العرش
2025-09-15 - 1447/03/23
التعريف
العرش لغةً:
يطلق في اللغة على السرير الذي يجلس عليه الملك، ويُستعمل أيضًا بمعنى السقف.
قال تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) [يوسف: 100] أي سرير الملك.
العرش اصطلاحًا:
هو مخلوق عظيم، أعظم المخلوقات وأوسعها، سقف جميع المخلوقات، استوى الله -جل جلاله- عليه استواءً يليق بجلاله وعظمته، وهو ذو قوائم يحمله الملائكة.
العناصر
1- تعريف العرش.
2- عظمة العرش.
3- أوصاف العرش.
4- الفرق بين العرش والكرسي.
5- حملة العرش.
6- استواء الله على العرش.
الايات
1- قال الله -تعالى-: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54].
2- قال -تعالى-: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [يونس: 3].
3- قال -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) [الرعد: 2].
4- قال -تعالى-: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) [الفرقان: 59].
5- قال -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ) [السجدة: 4].
6- قال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [هود: 7].
7- قال -تعالى-: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: 5].
8- قال -تعالى-: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [غافر: 7].
9- قال -تعالى-: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) [الحاقة: 17].
10- قال -تعالى-: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون: 116].
11- قال -تعالى-: (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 129].
12- قال -تعالى-: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ) [غافر: 15].
13- قال -تعالى-: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) [البروج: 15].
14- قال -تعالى-: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الزمر: 75].
15- قال -تعالى-: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [المؤمنون: 86].
الاحاديث
1- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة”. رواه البخاري: (7423)، ومسلم: (1871).
2- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
“الناس يُصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور”. رواه البخاري: (7517)، ومسلم: (2373).
3- عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض”. رواه البخاري: (7418).
4- عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنكم محشورون حفاة عراة غرلاً، ثم قرأ: (كما بدأنا أول خلق نعيده)، وأول من يُكسى يوم القيامة إبراهيم، وإنه يؤتى برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وكنتُ عليهم شهيدًا ما دمتُ فيهم، فلما توفيتني كنتَ أنت الرقيب عليهم”. رواه البخاري: (3349)، ومسلم: (2860).
5- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن آمَنَ باللَّهِ وبِرَسولِهِ، وأَقامَ الصَّلاةَ، وصامَ رَمَضانَ؛ كانَ حَقًّا على اللَّهِ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، جاهَدَ في سَبيلِ اللَّهِ أوْ جَلَسَ في أرْضِهِ الَّتي وُلِدَ فيها، فقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَلا نُبَشِّرُ النّاسَ؟ قالَ: إنَّ في الجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، أعَدَّها اللَّهُ لِلْمُجاهِدِينَ في سَبيلِ اللَّهِ، ما بيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كما بيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ؛ فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ وأَعْلى الجَنَّةِ -أُراهُ- فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ”. رواه البخاري: (2790).
6- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “أُذِن لي أن أُحدِّث عن ملكٍ من ملائكةِ اللهِ، من حملةِ العرشِ: إنَّ ما بينَ شحمةِ أُذنهِ إلى عاتقِه، مسيرةُ سبعمائةِ عامٍ”. رواه أبو داود (4727)، وصححه الألباني.
7- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ”. رواه البخاري: (3803)، ومسلم: (2466).
8- عن ابنِ مسعودٍ قال: “بين السماءِ الدنيا، والتي تليها خمسُمائةِ عامٍ، وبين كلِّ سماءٍ وسماءٍ خمسُمائةِ عامٍ، وبين السماءِ السابعةِ والكرسيِّ خمسُمائةِ عامٍ، وبين الكرسيِّ والماءِ خمسُمائةِ عامٍ، والعرشُ فوق الماءِ، واللهُ فوق العرشِ، لا يخفى عليه شيءٌ من أعمالِكم”. أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (١/ ٢٤٤). وقال ابن باز في شرح كتاب التوحيد لابن باز (٣٨٩): صحيح جيد.
9- عن العباس بن عبدالمطلب -رضيَ اللَّهُ عنْهُ- قال: “كنّا بالبطحاءِ فمرَّتْ سحابةٌ، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: هل تدرون بُعدَ ما بين السَّماءِ والأرضِ؟ قالوا: لا، إمّا واحدةٌ، وإما اثنتانِ أو ثلاثٌ وسبعونَ سنةً ثم عدَّ سبعَ سمَواتٍ، ثمَّ قال فوقَ السّابعةِ بحرٌ أسفلِه، وأعلاهُ كما بينَ سماءٍ إلى سماءٍ، ثمَّ فوقَ ذلِك ثمانيةُ أوعالٍ بينَ أظلافِهم، وركبِهم كما بينَ سماءٍ إلى سماءٍ، ثمَّ على ظهورِهم العرشُ، ثمَّ اللَّهُ فوقَ ذلِك، وهو يعلمُ ما أنتُم عليهِ”. أخرجه أبو داود (٤٧٢٣) وقال الذهبي في كتاب العرش (٢٤): إسناده حسن وفوق الحسن.
10- عن معاذ بن جبل -رضيَ اللَّهُ عنْهُ- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “المُتَحابُّونَ في اللهِ في ظِلِّ العرشِ يومَ لا ظِلَّ إِلّا ظِلُّهُ، يَغْبِطُهُمْ بِمَكانِهِمْ النبيُّونَ والشُّهَداءُ. قال: ولَقِيتُ عُبادَةَ بنَ الصّامِتِ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ معاذٍ، فقال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ يقولُ عن رَبِّهِ تباركَ وتعالى: حقَّتْ مَحَبَّتِي على المُتَحابِّينَ فِيَّ، وحقَّتْ مَحَبَّتِي على المُتَناصِحينَ فِيَّ، وحقَّتْ مَحَبَّتِي على المتباذلِينَ فِيَّ، وهُمْ على مَنابِرَ من نُورٍ، يَغْبِطُهُمْ النبيُّونَ والشهداءُ والصِّدِّيقُونَ”. أخرجه أحمد (٢٢٨٣٤)، وابن حبان (٥٧٧) باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (٣٠١٩).
11- عن عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عنهما- أنَّ رَسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “... ولكِنَّ رَبَّنا تبارك وتعالى اسمُه، إذا قضى أمرًا سَبَّح حَمَلةُ العَرشِ، ثمَّ سَبَّح أهلُ السَّماءِ الذين يَلُونَهم، حتى يَبلُغَ التسبيحُ أهلَ هذه السَّماءِ الدُّنيا” ثم قال الذين يَلُون حَمَلةَ العَرشِ لحَمَلةِ العَرشِ: ماذا قال ربُّكم؟ فيُخبِرونهم ماذا قال، قال: فيستخبرُ بعضُ أهلِ السماوات بَعضًا، حتى يبلُغَ الخَبَرُ هذه السَّماءَ الدُّنيا”. أخرجه مسلم: (2229).
12- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: “لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي” رواه البخاري: (7453)، ومسلم: (2751).
13- عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: أتى رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أعرابيٌّ فقال: يا رسولَ اللهِ جهَدت الأنفسُ، وضاع العِيالُ، ونُهِكت الأموالُ، وهلكت الأنعامُ فاستسقِ اللهَ لنا، فإنّا نستشفعُ بك على اللهِ، ونستشفعُ باللهِ عليك، فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- "ويحك، أتدري ما تقولُ؟" فسبَّح رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فما زال يُسبِّحُ حتّى عُرِف ذلك في وجوهِ أصحابِه، ثمَّ قال: "ويحَك، إنَّه لا يُستشفَعُ باللهِ على أحدٍ من جميعِ خلقِه، شأنُ اللهِ أعظمُ من ذلك، ويحَك، أتدري ما اللهُ؟ إنَّ اللهَ على عرشِه، وعرشُه على سماواتِه وسماواتُه على أرضِه، هكذا - وقال بأصابعِه مثلَ القُبَّةِ، وأنَّه ليئِطُّ به مثلَ أطيطِ الرَّحلِ بالرّاكبِ". أخرجه أبو داود (4726) وابن خزيمة في كتاب التوحيد: (1/239)، وأشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح"، وضعفه الألباني.
14- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جلَسَ الرَّبُّ على الكرسيِّ، سُمِعَ له أَطيطٌ كأَطيطِ الرَّحْلِ الجديدِ". أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة: (٥٨٧)، والدارمي في نقضه على المريسي: (ص١١) واللفظ لهما. وصححه الذهبي في كتاب العرش: (٩٩).
الاثار
1- عن عبدِ اللَّهِ بنَ مسعودٍ -رضيَ اللَّهُ عنْهُ- قالَ: “ما بينَ السماءِ القُصوى والْكرسيِّ خَمسمائةِ عامٍ وبينَ الْكرسيِّ والماءِ كذلك والعرشُ فوقَ الماءِ واللَّهُ فوقَ العرشِ ولا يخفى عليْهِ شيءٌ من أعمالِكم” أخرجه الذهبي في العرش للذهبي: (١٠٥)، وقال: “إسناده صحيح”، وفي رواية قال: “بين السماءِ الدنيا، والتي تليها خمسُمائةِ عامٍ، وبين كلِّ سماءٍ وسماءٍ خمسُمائةِ عامٍ، وبين السماءِ السابعةِ والكرسيِّ خمسُمائةِ عامٍ، وبين الكرسيِّ والماءِ خمسُمائةِ عامٍ، والعرشُ فوق الماءِ، واللهُ فوق العرشِ، لا يخفى عليه شيءٌ من أعمالِكم”. شرح كتاب التوحيد لابن باز (٣٨٩): “صحيح جيد”.
2- عن أبي العاليةِ في قَولِه: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) [البقرة: 29]: “يَقولُ: ارتَفَع”. يُنظر: تفسير ابن أبي حاتم: (1/ 75).
3- عن مجاهِدٍ في قَولِه -تعالى-: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف: 54] قال: “علا على العَرْشِ”.
4- عن محمد ابن عبد الهادي عن علي بن أبي طالب -رضيَ اللَّهُ عنْهُ- قال: “ما من عبدٍ ولا أمةٍ ينامُ فيستثقِلُ نومًا إلّا عُرِج بروحِه إلى العرشِ، فالَّذي لا يستيقِظُ دون العرشِ فتلك الرُّؤيا الَّتي تصدُقُ، والَّذي يستيقِظُ دون العرشِ فهي الَّتي تكذِبُ”. الصارم المنكي: (٣٧١) مرفوعا ليس بمحفوظ، والمعروف وقفه على علي.
5- قال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: “وقد عَرَف أهلُ العِلمِ أنَّه فوقَ السماوات السَّبعِ: الكُرسيِّ، والعَرشِ، واللَّوحِ المحفوظِ، والحُجُبِ، وأشياءَ كثيرةٍ لم يُسَمِّها”. يُنظر: الرد على الجهمية والزنادقة (ص: 128).
6- عن حَسَّانَ بنِ عَطِيَّةَ قال: “حَملةُ العَرشِ ثمانيةٌ يَتجاوَبونَ بِصَوتٍ حسَنٍ رخيمٍ، فيقولُ أربعَةٌ منهُم: سُبحانَكَ وبحمدِكَ علَى حِلمِكَ بعدَ عِلمِكَ، ويقولُ أربعةٌ: سُبحانَكَ وبحمدِكَ علَى عفوِكَ بعدَ قُدرتِكَ”. أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء: (6/74). قوَّى إسنادَه الألباني في العلو.
7- عن مجاهِدٍ في قَولِه -تعالى-: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف: 54] قال: “علا على العَرْشِ”. يُنظر: تغليق التعليق: (5/345).
8- عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: “الكُرسِيُّ مَوْضِع القَدَمَين، والعَرْش لا يَقْدِرُ أحدٌ قَدْرَه”. أخرجه ابن خزيمة في التوحيد: (١/٢٤٨)، وأبو الشيخ في العظمة: (٢/٥٨٢)، والخطيب في تاريخ بغداد: (٩/٢٥١) باختلاف يسير. وقال الألباني في التعليق على الطحاوية: (٣٦): “صحيح موقوف”.
9- عن أبي موسى -رضيَ اللَّهُ عنْهُ- قالَ: "الكُرسيُّ موضعُ القدَمينِ ولَهُ أطيطٌ كأطيطِ الرَّحلِ". أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة: (٥٨٨)، وابن جرير الطبري في جامع البيان: (٤/ ٥٣٨)، والبيهقي في الأسماء والصفات: (٨٥٩) جميعا بلفظه. وقال الألباني في مختصر العلو (٨٥): "صحيح موقوف".
الاشعار
1- قال عبد الله بن رواحة:
شَهِدتُ بأنَّ وعد الله حقٌّ *** وأنّ النارَ مثوى الكافرينَ
وأنّ العرشَ فوق الماءِ طافٍ *** وفوقَ العرشِ ربُّ العالمينَ
وتحمِلُهُ ملائكَة كِرام *** ملائكة الإله مسومينا
[أبيات مختارة تشتمل على عقيدة، نصائح، مواعظ، وصايا، حكم، أمثال، أدب؛ لعبد الله بن محمد البصيري (ص: 50)].
2- قال ابنُ القيِّمِ:
فَلَهُمْ عِبَارَاتٌ عَلَيْهَا أَرْبَعٌ *** قَدْ حُصِّلَتْ لِلْفَارِسِ الطَّعَّانِ
وَهِيَ اسْتَقَرَّ وَقَدْ عَلَا وَكَذَلِكَ ارْ *** تَفَعَ الَّذِي مَا فِيهِ مِنْ نُكْرَانِ
وَكَذَاكَ قَدْ صَعِدَ الَّذِي هُوَ رابِعٌ *** وَأَبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ الشَّيْبَانِي
يَخْتَارُ هَذَا القَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ *** أَدْرَى مِنَ الجَهْمِيِّ بِالقُرْآنِ
نونية ابن القيم (ص: 73).
3- قال ابن خاتمة الأندلسي:
إِذا جدتَ فجدْ للناسِ قاطبةً *** فالحالُ ويبقى الذكرُ أحوالا
لا سيما ورسولُ الله ضامنهُ *** أنفقْ ولا تخشَ من ذي العَرْشِ إِقلالا
مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي: (2/ 185).
متفرقات
1- قال ابن حزم -رحمه الله-: “اتفقوا أن الله وحده لا شريك له، خالق كل شيء غيره، وأنه -تعالى- لم يزل وحده، ولا شيء غيرُه معه، ثم خلق الأشياء كلَّها كما شاء، وأن النفس مخلوقة، والعرش مخلوق، والعالم كله مخلوق”. مراتب الإجماع 1/ 167.
2- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، في تعليقه عليه: “أما اتفاق السلف وأهل السنة والجماعة على أن الله وحده خالق كل شيءٍ فهذا حق”. نقد مراتب الإجماع: (303).
3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، أيضا: “ الْعَرْشَ مَخْلُوقٌ؛ فَإِنَّ الله يَقُولُ: (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ: الْعَرْشُ وَغَيْرُهُ، وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ: الْعَرْشُ وَغَيْرُهُ”. مجموع الفتاوى (18/ 214).
4- قال المناوي: “هذا محتَمِلٌ لأن يكونَ رآه وأن يكونَ أُوحيَ إليه به “أن أحَدِّثَ” أصحابي أو أمَّتي “عن مَلَكٍ” بفَتحِ اللامِ: أي عن شأنِه أو عِظَمِ خَلْقِه “من مَلائِكةِ الله -تعالى-” قيل: هو إسرافيلُ، أضيفُ إليه لمزيدِ التفخيمِ والتعظيمِ، “من حَمَلةِ العَرشِ” أي: من الذين يحمِلون عَرْشَ الرحمنِ، الذي هو أعظَمُ المخلوقاتِ المحيطُ بجَميعِ العوالمِ، والعَرشُ: السَّريرُ، “ما بين شَحمةِ أُذُنِه إلى عاتِقِه مَسيرةُ سبعِمائةِ سَنةٍ”، وفي رواية: سبعين عامًا. أي: بالفَرَسِ الجوادِ، كما في خَبَرٍ آخَرَ، فما ظنُّك بطُولِه وعِظَمِ جُثَّتِه؟!... وشَحمةُ الأُذُنِ ما لانَ من أسفَلِها، وهو مَعلَقُ القُرطِ، والعاتِقُ ما بين المنكِبِ والعُنُقِ، وهو موضِعُ الرِّداءِ”. يُنظر: فيض القدير: (1/ 458).
5- قال أبو العَبَّاسِ القُرطبي عند حديث: “ولكِنَّ رَبَّنا تبارك وتعالى اسمُه، إذا قضى أمرًا سَبَّح حَمَلةُ العَرشِ..”: “فيه ما يدُلُّ على أنَّ حَمَلةَ العَرشِ أفضَلُ المَلائِكةِ وأعلاهم مَنزِلةً، وأنَّ فضائِلَ المَلائِكةِ على حَسَبِ مراتِبِهم في السَّمَواتِ، وأنَّ الكُلَّ منهم لا يَعلَمونَ شَيئًا من الأمورِ إلَّا بأن يُعلِمَهم اللهُ -تعالى- به، كما قال -تعالى-: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) [الجن: 26-27]. وفيه ما يدُلُّ على أنَّ عُلومَ المَلائِكةِ بالكائناتِ يستفيدُه بعضُهم من بعضٍ إلَّا حَمَلةَ العَرشِ؛ فإنَّهم يستفيدون عُلومَهم من الحَقِّ سُبحانَه وتعالى، فإنهم هم المبدوؤون بالإعلامِ أوَّلًا، ثم إنَّ مَلائِكةَ كُلِّ سماءٍ تستفيدُ من التي فوقَها”. يُنظر: المفهم: (5/ 638).
6- قال السَّمعانيُّ: “أهلُ السُّنَّةِ يَقولُون: إنَّ الاستواءَ على العَرْشِ صِفةٌ لله -تعالى- بلا كَيفٍ، والإيمانُ به واجِبٌ، كذلك يُحكى عن مالِكِ بنِ أنَسٍ وغَيرِه مِنَ السَّلَفِ أنَّهم قالوا في هذه الآيةِ: الإيمانُ به واجِبٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعةٌ”. يُنظر: تفسير السمعاني: (2/ 188) باختصارٍ يسيرٍ.
7- قال البَغَويُّ: “ثمَّ استوى على العَرْشِ، قال الكَلبيُّ ومُقاتِلٌ: استقَرَّ. وقال أبو عُبَيدةَ: صَعِدَ. وأوَّلت المُعتَزِلةُ الاستواءَ بالاستيلاءِ، فأمَّا أهلُ السُّنَّةِ يَقولُون: الاستواءُ على العَرْشِ صِفةٌ لله -تعالى- بلا كَيفٍ، يجِبُ على الرَّجُلِ الإيمانُ به، ويَكِلُ العِلمَ فيه إلى اللهِ -عز وجل-. وسأل رجُلٌ مالِكَ بنَ أنَسٍ عن قَولِه: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: 5] كيف استوى؟ فأطرَقَ رأسَه مَلِيًّا وعَلاه الرُّحَضاءُ ثمَّ قال: الاستواءُ غيرُ مجهولٍ، والكيفُ غيرُ معقولٍ، والإيمانُ به واجِبٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعةٌ، وما أظنُّك إلَّا ضالًّا، ثمَّ أمَرَ به فأُخرِجَ. ورُوِيَ عن سُفيانَ الثَّوريِّ، والأوزاعيِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ، وسُفيانَ بنِ عُيَينةَ، وعبدِ اللهِ بنِ المبارَكِ، وغَيرهِم من عُلَماءِ السُّنَّةِ، في هذه الآياتِ التي جاءت في الصِّفاتِ المتشابِهاتِ: أَمِرُّوها كما جاءت بلا كَيفٍ. والعَرشُ في اللُّغةِ: هو السَّريرُ. وقيل: هو ما علا فأظَلَّ، ومنه عَرشُ الكُرومِ”. يُنظر: تفسير البغوي: (2/ 197).
8- قال ابنُ رشدٍ: “أمَّا من قال: إنَّ الاستواءَ بمعنى الاستيلاءِ فقد أخطَأَ؛ لأنَّ الاستيلاءَ لا يكونُ إلَّا بعد المغالَبةِ والمقاهَرةِ، واللهُ يتعالى عن أن يُغالِبَه أحَدٌ. وحَمْلُ الاستواءِ على العُلُوِّ والارتفاعِ أَولى ما قيلَ، كما يقالُ: استَوَت الشَّمسُ في كَبِدِ السَّماءِ، أي: عَلَت”. يُنظر: المقدمات الممهدات: (1/ 21).
9- قال ابنُ كثيرٍ: “قَولُه -تعالى-: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف: 54] للنَّاسِ في هذا المقامِ مقالاتٌ كثيرةٌ جِدًّا، ليس هذا مَوضِعَ بَسْطِها، وإنما يُسلَكُ في هذا المقامِ مَذهَبُ السَّلَفِ الصَّالحِ: مالِكٍ، والأوزاعيِّ، والثَّوريِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ، والشَّافعيِّ، وأحمَدَ بنِ حَنبلٍ، وإسحاقَ بنِ راهَوَيهِ، وغَيرِهم مِن أئِمَّةِ المسلِمينَ قديمًا وحديثًا، وهو إمرارُها كما جاءت مِن غيرِ تكييفٍ ولا تشبيهٍ ولا تعطيلٍ. والظَّاهِرُ المتبادِرُ إلى أذهانِ المشَبِّهينَ مَنفيٌّ عن اللهِ؛ فإنَّ اللهَ لا يُشبِهُه شَيءٌ من خَلْقِه، و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى:11]، بل الأمرُ كما قال الأئِمَّةُ -منهم نعيمُ بنُ حَمَّادٍ الخُزاعيُّ؛ شيخُ البُخاريِّ-: “مَن شَبَّه اللهَ بخَلْقِه فقد كَفَر، ومن جَحَد ما وَصَف اللهُ به نَفْسَه فقد كَفَر. وليس فيما وَصَف اللهُ به نَفْسَه ولا رَسولُه تشبيهٌ”، فمن أثبَتَ للهِ -تعالى- ما ورَدَت به الآياتُ الصَّريحةُ والأخبارُ الصَّحيحةُ على الوَجهِ الذي يَليقُ بجَلالِ اللهِ -تعالى-، ونفى عن اللهِ -تعالى- النَّقائِصَ، فقد سَلَك سبيلَ الهُدى”. يُنظر: تفسير ابن كثير: (3/ 426).
10- قال أبو حنيفةَ: “نُقِرُّ بأنَّ اللهَ -تعالى- على العَرْشِ استوى من غيرِ أن يكونَ له حاجةٌ”. يُنظر: شرح وصية الإمام أبي حنيفة؛ للبابرتي: (ص: 87).
11- قال الشَّافعيُّ في وصيَّتِه: “هذه وصيَّةُ محمَّدِ بنِ إدريسَ الشَّافعيُّ، أوصى أنَّه يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عَبدُه ورَسولُه... وأنَّ اللهَ -عزَّ وجَلَّ- يُرى في الآخرةِ، يَنظُرُ إليه المؤمنون عِيانًا جِهارًا، ويَسمَعونَ كَلامَه، وأنَّه فوقَ العَرشِ”. يُنظر: اعتقاد الشافعي؛ للهكاري (ص: 15).
12- قال الشَّافعيُّ: “القَولُ في السُّنَّةِ التي أنا عليها، ورأيتُ أصحابَنا عليها أهلَ الحديثِ الذين رأيتُهم فأخذتُ عنهم؛ مِثلُ: سُفيانَ ومالكٍ وغَيرِهما: الإقرارُ بشَهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رَسولُ اللهِ، وأنَّ اللهَ على عَرْشِه في سمائِه يَقرُبُ مِن خَلْقِه كيف شاء”. يُنظر: إثبات صفة العلو؛ لابن قدامة: (ص: 180)، العلو للعلي الغفار؛ للذهبي: (ص: 165).
13- قال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: “وقد عَرَف أهلُ العِلمِ أنَّه فوقَ السماوات السَّبعِ: الكُرسيِّ، والعَرشِ، واللَّوحِ المحفوظِ، والحُجُبِ، وأشياءَ كثيرةٍ لم يُسَمِّها”. يُنظر: الرد على الجهمية والزنادقة: (ص: 128).
14- قال الدارمي: “انتَدَبْتَ أيُّها المِرِّيسيِّ مُكَذِّبًا بعَرشِ اللهِ وكُرسيِّه، مُطنِبًا في التكذيبِ بجَهْلِك، متأوِّلًا في تكذيبِه بخِلافِ ما تعقِلُه العُلَماءُ، فرَوَيتَ عن ابنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السماوات وَالْأَرْضَ) [البقرة: 255]: عِلْمُه، قلتَ: فمعنى الكُرسيِّ: العِلمُ، فمن ذهب إلى غيِر العِلمِ أكذَبَه كتابُ اللهِ -تعالى-.
فيقالُ لهذا المِرِّيسيِّ: أمَّا ما رويتَ عن ابنِ عَبَّاسٍ فإنَّه من روايةِ جَعفَرٍ الأحمَرِ، وليس جعفَرٌ ممَّن يُعتَمَدُ على روايتهِ؛ إذ قد خالفَتْه الرُّواةُ الثِّقاتُ المتقِنون، وقد روى مسلِمٌ البطينُ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في الكُرسيِّ خِلافَ ما ادَّعَيتَ على ابنِ عَبَّاسٍ.
حَدَّثَنا يحيى وأبو بكرِ بنُ أبي شَيبةَ، عن وكيعٍ، عن سُفيانَ، عن عَمَّارِ الدهنيِّ، عن مسلمٍ البطينِ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: (الكرسيُّ مَوضِعُ القَدَمينِ، والعَرشُ لا يَقدُرُ قَدرَه إلَّا اللُه)، فأقرَّ المرِّيسي بهذا الحديثِ وصَحَّحه، وزعم أنَّ وكيعًا رواه، إلَّا أنَّ تفسيرَ القَدَمينِ هاهنا في دعواه: الثَّقَلينِ، قال: يضَعُ اللهُ عِلْمَه وقضاءَه للثَّقَلينِ يومَ القيامةِ، فيَحكُمُ به فيهم، فهل سَمِع سامِعٌ من العالَمينَ بمِثلِ ما ادَّعى هذا المِرِّيسي؟ وَيْلَك! عَمَّن أخَذْتَه؟ ومن أيِّ شيطانٍ تلقَّيْتَه؟ فإنَّه ما سبقك إليها آدميٌّ نَعلَمُه. أيحتاجُ الرَّبُّ -عز وجل- أن يَضَعَ محاسبةَ العبادِ على كِتابِ عِلْمِه وأقضِيَتِه يحكُمُ بما فيه بينهم؟ ولا أراك مع كثرةِ جَهْلِك إلَّا وستَعلَمُ أنَّك احتجَجْتَ بباطِلٍ جعَلْتَه أغلوطةً تغالِطُ بها أغمارَ النَّاسِ وجُهَّالَه”. يُنظر: نقض الإمام الدارمي على المريسي: (1/ 410-413).
15- قال أبو حاتمٍ الرازيُّ: “مَذهَبُنا واختيارُنا اتِّباعُ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابِه والتَّابعين ومَن بَعْدَهم بإحسانٍ، وتَرْكُ النَّظَرِ في موضِعِ بِدَعِهم، والتمسُّكُ بمذهَبِ أهلِ الأثَرِ؛ مِثلُ أبي عبدِ اللهِ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، وإسحاقَ بنِ إبراهيمَ، وأبي عبيدٍ القاسِمِ بنِ سَلَّامٍ، والشَّافعيِّ، ولُزومُ الكتابِ والسُّنَّةِ، والذَّبُّ عن الأئمَّةِ المتَّبِعةِ لآثارِ السَّلَفِ، واختيارُ ما اختاره أهلُ السُّنَّةِ مِن الأئمَّةِ في الأمصارِ؛ مِثلُ: مالكِ بنِ أنَسٍ في المدينةِ، والأوزاعيِّ بالشَّامِ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ بمصرَ، وسُفيانَ الثَّوريِّ وحمَّادِ بن زيادٍ بالعراقِ... أنَّ اللهَ على عرشِه بائنٌ مِن خَلْقِه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11]”. يُنظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة؛ للالكائي: (1/ 202-204).
16- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “قاعدة جليلة بمقتضى النقل الصريح في إثبات علوّ الله -تعالى-، الواجب له على جميع خلقه، فوقَ عرشِه، كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة والإجماع والعقل الصريح الصحيح والفطرة الإنسانية الصحيحة الباقية على أصلها.
وهي أن يقال: كان الله ولا شيء معه، ثمّ خلق العالم، فلا يخلو: إما أن يكون خَلَقَه في نفسه واتصل به، وهذا محالٌ، لتعالي الله -عز وجل- عن مماسّةِ الأقذار والنجاسات والشياطين والاتصال بها.
وإمّا أن يكون خَلَقَه خارجًا عنه ثم دخل فيه، وهذا محالٌ أيضًا، لتعالي الله -عز وجل- عن الحلول في المخلوقات، وهاتان الصورتان مما لا نزاعَ فيها بين المسلمين.
وإما أن يكون خَلَقَه خارجًا عن نفسِه، ولم يحل فيه، فهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره، ولا يقبل الله منا ما يخالفه، بل حرَّم علينا ما يناقضه.
وهذه الحجة هي من بعض حجج الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، التي احتجَّ بها على الجهمية في زمن المحنة.
ولهذا قال عبد الله بن المبارك فيما صحَّ عنه أنه قيل له: بماذا نعرف ربَّنا؟ قال: بأنه فوق سمواته، على عرشه، بائن من خلقه.
وعلى ذلك انقضى إجماع الصحابة والتابعين وتابعيهم، وجميع الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدقٍ، وما خالفهم في ذلك من يُحتجّ بقوله.
ومن ادَّعى أن العقلَ يعارضُ السمعَ ويخالفه، فدعواه باطلة، لأن العقل الصريح لا يتصور أن يخالف النقل الصحيح.
وإنما المخالفون للكتاب والسنة والإجماع، والمدّعون حصول القواطع العقلية إنما معهم شُبَه المعقولات لا حقائقها، ومن أراد تجربة ذلك وتحقيقه، فعليه بالبراهين القاهرة، والدلائل القاطعة التي هي مقررة مسطورة في غير هذا الموضع “ “جامع المسائل” (1/63-64).
17- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وَفِي كِتَابِ “الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ” الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ الَّذِي رَوَوْهُ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي مُطِيعٍ “ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البلخي” قَالَ: سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ ...
إلَى أَنْ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَمَّنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ رَبِّي فِي السَّمَاءِ أَمْ فِي الْأَرْضِ: فَقَدْ كَفَرَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: لَا أَدْرِي الْعَرْشَ فِي السَّمَاءِ أَمْ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: هُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فِي السَّمَاءِ؛ لِأَنَّهُ -تعالى- فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَأَنَّهُ يُدْعَى مِنْ أَعْلَى لَا مِنْ أَسْفَلُ - وَفِي لَفْظٍ -: إذَا أَنْكَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ فَقَدْ كَفَرَ.
فَفِي هَذَا الْكَلَامِ الْمَشْهُورِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ: أَنَّهُ كَفَّرَ الْوَاقِفَ الَّذِي يَقُولُ: لَا أَعْرِفُ رَبِّي فِي السَّمَاءِ أَمْ فِي الْأَرْضِ؛ فَكَيْفَ يَكُونُ الْجَاحِدُ النَّافِي الَّذِي يَقُولُ: لَيْسَ فِي السَّمَاءِ؛ أَوْ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ وَلَا فِي الْأَرْضِ؟
وَاحْتَجَّ عَلَى كُفْرِهِ بِقَوْلِهِ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى قَالَ: وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ. وَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ -تعالى-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى يُبَيِّنُ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ السماوات فَوْقَ الْعَرْشِ، وَأَنَّ الِاسْتِوَاءَ عَلَى الْعَرْشِ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ بِنَفْسِهِ فَوْقَ الْعَرْشِ.
ثُمَّ إنَّهُ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِتَكْفِيرِ مَنْ قَالَ إنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، وَلَكِنْ تَوَقَّفَ فِي كَوْنِ الْعَرْشِ فِي السَّمَاءِ أَمْ فِي الْأَرْضِ . قَالَ: لِأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ؛ وَأَنَّهُ يُدْعَى مِنْ أَعْلَى لَا مِنْ أَسْفَلُ.
وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِتَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ؛ وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَأَنَّهُ يُدْعَى مِنْ أَعْلَى لَا مِنْ أَسْفَلُ . وَكُلٌّ مِنْ هَاتَيْنِ الْحُجَّتَيْنِ فِطْرِيَّةٌ عَقْلِيَّةٌ، فَإِنَّ الْقُلُوبَ مَفْطُورَةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّ اللَّهَ فِي الْعُلُوِّ، وَعَلَى أَنَّهُ يُدْعَى مِنْ أَعْلَى لَا مِنْ أَسْفَلُ، وَقَدْ جَاءَ اللَّفْظُ الْآخَرُ صَرِيحًا عَنْهُ بِذَلِكَ. فَقَالَ: إذَا أَنْكَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ فَقَدْ كَفَرَ” مجموع الفتاوى: (5/46).
18- قال شيخ الإسلام رحمه الله: “وَأَمَّا الْعَرْشُ فَإِنَّهُ مُقَبَّبٌ؛ لِمَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ لِأَبِي دَاوُد عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ؛ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَهَدَتْ الْأَنْفُسُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ ... وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ، وَإِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَوَاتِهِ وَأَرْضِهِ لهَكَذَا وَقَالَ بِأُصْبُعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ. وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ فَلَكٌ مُسْتَدِيرٌ مُطْلَقًا، بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ، وَأَنَّ لَهُ قَوَائِمَ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (5/151).
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: “أول ما خلق الله من الأشياء المعلومة لنا هو العرش، واستوى عليه بعد خلق السماوات، كما قال -تعالى-: (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا)”. مجموع فتاوى ورسائل العثيمين: (1/ 62)
19- قال ابن الجوزي -رحمه الله-: “وجاء في الحديث أنهم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أمدهم الله بأربعة أملاك آخرين، وهذا قول الجمهور” زاد المسير: (4/ 331). وانظر تفسير ابن كثير: (7/ 130).
20- قال الإمام الدارمي رحمه الله: “إِنَّ اللَّهَ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَكْبَرُ مِنْ كُلِّ خَلْقٍ، وَلَمْ يَحْتَمِلْهُ الْعَرْشُ عِظَمًا وَلَا قُوَّةً، وَلَا حَمَلَةُ الْعَرْشِ احْتَمَلُوهُ بِقُوَّتِهِمْ، وَلَا اسْتَقَلُّوا بِعَرْشِهِ بِشِدَّةِ أَسْرِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ حَمَلُوهُ بِقُدْرَتِهِ، وَمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، وتأييده؛ لَوْلَا ذَلِك مَا أطاقوا حمله.
وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُمْ حِينَ حَمَلُوا الْعَرْشَ، وَفَوْقَهُ الْجَبَّارُ، فِي عِزَّتِهِ وَبَهَائِهِ؛ ضَعُفُوا عَنْ حَمْلِهِ وَاسْتَكَانُوا، وَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ، حَتَّى لُقِّنُوا “لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ”؛ فَاسْتَقَلُّوا بِهِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ. لَوْلَا ذَلِكَ مَا اسْتَقَلَّ بِهِ الْعَرْشُ، وَلَا الْحَمَلَةُ، وَلَا السماوات وَالْأَرْضُ، وَلَا مَنْ فِيهِنَّ...” نقض بشر المريسي: (1/ 457).
21- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “وبيان ذلك هنا: أن الله مستغن عن كل ما سواه، وهو خالقُ كلِّ مخلوق، ولم يصر عالياً على الخلق بشيء من المخلوقات، بل هو سبحانه خلق المخلوقات، وهو بنفسه عال عليها، لا يفتقر في علوه عليها إلى شيء منها، كما يفتقر المخلوق إلى ما يعلو عليه من المخلوقات، وهو سبحانه حامل بقدرته للعرش، ولحملة العرش.
وفي الأثر: أن الله لما خلق العرش أمر الملائكة بحمله، قالوا: ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك؟ فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فإنما أطاقوا حمل العرش بقوته -تعالى-، والله إذا جعل في مخلوق قوة؛ أطاق المخلوق حمل ما شاء أن يحمله، من عظمته وغيرها.
فهو بقوته وقدرته الحامل للحامل والمحمول، فكيف يكون مفتقراً إلى شيء؟” درء التعارض: (7/ 19).
22- قال ابن القيم -رحمه الله-: “ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض، كانت عالية عليها، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات، كان عالياً عليها، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي، كان عالياً”. الصواعق المرسلة: (4/1308).
22- قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: "وأما من حرَّف كلام الله، وجعل العرش عبارة عن الملك، كيف يصنع بقوله -تعالى-: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [الحاقة: 17]، وقوله: (وكان عرشه على الماء) [هود: 7]؟ أيقول: ويحمل ملكه يومئذ ثمانية، وكان ملكه على الماء، ويكون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم المُلْك؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول.
وأما الكرسي فقال -تعالى-: (وسع كرسيه السماوات والأرض) [البقرة:255].
وقد قيل: هو العرش.
والصحيح: أنه غيره، نُقل ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره. روى ابن أبي شيبة في كتاب صفة العرش والحاكم في مستدركه وقال: إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله -تعالى-: (وسع كرسيه السماوات والأرض) أنه قال: "الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قدره إلا الله -تعالى-". وقد روي مرفوعاً، والصواب: أنه موقوف على ابن عباس ... قال أبو ذر -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما الكرسي في العرش إلا كحلْقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض". .. وهو كما قال غير واحدٍ من السلف: بين يدي العرش كالمرقاة إليه". شرح العقيدة الطحاوية: ص 312، 313.
23- قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عن قول القائل: إن الله منزه عن المكان؛ لأنه لا يليق بالله -عز وجل-. فقال: “وهذا غير صحيح على إطلاقه، فإنه إن أراد بنفي المكان، المكان المحيط بالله -عز وجل- فهذا النفي صحيح، فإن الله -تعالى- لا يحيط به شيء من مخلوقاته، وهو أعظم وأجل من أن يحيط به شيء، كيف (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه)؟.
وإن أراد بنفي المكان: نفي أن يكون الله -تعالى- في العلو؛ فهذا النفي غير صحيح، بل هو باطل بدلالة الكتاب والسنة، وإجماع السلف والعقل والفطرة.
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال للجارية: “أين الله؟”. قالت: في السماء. قال لمالكها: (أعتقها فإنها مؤمنة).
وكل من دعا الله -عز وجل- فإنه لا ينصرف قلبه إلا إلى العلو، هذه هي الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، لا ينصرف عنها إلا من اجتالته الشياطين، لا تجد أحدا يدعو الله -عز وجل-، وهو سليم الفطرة، ثم ينصرف قلبه يمينا أو شمالا أو إلى أسفل، أو لا ينصرف إلى جهة، بل لا ينصرف قلبه إلا إلى فوق”. مجموع فتاوى ورسائل العثيمين: (1/ 196-197).
19- قال ابن باز -رحمه الله-: “العرش عند أهل العلم في اللغة العربية هو الكرسي، الكرسي العظيم كرسي الملك، والمراد بعرش الرحمن كرسي عظيم هو أعظم المخلوقات، له قوائم، وله حملة من الملائكة يحملونه، والله فوق العرش)، كما قال: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه:5]، وقال سبحانه: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السماوات وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54] فهو كرسي عظيم ومخلوق عظيم لا يعلم مدى عظمه وسعته إلا الذي خلقه). وهو كالقبة على العالم، وهو سقف العالم كله، وهو سقف الجنة أيضًا، فهو سقف العالم وليس فوقه شيء سوى الله). هذا هو العرش، الكرسي العظيم الذي تعرفه العرب، كما قال في قصة بلقيس: وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [النمل:23]، فكراسي الملوك يقال لها: عروش، لكن عرش الله لا يشابهه شيء من عروش المخلوقين، ولكنه في الجملة يعرف من حيث اللغة الكرسي العظيم لا يعلم سعته وعظمته وكنهه ومادته إلا الذي خلقه)، إلا إذا صح عن رسول الله شيء في ذلك، إذا صح عن رسول الله في بيان شيء من كنهه فذلك مقدم ما يقوله الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الحق؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا أعلم شيئًا صحيحًا معتمدًا يبين مادة هذا العرش، لكنه عرش عظيم ومخلوق عظيم وله حملة من الملائكة كما قال الله جل وعلا: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) [الحاقة:17] يعني: يوم القيامة، والمشهور أنه في الدنيا يحمله أربعة”. نور على الدرب. موقع ابن باز
20- قال ابن عثيمين -رحمه الله-: “هناك من قال: إن العرش هو الكرسي لحديث: “إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة”، وظنوا أن الكرسي هو العرش. وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم، فقالوا في قوله -تعالى-: (وسع كرسيه السماوات والأرض) أي: علمه. والصواب: أن الكرسي موضع القدمين، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه”. القول المفيد على كتاب التوحيد: 2/549.
21- سئل علماء اللجنة عن هذه العبارة: “وتيقن أن الله موجود بلا مكان”؟
فأجابوا: “هذه العبارة عبارة باطلة؛ لأنها تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة من أن الله سبحانه في العلو فوق سماواته، مستو على عرشه، بائن من خلقه، بخلاف ما يقوله نفاة العلو من الجهمية، ومن سار على نهجهم الباطل”. فتاوى اللجنة الدائمة: (2/ 386).
22- قال الدكتور محمد بن خليفة التميمي في تحقيقه لكتاب العرش ص338: "إيراد المصنف لهذا الأثر والأثرين اللذين سيأتيان من بعده إنما هو لأمرين:
الأمر الأول: لما فيهما من الدلالة على علو الله- سبحانه وتعالى- وذلك لأن فيها إثبات علو الله وارتفاعه فوق سمواته.
الأمر الثاني: أنه أوردهما لما فيهما من التأييد لمسألة الأطيط الواردة في الحديثين السابقين، فكأنما مقصد المؤلف أن يبين أن أطيط العرش هو من جنس تشقق السموات وتفطرها؛ إذ الكل يتشقق من عظمة الله وجلاله -سبحانه وتعالى-.
وأما ما ورد في الأثر من أن تشقق السماوات إنما هو من الثقل، فإن كان المقصود بالثقل ثقل من في السماوات من الملائكة ومن فوق السموات كالعرش، فهذا يؤيده حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أطت السماء، وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضحا جبهته ساجدا". انظر: سنن الترمذي كتاب الزهد: باب 9: (5/556)، ومسند الإمام أحمد: (5/173).
23- قال البيهقي: "وَإِذَا انْقَضَتِ الْأَشْرَاطُ، وَجَاءَ الْوَقْتُ الَّذِي يُرِيدُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِمَاتَةَ الْأَحْيَاءِ، مِنْ سُكَّانِ السَّمَاوَاتِ وَالْبِحَارِ وَالْأَرَضِينَ : أَمَرَ إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ أَحَدُ حَمَلَةِ الْعَرْشِ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَصَاحِبُ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ؛ فَيَنْفُخُ فِي الصُّورِ، وَهُوَ الْقَرْنُ". شعب الإيمان: (1/ 529).
24- قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-: "ومما يدخل في النهي عن التعمق والبحث عنه: أمور الغيب الخبريّة التي أمر بالإيمان بها، ولم يبين كيفيتها، وبعضها قد لا يكون له شاهد في هذا العالم المحسوس، فالبحث عن كيفية ذلك هو مما لا يعني، وهو مما ينهى عنه، وقد يوجب الحيرة والشك، ويرتقي إلى التكذيب...
قال إسحاق بن راهويه: لا يجوز التفكر في الخالق، ويجوز للعباد أن يتفكروا في المخلوقين بما سمعوا فيهم، ولا يزيدون على ذلك، لأنهم إن فعلوا تاهوا، قال: وقد قال الله: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده)؛ فلا يجوز أن يقال: كيف تسبح القصاع، والأخونة، والخبز المخبوز، والثياب المنسوجة؟ وكل هذا قد صح العلم فيهم أنهم يسبحون، فذلك إلى الله؛ أن يجعل تسبيحهم كيف شاء وكما يشاء، وليس للناس أن يخوضوا في ذلك إلا بما علموا، ولا يتكلموا في هذا وشبهه إلا بما أخبر الله، ولا يزيدوا على ذلك، فاتقوا الله، ولا تخوضوا في هذه الأشياء المتشابهة، فإنه يرديكم الخوض فيه عن سنن الحق" جامع العلوم والحكم: (2/ 172-173).
الإحالات
كتاب العرش؛ لمحمد الذهبي.
كتاب العرش وما روي فيه.
العرش لابن أبي شيبه.