الأوس والخزرج

2025-04-26 - 1446/10/28

التعريف

التعريف:

‌"الأوس ‌والخزرج هما: ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرؤ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وإلى قحطان تنتهي وتجتمع القبائل اليمنية كلها، وهذه القبائل كانت تقطن في اليمن حتى وقعت بعض الظروف والأحوال التي أدت إلى تفرقها وتحولها من مساكنها، ومن أهمها تهدم سدّ مأرب الشهير، وقد استوطن ‌الأوس ‌والخزرج، المدينة، واستقروا بها في حدود عام 207 م". أخبار قبائل الخزرج؛ لأبي محمد عبد المؤمن الدمياطي: 1-12.

 

"وخزاعة فرقة ممن كان تمزق من قبائل سبأ حين أرسل الله عليهم سيل العرم كما سيأتي بيانه وكانت الأوس والخزرج منهم". البداية والنهاية: 3-101.

 

"وقال تعالى (فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق) [سبأ: 19] وذلك أنهم لما هلكت أموالهم، وخربت بلادهم احتاجوا أن يرتحلوا منها، وينتقلوا عنها فتفرقوا في غور البلاد ونجدها؛ أيدي سبأ شذر مذر فنزلت طوائف منهم الحجاز، وهم خزاعة نزلوا ظاهر مكة..، ومنهم المدينة النبوية اليوم فكانوا -أي الأوس والخزرج- أول من سكنها، ثم نزلت عندهم ثلاث قبائل من اليهود: بنو قينقاع، وبنو قريظة، وبنو النضير فحالفوا ‌الأوس ‌والخزرج وأقاموا عندهم..، ونزلت طائفة أخرى منهم الشام، وهم الذين تنصروا فيما بعد، وهم غسان وعاملة وبهراء ولخم وجذام وتنوخ وتغلب وغيرهم..". البداية والنهاية: 3-112.

 

قال ابن إسحاق: "وكانت ‌مناة ‌للأوس ‌والخزرج، ومن دان بدينهم من أهل يثرب، على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد". سيرة ابن هشام: 1-85.

 

"فلما انتشر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في العرب، وبلغ البلدان، ذكر بالمدينة، ولم يكن حي من العرب أعلم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر، وقبل أن يذكر من هذا الحي من ‌الأوس ‌والخزرج، وذلك لما كانوا يسمعون من أحبار اليهود، وكانوا لهم حلفاء، ومعهم في بلادهم. فلما وقع ذكره بالمدينة، وتحدثوا بما بين قريش فيه من الاختلاف. قال أبو قيس بن الأسلت. أخو بني واقف". سيرة ابن هشام: 1-282.

 

"ويعرف ‌الأوس ‌والخزرج في الإسلام بالأنصار، قال أنس بن مالك رضي الله عنه "سمّانا الله"، فهم أنصار الله -سبحانه وتعالى-، وأنصار دينه القويم، وأنصار خاتم النبيين محمّد -صلى الله عليه وسلم-". أخبار قبائل الخزرج؛ لأبي محمد عبد المؤمن الدمياطي: 1-12.

 

العناصر

1- التعريف بالأوس والخزرج وأصولهم

 

2- الهجرة إلى يثرب ومشاركتهم في عمارتها

 

3- علاقة الأوس والخزرج باليهود

 

4- الحروب بين الأوس والخزرج

 

5- دور الأوس والخزرج في استقبال الإسلام

 

6- موقفهم في الهجرة النبوية

 

7- دورهم في الغزوات الإسلامية

 

8- وحدة الأوس والخزرج بعد الإسلام

 

الايات

1- قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [الأنفال:72].

 

2- قال عز وجل: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال:74].

 

3- قال عز وجل: (وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:100].

 

4- قال عز وجل: (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) الآية[التوبة:117].

 

5- قال عز وجل: (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر:9].

 

6- (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً *ِ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً).

 

 

الاحاديث

1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: افتخرَ الحيّانِ من الأوسِ والخزرجِ فقال الأوسُ مِنّا غسيلُ الملائكةِ حنظلةُ بنُ الراهبِ ومِنّا مَنِ اهتزَّ لهُ عرشُ الرحمنِ ومِنّا من حمتهُ الدَّبْرُ عاصمُ بنُ ثابتٍ قال فقال الخزرجيونَ مِنّا أربعةٌ جمعوا القرآنَ لم يجمعْهُ أَحَدٌ غيرُهم زيدُ بنُ ثابتٍ وأبو زيدٍ وأُبَيُّ بنُ كعبٍ ومعاذُ بنُ جبلٍ. أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار: (١٠-٣٧٤)، وأبو يعلى الموصلي: (٢٩٥٣)، والطبراني: (٤-١٠)، (٣٤٨٨)، والحاكم: (٦٩٧٧)، وابن عساكر في تاريخ دمشق: (٧-٣٢٣)، وقال الألباني في إرواء الغليل (٣-١٦٨): "حسن صحيح".

 

2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قالتِ الأنْصارُ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وأَعْطى قُرَيْشًا: واللَّهِ إنَّ هذا لَهو العَجَبُ! إنَّ سُيُوفَنا تَقْطُرُ مِن دِماءِ قُرَيْشٍ، وغَنائِمُنا تُرَدُّ عليهم! فَبَلَغَ ذلكَ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَدَعا الأنْصارَ، قالَ: فَقالَ: "ما الذي بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟" وكانُوا لا يَكْذِبُونَ، فَقالوا: هو الذي بَلَغَكَ، قالَ: "أوَلا تَرْضَوْنَ أنْ يَرْجِعَ النّاسُ بالغَنائِمِ إلى بُيُوتِهِمْ، وتَرْجِعُونَ برَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إلى بُيُوتِكُمْ؟ لو سَلَكَتِ الأنْصارُ وادِيًا أوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصارِ أوْ شِعْبَهُمْ". أخرجه البخاري: (٣٧٧٨)، ومسلم: (١٠٥٩).

 

3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْلا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصارِ، ولو سَلَكَ النّاسُ وادِيًا وَسَلَكَتِ الأنْصارُ وادِيًا -أَوْ شِعْبًا- لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصارِ، -أَوْ شِعْبَ الأنْصارِ-". أخرجه البخاري: (٧٢٤٤).

 

4- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ بَلَغَنِي أذاهُ في أهْلِي؟! فَواللَّهِ ما عَلِمْتُ على أهْلِي إلّا خَيْرًا، وقدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ على أهْلِي إلّا مَعِي، فَقامَ سَعْدُ بنُ مُعاذٍ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنا واللَّهِ أعْذِرُكَ منه؛ إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنا عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوانِنا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنا، فَفَعَلْنا فيه أمْرَكَ، فَقامَ سَعْدُ بنُ عُبادَةَ -وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صالِحًا ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ- فَقالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لا تَقْتُلُهُ، ولا تَقْدِرُ على ذلكَ، فَقامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، واللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ؛ فإنَّكَ مُنافِقٌ تُجادِلُ عَنِ المُنافِقِينَ، فَثارَ الحَيّانِ -الأوْسُ والخَزْرَجُ- حتّى هَمُّوا، ورَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- على المِنْبَرِ، فَنَزَلَ، فَخَفَّضَهُمْ حتّى سَكَتُوا، وسَكَتَ. أخرجه البخاري: (٢٦٦١)، ومسلم: (٢٧٧٠).

 

5- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، رَأى صِبْيانًا وَنِساءً مُقْبِلِينَ مِن عُرْسٍ، فَقامَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مُمْثِلًا، فَقالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِن أَحَبِّ النّاسِ إلَيَّ، اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِن أَحَبِّ النّاسِ إلَيَّ يَعْنِي الأنْصارَ". أخرجه البخاري: (٣٧٨٥) ومسلم: (٢٥٠٨).

 

6- عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- مرَّ ببعضِ المدينةِ فإذا بجوارٍ يضرِبْنَ بدفِّهنَّ ويتغنيْنَ ويقلْنَ نحنُ جَوارٍ من بني النجارِ يا حبذا محمدٌ من جارِ فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- "اللهُ يعلمُ إنِّي لأحبُّكُنَّ" أخرجه ابن ماجه: (١٨٩٩)، وصححه الألباني.

 

7- عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "الأنْصارُ لا يُحِبُّهُمْ إلّا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضُهُمْ إلّا مُنافِقٌ، فمَن أحَبَّهُمْ أحَبَّهُ اللَّهُ، ومَن أبْغَضَهُمْ أبْغَضَهُ اللَّهُ". أخرجه البخاري: (٣٧٨٣)، ومسلم: (٧٥).

 

8- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ". أخرجه البخاري: (٣٧٨٤)، ومسلم: (٧٤).

 

9- عن الحارث بن زياد الساعدي -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ النّاسَ يُهاجِرونَ إليكُم ولا تُهاجِرونَ إليهِم، والَّذي نفسي بِيَدِه، لا يُحِبُّ الأنصارَ رَجلٌ حتّى يَلقى اللهَ؛ إلّا لَقِيَ اللهَ وهوَ يُحِبُّه ولا يُبغِضُ الأنصارَ رَجلٌ حتّى يَلقى اللهَ، إلّا لَقِيَ اللهَ وهوَ يُبغِضُهُ". أخرجه أحمد (١٥٥٤٠)، والطبراني (٣-٢٦٣)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (١٩٧٩).

 

10- عن عبدالله بن زيد -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمّا فَتَحَ حُنَيْنًا قَسَمَ الغَنائِمَ، فأعْطى المُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ، فَبَلَغَهُ أنَّ الأنْصارَ يُحِبُّونَ أَنْ يُصِيبُوا ما أَصابَ النّاسُ، فَقامَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَخَطَبَهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنى عليه، ثُمَّ قالَ: يا مَعْشَرَ الأنْصارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلّالًا، فَهَداكُمُ اللَّهُ بي؟ وَعالَةً، فأغْناكُمُ اللَّهُ بي؟ وَمُتَفَرِّقِينَ، فَجَمعكُمُ اللَّهُ بي؟ ويقولونَ: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمَنُّ، فَقالَ: أَلا تُجِيبُونِي؟ فَقالوا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمَنُّ، فَقالَ: أَما إنَّكُمْ لو شِئْتُمْ أَنْ تَقُولوا كَذا وَكَذا، وَكانَ مِنَ الأمْرِ كَذا وَكَذا لأَشْياءَ عَدَّدَها، زَعَمَ عَمْرٌو أَنْ لا يَحْفَظُها، فَقالَ: أَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النّاسُ بالشّاءِ والإِبِلِ، وَتَذْهَبُونَ برَسولِ اللهِ إلى رِحالِكُمْ؟ الأنْصارُ شِعارٌ والنّاسُ دِثارٌ، وَلَوْلا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأنْصارِ، ولو سَلَكَ النّاسُ وادِيًا وَشِعْبًا، لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصارِ وَشِعْبَهُمْ، إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فاصْبِرُوا حتّى تَلْقَوْنِي على الحَوْضِ. اأخرجه البخاري: (٤٣٣٠)، ومسلم: (١٠٦١).

 

11- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: "خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وعليه مِلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا بها على مَنْكِبَيْهِ، وعليه عِصابَةٌ دَسْماءُ، حتّى جَلَسَ على المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنى عليه، ثُمَّ قالَ: "أمّا بَعْدُ أيُّها النّاسُ، فإنَّ النّاسَ يَكْثُرُونَ، وتَقِلُّ الأنْصارُ حتّى يَكونُوا كالْمِلْحِ في الطَّعامِ، فمَن ولِيَ مِنكُم أمْرًا يَضُرُّ فيه أحَدًا، أوْ يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِن مُحْسِنِهِمْ، ويَتَجاوَزْ عن مُسِيئِهِمْ". رواه البخاري: (٣٨٠٠).

 

12- عنِ ابنِ شَفيعٍ قالَ: -وكان طبيبًا- قال: دَعاني أُسَيدُ بنُ حُضيرٍ فقَطعتُ له عِرقَ النَّسا فحدَّثَني بحَديثَينِ الحديثَ وفيه قلتُ جزاكَ اللَّهُ خيرًا يا رسولَ اللَّهِ قالَ: وأنتُمْ فجزاكمُ اللَّهُ خيرًا فإنَّكم ما عَلِمْتُ أعفَّةٌ صبُرٌ قالَ: وسَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ إنَّكم ستَلقونَ أثرةً بَعدي". حسنه العراقي في محجة القرب (٢٨٤).

 

13- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: مَرَّ أبو بَكْرٍ، والعَبّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما، بمَجْلِسٍ مِن مَجالِسِ الأنْصارِ وهُمْ يَبْكُونَ، فَقالَ: ما يُبْكِيكُمْ؟ قالوا: ذَكَرْنا مَجْلِسَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنّا، فَدَخَلَ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فأخْبَرَهُ بذلكَ، قالَ: فَخَرَجَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وقدْ عَصَبَ على رَأْسِهِ حاشِيَةَ بُرْدٍ، قالَ: فَصَعِدَ المِنْبَرَ، ولَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذلكَ اليَومِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنى عليه، ثُمَّ قالَ: "أُوصِيكُمْ بالأنْصارِ، فإنَّهُمْ كَرِشِي وعَيْبَتِي، وقدْ قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهمْ، فاقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتَجاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ". أخرجه البخاري: (٣٧٩٩)، ومسلم: (٢٥١٠).

 

14- عن رجل من الصحابة -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا معشرَ المهاجرينَ إنَّكم تزيدونَ وإنَّ الأنصارَ لا يزيدونَ وإنَّ الأنصارَ عَيبَتي الَّتي أذهبُ إليها أكرِموا كريمَهم وتجاوزوا عن مسيئِهِم ؛ فإنَّهم قد قضَوُا الَّذي عليهِم وبقيَ الَّذي لَهُم". أخرجه أحمد: (٢١٩٥١) والطبراني: (١٩- ٧٩) (١٥٩) بلفظه، وعبد الرزاق (٩٧٥٤)، وقال الشوكاني في در السحابة (٤٢): "إسناده رجاله رجال الصحيح".

 

15- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كانَتِ الأنْصارُ يَومَ الخَنْدَقِ تَقُولُ: نَحْنُ الَّذِينَ بايَعُوا مُحَمَّدا... على الجِهادِ ما حَيِينا أبَدا فَأَجابَهُمْ "اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلّا عَيْشُ الآخِرَهْ *** فأكْرِمِ الأنْصارَ والمُهاجِرَهْ". أخرجه البخاري: (٣٧٩٦)، ومسلم: (١٨٠٥).

 

16- عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصارِ، ولأَبْناءِ الأنْصارِ، وأَبْناءِ أبْناءِ الأنْصارِ". أخرجه البخاري: (٤٩٠٦) مطولاً، ومسلم: (٢٥٠٦).

 

17- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "قُرَيْشٌ، والأنْصارُ، وجُهَيْنَةُ، ومُزَيْنَةُ، وأَسْلَمُ، وأَشْجَعُ، وغِفارُ مَوالِيَّ، ليسَ لهمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ ورَسولِهِ". أخرجه البخاري: (٣٥٠٤)، ومسلم: (٢٥٢٠).

 

عن والد حمزة رجل من الأنصار -رضي الله عنه- قال: قالتِ الأنْصارُ: إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ أتْباعًا، وإنّا قَدِ اتَّبَعْناكَ، فادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَ أتْباعَنا مِنّا، قالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ أتْباعَهُمْ منهمْ"، قالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ أبِي لَيْلى، قالَ: قدْ زَعَمَ ذاكَ زَيْدٌ، قالَ شُعْبَةُ: أظُنُّهُ زَيْدَ بنَ أرْقَمَ. رواه البخاري: (٣٧٨٨).

 

18- عن مالك بن ربيعة أبو أسيد الساعدي -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "خَيْرُ دُورِ الأنْصارِ، بَنُو النَّجّارِ، ثُمَّ بَنُو عبدِ الأشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الحارِثِ بنِ خَزْرَجٍ، ثُمَّ بَنُو ساعِدَةَ، وفي كُلِّ دُورِ الأنْصارِ خَيْرٌ"، فقالَ سَعْدٌ: ما أرى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- إلّا قدْ فَضَّلَ عَلَيْنا؟ فقِيلَ: قدْ فَضَّلَكُمْ على كَثِيرٍ. أخرجه البخاري: (٣٧٨٩) ومسلم: (٢٥١١).

 

19- عن جابر بن عبدالله نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ فِينا: (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) [آل عمران: ١٢٢] بَنِي سَلِمَةَ، وبَنِي حارِثَةَ، وما أُحِبُّ أنَّها لَمْ تَنْزِلْ، واللَّهُ يقولُ: (واللَّهُ ولِيُّهُما). أخرجه البخاري: (٤٠٥١)، ومسلم: (٢٥٠٥).

 

20- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل". أبي بن كعب ومعاذ بن جبل من الخزرج.

 

21- قال أنس بن مالك: لَمّا كانَ يَومَ أُحُدٍ انْهَزَمَ النّاسُ عَنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وأَبُو طَلْحَةَ بيْنَ يَدَيِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مُجَوِّبٌ عليه بحَجَفَةٍ له، وكانَ أبو طَلْحَةَ رَجُلًا رامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، كَسَرَ يَومَئذٍ قَوْسَيْنِ أوْ ثَلاثًا، وكانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ معهُ بجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ، فيَقولُ: انْثُرْها لأبِي طَلْحَةَ قالَ: ويُشْرِفُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَنْظُرُ إلى القَوْمِ، فيَقولُ أبو طَلْحَةَ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، لا تُشْرِفْ، يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِن سِهامِ القَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ، ولقَدْ رَأَيْتُ عائِشَةَ بنْتَ أبِي بَكْرٍ وأُمَّ سُلَيْمٍ، وإنَّهُما لَمُشَمِّرَتانِ، أرى خَدَمَ سُوقِهِما تُنْقِزانِ القِرَبَ على مُتُونِهِما تُفْرِغانِهِ في أفْواهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعانِ فَتَمْلَآَنِها، ثُمَّ تَجِيئانِ فَتُفْرِغانِهِ في أفْواهِ القَوْمِ، ولقَدْ وقَعَ السَّيْفُ مِن يَدَيْ أبِي طَلْحَةَ إمّا مَرَّتَيْنِ وإمّا ثَلاثًا. أخرجه البخاري: (٤٠٦٤)، ومسلم: (١٨١١). أبو طلحة زيد بن سهل من الخزرج.

 

22- عن جابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما، قالَ: جِيءَ بأَبِي يَومَ أُحُدٍ قدْ مُثِّلَ به، حتّى وُضِعَ بيْنَ يَدَيْ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وقدْ سُجِّيَ ثَوْبًا، فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عنْه، فَنَهانِي قَوْمِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عنْه، فَنَهانِي قَوْمِي، فأمَرَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ صائِحَةٍ، فَقالَ: مَن هذِه؟ فَقالوا: ابْنَةُ عَمْرٍو - أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو - قالَ: فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ لا تَبْكِي، فَما زالَتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بأَجْنِحَتِها حتّى رُفِعَ. أخرجه البخاري (١٢٩٣) واللفظ له، ومسلم (٢٤٧١). عبد الله بن عمرو بن حرام من الخزرج.

 

23- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: أَنَسٌ خادِمُكَ، قالَ: "اللَّهُمَّ أكْثِرْ مالَهُ، ووَلَدَهُ، وبارِكْ له فِيما أعْطَيْتَهُ". أخرجه البخاري: (٦٣٨٠)، ومسلم: (٢٤٨٠).

 

24- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جَمَع القُرْآنَ على عَهْدِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأنْصارِ: أُبَيٌّ، ومُعاذُ بنُ جَبَلٍ، وأَبُو زَيْدٍ، وزَيْدُ بنُ ثابِتٍ. قُلتُ لأنَسٍ: مَن أبو زَيْدٍ؟ قالَ: أحَدُ عُمُومَتِي. أخرجه مسلم: (٢٤٦٥)، والترمذي: (٣٧٩٤). كلهم من الخزرج.

 

25- عن سعيد بن المسيب -رضي الله عنه- قال: مَرَّ عُمَرُ في المَسْجِدِ وحَسّانُ يُنْشِدُ فَقالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ، وفيهِ مَن هو خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ التَفَتَ إلى أبِي هُرَيْرَةَ، فَقالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، أسَمِعْتَ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: أجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أيِّدْهُ برُوحِ القُدُسِ؟ قالَ: نَعَمْ. أخرجه البخاري: (٣٢١٢)، ومسلم: (٢٤٨٥). حسان بن ثابت من الخزرج.

 

عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِحَسّانَ: "اهْجُهُمْ -أوْ هاجِهِمْ- وجِبْرِيلُ معكَ". أخرجه البخاري: (٣٢١٣)، ومسلم: (٢٤٨٦).

 

26- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بالمَدِينَةِ -غيرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ- إلّا على أزْواجِهِ، فقِيلَ له، فَقالَ: إنِّي أرْحَمُها؛ قُتِلَ أخُوها مَعِي. أخرجه البخاري: (٢٨٧٤) واللفظ له، ومسلم: (٢٤٥٥). أم سليم بنت ملحان من الخزرج.

 

27- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدْخُلُ على أُمِّ حَرامٍ بنْتِ مِلْحانَ، وكانَتْ تَحْتَ عُبادَةَ بنِ الصّامِتِ، فَدَخَلَ عليها يَوْمًا فأطْعَمَتْهُ، وجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنامَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وهو يَضْحَكُ، قالَتْ: فَقُلتُ: ما يُضْحِكُكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ناسٌ مِن أُمَّتي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزاةً في سَبيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هذا البَحْرِ، مُلُوكًا على الأسِرَّةِ -أوْ: مِثْلَ المُلُوكِ على الأسِرَّةِ، شَكَّ إسْحاقُ- قالَتْ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، فَدَعا لها رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ وضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وهو يَضْحَكُ، فَقُلتُ: ما يُضْحِكُكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ناسٌ مِن أُمَّتي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزاةً في سَبيلِ اللَّهِ، كما قالَ في الأُولى، قالَتْ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، قالَ: أنْتِ مِنَ الأوَّلِينَ. فَرَكِبَتِ البَحْرَ في زَمانِ مُعاوِيَةَ بنِ أبِي سُفْيانَ، فَصُرِعَتْ عن دابَّتِها حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ، فَهَلَكَتْ. أخرجه البخاري: (٧٠٠١، ٧٠٠٢)، ومسلم: (١٩١٢).

 

28- عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي -رضي الله عنه- قال: إنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قَسَمَ مُرُوطًا بيْنَ نِساءٍ مِن نِساءِ المَدِينَةِ، فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ، فَقالَ له بَعْضُ مَن عِنْدَهُ: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَعْطِ هذا ابْنَةَ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الَّتي عِنْدَكَ، يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بنْتَ عَلِيٍّ، فَقالَ عُمَرُ: أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ. وَأُمُّ سَلِيطٍ مِن نِساءِ الأنْصارِ، مِمَّنْ بايَعَ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ عُمَرُ: فإنَّها كانَتْ تَزْفِرُ لَنا القِرَبَ يَومَ أُحُدٍ. أخرجه البخاري: (٢٨٨١). أم سليط من الخزرج.

 

29- عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: ما سَمِعْتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ لأحَدٍ يَمْشِي على الأرْضِ: إنَّه مِن أهْلِ الجَنَّةِ، إلّا لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ سَلامٍ، قالَ: وفيهِ نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) [الأحقاف: ١٠] رواه البخاري: (٣٨١٢). عَبْدِ اللَّهِ بنِ سَلامٍ من الخزرج.

 

30- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ سَيْفًا يَومَ أُحُدٍ فَقالَ: "مَن يَأْخُذُ مِنِّي هذا؟" فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ، كُلُّ إنْسانٍ منهمْ يقولُ: أَنا، أَنا، قالَ: "فمَن يَأْخُذُهُ بحَقِّهِ؟" قالَ: فأحْجَمَ القَوْمُ. فَقالَ سِماكُ بنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجانَةَ: أَنا آخُذُهُ بحَقِّهِ. قالَ: فأخَذَهُ، فَفَلَقَ به هامَ المُشْرِكِينَ. رواه مسلم: (٢٤٧٠). أبو دجانة رضي الله عنه من الخزرج

 

31- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: اسْتَأْذَنَ حَسّانُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في هِجاءِ المُشْرِكِينَ قالَ: كيفَ بنَسَبِي فَقالَ حَسّانُ: لَأَسُلَّنَّكَ منهمْ كما تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ، وعَنْ أبِيهِ قالَ: ذَهَبْتُ أسُبُّ حَسّانَ عِنْدَ عائِشَةَ، فَقالَتْ: لا تَسُبَّهُ فإنَّه كانَ يُنافِحُ عَنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه البخاري: (٣٥٣١)، ومسلم: (٢٤٨٩). حسان بن ثابت من الخزرج.

 

32- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: إنْ كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لَيُخالِطُنا، حتّى يَقُولَ لأخٍ لي صَغِيرٍ: يا أبا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ. رواه البخاري: (٦١٢٩). مخالطة النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار.

 

33- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ عز وجل أيَّدنى بأشدِّ العربِ ألسنًا وأذرعًا؛ يا بني قَيْله: الأوسِ والخزرجِ". أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: (١١-٣٦٠) (١٢٠١٤)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (٣٠٦١).

 

 

الاثار

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: صَحِبْتُ جَرِيرَ بنَ عبدِ اللَّهِ، فَكانَ يَخْدُمُنِي -وهو أكْبَرُ مِن أنَسٍ- قالَ جَرِيرٌ: إنِّي رَأَيْتُ الأنْصارَ يَصْنَعُونَ شيئًا، لا أجِدُ أحَدًا منهمْ إلّا أكْرَمْتُهُ. أخرجه البخاري (٢٨٨٨)، ومسلم (٢٥١٣).

القصص

1- جاء في حادثة الهجرة النبوية أن اليهودي الذي كان يقف على أطم من آطام المدينة لما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه قادمين إلى المدينة نادى بأعلى صوته: "يا أبناء قيله هذا جدكم -أي حظكم- الذي تنتظرون". المحرر الوجيز: 5-379.

 

2- عامر بن الطفيل وأربد بن قيس وهو أخو لبيد بن ربيعة الشاعر لأمه وفدا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قومهما من بني عامر، فقال عامر لأربد: إذا أقدمنا على محمد فإني شاغل عنك وجهه فأعله أنت بالسيف حتى تقتله، قال أربد: أفعل، ثم أقبل عامر يمشي وكان رجلا جميلا حتى قام على رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد ما لي إن أسلمت؟ فقال: “لك ما للإسلام وعليك ما على الإسلام”، قال: ألا تجعلني الوالي من بعدك؟ قال: “ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن لك أعنة الخيل تغزوبها”، قال: أو ليست لي اليوم ولكن اجعل لي ولك المدد، قال: “ليس ذلك لك،”، فقال: قم يا محمد إلى ههنا، فقام إليه فوضع عامر يده بين منكبيه ثم أومأ إلى أربد أن اضرب فسل أربد سيفه قريبا من ذراع، ثم أمسك الله يده فلم يستطع أن يسله ولا يغمده، فالتفت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أربد فرآه على ما هو عليه فقال: “اللهم اكفنيهما بما شئت اللهم أهد بني عامر واغن الدين عن عامر” فانطلقا وعامر يقول: والله لأملأنها عليك خيلا دهما ووردا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يأبى الله ذلك وأبناء قيلة”  يعني الأنصار. ثم قال عامر لأربد: ويلك لم أمسكت عنه، فقال: والله ما هممت به مرة إلّا رأيتك ولا أرى غيرك أفأضربك بالسيف وسارا.

 

فأما عامر فطرح الله عليه الطاعون في عنقه فقتله في بيت امرأة من بني سلول فجعل يقول: أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني سلول، وركب فرسه فركضه حتى مات.

 

وأما أربد فقدم على قومه فقالوا: ما وراءك يا أربد، فقال: والله لقد دعانا محمد إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بنبلي هذا حتى أقتله، ثم خرج بعد مقالته بيوم أو يومين ومعه جمال له تتبعه، فأرسل الله عليه وعلى جماعته صاعقة أحرقتهم، وقيل: نزل في صاعقته قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً يعني خوفا من الصواعق وطمعا في المطر، وفيه يقول لبيد بن ربيعة وهو أخو أربد لأمه:

أخشى على أربد الحتوف ولا *** أرهب نوء السماك والأسد

أفجعني الرعد والصواعق بالفا *** رس يوم الكريهة النجد

أعلام النبوة؛ للماوردي: 100-102.

 

3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "لمّا أصابَ رسولُ اللهِ الغنائمَ يَومَ حُنَينٍ، وقسمَ للمُتألَّفينَ مِن قُرَيشٍ وسائرِ العربِ ما قسمَ، ولَم يكُن في الأنصارِ شيءٌ مِنها، قليلٌ ولا كثيرٌ، وجدَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ في أنفسِهِم حتّى قال قائلُهُم: لَقيَ – واللهِ – رسولُ اللهِ قَومَهُ. فمشى سعدُ بنُ عُبادةَ إلى رسولِ اللهِ فقالَ: يا رسولَ اللهِ إنَّ هذا الحَيَّ مِن الأنصارِ وَجدوا علَيكَ في أنفسِهِم؟ قالَ: فيمَ؟ قالَ: فيما كانَ مِن قَسمِكَ هذهِ الغنائمِ في قَومِكَ وفي سائرِ العربِ، ولَم يكُن فيهِم مِن ذلكَ شيءٌ. قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: فأينَ أنتَ مِن ذلكَ يا سعدُ؟ قالَ: ما أنا إلّا امرؤٌ مِن قَومي. فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: اجمَعْ لي قَومَكَ في هذهِ الحظيرةِ فإذا اجتمَعوا فأعلِمني، فخرجَ سعدُ فصرخَ فيهِم فجمعَهم في تلكَ الحظيرةِ... حتّى إذا لَم يبقْ مِن الأنصارِ أحدٌ إلّا اجتمعَ لهُ أتاهُ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ اجتمعَ لكَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ حَيثُ أمرتَني أن أجمعَهُم. فخرجَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقامَ فيهِم خطيبًا فحمِدَ اللهَ وأثنى علَيهِ بما هوَ أهلُهُ، ثمَّ قالَ: يا معشرَ الأنصارِ ألَم آتِكُم ضُلّالًا فهداكُم اللهُ، وعالةً فأغناكُم اللهُ، وأعداءً فألَّفَ اللهُ بينَ قلوبِكُم؟؟؟ قالوا: بلى ! قالَ رسولُ اللهِ: ألا تجيبونَ يا معشرَ الأنصارِ؟ قالوا: وما نقولُ يا رسولَ اللهِ وبماذا نُجيبُكَ؟ المَنُّ للهِ ورسولِهِ. قالَ: واللهِ لَو شِئتُم لقُلتُم فصدَقتُم وصُدِّقتُم: جئتَنا طريدًا فآوَيناكَ، وعائلًا فآسَيناكَ، وخائفًا فأمَّنّاكَ، ومَخذولًا فنصَرناكَ... فقالوا: المَّنُ للهِ ورسولِهِ. فقال: أوَجَدتُم في نُفوسِكُم يا مَعشرَ الأنصارِ في لُعاعَةٍ مِن الدُّنيا تألَّفتُ بِها قَومًا أسلَموا، ووَكَلتُكُم إلى ما قسمَ اللهُ لكُم مِن الإسلامِ!! أفَلا تَرضَونَ يا مَعشرَ الأنصارِ أن يذهبَ النّاسُ إلى رِحالِهِم بالشّاءِ والبَعيرِ وتذهَبونَ برسولِ اللهِ إلى رِحالِكُم؟. فَوالَّذي نَفسي بيدِهِ، لَو أنَّ النّاسَ سَلَكوا شِعبًا وسَلَكتِ الأنصارُ شِعبًا، لسَلَكتُ شِعبَ الأنصارِ، ولَولا الهجرةُ لكُنتُ امْرَأً مِن الأنصارِ. اللَّهمَّ ارحَمْ الأنصارَ، وأبناءَ الأنصارِ، وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ. فبكى القَومُ حتّى أخضَلوا لِحاهُم. وقالوا: رَضينا باللهِ رَبًّا، ورسولِهِ قسمًا، ثمَّ انصرفَ.. وتفرَقوا... صححه الألباني في فقه السيرة: (٣٩٥).

 

4- "الملك عمرو تبع الأخير بن حسان بن أسعد تبع، وهو آخر التبابعة، وقد كان غزا الأعاجم، وقتل على طريق المدينة، وفي نفسه على اليهود الذين بها حقد في حدث أحدثوه في غيبته في تلك الغزاة، فجمع منهم ثلاثمائة رجل فضرب أعناقهم في المدينة، فقدم إليه شيخ كبير قد أسن: أيها الملك أبيت اللعن، مثلك لا يفنى

رعيته على الغضب، فإنَّ هذه المدينة لمهاجر نبي في آخر الزمان من ولد إسماعيل عليه السلام، فكف عنهم. وكان الشيخ أحد حبرين من أحبارهم، فأعجب تبع بهما، وأتبع بهما دينهما،

وراج بهما إلى اليمن معه، بعد أن كرهوا الانتقال عن دينهم وكانوا صابئين، فحاكمهم الحبران إلى النار بضروان، فدخلاها وقد تقلدا التوراة، ودخل معهما أربعون من حمير، فاحترق الحميرون وسلم الحبران، وتهودت حمير جميعاً. وقد روى أنَّ هذه القصة مع جده أبي كرب وهو الأصح، وان قصة تبع هذا بيثرب، إنَّ رجلان من عسكره لمّا صار هناك دخل حديقة لبعض اليهود فاسترقى نخلة منها مكان اليهودي غائباً، فدخل فوجد الحميري في رأس النخلة، فرماه بحجر فوقعت على قلبه، وقال: إنّما النخل لمن أبره، يعني لمن ألقحه، فوقع الحميري ميتاً، فحمل عسكر السلاح، فهربت اليهود إلى دار الأطام وهي الحصن من الطين؛ فقامت ‌الأوس ‌والخزرج دونهم، لأنهم جيرانهم وحلفائهم، فلما أمسوا ملأوا أتراسهم تمراً وأدلوا إلى العسكر، وقالوا إنكم أضياف فكلوا، فبلغ ذلك الملك تبع فأعجبهم فعله، وقال ما أعجب أمرنا وأمر عشائرنا، يعني ‌الأوس ‌والخزرج منعوا جيرانهم وحلفاءهم منا، ولا طاقة لهم بنا، وأرسلوا بالقرى للعسكر الذين يقاتلونهم، لا أعتراض لجيرانهم، فلما علمت ‌الأوس ‌والخزرج أنَّ الملك قد كف عنهم العسكر، خرج إليه سيدهم كلفة بن عوف بن مالك لن الأوس ومالك بن العجلان بن يزيد بن سالم بن الغوث بن الخزرج، فسلما عليه فاكرمهما وحياهما ووهب الدرع الرابعة لكلف بن عوف، وهي التي صارت إلى أحيحة بن الجلاح بن الجريش بن حجيرة بن كلفة بن عوف، فوهبها لقيس بن زهير بن جذيمة العبسي. وهي التي أخذها منه الربيع بن زياد. وعفا تبع هذا عن اليهود. وكان آخر من غزا بلاد الأعاجم من ملوك حمير". ملوك حمير وأقيال اليمن وشرحها المسمى خلاصة السيرة الجامعة لعجائب الملوك التبابعة؛ لنشوان الحميري: 145.

 

5- قال ابن هشام: "وأما قوله: «حرب حاطب». فيعني حاطب بن الحارث ابن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو ابن عوف بن مالك بن الأوس، كان قتل يهوديا جارا للخزرج، فخرج إليه يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج- وهو الذي يقال له: ابن فسحم، وفسحم أمه، وهي امرأة من القين بن جسر- ليلا في نفر من بني الحارث بن الخزرج فقتلوه، فوقعت الحرب بين ‌الأوس ‌والخزرج فاقتتلوا قتالا شديدا، فكان الظفر للخزرج على الأوس، وقتل يومئذ سويد بن صامت بن خالد بن عطية بن حوط ابن حبيب بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، قتله المجذر بن ذياد البلوي، واسمه عبد الله، حليف بني عوف بن الخزرج. فلما كان يوم أحد خرج المجذر بن ذياد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج معه الحارث بن سويد ابن صامت، فوجد الحارث بن سويد غرة من المجذر فقتله بأبيه. وسأذكر حديثه في موضعه إن شاء الله تعالى. ثم كانت بينهم حروب منعني من ذكرها واستقصاء هذا الحديث ما ذكرت في (حديث) حرب داحس". سيرة ابن هشام: 1/187-188.

 

6- "ولم يزل الأنصار على حال اتفاق واجتماع، وكان أول اختلاف وقع بينهم وحرب كانت لهم ‌حرب ‌سمير.

 

وكان سببها أن رجلا من بني ثعلبة من سعد بن ذبيان يقال له كعب بن العجلان نزل على مالك بن العجلان السالمي فحالفه وأقام معه. فخرج كعب يوما إلى سوق بني قينقاع فرأى رجلا من غطفان معه فرس وهو يقول: ليأخذ هذا الفرس أعز أهل يثرب. فقال رجل: فلان. وقال رجل آخر: أحيحة بن الجلاح الأوسي. وقال غيرهما: فلان بن فلان اليهودي أفضل أهلها. فدفع الغطفاني الفرس إلى مالك بن العجلان. فقال كعب: ألم أقل لكم إن حليفي مالكا أفضلكم؟ فغضب من ذلك رجل من الأوس من بني عمرو بن عوف يقال له سمير وشتمه وافترقا، وبقي كعب ما شاء الله.

 

ثم قصد سوقا لهم بقبا فقصده سمير ولازمه حتى خلا السوق فقتله. وأخبر مالك بن العجلان بقتله، فأرسل إلى بني عمرو بن عوف يطلب قاتله، فأرسلوا: إنا لا ندري من قتله. وترددت الرسل بينهم، هو يطلب سميرا وهم ينكرون قتله، ثم عرضوا عليه الدية فقبلها. وكانت دية الحليف فيهم نصف دية النسيب منهم. فأبى مالك إلا أخذ دية كاملة، وامتنعوا من ذلك وقالوا: نعطي دية الحليف، وهي النصف. ولج الأمر بينهم حتى آل إلى المحاربة، فاجتمعوا والتقوا واقتتلوا قتالا شديدا وافترقوا. ودخل فيها سائر بطون الأنصار، ثم التقوا مرة أخرى واقتتلوا حتى حجز بينهم الليل، وكان الظفر يومئذ للأوس.

 

فلما افترقوا أرسلت الأوس إلى مالك يدعونه إلى أن يحكم بينهم المنذر بن حرام النجاري الخزرجي جد حسان بن ثابت بن المنذر. فأجابهم إلى ذلك، فأتوا المنذر، فحكم بينهم المنذر بأن يدوا كعبا حليف مالك دية الصريح ثم يعودوا إلى سنتهم القديمة، فرضوا بذلك وحملوا الدية وافترقوا، وقد شبت البغضاء في نفوسهم وتمكنت العداوة بينهم". الكامل في التاريخ؛ لابن الأثير: 1/586-587.

 

7- "وكان ‌يوم ‌بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه يومئذ للأوس على الخزرج، وكان على الأوس يومئذ حضير بن سماك الأشهلي، أبو أسيد بن حضير، وعلى الخزرج عمرو بن النعمان البياضي، فقتلا جميعا.

قال ابن هشام: قال أبو قيس بن الأسلت:

على أن قد فجعت بذي حفاظ *** فعاودني له حزن رصين

فإما تقتلوه فإن عمرا *** أعض برأسه عضب سنين

سيرة ابن هشام: 1/555-556.

 

8- حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قَالَ: "كان تبع الآخر وهو تبان أسعد أبو كرب حين أقبل من المشرق، جعل طريقه على المدينة، وقد كان حين مر بها في بدءته لم يهج أهلها، وخلف بين أظهرهم ابنا له، فقتل غيلة، فقدمها وهو مجمع لإخرابها، واستئصال أهلها وقطع نخلها، فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا بذلك من أمره ليمتنعوا منه، ورئيسهم يومئذ عمرو بن الطلة، أحد بني النجار، ثم أحد بني عمرو بن مبذول، فخرجوا لقتاله وكان تبع حين نزل بهم، قد قتل رجل منهم- من بني عدي بن النجار يقال له أحمر- رجلا من أصحاب تبع، وجده في عذق له يجده، فضربه بمنجله فقتله، وقال: إنما الثمر لمن أبره، ثم ‌ألقاه ‌حين ‌قتله في بئر من آبارهم معروفة يقال لها: ذات تومان فزاد ذلك تبعا عليهم حنقا.

 

فبينا تبع على ذلك من حربه وحربهم يقاتلهم ويقاتلونه- قَالَ: فتزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار، ويقرونه بالليل فيعجبه ذلك منهم، ويقول: والله إن قومنا هؤلاء لكرام- إذ جاءه حبران من أحبار يهود من بني قريظة، عالمان راسخان حين سمعا منه ما يريد من إهلاك المدينة وأهلها، فقالا له: أيها الملك لا تفعل، فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها، ولم نأمن عليك عاجل العقوبة، فقال لهما: ولم ذاك؟ فقالا: هي مهاجر نبى يخرج من هذا الحي من قريش في آخر الزمان، تكون داره وقراره.

 

فتناهى عند ذلك من قولهما عما كان يريد بالمدينة، ورأى أن لهما علما، وأعجبه ما سمع منهما فانصرف عن المدينة". تاريخ الطبري: 2-105.

 

الاشعار

1- قال الشاعر:

لئن عرف التاريخ أوسا وخزرجا *** فلله اوس قادمون وخزرج

وإن كنوز الغيب تخفي طلائعا *** صابرة رغم المكائد تخرج

 

2- قال النعمان بن بشير الأنصاري يمدح ‌الأوس ‌والخزرج:

بهاليل من أولاد قيلة لم يجد *** عليهم خليط في مخالطة عتبا

مساميح أبطال يراحون للندى *** يرون عليهم فعل آبائهم نحبا

متفرقات

1- قال ابن كثير عند قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [الأنفال:72]: "ذكر تعالى أصناف المؤمنين، وقسمهم إلى مهاجرين، خرجوا من ديارهم وأموالهم، وجاؤوا لنصر الله ورسوله، وإقامة دينه، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك. وإلى أنصار، وهم: المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك، آووا إخوانهم المهاجرين في منازلهم، وواسوهم في أموالهم، ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم، فهؤلاء بعضهم أولى ببعض؛ أي: كل منهم أحق بالآخر من كل أحد؛ ولهذا آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار، كل اثنين أخوان، فكانوا يتوارثون بذلك إرثا مقدما على القرابة، حتى نسخ الله تعالى ذلك بالمواريث‏". تفسير ابن كثير.

 

2- قال الطبري عند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال:74]. قال: "يقول تعالى ذكره: (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا)، آوَوْا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين معه ونصروهم، ونصروا دين الله، أولئك هم أهل الإيمان بالله ورسوله حقًّا، لا من آمن ولم يهاجر دارَ الشرك، وأقام بين أظهر أهل الشرك، ولم يغزُ مع المسلمين عدوهم (لهم مغفرة) ، يقول: لهم ستر من الله على ذنوبهم، بعفوه لهم عنها (ورزق كريم) ، يقول: لهم في الجنة مطعم ومشرب هنيٌّ كريم، لا يتغير في أجوافهم فيصير نجْوًا، ولكنه يصير رشحًا كرشح المسك". تفسير الطبري

 

3- قال الرازي عند قوله تعالى: (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) الآية[التوبة:117] قال: "وفي الآية مسائل:

المسألة الأولى: دلت الأخبار على أن هذا السفر كان شاقا شديدا على الرسول - عليه الصلاة والسلام - وعلى المؤمنين، على ما سيجيء شرحها، وهذا يوجب الثناء، فكيف يليق بها قوله: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين)؟.

 

والجواب من وجوه:

الأول: أنه صدر عن النبي - عليه الصلاة والسلام - شيء من باب ترك الأفضل، وهو المشار إليه بقوله تعالى: (عفا الله عنك لم أذنت لهم) (التوبة: ٤٣) وأيضا لما اشتد الزمان في هذه الغزوة على المؤمنين على ما سيجيء شرحها، فربما وقع في قلبهم نوع نفرة عن تلك السفرة، وربما وقع في خاطر بعضهم أنا لسنا نقدر على الفرار. ولست أقول عزموا عليه، بل أقول وساوس كانت تقع في قلوبهم، فالله تعالى بين في آخر هذه السورة أنه بفضله عفا عنها. فقال: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه).

 

والوجه الثاني في الجواب: أن الإنسان طول عمره لا ينفك عن زلات وهفوات، إما من باب الصغائر، وإما من باب ترك الأفضل. ثم إن النبي - عليه السلام - وسائر المؤمنين لما تحملوا مشاق هذا السفر ومتاعبه، وصبروا على تلك الشدائد والمحن، أخبر الله تعالى أن تحمل تلك الشدائد صار مكفرا لجميع الزلات التي صدرت عنهم في طول العمر، وصار قائما مقام التوبة المقرونة بالإخلاص عن كلها. فلهذا السبب قال تعالى: (لقد تاب الله على النبي) الآية.

 

والوجه الثالث في الجواب: أن الزمان لما اشتد عليهم في ذلك السفر، وكانت الوساوس تقع في قلوبهم، فكلما وقعت وسوسة في قلب واحد منهم تاب إلى الله منها، وتضرع إلى الله في إزالتها عن قلبه، فلكثرة إقدامهم على التوبة بسبب خطرات تلك الوساوس ببالهم، قال تعالى: (لقد تاب الله على النبي) الآية.

 

والوجه الرابع: لا يبعد أن يكون قد صدر عن أولئك الأقوام أنواع من المعاصي، إلا أنه تعالى تاب عليهم وعفا عنهم لأجل أنهم تحملوا مشاق ذلك السفر، ثم إنه تعالى ضم ذكر الرسول - عليه الصلاة والسلام - إلى ذكرهم تنبيها على عظم مراتبهم في الدين، وأنهم قد بلغوا إلى الدرجة التي لأجلها، ضم الرسول - عليه الصلاة والسلام - إليهم في قبول التوبة". تفسير الرازي

 

4- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) [التوبة:100] قال: "السابقون هم الذين سبقوا هذه الأمة وبدروها إلى الإيمان والهجرة، والجهاد، وإقامة دين اللّه‏.‏ (مِنَ الْمُهَاجِرِينَ) (الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصادقون‏)‏ ومن (الْأَنْصَارِ‏)‏ ‏(‏الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة‏)‏". تفسير السعدي

 

5- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا) [الحشر:9] قال: "وبين أنصار وهم الأوس والخزرج الذين آمنوا بالله ورسوله طوعا ومحبة واختيارا، وآووا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومنعوه من الأحمر والأسود، وتبوأوا دار الهجرة والإيمان حتى صارت موئلا ومرجعا يرجع إليه المؤمنون، ويلجأ إليه المهاجرون، ويسكن بحماه المسلمون إذ كانت البلدان كلها بلدان حرب وشرك وشر، فلم يزل أنصار الدين تأوي إلى الأنصار، حتى انتشر الإسلام وقوي، وجعل يزيد شيئا شيئا فشيئا، وينمو قليلا قليلا، حتى فتحوا القلوب بالعلم والإيمان والقرآن، والبلدان بالسيف والسنان.

 

الذين من جملة أوصافهم الجميلة أنهم (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ) وهذا لمحبتهم لله ولرسوله، أحبوا أحبابه، وأحبوا من نصر دينه.

 

(وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا) أي: لا يحسدون المهاجرين على ما آتاهم الله من فضله وخصهم به من الفضائل والمناقب التي هم أهلها، وهذا يدل على سلامة صدورهم، وانتفاء الغل والحقد والحسد عنها.

 

ويدل ذلك على أن المهاجرين، أفضل من الأنصار، لأن الله قدمهم بالذكر، وأخبر أن الأنصار لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، فدل على أن الله تعالى آتاهم ما لم يؤت الأنصار ولا غيرهم، ولأنهم جمعوا بين النصرة والهجرة.

 

وقوله: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) أي: ومن أوصاف الأنصار التي فاقوا بها غيرهم، وتميزوا بها على من سواهم، الإيثار، وهو أكمل أنواع الجود، وهو الإيثار بمحاب النفس من الأموال وغيرها، وبذلها للغير مع الحاجة إليها، بل مع الضرورة والخصاصة، وهذا لا يكون إلا من خلق زكي، ومحبة لله تعالى مقدمة على محبة شهوات النفس ولذاتها، ومن ذلك قصة الأنصاري الذي نزلت الآية بسببه، حين آثر ضيفه بطعامه وطعام أهله وأولاده وباتوا جياعا، والإيثار عكس الأثرة، فالإيثار محمود، والأثرة مذمومة، لأنها من خصال البخل والشح، ومن رزق الإيثار فقد وقي شح نفسه (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ووقاية شح النفس، يشمل وقايتها الشح، في جميع ما أمر به، فإنه إذا وقي العبد شح نفسه، سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله، ففعلها طائعا منقادا، منشرحا بها صدره، وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه، وإن كان محبوبا للنفس، تدعو إليه، وتطلع إليه، وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وبذلك يحصل الفلاح والفوز، بخلاف من لم يوق شح نفسه، بل ابتلي بالشح بالخير، الذي هو أصل الشر ومادته، فهذان  الصنفان، الفاضلان الزكيان هم الصحابة الكرام والأئمة الأعلام، الذين حازوا من السوابق والفضائل والمناقب ما سبقوا به من بعدهم، وأدركوا به من قبلهم، فصاروا أعيان المؤمنين، وسادات المسلمين، وقادات المتقين". تفسير السعدي.

 

 

 

 

الإحالات

1- أخبار ‌الأوس ‌والخزرج؛ للزبير بن بكار.

 

‌2- الأوس ‌والخزرج؛ لأبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي.

 

3- حرب ‌الأوس ‌والخزرج؛ لمحمد بن عمر الواقدي.

 

4- نسب الأنصار نسب ‌الأوس ‌والخزرج؛ لعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري، المعروف بابن القداح.

 

5- أخبار قبائل ‌الخزرج، للحافظ النسّابة عبد المؤمن الدمياطي.