الرحمن الرحيم
2025-09-18 - 1447/03/26
التعريف
قال ابن الأثير -رحمه اللّه تعالى-: في أسماء اللّه تعالى “الرّحمن الرّحيم” وهما اسمان مشتقّان من الرّحمة، مثل ندمان ونديم. وهما من أبنية المبالغة ورحمن أبلغ من رحيم. والرّحمن خاصّ باللّه لا يسمّى به غيره، ولا يوصف. والرّحيم يوصف به غير اللّه تعالى، فيقال: رجل رحيم، ولا يقال رحمن. والرّحمة من صفات الذّات للّه تعالى والرّحمن وصف، وصف اللّه تعالى به نفسه وهو متضمّن لمعنى الرّحمة (النهاية لابن الأثير (2-210).
وقال الخطّابيّ: ذهب الجمهور إلى أنّ “الرّحمن” مأخوذ من الرّحمة. ومعناه ذو الرّحمة لا نظير له فيها. ثمّ قال: “فالرّحمن ذو الرّحمة الشّاملة للخلق، والرّحيم خاصّ بالمؤمنين” (بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي (3/ 35، 54).
وقال الغزاليّ: الرّحمن الرّحيم اسمان مشتقّان من الرّحمة. والرّحمة تستدعي مرحوما، ولا مرحوم إلّا وهو محتاج. والّذي ينقضي بسببه حاجة المحتاج من غير قصد وإرادة وعناية بالمحتاج لا يسمّى رحيما، والّذي يريد قضاء حاجة المحتاج ولا يقضيها، فإن كان قادرا على قضائها لم يسمّ رحيما، إذ لو تمّت الإرادة لوفّى بها، وإن كان عاجزا فقد يسمّى رحيما باعتبار ما اعتوره من الرّقّة، ولكنّه ناقص. وإنّما الرّحمة التّامّة إفاضة الخير على المحتاجين وإرادته لهم عناية بهم، والرّحمة العامّة هي الّتي تتناول المستحقّ وغير المستحقّ، ورحمة اللّه، عزّ وجلّ، تامّة وعامّة، أمّا تمامها: فمن حيث أنّه أراد قضاء حاجات المحتاجين وقضاها. وأمّا عمومها: فمن حيث شمولها المستحقّ وغير المستحقّ، وعمّ الدّنيا والآخرة، وتناول الضّرورات والحاجات والمزايا الخارجة عنهما. فهو الرّحيم المطلق حقّا.
وقال -رحمه اللّه تعالى-: “والرّحمة لا تخلو عن رقّة مؤلمة تعتري الرّحيم، فتحرّكه إلى قضاء حاجة المرحوم. والرّبّ -سبحانه وتعالى-، منزّه عنها؛ فلعلّك تظنّ أنّ ذلك نقصان في معنى الرّحمة، فاعلم أنّ ذلك كمال وليس بنقصان في معنى الرّحمة.
أمّا أنّه ليس بنقصان فمن حيث إنّ كمال الرّحمة بكمال ثمرتها. ومهما قضيت حاجة المحتاج بكمالها لم يكن للمرحوم حظّ في تألّم الرّاحم وتفجّعه، وإنّما تألّم الرّاحم لضعف نفسه ونقصانها. ولا يزيد ضعفها في غرض المحتاج شيئا، بعد أن قضيت حاجته.
وأمّا أنّه كمال في معنى الرّحمة، فهو أنّ الرّحيم عن رقّة وتألّم يكاد يقصد بفعله دفع ألم الرّقّة عن نفسه، فيكون قد نظر لنفسه وسعى في غرض نفسه، وذلك ينقص عن كمال معنى الرّحمة. بل كمال الرّحمة أن يكون نظره إلى المرحوم لأجل المرحوم، لا لأجل الاستراحة من ألم الرّقّة.
أمّا الرّحمن فهو أخصّ من الرّحيم، ولذلك لا يسمّى به غير اللّه، عزّ وجلّ. والرّحيم قد يطلق على غيره، ولذلك جمع اللّه -عزّ وجلّ- بينهما، فقال: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء: 110]. فيلزم من هذا الوجه أن يفرّق بين معنى الاسمين فمن ثمّ يكون المفهوم من الرّحمن نوعا من الرّحمة هي أبعد من مقدورات العباد، وهي ما يتعلّق بالسّعادة الأخرويّة؛ فالرّحمن هو العطوف على العباد، بالإيجاد أوّلا، وبالهداية إلى الإيمان وأسباب السّعادة ثانيا، وبالإسعاد في الآخرة ثالثا، والإنعام بالنّظر إلى وجهه الكريم رابعا.
وقال ابن القيّم -رحمه اللّه تعالى-: “الرّحمة سبب واصل بين اللّه- عزّ وجلّ- وبين عباده، بها أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وبها هداهم، وبها يسكنهم دار ثوابه، وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم، فبينهم وبينه سبب العبوديّة، وبينه وبينهم سبب الرّحمة” (التفسير القيم ص 35).
العناصر
1- أهمية معرفة أسماء الله الحسنى
2- معنى الرحمن
3- معنى الرحيم
4- الفرق بين الاسمين
5- آثار الإيمان بالاسمين.
الايات
1- قال الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ) [الرحمن:1-2]
2- قال تعالى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ) [الإسراء:110]
3- قال تعالى: (وَإِذَا ذُكِرَ الرَّحْمَنُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) [الزمر:45]
4- قال تعالى: (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) [الفرقان:59]
5- قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا) [طه:108]
6- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) [مريم:96]
7- قال تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا) [مريم:88]
8- قال تعالى: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) [مريم:85]
9- قال تعالى: (جَنَّتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ) [مريم:61]
10- قال تعالى: (الَّذِينَ هُمْ مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ *** إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُو۟لَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْـًٔا) [مريم:57-60]
11- قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) [النساء:96]
12- قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) [البقرة:143]
13- قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [المائدة:74]
14- قال تعالى: (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [التوبة:118]
15- قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء:29]
16- قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الشعراء:9]
17- قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) [النحل:7]
18- قال تعالى: (وَإِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحج:65]
19- قال تعالى: (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس:107].
الاحاديث
1- عن أسامة بن زيد- رضي اللّه عنهما- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن بن عليّ على فخذه الآخر، ثمّ يضمّهما، ثمّ يقول: “اللّهمّ ارحمهما فإنّي أرحمهما” رواه البخاري: (6003).
2- عن عوف بن مالك الأشجعيّ -رضي اللّه عنه- قال: صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: “اللّهمّ اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسّع مدخله، واغسله بالماء والثّلج والبرد، ونقّه من الخطايا كما نقّيت الثّوب الأبيض من الدّنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر (أو من عذاب النّار)». قال: حتّى تمنّيت أن أكون أنا ذلك الميّت. رواه مسلم: (963).
3- عن عمر بن الخطّاب -رضي اللّه عنه- قال: قدم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سبي فإذا امرأة من السّبي تحلب ثديها تسقي إذا وجدت صبيّا في السّبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “أترون هذه طارحة ولدها في النّار؟». قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: “للّه أرحم بعباده من هذه بولدها”(رواه البخاري: (5999) واللفظ له، ومسلم (2754).
4- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “اللّهمّ إنّي أتّخذ عندك عهدا لن تخلفنيه. فإنّما أنا بشر. فأيّ المؤمنين آذيته، شتمته، لعنته، جلدته، فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة”(رواه البخاري: (6361)، ومسلم (2601) واللفظ له).
5- عن مالك بن الحويرث -رضي اللّه عنه- قال: أتينا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظنّ أنّا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمّن تركنا في أهلنا فأخبرناه، وكان رقيقا رحيما، فقال: “ارجعوا إلى أهليكم فعلّموهم، ومروهم، وصلّوا كما رأيتموني أصلّي، وإذا حضرت الصّلاة فليؤذّن لكم أحدكم، ثمّ ليؤمّكم أكبركم”(رواه البخاري: (6008) واللفظ له، ومسلم (674).
6- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إذا عطس أحدكم فليقل الحمد للّه، وليقل له أخوه- أو صاحبه- يرحمك اللّه، فإذا قال يرحمك اللّه، فليقل يهديكم اللّه ويصلح بالكم”(رواه البخاري: (6224)، ومسلم (2992) مثله من حديث أبي موسى).
7- عن أبي موسى الأشعريّ -رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسمّي لنا نفسه أسماء. فقال: “أنا محمّد، وأحمد، والمقفّي، والحاشر، ونبيّ التّوبة، ونبيّ الرّحمة”( مسلم (2355). والمقفّي. المتّبع للأنبياء. والحاشر: أي الذي يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره).
8- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “لمّا خلق اللّه الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إنّ رحمتي تغلب غضبي”(رواه البخاري: (7404)، ومسلم (2751) واللفظ له).
9- عن سلمان الفارسيّ -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّ اللّه خلق يوم خلق السّماوات والأرض مائة رحمة، كلّ رحمة طباق ما بين السّماء والأرض. فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطّير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرّحمة”(مسلم (2753).
10- عن أبيّ بن كعب -رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: “قام موسى عليه السّلام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أيّ النّاس أعلم؟. فقال: أنا أعلم. قال فعتب اللّه عليه إذ لم يردّ العلم إليه ... الحديث. وفي آخره قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “يرحم اللّه موسى، لوددت أنّه كان صبر حتّى يقصّ علينا من أخبارهما”(رواه البخاري: (3401)، ومسلم (2380) واللفظ له).
11- عن أبي موسى الأشعري -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّ هذه الأمّة مرحومة جعل اللّه عذابها بينها فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كلّ امرئ منهم رجل من أهل الأديان، فقال: هذا يكون فداءك من النّار”(الحاكم 4 (444)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وأحمد (4-408) واللفظ له عن أبي بردة عن أبيه. وشعب الإيمان للبيهقي (2-274) وقال مخرجه في الطبراني الصغير (1-10) حديث (5)، وقال الألباني في الصحيحة (2-685): الحديث صحيح).
12- عن النّعمان بن بشير- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسّهر والحمّى”(رواه البخاري: (6011) واللفظ له، ومسلم (2586).
13- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “تحاجّت الجنّة والنّار، فقالت النّار: أوثرت بالمتكبّرين والمتجبّرين. وقالت الجنّة: ما لي لا يدخلني إلّا ضعفاء النّاس وسقطهم؟ قال اللّه تبارك وتعالى للجنّة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي. وقال للنّار: إنّما أنت عذاب أعذّب بك من أشاء من عبادي. ولكلّ واحدة منهما ملؤها. فأمّا النّار فلا تمتلأ حتّى يضع رجله فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلأ ويزوى بعضها إلى بعض. ولا يظلم اللّه- عزّ وجلّ- من خلقه أحدا. وأمّا الجنّة فإنّ اللّه عزّ وجلّ ينشأ لها خلقا”(رواه البخاري: (4850) واللفظ له، ومسلم (2846).
14- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: “جعل اللّه الرّحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين. وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق. حتّى ترفع الدّابّة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه”(رواه البخاري: (6000)، ومسلم (2752) واللفظ له).
15- عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: جاء أعرابيّ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: تقبّلون الصّبيان فما نقبّلهم، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “أو أملك لك أن نزع اللّه من قلبك الرّحمة”(رواه البخاري: (5998) واللفظ له، ومسلم (2317).
16- عن أبي سعيد الخدريّ -رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر رجلا فيمن كان سلف- أو قبلكم- آتاه اللّه مالا وولدا، يعني أعطاه. قال: فلمّا حضر . قال لبنيه: أيّ أب كنت لكم؟. قالوا: خير أب. قال: فإنّه لم يبتئر عند اللّه خيرا». فسّرها قتادة: لم يدّخر. “وإن يقدم على اللّه يعذّبه. فانظروا، فإذا متّ فأحرقوني، حتّى إذا صرت فحما فاسحقوني. أو قال فاسهكوني - ثمّ إذا كان ريح عاصف فأذروني فيها، فأخذ مواثيقهم على ذلك وربّي. ففعلوا. فقال اللّه: كن، فإذا رجل قائم، ثمّ قال: أي عبدي، ما حملك على ما فعلت؟ قال: مخافتك. أو فرق منك ، فما تلافاه أن رحمه اللّه”(رواه البخاري: (6481) واللفظ له، ومسلم (2757).
17- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “رحم اللّه رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى”(رواه البخاري: (2076).
18- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “رحم اللّه رجلا قام من اللّيل فصلّى، ثمّ أيقظ امرأته فصلّت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم اللّه امرأة قامت من اللّيل فصلّت، ثمّ أيقظت زوجها فصلّى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء”(أبو داود (1308)، وقال الألباني في صحيح النسائي (1519): حسن صحيح واللفظ له، وابن ماجة (1336).
19- عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “رحم اللّه المحلّقين». قالوا: والمقصّرين يا رسول اللّه. قال: “رحم اللّه المحلّقين». قالوا: والمقصّرين يا رسول اللّه. قال: “رحم اللّه المحلّقين». قالوا: والمقصّرين يا رسول اللّه. قال: “والمقصّرين”(رواه البخاري: (1727)، ومسلم (1301) واللفظ له).
20- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “الرّاحمون يرحمهم الرّحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السّماء”(أبو داود (4941) واللفظ له، والترمذي (1924) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال مخرج جامع الأصول (5-515): الحديث صحيح بشواهده).
21- عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “سدّدوا وقاربوا وأبشروا، فإنّه لا يدخل أحدا الجنّة عمله»، قالوا: ولا أنت يا رسول اللّه؟ قال: “ولا أنا، إلّا أن يتغمّدني اللّه بمغفرة ورحمة”(رواه البخاري: (6467) واللفظ له. ومسلم (2816).
22- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به”(صحيح مسلم (5998).
23- عن عائشة رضي الله عنها قالت: “أعتم النَّبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، حتَّى ذهب عامَّة اللَّيل، وحتَّى نام أهل المسجد، ثُمَّ خرج فصلَّى، فقال: إنَّه لوقتها، لولا أن أشقَّ على أمَّتي”(رواه مسلم: (638).
24- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا صلى أحدكم للنَّاس فليخفِّف، فإنَّ في النَّاس الضَّعيف والسَّقيم وذا الحاجة”(رواه البخاري: 703، ومسلم: 467).
25- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا، فإنّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنّ أعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا”(أخرجه البخاري: ٥١٨٥ واللفظ له، ومسلم: ٤٧).
26- عن أسامة بن زيد رضي اللّه عنهما قال: أَرسلت ابنة النَّبي صلى الله عليه وسلم إليه: إنَّ ابنًا لي قبض، فأتنا. فأرسل يقرأ السَّلام ويقول: “إنَّ للَّه ما أخذ، وله ما أعطى، وكلٌّ عنده بأجل مسمَّى. فلتصبر ولتحتسب”. فأرسلت إليه تُقسم عليه ليأتينَّها. فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبيُّ ابن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال، فرُفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّبيُّ ونفسه تتقعقع، قال حسبته أنَّه قال: كأنَّها شنٌّ، ففاضت عيناه. فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ فقال: “هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنَّما يرحم الله من عباده الرَّحماء”(رواه البخاري: 1284، ومسلم: 923).
27- عن المعرور بن سويد رحمه الله تعالى قال: لقيت أبا ذرٍّ بالرَّبذة وعليه حلَّة ، وعلى غلامه حلَّة، فسألته عن ذلك فقال: إنِّي ساببت رجلًا فعيَّرته بأمِّه، فقال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم: “يا أبا ذر أعيَّرته بأمِّه؟ إنَّك امرؤ فيك جاهليَّة، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممَّا يأكل، وليلبسه ممَّا يلبس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلَّفتموهم فأعينوهم”(رواه البخاري: 30، ومسلم: 1661).
28- عن عائشة رضي اللّه عنها زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت للنَّبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ قال: “لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت. وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلَّا وأنا بقرن الثَّعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثمَّ قال: يا محمَّد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا”(رواه البخاري: 3231).
29- عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أحدث به أحدًا من النَّاس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفًا أو حائش نخل، قال: فدخل حائطًا لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النَّبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه، فسكت، فقال: “من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟” فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله. فقال: “أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكك الله إياها؟ فإنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه”(روى مسلم: 342 أوله، وأبو داود: 2549 واللفظ له).
30- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته فرأينا حُمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمرةُ فجعلت تفرِش، فجاء النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: “من فجع هذه بولدها؟ ردُّوا ولدها إليها، ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال: من حرَّق هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنَّه لا ينبغي أن يعذِّب بالنَّار إلَّا ربُّ النَّار”(رواه أبو داود: 2675، وصححه الألباني).
31- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم: كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرًا؟ قال: “إن شئتم”. فجعلوا له منبرًا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النَّبي صلى الله عليه وسلم فضمَّه إليه، تئنُّ أنين الصبي الذي يسكن، قال: “كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها”(رواه البخاري: 3584).
32- عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة، التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنَّ الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار"(رواه مسلم: 2630).
الاثار
1- قال ابن عباس -رضي الله عنهما- عن (الرحمن) و (الرحيم): “هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر”. تفسير ابن كثير سورة الفاتحة.
2- عن ابن عباس قال: أول ما نزل جبريل على محمد- صلى الله عليه وسلم- قال له جبريل قل يا محمد بسم الله. يقول: اقرأ بذكر ربك وقم واقعد بذكره بسم الله الرحمن، قال يقول: الرحمن: الفعلان من الرحمة، وهو من كلام العرب. تفسير ابن أبي حاتم الرازي: (١-٢٥).
3- قال الضحاك رحمه الله: قوله: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الرحمن بجميع خلقه، والرحيم بالمؤمنين خاصة. تفسير الدرر المنثور سورة الفاتحة.
4- قال الحسن رحمه الله: “الرحمن اسم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه، تَسَمَّى به تبارك وتعالى”. تفسير ابن كثير سورة الفاتحة.
5- قال أبو بكر محمد بن عمر الوراق: “الرحمن: بالنعماء وهي ما أعطي وحبا، والرحيم بالآلاء وهي ما صرف وزوى”. تفسير الطبري: (1-67).
6- قال أبو بكر الوراق أيضا: “الرحمن بمن جحده والرحيم بمن وحده، والرحمن بمن كفر والرحيم بمن شكر، والرحمن بمن قال ندا والرحيم بمن قال فردا”. تفسير الثعلبي: (١-١٠١).
7- قال يحيى بن معاذ الرازي: “الرحمن بمصالح معاشهم، والرحيم بمصالح معادهم”. تفسير الثعلبي: (١-١٠١).
8- قال الحسين بن الفضل: “الرحمن الذي يرحم العبد على كشف الضر ودفع الشر، والرحيم الذي يرق وربما لا يقدر على الكشف”. تفسير الثعلبي: (١-١٠١).
القصص
1- عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي عرف بشدَّته، وقوَّته، تغير الرَّحْمَة من طباعه، فيصبح رقيقًا يمتلأ قلبه رحمةً، ويفيض فؤاده شفقةً، ومما يدل على ذلك قوله لعبد الرحمن بن عوف حينما أتاه يكلمه في أن يلين لهم لأنَّه أخاف النَّاس حتى خاف الأبكار في خدورهن، فقال: "إني لا أجد لهم إلَّا ذلك، والله لو أنهم يعلمون ما لهم عندي، من الرَّأفة، والرَّحْمَة، والشفقة، لأخذوا ثوبي عن عاتقي"(المجالسة وجواهر العلم؛ لأبي بكر الدينوري (4/43) (1199).
2- اشتهى عمر رضي الله عنه الحوت يومًا، فقال: لقد خطر على قلبي شهوة الطري من حيتان، فخرج يرفأ، في طلب الحوت لعمر رضي الله عنه، ورحل راحلته، فسار ليلتين مدبرًا، وليلتين مقبلًا، واشترى مكتلًا، وجاء بالحوت، ثم غسل يرفأ الدابة، فنظر إليها عمر فرأى عرقًا تحت أذنها، فقال: عذبت بهيمة من البهائم في شهوة عمر، لا والله لا يذوقه عمر، عليك بمكتلك (رواه أحمد (1/319) (443)، وابن عساكر (44-301).
3- كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى حيَّان بمصر: "إنَّه بلغني أنَّ بمصر إبلًا نقالات، يحمل على البعير منها ألف رطل، فإذا أتاك كتابي هذا، فلا أعرفنَّ أنَّه يحمل على البعير أكثر من ستمائة رطل، وكتب إلى صاحب السكك أن لا يحملوا أحدًا بلجام ثقيل من هذه الرستنية، ولا ينخس بمقرعة في أسفلها حديدة"(سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه؛ لأبي محمد المصري: ص 141).
4- قال عمر بن علي البزار: "وحدَّثني من أثق به أنَّ الشيخ رضي الله عنه [يعني ابن تيمية] كان مارًّا يومًا في بعض الأزقَّة فدعا له بعض الفقراء، وعرف الشيخ حاجته، ولم يكن مع الشيخ ما يعطيه، فنزع ثوبًا على جلده ودفعه إليه، وقال: بعه بما تيسر وأنفقه. واعتذر إليه من كونه لم يحضر عنده شيء من النفقة"(الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية؛ لسراج الدين: 65).
الاشعار
1- قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر:
بادر إلى الخير يا ذا اللب مغتنما *** ولا تكن من قليل العرف محتشما
واشكر لمولاك ما أولاك من نعمٍ *** فالشكر يستوجب الإفضال والكرما
وارحم بقلبك خلقَ الله وارعَهُم *** فإنَّما يرحم اللهُ منْ رَحِما
بريقة محمودية؛ لأبي سعيد الخادمي: (3-45).
2- وقال خالِدٌ العرضيُّ:
إنْ كنتَ لا ترحم المسكين إن عَدِما *** ولا الفقير إذا يشكو لك العَدما
فكيف ترجو من الرحمن رحمته *** وإنَّما يرحم الرحمنُ من رَحِما
يُنظَر: سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر؛ للحسيني: (2/ 81).
3- وقال الحافظ أبو الفضل بن حجر:
إنّ منْ يرحمُ أهلَ الأرضِ قد عَدِما *** جاءنا يرحمه من في السَّما
فارحمِ الخلقَ جميعاً إنّما *** يرحمُ الرحمنُ منّا الرُّحما
يُنظَر: كشف الخفاء؛ للعجلوني: (1-110).
4- وقال أبو الفتح محمد بن أحمد الكندي:
سامحْ أخاك الدَّهر مهما بدَتْ *** منه ذنوبٌ وقعُها يعظُمُ
وارحم لتلقى رحمة في غدٍ *** فربُّنا يرحمُ من يرحمُ
الازدهار في ما عقده الشعراء من الأحاديث والآثار: (ص: ٩٨)ٍ.
5- وقال ابن معصوم المدني:
معصيتي أعظمُ من طاعَتي *** لكن رجائي منهما أعظمُ
وأنت ذو الرحمَة يا سيِّدي *** إن لم تكن ترحمُ من يَرحمُ
6- وقال السهمي:
خالل خليل أخيك وأخو إخاءه *** واعلم بأن أخا أخيك أخوكا
وبنيك ثم بني بنيك فكن بهم *** براً فإن بني بنيك بنوكا
وارفق بجدك رحمة وتعطفاً *** ترحم فإن أبا أبيك أبوكا
البصائر والذخائر: (٣-٤٩).
7- وقال آخر:
يا راحم الضعفاء نظرة رحمة *** لمعذب مضني الفؤاد تشوقا
يرجوك فضلا أن تمن ترحما *** بشفاعة تمحو ذنوبا سبقا
ذيل نفحة الريحانة: (ص٦).
8- وقال ابن يعقوب:
إن كنت ترجو من الرحمن رحمته *** فارحم ضعاف الورى يا صاح محترماً
واقصد بذلك وجه الله خالقنا *** سبحانه من إله قد برى النسما
واطلب جزا ذاك من مولاك رحمته *** فإنما يرحم الرحمن من رحما
الضوء اللامع: (٨-١٣٧).
9- وقال ابن الرومي:
أرائمتي رجِّي من اللَّه رحمةً *** مُوكَّلةً بالأمهاتِ الروائمِ
وإنّ الذي تَسترْحِمُ الأمُّ لابنِها *** بها وبه لاشكَّ أرْحَمُ راحم
ديوان ابن الرومي: (٣-٢٦٨).
10- وقال ابن الشوائطي:
بادر إلى الخير يا ذا اللب واللسن *** واشكر لربك ما أولى من المنن
وارحم بقلبك خلق الله كلهم *** ينلك رحمته في الموقف الخشن
الضوء اللامع: (٥-١٧٤).
الحكم
1- أحنى من الوالِدِ. من الحُنُوِّ، وهو العَطفُ والرَّحمةُ. يُنظَر: جمهرة الأمثال؛ لأبي هلال العسكري (1/405).
- ويقالُ: وقَعَت عليه رخْمَتُه.
إذا وافَقَه وأحبَّه.
والرَّخْمةُ: المحبَّةُ واللِّينُ، ومنه كلامٌ رَخيمٌ، أي: سَهلٌ لَيِّنٌ، وقال الخليلُ: رخمتُ فُلانًا رَخمةً، بمعنى رَحِمتُه سواءً.
وقال الأصمعيُّ: مرخومٌ، أي: ألقيتُ عليه رَخْمةَ أمِّه، أي: حُبَّها له وأُلفَتَها إيَّاه. يُنظَر: الأمثال؛ لأبي عبيد (ص: 178)، فصل المقال في شرح كتاب الأمثال؛ لأبي عبيد البكري (ص: 264)، مجمع الأمثال؛ لأبي الفضل الميداني: (2/361).
متفرقات
1- قال الإمام البغوي رحمه الله: “قوله: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) اختلفوا فيهما، منهم من قال: هما بمعنى واحد مثل ندمان ونديم، ومعناها ذو الرحمة، وذكر أحدهما بعد الآخر تطميعًا لقلوب الراغبين. ومنهم من فرق بينهما فقال: للرحمن معنى العموم، وللرحيم معنى الخصوص، فالرحمن بمعنى الرازق في الدنيا، وهو على العموم لكافة الخلق، والرحيم بمعنى العافي في الآخرة، والعفو في الآخرة للمؤمنين على الخصوص”. تفسير البغوي، سورة الفاتحة: (آية 2).
2- قال الأصبهاني رحمه الله: “من أسماء الله تعالى: الرحمن الرحيم، فالرحمن يجمع كل معاني الرحمة”. الحجة في بيان المحجة: (ص: 42)
3- قال العلامة ابن القيم رحمه الله: “الرحمن” الذي الرحمة وصفه و”الرحيم” الراحم لعباده؛ ولهذا يقول تعالى: (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) [الأحزاب: 43] (إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 117]. ولم يجئ رحمان بعباده، ولا رحمان بالمؤمنين، مع ما في اسم الرحمن الذي على وزن فعلان من سعة هذا الوصف وثبوت جميع معناه للموصوف به”. التفسير القيم لابن القيم.
4- قال الحافظ ابن كثير: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 2] اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم، وفي كلام ابن جرير ما يفهم منه حكاية الاتفاق على هذا، وفي تفسير بعض السلف ما يدل على ذلك”. تفسير ابن كثير، سورة الفاتحة
5- قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: “المراد أنه ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع المخلوقات، فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما”. تفسير ابن كثير، سورة الحشر: (آية 22).
6- قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: “(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) اسمان مشتقان من الرحمة، أحدهما أبلغ من الآخر، مثل العلَّام والعليم”. تفسير سور الفاتحة والإخلاص والمعوذتين.
7- قال العلامة العثيمين رحمه الله: “(الرحمن) علم على الله -عز وجل- لا يُسمى به أحد غيره، فهو من أسماء الله الخاصة به، ولا يوصف به غيره... والرحيم: اسم يطلق على الله عز وجل، وعلى غيره. والرحمن... هو ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي لا يدركها العقل، الشاملة لكل شيء. والرحيم؛ أي: ذو الرحمة الواسعة الواصلة إلى من يشاء من عباده”. الكنز الثمين في تفسير ابن عثيمين:(12-6).
8- يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: “إن (الرحمن) دال على الصفة القائمة به سبحانه و(الرحيم) دال على تعلقها بالمرحوم. فكان الأول للوصف، والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته. وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله: (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) [الأحزاب: ٤٣]، وقوله: (إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) [التوبة: ١١٧]. ولم يجيء قط (رحمن بهم) فعلم أن (الرحمن) هو الموصوف بالرحمة، (والرحيم) هو الرحيم برحمته”. بدائع الفوائد: (ص:24).
9- ويقول في موطن آخر: “ولم يجيء رحمن بعباده ولا رحمن بالمؤمنين؛ مع ما في اسم (الرحمن) – الذي هو على وزن فعلان – من سعة هذا الوصف؛ وثبوت جميع معناه للموصوف به. ألا ترى أنهم يقولون: غضبان للممتلئ غضبًا؛ وندمان، وحيران، وسكران، ولهفان، لمن مُلِئ بذلك، فبناء فعلان للسعة والشمول. ولهـذا يقرن استواءه على العرش بهـذا الاسـم كثيرًا، كقـوله تعـالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه:٥]، (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَنُ) [الفرقان: ٥٩]. فاستوى على عرشه باسم الرحمن، لأن العرش محيطٌ بالمخلوقات؛ قد وسعها، والرحمة محيطة بالخلق؛ واسعة لهم، كما قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [الأعراف: ١٥٦]، فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، فلذلك وسعت رحمته كلَّ شيء. وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما قضى الله الخلق: كتب في كتاب – فهو عنده موضوعٌ على العرش -: إن رحمتي تغلب غضبي). وفي لفظٍ: (فهو عنده على العرش)، فتأمَّل اختصاص هذا الكتاب بذكر الرحمة؛ ووضعه عنده على العرش، وطَابقْ بين ذلك وبين قوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه:٥] وقوله: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَنُ) [الفرقان: ٥٩] يفتح لك بابًا عظيمًا من معرفة الرب -تبارك وتعالى- إن لم يغلقه عنك التعطيل والتجهم”. مدارج السالكين بين منازل اياك نعبد واياك نستعين (ص: 18).
10- قال ابن كثير رحمه الله تعالى: “والحاصل أن من أسمائه تعالى ما يسمى به غيره، ومنها ما لا يسمى به غيره كاسم (الله)، (الرحمن)، (الخالق)، (الرازق) ونحو ذلك؛ ولهذا بدأ باسم الله الموصوف (بالرحمن) لأنه أخص وأعرف من (الرحيم)؛ لأن التسمية أولاً إنما تكون بأشرف الأسماء؛ فلهذا ابتدأ بالأخص فالأخص”. تفسير ابن كثير، سورة الحشر: (آية 22).
13- وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: “وتأمل قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) [الرحمن:١ – ٤] كيف جعل الخلق والتعليم ناشئًا عن صفة الرحمة متعلقًا باسم (الرحمن)، وجعل معاني السورة مرتبطة بهذا الاسم وختمها بقوله: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن: ٧٨]؛ فالاسم الذي تبارك هو الاسم الذي افتتح به السورة، إذ مجيء البركة كلها منه، وبه وضعت البركة في كل مبارك فكل ما ذكر عليه بورك فيه، وكل ما أخلي منه نزعت منه البركة... وبرحمته أطلع الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار، وبسط الأرض وجعلها مهادًا وفراشًا وقرارًا وكفاتًا للأحياء والأموات، وبرحمته أنشأ السحاب وأمطر المطر، وأطلع الفواكه والأقوات والمرعى، ومن رحمته سخر لنا الخيل والإبل والأنعام وذللها منقادة للركوب والحمل والأكل... ومن رحمته أن خلق للذكر من الحيوان أنثى من جنسه وألقى بينهما المحبة والرحمة، ليقع بينهما التواصل الذي به دوام التناسل وانتفاع الزوجين، ويمتع كل واحد منهما بصاحبه. ومن رحمته أحوج الخلق بعضهم إلى بعض لتتم مصالحهم، ولو أغنى بعضهم عن بعض لتعطلت مصالحهم، وانحل نظامهم، وكان من تمام رحمته بهم أن جعل فيهم الغني والفقير، والعزيز والذليل، والعاجز والقادر، والمراعي والمرعي، ثم أفقر الجميع إليه ثم عم الجميع برحمته”. مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة: (ص: 304).
14- يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: “فبرحمته أرسل إلينا رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل علينا كتابه وعلّمنا من الجهالة، وهدانا من الضلالة ، وبصّرنا من العمى، وأرشدنا من الغي. وبرحمته عرفنا من أسمائه وصفاته وأفعاله ما عرفنا به أنه ربنا ومولانا، وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم، وأرشدنا لمصالح ديننا ودنيانا... *** وكان عن صفة الرحمة الجنة وسكانها وأعمالهم، فبرحمته خُلقت، وبرحمته عُمرت بأهلها، وبرحمته وصلوا إليها، وبرحمته طاب عيشهم فيها. وبرحمته احتجب عن خلقه بالنور ولو كشف ذلك الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه...”.
15- ويقول أيضًا: “من أعطى اسم (الرحمن) حقَّه: عرف أنه متضمنٌ لإرسال الرسل وإنزال الكتب أعظم من تضمُّنه إنزال الغيث وإنبات الكلأ وإخراج الحَبِّ. فاقتضاء الرحمة لما تحصل به حياة القلوب والأرواح: أعظم من اقتضائها لما تحصل به حياة الأبدان والأشباح، لكن المحجوبون إنما أدركوا من هذا الاسم حظَّ البهائم والدوابِّ، وأدرك منه أولو الألباب أمرًا وراء ذلك”. مدارج السالكين بين منازل إياك نعب: (1-12).
16- يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: “ومن رحمته أنه يعيذ من سخطه برضاه، ومن عقوبته بعفوه، ومن نفسه بنفسه... وأوسع المخلوقات عرشه، وأوسع الصفات رحمته، فاستوى على عرشه الذي هو أوسع المخلوقات بصفة رحمته التي وسعت كل شيء. ولما استوى على عرشه بهذا الاسم الذي اشتقه من صفته وتسمى به دون خلقه، كتب مقتضاه على نفسه يوم استوائه على عرشه حين قضى الخلق كتابًا فهو عنده وضعه على عرشه “إن رحمته سبقت غضبه” وكان هذا الكتاب العظيم الشأن كالعهد منه سبحانه للخليقة كلها بالرحمة لهم، والعفو عنهم، والصفح عنهم، والمغفرة، والتجاوز، والستر، والإمهال، والحلم، والأناة. فكان قيام العالم العلوي والسفلي بمضمون هذا الكتاب، الذي لولاه لكان للخلق شأن آخر”. مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة: (ص: 304).
17- قال ابن حجر رحمه الله: “قوله تعالى: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام: ٥٤]. “ليس معناه أن ذلك لازم له؛ لأنه لا آمر له، ولا ناهي يوجب عليه ما يلزمه المطالبة به، وإنما معناه إنجاز ما وعد به من الثواب، وهو لا يخلف الميعاد”. فتح الباري: (١٣-٤١٣).
18- قال ابن سعدي رحمه الله: “وقوله: (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام: 12]، أي: العالم العلوي والسفلي تحت ملكه وتدبيره، وهو تعالى قد بسط عليهم رحمته وإحسانه، وتغمدهم برحمته وامتنانه، وكتب على نفسه كتابًا أن رحمته تغلب غضبه، وأن العطاء أحب إليه من المنع، وأن الله قد فتح لجميع العباد أبواب الرحمة، إن لم يغلقوا عليهم أبوابها بذنوبهم، ودعاهم إليها، إن لم تمنعهم من طلبها معاصيهم وعيوبهم”. تفسير ابن سعدي، سورة الأنعام: (آية: 12).
19- قال ابن عاشور رحمه الله: “وفي هذا الاعتراض معان: أحدها: أنّ ما بعده لـمّا كان مشعرًا بإنذار بوعيد قدّم له التذكير بأنّه رحيم بعبيده، عساهم يتوبون ويقلعون عن عنادهم، على نحو قوله تعالى: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام: ٥٤].
والشرك بالله أعظم سوءٍ وأشدّ تلبّسًا بجهالة، والثاني: أنّ الإخبار بأنّ لله ما في السماوات وما في الأرض يثير سؤال سائل عن عدم تعجيل أخذهم على شركهم بمن هم ملكه. فالكافر يقول: لو كان ما تقولون صدقًا لعجّل لنا العذاب، والمؤمن يستبطىء تأخير عقابهم، فكان قوله: (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) جوابًا لكلا الفريقين بأنّه تفضّل بالرحمة، فمنها رحمة كاملة: وهذه رحمته بعباده الصالحين، ومنها رحمة موقّتة وهي رحمة الإمهال والإملاء للعصاة والضّالّين، والثالث: أن ما في قوله: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ) من التمهيد لما في جملة (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ) من الوعيد والوعد. ذكرت رحمة الله تعريضًا ببشارة المؤمنين وبتهديد المشركين”. التحرير والتنوير، سورة الأنعام (آية: ٥٤).
20- قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [الأعراف: ١٥٦] قال: “آية عظيمة الشمول والعموم؛ كقوله إخبارًا عن حملة العرش ومن حوله أنهم يقولون: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا) [غافر: ٧]”. تفسير ابن كثير، سورة الأعراف (آية: ١٥٦).
21- قال ابن كثير رحمه الله: "وقال تعالى: (الرحمن على العرش استوى) [طه: ٥]. قال: "فذكر الاستواء باسمه الرحمن ليعم جميع خلقه برحمته، وقال: (وكان بالمؤمنين رحيما) [الأحزاب: ٤٣]. فخصهم باسمه الرحيم، قالوا: فدل على أن الرحمن أشد مبالغة في الرحمة لعمومها في الدارين لجميع خلقه، والرحيم خاصة بالمؤمنين". تفسير ابن كثير، سورة طه (آية: 5).
22- قال أبو حيان رحمه الله: "(وإن ربك لهو العزيز الرحيم) [الشعراء: ٩]، أي: الغالب القاهر، ولما كان الموضع موضع بيان القدرة، قدم صفة العزة على صفة الرحمة. فالرحمة إذا كانت عن قدرة، كانت أعظم وقعًا، والمعنى: أنه عز في نقمته من الكفار، ورحم مؤمني كل أمة". البحر المحيط، سورة الشعراء (آية: 9).
23- قال ابن جرير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: "(إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم) [الدخان: ٤٢]. قال: "وقوله: (إنه هو العزيز الرحيم) يقول جلّ ثناؤه واصفًا نفسه: إن الله هو العزيز في انتقامه من أعدائه، الرحيم بأوليائه، وأهل طاعته". تفسير الطبري، سورة الدخان (آية: 42).
24- قال ابن سعدي رحمه الله: "وختمه كثيرًا من الآيات بهذين الاسمين (التواب الرحيم) بعد ذكر ما يدعو به العبد إلى التعرض من رحمته ومغفرته، وتوفيقه وحلمه، فمناسبته جليلة لكل أحد، وأنه لما كان هو (التواب الرحيم)، أقبل بقلوب التائبين إليه، ووفقهم للأخذ بالأسباب التي يتوب عليهم ويرحمهم بها، ثم يغفر لهم ويرحمهم، فتاب عليهم أولًا بتوفيقهم للتوبة وأسبابها، وتاب عليهم ثانيًا حين قبل متابهم وأجاب سؤالهم لطفًا منه ورحمةً بهم". القواعد الحسان في تفسير القرآن (ص: 3).
25- قال الزجاج رحمه الله: "الرّأفة هي المنزلة الثانية، يقال: فلان رحيم، فإذا اشتدت رحمته فهو رءوف". تفسير أسماء الله الحسنى (ص: ٦٢).
26- قال ابن القيم رحمه الله: "وما ألطف اقتران اسم الله الودود بالرحيم؛ فإن الرجل قد يغفر لمن أساء إليه ولا يحبّـه، وكذلك قد يرحم من لا يحبّ، والرب تعالى يغفر لعبده إذا تاب إليه، ويرحمه ويحبّه مع ذلك فإنه يحب التوابين، وإذا تاب إليه عبده أحبّه ولو كان منه ما كان". التبيان في أقسام القرآن (ص: ٥٧).
27- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين... وغير ذلك ممّا ثبت في الكتاب والسنّة، وثبت في الدّعاء بها بإجماع المسلمين". مجموع فتاوى ابن تيمية: (٢٢-٤٨٥).
28- قال ابن عاشور رحمه الله عند قوله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأنبياء: 83] قال: "وكون الله تعالى أرحم الراحمين؛ لأن رحمته أكمل الرحمات لأن كل من رحم غيره فإما أن يرحمه طلبًا للثناء في الدنيا، أو للثواب في الآخرة، أو دفعًا للرقة العارضة للنفس من مشاهدة من تحق الرحمة له، فلم يخل من قصد نفع لنفسه، وأما رحمته تعالى عباده فهي خلية عن استجلاب فائدة لذاته العلية". التحرير والتنوير، سورة الأنبياء: (آية: 83).
29- قال ابن سعدي رحمه الله: "(خير الراحمين) [المؤمنون: ١١٨] فكل راحم للعبد، فالله خير له منه، أرحم بعبده من الوالدة بولدها، وأرحم به من نفس". تفسير السعدي، سورة المؤمنون (آية: 118).
30- قال ابن عثيمين رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: (ولولا فضل الله عليك ورحمته) [النساء: ١١٣]: "والفضل هو العطاء الزائد، والرحمة أعم؛ لأن الرحمة يكون فيها دفع المكروه وحصول المطلوب، والفضل حصول المطلوب". تفسير بن عثيمين، سورة النساء (آية: 113).
31- قال محمد رشيد رضا رحمه الله: "وتخصيص رأفته ورحمته صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين في مقابلة ما أمر به من الغلظة على الكفار والمنافقين، لا يعارض كون رسالته رحمة للعالمين، كما هو ظاهر، فإن هذه الرحمة مبذولة لجميع الأمم؛ لعموم بعثته -صلى الله عليه وسلم- ولكن منهم من قبلها ومنهم من ردّها، وقد بينّا في تفسير (واغلظ عليهم) [التوبة: ٧٣]، أنه إنما أمر بذلك -صلوات الله تعالى عليه-؛ لأن الغالب على طبعه الشريف الرقة والرحمة، والأدب في المقابلة والمعاشرة، وقد قال تعالى: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) [آل عمران: ١٥٩]". المنار: (١١-٧٢).
32- قال ابن كثير رحمه الله: "وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدًا عنيفًا على الكفار، رحيمًا برًا بالأخيار، غضوبًا عبوسًا في وجه الكافر، ضحوكًا بشوشًا في وجه أخيه المؤمن، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة...) [التوبة: ١٢٣]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمّى والسّهر"، وقال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه". تفسير ابن كثير، سورة الفتح (آية: 29).
33- قال ابن سعدي رحمه الله: "(ووهبنا لهم من رحمتنا) [مريم: ٥٠] قال: "يشمل جميع ما وهب الله لهم من الرحمة، من العلوم النافعة، والأعمال الصالحة، والذرية الكثيرة المنتشرة، الذين قد كثر فيهم الأنبياء والصالحون". تفسير ابن سعدي، سورة مريم (آية: 50).
34- قال الرازي رحمه الله: "القنوط من رحمة الله تعالى لا يحصل إلا عند الجهل بأمور: أحدها: أن يجهل كونه تعالى قادرًا عليه، وثانيها: أن يجهل كونه تعالى عالمًا باحتياج ذلك العبد إليه، وثالثها: أن يجهل كونه تعالى منزهًا عن البخل والحاجة والجهل؛ فكل هذه الأمور سبب للضلال، فلهذا المعنى قال: (قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون)[الحجر: ٥٦]". مفاتيح الغيب، سورة الحجر (آية: 56).
35- قال محمد بن علي المزيدي: “الرحمن بالإنقاذ من النيران، وبيانه قوله تعالى: (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها)، والرحيم بإدخالهم الجنان، بيانه: (ادخلوها بسلام آمنين)”. تفسير الثعلبي: (١-١٠١).