرَهَا، وخَيْرَ أعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا.
• اللهم إنا عاجزونَ عن شكرِكَ، فنُحيلُ إلى علمِكَ وفضلِكَ، فلكَ الحمدُبكلِّ نعمةٍ أنعمتَ بها علينا في قديمٍ أو حديثٍ.
• اللهم أعِنَّا ولا تُعِنْ علينا، وانصرْنا ولا تنصرْ علينا، وامكرْ لنا ولا تمكرْ علينا.
• اَللَّهُمَّ ارْحَمْ مَنْ لَا رَاحِمَ لَهُ سِوَاكَ، مِنْ إِخْوَانِنَا اَلْمُسْلِمِينَ اَلْمُسْتَضْعَفِينَفي غزةَ العِزةِ، ودمِّرْ يهودَ ومخططاتِهمْ.
• اللهم احفظْ دينَنا وحدودَنا وجنودَنا، وأجواءَنا وأرجاءَنا.
• اللهم وبارِكْ في عُمُرِ وعمَلِ وليِّ أمرِنا ووليِ عهدِهِ، وزِدْهُم عزًا لنصرةِ الإسلامِ والمسلمينَ. وافرُجْ لهم في المضائقِ، واكشِفْ لهم وجوهَ الحقائقِ.
• اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

المرفقات

1755633002_‎⁨وصايا لعام دراسي جديد⁩.docx

1755633003_‎⁨وصايا لعام دراسي جديد⁩.pdf

المشاهدات 415 | التعليقات 0