وكُنْ مِن الشاكرين 17 ـ 12 ـ 1446هـ
عبدالعزيز بن محمد
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أيها المسلمون: نَرُوْحُ وَنَغْدُو فِي نِعَمْ، نُصْبِحُ وَنُمْسِيْ في نِعَمْ، نَتَقَلَّبُ ونَتَفَكَّهُ في نِعَمْ. نِعَمٌ ظَاهِرَةٌ وَأُخْرَى بَاطِنَةٌ، أَسْدَاهَا وَاهِبٌ كَرِيمٌ، وَتَفَضَّلَ بِـهَا مُنْعِمٌ عَظِيْمٌ {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}
نِعَمٌ تُحِيْطُ بِالعِبَادِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَتَغْشَاهُمْ مِنْ كُلِّ صَوْب. نِعَمٌ تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَنْ، وَتَتَوَالى بتَوالِي الأَنْفاسِ. ففي كُلِّ شأَنٍ مِنْ شُؤُونِنا للهِ علينا نِعَمٌ وإِفْضال، وفي كُلِّ حَالٍ مِنْ أَحَوالِنا للهِ عَلِيْنا عَطاءٌ وكَرَمٌ ونَوال.
وأَكْرَمُ العِبادِ مَنْ يُصْبِحُ ويُمْسِي يَتَأَمَلُ في آلاءِ اللهِ عليه. يَتَفَكَرُ في النِعَمِ المُسْداةِ وفي الهِباتِ الغَامِرَة. يَتَفَكَرُ في النِعَمِ الخَفِيَّةِ وفي النِّعَمِ الظَاهِرَة، يَتَفَكَرُ في عَطاءِ اللهِ المَوفُورِ، وفي كَرَمِهِ المُمدودِ، وفي جُودِهِ المَبْسُوطِ، وفي نِعَمِهِ التي لا تُحِيْطُ بِها حدود.
وإِذا أَرادَ اللهُ بِعَبدٍ خَيْراً، فَتَحَ قَلْبَهُ لإِبْصارِ النِعَم، وهَدى جَوارِحَهُ للقِيامِ بِشُكْرِها، وإِذا أَرادَ اللهُ بِعَبْدٍ سُوءاً، حَجَبَ قَلْبَهُ عَنْ مُشاهَدَةِ النِعَمِ، وصَرَفَهُ عَنِ القِيامِ بِشُكْرِها.
* والشُّكْرُ أَبْقَى لِلنِّعَمِ، وَوَعْدُ اللهِ حَقٌّ، فَمَنْ لَزِمَ الشُّكرَ ضُوْعِفَتْ لَهُ النعماءُ {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ} والشَّاكِرُونَ مِنَ العِبادِ قَلِيْل {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} والشَّاكِرُونَ هُمْ أَهْلُ المَقَامِ العَلِيِّ، وَالعَيْشِ الرَّضِِيّ، والمجدِ السَّنِيِّ. أَثْنَى اللهُ عَلِيْهِم ورَضِيَ عَنْهُم، ووعدَهُمْ أَكْرَمَ وعَدٍ وأَعَدَّ لَهُم أَكْرَمَ جَزاءٍ {نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ} مَنْ أَعْمَلَ جَوارِحَهُ بالتَفَكُرِ في النِعَمِ، قَادَتْهُ مُرُوءَتُهُ للقِيامِ بِشُكْرِها {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ} الشَّاكِرُ مُعْتَرِفٌ لِرَبِهِ بالنِّعَمِ، سَالِكٌ بِها طَرِيْقَ رِضاه {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}
الشَّاكِرُ، لَهُ قَلْبٌ يُقَلِّبُهُ في مُشَاهَدَةِ النِعَمِ. فَيَرَى في أَحْشاءِ المِحَنِ مِنَحاً، ويَرَى في طَيَّاتِ الشَدائِدِ فَوائِد. ويَرَى في خَفايا المَصائِبِ كَرَماً. لَمْ يَصْرِفْ بَصَرَهُ في أَمْرٍ مِنْ أُمُورِهِ.. إِلا حَارَ في جُمُوعِ ما فيهِ مِنْ نِعَم.
ومَنْ عَجِزَ عَنْ تَعْدادِ النِعَمِ، أَنَّى لَهُ أَنْ يُطِيْقَ سَبِيلاً لِشُكْرِها. ولَكِنَّ اللهَ هُو الشَّكُورُ، يَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَسْلُكَ سَبِيْلَ الشَّاكِرِيْنَِ، فَيُضاعِفُ لَهُ حُسْنَ الجَزاءَ {وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} عَنْ أَنَسٍ رضي الله عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: (إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا) رواه مسلم
الشَّاكِرُ قَرِيْبٌ مِنْ رَبِهِ. والشَيْطانُ عَدوٌّ للشَّاكِرِيْن {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}
الشَّاكِرُ بِحَبْلِ اللهِ مُعْتَصِمٌ، وبِجَنابِ رَبِهِ مُلْتَجِئٌ. يُجَاهِدُ نَفْسَهُ لِيَرْتَقِيْ في الصَّالِحِيْن {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}
* الشَّاكِرُ كُلّّمَا أَبْصَرَ نِعْمَةً مِنْ اللهِ شَكَر، وكُلَّما شَكَرَ رَبَهُ، أَبْصَرَ في الشُّكْرِ نِعْمَةً مِنَ اللهِ عليهِ أَنْ أَعانَهُ على شُكْرِهِ. فَلا يَزالُ في الشَّاكِرِيْن. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله "الحَمْدُ للهِ الذِيْ لا تُؤدَى شُكْرُ نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِهِ إلا بِنِعْمَةٍ حادثةٍ تُوجِبُ على مُؤَدِّيْهَا شُكْرَهُ بِـها"
إِذَا كَانَ شُكْري نِعْمَةَ اللَّهِ نِعْمَةً ** عَلَيَّ لَهُ في مِثْلها يَجبُ الشُكْرُ
فَكَيْفَ بُلُوْغُ الشُّكْرِ إِلا بِفَضْلِهِ ** وَإِنْ طَالَتِ الأَيَّامُ وَاتَّصَلَ العُمْرُ
إِذَا عَمَّ بِالسَّرَّاءِ عَمَ سُرُوْرُهَا ** وَإِنْ مَسَّ بِالضَّراءِ أَعْقَبهَا الأَجْرُ
فَمَا مِنْهُمَا إِلا لَهُ فِيْهِ نِعْمَةٌ ** تَضِيقُ بِـها الأَوْهامُ والبَرُ والْبَحْرُ
* الشُكُرُ.. مِفْتاحُ الزِيادَةِ وضَمَانٌ للبَقاءِ. وكُفْرانُ النِعَمِ بَوَابَةُ الرَّحِيْلِ وأَذانُ بِالزَّوالِ. وشُكْرُ النِعَمِ يَكُونُ بالاعْتِرافِ للهِ بالفَضْلِ، والقِيامُ لَهُ بالعِبادَةِ، والانْكِفافِ عَنْ أَسْبابِ غَضَبِه. وكُلُّ عِبادَةٍ وطاعَةٍ يَعْمَلُها العَبْدُ فَهِيْ داخِلَةٌ في عَمَلِ الشَّاكِرِيْن. وكُلُّ مَعْصِيَةٍ وذَنْبٍ فَهِيْ داخِلَةُ في كُفْرَانِ النِعَم.
الشُّكْرُ إِقْرارٌ بالقَلْبِ، وثَناءُ على اللهِ باللسِانِ، وعَمَلٌ بِما يُرْضِيْهِ بالجَوارِح. الشُّكْرُ اقْرارٌ، وقَوْلٌ، وعَمَل {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} عَنْ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عَنْهُ قَالَ: (إنْ كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقُوْمُ مِنَ الليْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ - أَوْ سَاقَاهُ - فيُقَالُ له، فيَقولُ: أَفلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا) رواه البخاري ومسلم شُكْرٌ الصَّادِقِيْنَ يَقُودُ لحُسْنِ العَمَل.
وشَرُّ العِبادِ مَنْ لَمْ تَزِدْهُ النِعَمُ إِلا كُفْراناً وجُحُوداً. وشَرُّ العِبادِ مَنْ يَفْتَحُ اللهُ لَهُ أَبوابَ العَطاءِ، ويُمِدُّهُ بأَسْبابَ النِعَم، ثُمَّ يُسْنِدُ الفَضْلَ إِلى غَيْرِ رَبِه، ويَنْسِبُ النِّعْمَةَ إِلا غَيْرِ واهِبِها {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي}
وشَرُّ العِبادِ مَنْ يُمِدُّهُ اللهُ بالنِّعَمِ، ثُمَّ يُجاهِرُ رَبَهُ بالمَعاصِيْ. تَنْقَلِبُ النِّعَمُ إلِى نِقَم، وتَتَحَوَّلُ مِنْ مِنَحٍ إِلى اسْتِدْراجٍ { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ} {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}
وَكُلُّ نِعْمَةٍ لا تُقَرِّبُ مِنَ اللهِ فَهِيَ بَلِيَّة {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}
بارك الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون
أيها المسلمون: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}
تَتَوَالَى النِعَمُ، فَتَزْدَحِمُ بِها حَياةُ الإِنْسانِ، فَلا يَزالُ يَتَقَلَّبُ في النَعِيْمِ حَتَى يأَلَفَها، ويَنْسَى شُكْرَها. وما أَدْرَكَ قِيْمَةَ النِعَمِ إِلا مَنْ ذَاقَ مَرارَةَ ضِدِّها (وبِضِدِّها تَتَبَينُ الأَشْياءُ) فَسَلِ الخَائِفَ عَنْ نِعْمَةِ الأَمْنِ، وسَلِ المَرِيْضَ عَنْ نِعْمَةِ الصِّحَةِ، وسَلِ المُبْتَلى عَنْ نِعْمَةِ العَافِيَةِ، وسَلِ المَفْضُوحَ عَنْ نِعْمَةِ السِّتْرِ، وسَلِ المَحْبُوسَ عَنْ نِعْمَةِ الحُرِّيَِةِ. وسَلِ كُلَّ مَنْ نَزَلَتْ بِهِ نازِلَةٌ مِنْ نَوائِبِ الدَّهْرِ، يُنْبِيْكَ عَنْ قِيْمَةِ النِعْمَةِ التِيْ تُقابِلُها. فَأَقِيْمُوا قُلُوبَكُم وجَوارِحَكم في الشَّاكِرِين.
ومِنْ عَمِلِ الشَّاكِرِيْنَ.. أَنْ يَكُونَ العَبْدُ شاكِراً لِكلِّ مَنْ كانَ لَهُ عَونٌ في الحَياةِ على بُلُوغِ فَضْلٍ، أَو على تَحْقِيْقِ طَلَب. ولَمَّا كَان الوالِدانِ هُم السَبَبُ في وُجُودِ الوَلَدِ أَمَرَ اللهُ بِالقِيامِ بِشُكْرِهِما {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}
وكُلُّ مَنْ أَحْسَنَ، فإِنَّ شُكْرُهُ على إِحْسانِهِ، مِنْ العِبادَةِ ومِنْ كَرِيِمِ الأَخلاقِ التِيْ جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيْعَةُ وأَمَرَتْ بِه {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}
وفي حديث أَبِيْ هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: (لا يَشْكُرُ اللهَ مَن لا يَشْكُرُ الناسَ) رواه أَبو داود
وفي حديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهُما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوْفًا فَكَافِئُوْهُ، فَإنْ لم تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوْنَه فَادْعُوا له حتى تَرَوا أنَّكم قد كافَأْتُموه)
وكُلَّما كَان الإِحْسانُ أَبْلَغُ، كَانَ الشُّكْرَ لَهُ أَوْجَب. وكُلَّما كَان الإِحْسانُ أَعَمُّ، كَانَ الشُكْرُ لِصاحِبِهِ أَخَصُّ، وكُلَّما كَانَ الإِحسانُ في أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِيْنِ، كَانَ الشُكْرُ أَخْلَصُ وأَكْمَلُ وأَتَمّ.
* عِبادَ الله: ومِما يَجْدُر بالمُسْلِمِ أَنْ يَتَفَطَّنَ لَه، وهُوَ حِدِيْثُ عَهْدٍ بأَيَامٍ مُبارَكَةٍ فَاضِلَة، وهُو حَدِيْثُ عَهْدٍ بانْقِضاءِ أَعْمالِ رُكْنٍ من أَرْكانِ الإِسْلامِ. أَنْ يُقْبِلَ على رَبِهِ بالشُّكْرِ أَنْ أَعَانَهُ ووَفَقَهُ وهَداه. وأَنْ يَسَرَ لِعِبادِهِ الحجَّاجُ حَجَّهُم، وأَنْ أَتمَّ لَهُم مَناسِكَهُم. وأَنْ كَفاهُم وهَداهُم ووَقاهُم.
ثُمَّ يُثَنِّي بالشُّكْرِ والدُعاءِ لِكُلِّ مَنْ عَمِلَ جاهِداً في خِدْمَةِ الحُجاجِ، ولكُلِّ مَنْ سَعَى في تذليلِ الصِّعابِ لَهُم. فَما القَائِمُونَ على شُؤُونِ الحُجَّاجِ، إِلا سُعاةٌ في سَبِيْلِ الخَيْرِ، أَعْوانٌ عليه. وعِنْدَ اللهِ جَزاؤُهُم.
أُقِيْمَتِ شَعِيْرَةُ الحجِّ بِطُمأَنِيْنَةٍ، وهُيئَتْ للحُجاجِ أَسْبابَ السَكِيْنَةِ. وما ذاكَ إِلا بِفَضْلٍ اللهِ ذِيْ الفَضْلِ والإِنْعَامِ. ثُمَّ بأَسْبابٍ بُذِلَتْ مِنْ رِجالِ كِرام.
فَشَكَرَ اللهُ لَهُم مِنْ عَامِلِيْنَ صَادِقِيْن، ومِنْ أَوفِياءَ باذِلِيْن، ومِنْ خَدَمٍ لِضُيُوفِ الرحمَنِ مُخْلِصِيْن.
* اللهم اجعلنا لك شاكرين. لك ذاكرين.
المرفقات
1749745761_وكن من الشاكرين 17ـ 12ـ 1446هـ.docx