تشاؤم
2025-10-05 - 1447/04/13
التعريف
المعنى اللغوي
يُقصد بالتشاؤم في اللغة أنّه مصدر من الفعل “شئم”، والشؤم يقابل اليمن. فيُقال: رجل مشؤوم على قومه أي غير مبارك فيهم، وجمعه مشائيم. كما يُقال: تشاءم القوم به أي تطيروا به. ومن معاني الشؤم كذلك: ضيق الدار وسوء الجار، ويُقال نذير شؤم على ما ينذر بوقوع المكروه وما يبعث على الخوف. وبذلك يكون التشاؤم هو توقّع الشر (انظر: الصحاح؛ الجوهري: ٥/١٩٥٧، لسان العرب؛ ابن منظور).
قال الأزهري: “وقيل للشؤم: طائر وطير وطيرة، لأن العرب كان من شأنها عيافة الطير وزجرها، والتطير ببارحها وبنعيق غربانها، وأخذها ذات اليسار إذا أثاروها، فسموا الشؤم طيرًا وطائرًا وطيرة لتشاؤمهم بها وبأفعالها”. تهذيب اللغة، الأزهري: (١٤-١٢).
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي
قال الحليمي عن التشاؤم: أنّه سوء الظن بالله تعالى من غير سبب محقق (انظر: فتح الباري، ابن حجر: ١٠-٢١٥).
قال ابن القيم: “التطير: هو التشاؤم من الشيء المرئي أو المسموع”. مفتاح دار السعادة: (٢-٢٤٦).
ويُفهم منه أيضًا أنّه توقّع وقوع الشر أو المكروه بسبب أمر يراه أو يسمعه الإنسان فيتوهم أنّه سبب للضرر أو الحزن (انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين، ابن الجوزي: ١-٤٨٢)، ويكون وجود هذا الاعتقاد نفسه مدعاة لوقوع ما يحزن ويضر (انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور: ٩-٦٦).
ويُستعمل التشاؤم كذلك في الإشارة إلى ما يتشاءم به الإنسان من أمور يراها أو يسمعها ممّا تنفر منه النفس عادةً دون أن يكون أمرًا طبيعيًا. أما النفور من الأمور الطبيعية كالنفور من صرير الحديد أو صوت الحمار فلا يُعدّ من التشاؤم. وأصل هذا الاعتقاد كان في زجر الطير ثم توسّع فيه حتى شمل غيره، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) [النمل: 47]؛ أي أنّ السبب في السعادة أو الشقاء مردّه إلى الله تعالى وحده. الذريعة إلى مكارم الشريعة، الراغب الاصفهاني: (ص١٤٨).
قال ابن عاشور: “وإنما غلب لفظ الطيرة على التشاؤم؛ لأن للأثر الحاصل من دلالة الطيران على الشؤم دلالةً أشد على النفس؛ لأن توقع الضر أدخل في النفوس من رجاء النفع”. انظر: التحرير والتنوير: (٩-٦٦).
ومن خلال هذا العرض للمعنى اللغوي والاصطلاحي يتبيّن أنّ التشاؤم حالة نفسية قد تصيب بعض الناس فتدفعهم إلى اليأس وعدم الرضا بقضاء الله وقدره.
العناصر
1- ما هو التشاؤم
2- حكم التشاؤم
3- صور التشاؤم عند الناس
4- آثار التشاؤم وأضراره
5- أسباب التشاؤم
6- علاج التشاؤم
الايات
1- قال الله تعالى: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[الأعراف: 131].
2- قال تعالى: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ)[النمل: 47].
3- قال تعالى: (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ)[يس: 18].
4- قال تعالى: (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)[يس: 19].
الاحاديث
1- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: إنْ كانَ الشُّؤْمُ في شَيءٍ فَفِي الدّارِ، والمَرْأَةِ، والفَرَسِ. أخرجه البخاري: (٥٠٩٤)، ومسلم (٢٢٢٥).
2- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عله وسلم- قال: “لا عَدْوى ولا طِيَرَةَ، والشُّؤْمُ في ثَلاثٍ: في المَرْأَةِ، والدّارِ، والدّابَّةِ”. أخرجه البخاري: (٥٧٥٣)، ومسلم: (٢٢٢٥).
3- عن رافع بن مكيث الجهني -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عله وسلم- قال: “حسنُ المَلَكَةِ يُمْنٌ، وسوءُ الخلُقِ شؤمٌ، والصدقةُ تمنعُ مِيتَةَ السوءِ، والبرُّ زيادةٌ لِلْعُمْرِ”. أخرجه أبو داود (٥١٦٢) مختصراً، وأحمد (١٦١٢٣) باختلاف يسير، قال الألباني في هداية الرواة (٣٢٩٥): “إسناده حسن”.
4- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: لقَدْ راجَعْتُ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في ذلكَ، وما حَمَلَنِي على كَثْرَةِ مُراجَعَتِهِ إلّا أنَّه لَمْ يَقَعْ في قَلْبِي: أنْ يُحِبَّ النّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قامَ مَقامَهُ أبَدًا، ولا كُنْتُ أُرى أنَّه لَنْ يَقُومَ أحَدٌ مَقامَهُ إلّا تَشاءَمَ النّاسُ به، فأرَدْتُ أنْ يَعْدِلَ ذلكَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عن أبِي بَكْرٍ. أخرجه البخاري: (٤٤٤٥)، ومسلم: (٤١٨)
5- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عله وسلم- قال: “لا عَدْوى ولا طِيَرَةَ، ولا هامَةَ ولا صَفَرَ”. أخرجه البخاري: (٥٧٥٧)، ومسلم: (٢٢٢٠).
6- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عله وسلم- قال: “لا عَدْوى ولا طِيَرَةَ، ويُعْجِبُنِي الفَأْلُ الصّالِحُ: الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ”. أخرجه البخاري: (٥٧٥٦)، ومسلم: (٢٢٢٤).
7- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عله وسلم- قال: لا طِيَرَةَ، وخَيْرُها الفَأْلُ. قالوا: وما الفَأْلُ؟ قالَ: الكَلِمَةُ الصّالِحَةُ يَسْمَعُها أحَدُكُمْ. أخرجه البخاري: (٥٧٥٤)، ومسلم: (٢٢٢٣).
8- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عله وسلم- قال: “لا عَدْوى ولا صَفَرَ ولا هامَةَ” فقالَ أعْرابِيٌّ: يا رَسولَ اللهِ، فَما بالُ الإبِلِ تَكُونُ في الرَّمْلِ كَأنَّها الظِّباءُ، فَيَجِيءُ البَعِيرُ الأجْرَبُ فَيَدْخُلُ فيها فيُجْرِبُها كُلَّها؟ قالَ: “فمَن أعْدى الأوَّلَ؟”. أخرجه البخاري: (٥٧٧٠)، ومسلم: (٢٢٢٠).
9- عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عله وسلم- قال: “الطِّيَرَةُ شِركٌ، الطِّيَرَةُ شِركٌ، الطِّيَرَةُ شِركٌ، وما منا إلا، ولكنَّ اللهَ يُذهِبُه بالتَّوَكُّلِ”. أخرجه أبو داود (٣٩١٠)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب: (٣٠٩٨).
10- عن مُعاويةَ بنِ الحَكَمِ السُّلَميِّ، قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أمورًا كُنَّا نصنَعُها في الجاهليَّةِ، كنَّا نأتي الكُهَّانَ، قال: "فلا تأتوا الكُهَّانَ". قال: قُلتُ: كُنَّا نتطَيَّرُ، قال: "ذاك شيءٌ يَجِدُه أحَدُكم في نفسِه، فلا يَصُدَّنَّكم". أخرجه مسلم: (537).
11- عن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "يدخُلُ الجنَّةَ مِن أمَّتي سبعون ألفًا بغيرِ حِسابٍ"، قالوا: مَن هم يا رسولَ اللهِ؟ قال: "هم الذين لا يَسْتَرقون، ولا يتطَيَّرون، ولا يَكْتَوون، وعلى ربِّهم يتوَكَّلون". أخرجه مسلم: (218).
الاثار
1- قال قتادة معلقا على قوله: (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُم): “يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم”. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير: (٦/٥٦٩، ٥٧٠).
2- قال مجاهد: “يقولون: لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عُذِّب أهلها”. وقوله تعالى: (إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ) [يس: 18]، قال قتادة: بالحجارة، قال مجاهد: بالشتم. (وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [يس: 18]، أي: عقوبة شديدة. انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير: (٦/٥٦٩، ٥٧٠).
3- قال ابن جرير معلقا قوله تعالى: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ)[النمل: 47]؛ أي: تشاءمنا بك وبمن معك من أتباعنا، وزجرنا الطير بأنا سيصيبنا بك وبهم المكاره والمصائب، أو ما رأينا على وجهك ووجوه من اتبعك خيرًا، وذلك أنهم لشقائهم كان لا يصيب أحدًا منهم سوء إلا قال: هذا من قبل صالح وأصحابه”. انظر: تفسير الطبري، ١٩-٤٧٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير: (٦-١٩٨).
4- قال قتادة في قوله تعالى: (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ) [يس: 19]، “أي: أعمالكم معكم”. تفسير الطبري: (٢٠-٥٠٣).
5- قال ابن عباس في قوله تعالى: (أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ) [الأعراف: 131]، أي: “مصائبهم عند الله”. تفسير الطبري: (١٣-٤٨).
6- قال ابن عباس رضي الله عنهما: “الحسنة والسيئة من عند الله، أما الحسنة فأنعم بها عليك، وأما السيئة فابتلاك بها”. تفسير الطبري: (٨-٥٥٧).
7- قال ابن عباس رضي الله عنهما: “الشؤم الذي أتاكم من عند الله بكفركم”. لباب التأويل: (٣-٣٤٩).
8- قال الشافعي: “وكان العربي إذا لم ير طائرًا سانحًا، فرأى طائرًا في وكره حركه من وكره ليطير، فينظر أيسلك طريق الأشائم، أو طريق الأيامن، فيشبه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أقروا الطير على مكناتها”. رواه أحمد، رقم: ٢٧١٣٩، وأبو داود، رقم ٢٨٣٥، ٤/٤٥٥، وابن حبان في صحيحه، رقم ٦١٢٦، والحاكم في المستدرك، رقم ٧٥٩١، ٤/٢٦٥]، قال الحاكم: “هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه؛ أي: لا تحركوها، فإن تحريكها وما تعملونه، من الطيرة لا يصنع شيئًا، إنما يصنع فيما توجهون به قضاء الله تعالى”. السنن المأثورة للشافعي، المزني: (١-٣٤٢).
9- قال ابنُ عَونٍ عن ابنِ سِيرينَ: "كانوا يَستحبُّونَ الفَألَ، ويَكرَهونَ الطِّيَرةَ". الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار؛ لابن عبد البر: (9-467).
القصص
1- قال عكرمة: “كنّا جلوسا عند ابن عبّاس. فمرّ طائر يصيح، فقال رجل من القوم: خير خير، فقال له ابن عبّاس: لا خير ولا شرّ” مبادرة منه بالإنكار عليه لئلّا يعتقد أنّ له تأثيرا في الخير أو الشّرّ). مفتاح دار السعادة: 2-235).
2- قيل لكعب الأحبار: هل تتطيّر؟ قال: نعم، فقيل له: كيف تقول إذا تطيّرت؟ قال: أقول: “اللهمّ لا طير إلّا طيرك، ولا خير إلّا خيرك، ولا ربّ غيرك، ولا قوّة إلّا بك”. مفتاح دار السعادة: (2-235).
3- خرج طاووس مع صاحب له في سفر فصاح غراب فقال الرّجل: خير. فقال طاووس: “وأيّ خير عنده والله لا تصحبني”. مفتاح دار السعادة: (2-535).
4- عن الأصمَعيِّ قال: "سألتُ ابنَ عَونٍ عن الفَألِ، قال: هو أن تكونَ مريضًا فتسمَعَ: يا سالمُ، أو تكونَ طالِبًا فتسمَعَ: يا واجِدُ". أعلام الحديث؛ للخطابي: (3-2135).
الاشعار
1- قال علقمة الفحل:
ومن تعرض للغربان يزجرها *** على سلامته لا بد مشئوم
رسالة الغفران (ص: 478).
2- قال أبو ذؤيب” الهذلي، وهو من الشعراء المخضرمين:
زجرتُ لها طير الشمال فإن تكن *** هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها
السيوطي، شرح شواهد: 1-27).
3- وينسب إلى خزز بن لوذان” السدوسي:
لا يمنعنك من بغا *** ء الخير تعقاد التمائم
ولقد غدوت وكنت لا *** أغدو على واق وحاتم
فإذا الأشائم كالأيا *** من والأيامن كالأشائم
وكذاك لا خير ولا *** شر على أحد بدائم
قد خط ذلك في الزبو *** ر والأوليات القدائم
المؤتلف والمختلف (ص: 102).
4- قال “عبيد بن الأبرص:
عيوا بأمرهم كما *** عيت ببيضتها الحمامة
جعلت لها عودين من *** نشم وآخر من ثمامة
الحيوان: (3-189).
5- وقد تطرق “العباس بن مرداس” إلى ذكر “الغول”، فقال:
أصابت العام رعلا غول قومهم *** وسط البيوت ولون الغول ألوان
الحيوان: (6-161).
6- قال النابغة:
فلا زال قبر بين تبنى وجاسم *** عليه من الوسمي طل ووابل
فينبت حوذانا وعوفا منورا *** سأتبعه من خير ما قال قائل
أمالي المرتضى: (1-54).
7- قال ذو الرمة:
رأيت غراباً ناعباً فوق بانةٍ *** من الغضب لم ينبت لها ورق نضر
فقلت غرابٌ غراب، وبانة *** لبين النوى، تلك العيافة والزجر
العقد الفريد؛ لابن عبد ربه الأندلسي (ص: 5).
8- قال جحدر اللص:
ومما هاجني فازددت شوقاً *** بكاء حمامتين تَجاوبانِ
تجاوبتا بلحن أعجميّ *** على غصنين من غرَبٍ وبان
فكان ألبان أن بانتّ سليمى *** وفي الغرَب اغتراب غير داني
كتاب الامالي (ص: 282).
9- قال لبيد الشّاعر:
لعمرك ما تدري الضّوارب بالحصى *** ولا زاجرات الطّير ما الله صانع.
أدب الدنيا والدين (ص: 304).
10- قال الشّاعر:
ولقد غدوت وكنت لا *** أغدو على واق وحاتم
فإذا الأشائم كالأيامن *** والأيامن كالأشائم
الفتح: (10/ 223، 224).
11- قال آخر:
الزّجر والطّير والكهّان كلّهم *** مضلّلون ودون الغيب أقفال.
الفتح (10/ 223، 224).
12- قال آخر:
وما عاجلات الطّير تدني من الفتى *** نجاحا ولا عن ريثهنّ قصور
الفتح: (10/ 223، 224).
13- قال آخر:
تخيّر طيرة فيها زياد *** لتخبره، وما فيها خبير
تعلّم أنّه لا طير إلّا *** على متطيّر وهو الثّبور
بلى شيء يوافق بعض شيء *** أحايينا وباطله كثير
الفتح: (10/ 223، 224).
14- قال الشّاعر:
طيرة النّاس لا تردّ قضاء *** فاعذر الدّهر لا تشبه بلوم
أيّ يوم تخصّه بسعود *** المنايا ينزلن في كلّ يوم
ليس يوم إلّا وفيه سعود *** ونحوس تجري لقوم وقوم
أدب الدنيا والدين: (ص: 304).
الحكم
"كانَتْ عَلَيْهُمْ كَرَاغِيةِ البَكْرِ".
"يقَال أيضاً "كراغية السَّقْبِ" يعنون رُغَاء بَكْر ثمود حين عقر النّاقة قدَارُ بن سالف، والراغية: الرغاء، والتاء في "كانت" تعود إلى الخصلة أو الفعلة. يضرب في التشاؤم بالشَيء". مجمع الأمثال: (2-141).
متفرقات
1- قال ابن عاشور: “أجاب صالح عليه السلام فقال لهم: (طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُمْ) [يس: 19]، بأنه ومن معه ليسوا سبب شؤم، ولكن سبب شؤمهم وحلول المضار بهم هو قدرة الله. واستُعير لما حل بهم اسم الطائر مشاكلة لقولهم (قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [يس: 18]”. التحرير والتنوير، ابن عاشور.
2- بين الله أن هذا جهل منهم بقوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن شَرٍّ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى: 30]، أي: تختبرون بتعاقب السراء والضراء، والإضراب من بيان طائرهم الذي هو مبدأ ما يحيق بهم إلى ذكر ما هو الداعي إليه، ويحتمل أن غيرهم دعاهم إلى هذا القول، ويحتمل أن يكون المراد أن الشيطان يفتنكم بوسوسته. مفاتيح الغيب، الرازي: (٢٤-٥٦٠).
3- قال الزمخشري: “وذلك أنهم كرهوا دينهم ونفرت منه نفوسهم، وعادة الجهال أن يتيمنوا بكل شيء مالوا إليه واشتهوه، ويتشاءموا بما نفروا عنه وكرهوه، فإن أصابهم نعمة أو بلاء قالوا: ببركة هذا، وبشؤم هذا”. الكشاف: (٤-٩).
4- قال ابن عاشور: “لما غلبتهم الحجة من كل جانب وبلغ قول الرسل (أَفَلَا تَتَّقُونَ) [يس: 17] من نفوس أصحاب القرية مبلغ الخجل، والاستكانة من إخفاق الحجة، والاتسام بميسم المكابرة والمنابذة للذين يبتغون نفعهم؛ انصرفوا إلى ستر خجلهم وانفحامهم بتلفيف السبب لرفض دعوتهم بما حسبوه مقنعا للرسل بترك دعوتهم؛ ظنًا منهم أن ما يدعونه شيء خفي لا قبل لغير مخترعه بالمنازعة فيه، وذلك بأن زعموا أنهم تطيروا بهم ولحقهم منهم شؤم، ولا بد للمغلوب من بارد العذر”. التحرير والتنوير، ابن عاشور: (٢٢-٣٦٢).
5- قول أصحاب القرية: (إِنَّا تَشَاءَمْنَا بِكُمْ) [يس: 18]، أي: “إنا تشاءمنا بكم، ومعنى «بكم» بدعوتكم، وليسوا يريدون أن القرية حل بها حادث سوء يعم الناس كلهم، من قحط أو وباء أو نحو ذلك من الضر العام، مقارن لحلول الرسل أو لدعوتهم، -وقد جوزه بعض المفسرين- وإنما معنى ذلك: أن أحدًا لا يخلو في هذه الحياة من أن يناله مكروه، ومن عادة أصحاب الأوهام السخيفة والعقول المأفونة أن يسندوا الأحداث إلى مقارناتها دون معرفة أسبابها، ثم أن يتخيروا في تعيين مقارنات الشؤم أمورًا لا تلائم شهواتهم وما ينفرون منه، وأن يعينوا من المقارنات للتيمن ما يرغبون فيه وتقبله طباعهم، يغالطون بذلك أنفسهم، شأن أهل العقول الضعيفة، فمرجع العلل كلها لديهم إلى أحوال نفوسهم ورغائبهم”. التحرير والتنوير، ابن عاشور: (٢٢-٣٦٢).
6- ويجوز أن يكونوا أرادوا بالشؤم أن دعوتهم أحدثت مشاجرات واختلافًا بين أهل القرية، فلما تمالأت نفوس أهل القرية على أن تعليل كل حدث مكروه يصيب أحدهم بأنه من جراء هؤلاء الرسل، اتفقت كلمتهم على ذلك فقالوا: (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ) [يس: 18]، أي: يقولها الواحد منهم أو الجمع، فيوافقهم على ذلك جميع أهل القرية. التحرير والتنوير، ابن عاشور: ٢٢-٣٦٣.
7- حينئذ أجابهم الرسل بقولهم: (قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) (الأنبياء: 15)، أي قالوا لهم: سبب شؤمكم من أفعالكم لا من قبلنا كما تزعمون، فأنتم أشركتم بالله سواه، وأولعتم بالمعاصي واجترحتم السيئات، أما نحن فلا شؤم من قبلنا، فإنا لا ندعو إلا إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له والإنابة إليه، وفي ذلك منتهى اليمن والبركة.. تفسير المراغي: ٢٢-١٥٢.
8- ثم قالوا (سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) [الأنبياء:15]؛ أي: أمن جراء أنا ذكرناكم وأمرناكم بعبادة الله مخلصين له الدين تقابلوننا بمثل هذا الوعيد؟ بل أنتم قوم ديدنكم الإسراف ومجاوزة الحد في الطغيان، ومن ثم جاءكم الشؤم، ولا دخل لرسل الله في ذلك”. تفسير المراغي: ٢٢-١٥٢.
9- قال ابن عاشور: “المراد به في الآية: أنهم يتشاءمون بموسى ومن معه، فاستعمل التطير في التشاؤم بدون دلالة من الطير، لأن قوم فرعون لم يكونوا ممن يزجر الطير فيما علمنا من أحوال تاريخهم، ولكنهم زعموا أن دعوة موسى فيهم كانت سبب مصائب حلت بهم، فعبر عن ذلك بالتطير على طريقة التعبير العربي”. التحرير والتنوير: ٩-٦٦.
10- فمعنى (يَطَّيّرُوا بموسى) يحسبون حلول ذلك بهم مسببًا عن وجود موسى ومن آمن به؛ وذلك أن آل فرعون كانوا متعلقين بضلال دينهم، وكانوا يحسبون أنهم إذا حافظوا على اتباعه كانوا في سعادة عيش، فحسبوا وجود من يخالف دينهم بينهم سببًا في حلول المصائب والإضرار بهم، فتشاءموا بهم، ولم يعلموا أن سبب المصائب هو كفرهم وإعراضهم، لأن حلول المصائب بهم يلزم أن يكون مسببًا عن أسباب فيهم لا في غيرهم”. التحرير والتنوير: ٩-٦٦).
11- وقوله تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الأعراف: ١٣١]؛ أي: «لا يعلمون ذلك فيقولون ما يقولون، وإسناد عدم العلم إلى أكثرهم للإشعار بأن بعضهم يعلم ولكن لا يعمل بمقتضى علمه. وقالوا شروع في بيان بعض آخر مما أخذوا به من فنون العذاب التي هي في أنفسها آيات بينات وعدم ارعوائهم عما هم عليه من الكفر والعناد”. روح المعاني، الألوسي: (٥-٣٣).
12- أي: إن تصبهم حال حسنة تحسن عندهم، من رخاء أو خصب أو ظفر أو غنيمة أو سعة في الرزق، يقولوا: هذه الحال من عند الله تعالى، فإن كان النصر قالوا: من عند الله، وإن يصبهم أمر يسيئهم، كالهزيمة، قالوا: ذلك من محمد، كأنهم ينسبونه إلى سوء تدبيره عليه الصلاة والسلام، أو يتشاءمون به، ويهبطون بذلك هبوطًا شديدًا فالحسنة ما يحسن عندهم، والسيئة ما يسوؤهم، وذلك التفكير الذي يفكرونه ناشئ من ضعفهم النفسي، وضعفهم الإيماني، وسوء ظنهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك شأن أهل النفاق ومن يستمعون إليهم من ضعفاء أهل الإسلام”. زهرة التفاسير، أبو زهرة: (٤-١٧٧٣).
13- وجيء في حكاية قولهم: (يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) [النساء: ٧٨]، (يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) [النساء: ٧٨]، بكلمة (عند) للدلالة على قوة نسبة الحسنة إلى الله ونسبة السيئة للنبي عليه الصلاة والسلام، أي: قالوا ما يفيد جزمهم بذلك الانتساب، ولما أمر الله رسوله أن يجيبهم قال: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) [النساء: ٧٨] مشاكلة لقولهم، وإعرابًا عن التقدير الأزلي عند الله. التحرير والتنوير، ابن عاشور: (٥-١٣٤).
14- والقول المراد في قوله: (يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، (يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ)، هو قول نفسي، لأنهم لم يكونوا يجترئون على أن يقولوا ذلك علنًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يظهرون الإيمان به، أو هو قول يقولونه بين إخوانهم من المنافقين، يقولون: هذه من عند محمد، فيكون الإتيان بكاف الخطاب من قبيل حكاية كلامهم بحاصل معناه على حسب مقام الحاكي والمحكي له، وهو وجه مطروق في حكاية كلام الغائب عن المخاطب إذا حكى كلامه لذلك المخاطب”. التحرير والتنوير، ابن عاشور: (٥-١٣٠).
15- فأخبر الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام، وأمره أن يقول لهم: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، أي: «الجميع بقضاء الله وقدره، وهو نافذ في البر والفاجر، والمؤمن والكافر”. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٢-٣٦٢).
16- قال ابن القيم: “ولو فقهوا أو فهموا لما تطيروا بما جئت به؛ لأنه ليس فيما جاء به الرسول ما يقتضي الطيرة، فإنه كله خير محض لا شر فيه، وصلاح لا فساد فيه، وحكمه لا عبث فيها، ورحمة لا جور فيها، فلو كان هؤلاء القوم من أهل الفهم والعقول السليمة لم يتطيروا من هذا؛ فإن الطيرة إنما تكون بالشر لا بالخير المحض والمصلحة والحكمة والرحمة، وليس فيما أتيتهم به لو فهموا ما يوجب تطيرهم، بل طائرهم معهم بسبب كفرهم وشركهم وبغيهم، وهو عند الله كسائر حظوظهم وأنصبائهم التي يتناولوها منه بأعمالهم وكسبهم، ويحتمل أن يكون المعنى: طائركم معكم، أي: راجع عليكم، فالطير الذي حصل لكم إنما يعود عليكم”. مفتاح دار السعادة، ابن القيم: ٢-٢٣٣.
17- قال النووي: “معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (لا طيرة) أي: اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك؛ لأنهم جعلوا لها أثرًا في الفعل والإيجاد، وأما الفأل وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة، قال العلماء: يكون الفأل فيما يسر وفيما يسوء، والغالب في السرور، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء”. المنهاج شرح صحيح مسلم: (١٤-٢١٩).
18- قال ابن القيم: “إن التطير هو: التشاؤم من الشيء المرئي أو المسموع، فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم عليه فقد قرع باب الشرك، بل ولجه، وبرىء من التوكل على الله، وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله، والتطير مما يراه أو يسمعه، وذلك قاطع له عن مقام (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة:٥] و(فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) [هود:١٢٣] و(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [الشورى:١٠] فيصير قلبه متعلقًا بغير الله عبادة وتوكلًا، فيفسد عليه قلبه وإيمانه”. مفتاح دار السعادة، ابن القيم: (٢-٢٤٧).
19- قال ابن عاشور: «الشؤم يقع على من يتشاءم، جعل الله ذلك عقوبة له في الدنيا لسوء ظنه بالله تعالى[التحرير والتنوير، ٩-٦٦).
20- قال ابن رجب: “فلا شؤم إلا المعاصي والذنوب؛ فإنها تسخط الله عز وجل، فإذا سخط على عبده شقي في الدنيا والآخرة، كما إنه إذا رضي عن عبده سعد في الدنيا والآخرة”. لطائف المعارف، ابن رجب: (١-٧٦).
21- قال الزمخشري: “ويجوز أن يكون معناه: ألا إنما سبب شؤمهم عند الله وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجري عليهم ما يسوءهم لأجله، ويعاقبون له بعد موتهم، بما وعدهم الله في قوله تعالى: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)[غافر: ٤٦]. ولا طائر أشأم من هذا”. الكشاف، الزمخشري: (٢-١٤٥).
22- قال الخازن: “وإنما قال: (أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) ؛ لأن أكثر الخلق يضيفون الحوادث إلى الأسباب ولا يضيفونها إلى القضاء والقدر”. لباب التأويل، الخازن: ٢-٢٣٩.
23- قال البيهقي: “وذلك بزجر الطائر وإزعاجها عن أوكارها عند إرادة الخروج للحاجة، حتى إذا مرت على اليمين تفاءل به ومضى على وجهه، وإن مرت على الشمال تشاءم به وقعد، فهذا من فعل أهل الجاهلية الذين كانوا يوجبون ذلك، ولا يضيفون التدبير إلى الله عز وجل”. شعب الإيمان: (٢-٣٩٦).
24- وهو أعظم ما يتطيرون به، ويسمونه غراب البين؛ لأنه إذا بان أهل الدار للنجعة وقع في موضع بيوتهم يلتمس ويتقمم، فتشاءموا به وتطيروا إذا كان يعتري منازلهم إذا بانوا، وليس شيء مما يزجرونه من الطير والظباء وغيرها أنكد منه، ولست تراه محمودًا في شيء من الأحوال، ويشتقون من اسمه الغرب. المعاني الكبير، ابن قتيبة الدينوري: (١-٢٦٤).
25- ويسمونه أيضًا حاتمًا؛ لأنه يحتم عندهم بالفراق، ويسمونه الأعور على جهة التطير بذلك؛ إذ كان أصح الطير بصرًا، ويقال: سمي أعور لقولهم: “عورات الرجل عن حاجته” إذا رددته عنها. ابن رشيق: (٢-٢٦١).
26- وكان أهل الجاهلية يتشاءمون بطائر من طيور الليل، وقيل: هي البومة، وقيل: كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة، فتقول: اسقوني، فإذا أدرك بثاره طارت، وقيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت، وقيل روحه، تصير هامة فتطير، ويسمونه الصدى، فنفاه الإسلام ونهاهم عنه. ابن الأثير: (٥-٢٨٣).
27- قال ابن حجر -من الطيور التي يتشاءم بها-: “قال القزاز: الهامة طائر من طير الليل كأنه يعني البومة، قال ابن الأعرابي كانوا يتشاءمون بها إذا وقعت على بيت أحدهم يقول: نعت إلي نفسي، أو أحدًا من أهل داري”. فتح الباري، ابن حجر: (١٠-٢٤١).
28- قال ابن الأثير -من الطيور التي يتشاءم بها-: “فالسانح: ما مر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك، والعرب تتطير به لأنه أمكن للرمي والصيد”. النهاية في غريب الحديث والأثر: (١-١١٤).
29- قال ابن منظور -من الحيوانات التي يتشاءم بها الفرس النطيح-: “إذا طالت غرته حتى تسيل تحت إحدى أذنيه، وهو يتشاءم به. لسان العرب”. ابن منظور: ٢-٦٢١.
30- قال ابن القيم: “وكانوا إذا عطس من يحبونه قالوا له: عمرًا وشبابًا، وإذا عطس من يبغضونه، قالوا له: وريًا وقحابًا، والوري كالرمي: داء يصيب الكبد فيفسدها، والقحاب: كالسعال وزنًا ومعنى، فكان الرجل إذا سمع عطاسًا يتشاءم به، يقول: بكلابي إني أسال الله أن يجعل شؤم عطاسك بك لأبي”. مفتاح دار السعادة: (٢-٢٦٢).
31- قال ابن رجب: “كذلك تشاؤم أهل الجاهلية بشوال في النكاح فيه خاصة، وقد قيل: إن أصله أن طاعونًا وقع في شوال في سنة من السنين فمات فيه كثير من العرائس، فتشاءم بذلك أهل الجاهلية، وقد ورد الشرع بإبطاله، قالت عائشة رضي الله عنها: “تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نسائه كان أحظى عنده مني”. لطائف المعارف،: (١/٧٤-٧٥).
32- قال ابن كثير: “وفي دخوله صلى الله عليه وسلم بها -أي: بعائشة رضي الله عنها- في شوال رد لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين؛ خشية المفارقة بين الزوجين، وهذا ليس بشيء”. البداية والنهاية، ابن كثير: (٣-٢٣١).
33- أنهم كانوا يتشاءمون ببعض الأيام أو ببعض الساعات، كالحادي والعشرين من الشهر، وآخر أربعاء فيه، ونحو ذلك، فلا يسافر فيها كثيرٌ من الناس، ولا يعقد فيها نكاحًا، ولا يعمل فيها عملًا مهمًا ابتداءً، يظن أو يعتقد أن تلك الساعة نحسٌ، وكذا التشاؤم ببعض الجهات في بعض الساعات، فلا يستقبلها في سفرٍ ولا أمرٍ حتى تنقضي تلك الساعة أو الساعات، وهي من أكاذيب المنجمين الملاعين؛ يزعمون أن هناك فلكًا دوارًا يكون كل يوم أو ليلة في جهة من الجهات، فمن استقبل تلك الجهة في الوقت الذي يكون فيها هذا الفلك لا ينال خيرًا، ولا يأمن شرًا، وهم في ذلك كاذبون مفترون قبحهم الله. معارج القبول، حافظ حكمي: (٣-٩٩١).
34- قال ابن حجر: “وإنما أمرهم بالخروج منها لاعتقادهم أن ذلك منها، وليس كما ظنوا، لكن الخالق جل وعلا جعل ذلك وفقًا لظهور قضائه، وأمرهم بالخروج منها لئلا يقع لهم بعد ذلك شيء فيستمر اعتقادهم، قال ابن العربي: وأفاد وصفها بكونها ذميمة جواز ذلك، وأن ذكرها بقبيح ما وقع فيها سائغ من غير أن يعتقد أن ذلك كان منها، ولا يمتنع ذم محل المكروه وإن كان ليس منه شرعًا، كما يذم العاصي على معصيته وإن كان ذلك بقضاء الله تعالى”. فتح الباري، ابن حجر: (٦-٦٢).
35- قال ابن القيم: “فالطيرة باب من الشرك وإلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته، يكبر ويعظم شأنها على من اتبعها نفسه واشتغل بها وأكثر العناية بها، وتذهب وتضمحل عمن لم يلتفت إليها ولا ألقى إليها باله ولا شغل بها نفسه وفكره. واعلم أن من كان معتنيًا بها قائلًا بها كانت إليه أسرع من السيل إلى منحدر، فتحت له أبواب الوساوس فيما يسمعه ويراه ويعطاه، ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى ما يفسد عليه دينه، وينكد عليه عيشه، فإذا سمع سفرجلًا أو أهدي إليه تطير به، وقال: سفر وجلاء. وإذا رأى ياسمينًا أو سمع اسمه تطير به، وقال: يأس ومين. وإذا رأى سوسنة أو سمعها قال: سوء يبقى سنة. وإذا خرج من داره فاستقبله أعور أو أشل أو أعمى أو صاحب آفة تطير به، وتشاءم بيومه”. وقال: “والمتطير متعب القلب، منكد الصدر، كاسف البال، سيئ الخلق، يتخيل من كل ما يراه أو يسمعه، أشد الناس خوفًا، وأنكدهم عيشًا، وأضيق الناس صدرًا، وأحزنهم قلبًا، كثير الاحتراز والمراعاة لما لا يضره ولا ينفعه، وكم قد حرم نفسه بذلك من حظ، ومنعها من رزق، وقطع عليها من فائدة”. مفتاح دار السعادة: (٢-٢٣١).
36- قال ابن رجب: “فالعاصي مشؤوم على نفسه وعلى غيره، فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس، خصوصًا من لم ينكر عليه عمله، فالبعد عنه متعين، فإذا كثر الخبث هلك الناس عمومًا، وكذلك أماكن المعاصي وعقوباتها يتعين البعد عنها والهرب منها خشية نزول العذاب”. لطائف المعارف: (١-٧٧).
37- قال البيهقي: “البارح من الطيور والظباء يميزون به ما ينحرف عن الرامي، ويتيمنون به”. شعب الإيمان: (٢-٣٩٦).
38- قال الراغب -من الطيور التي يتشاءم بها-: “الظبي والطائر الذي يستقبلك بوجهه، كأنه ينطحك، ويتشاءم به”. المفردات (ص: ٦٧٩).
39- قال ابن رجب: “وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال، وتزوج النبي أم سلمة في شوال أيضًا” لطائف المعارف: (١/٧٤، ٧٥).
40- قال الشقيري: “يتركون أكل اللبن والسمك في يومي السبت والأربعاء، ويحرمون الخياطة يوم الجمعة ويوم عرفات، ويمنعون الإبرة والمنخل ليلًا تشاؤمًا”. السنن والمبتدعات: (ص ٣٣٤).
41- قال ابن العربي: الخروج من دار يكرهونها لئلا يقع لهم بعد ذلك شيء. فتح الباري: (٦-٦٢).
42- قال الخطابي: إن شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها فتح الباري: (٦-٦٢).
43- قال القسطلاني: إن كانت له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس لا يعجبه، فليفارقها بالانتقال. إرشاد الساري: (٨-٢٥).
44- قال ابن القيم: “فإخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة، ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله سبحانه، قد يخلق منها أعياناً مشؤمة على من قاربها وسكنها وأعياناً مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولداً مباركاً، يريان الخير على وجهه، ويعطي غيرهما ولداً فكذلك الدار والمرأة والفرس. والله سبحانه خالق الخير والشر من قارنها، وحصول اليمن له والبركة، ويخلق بعض ذلك نحوساً يتنحس بها من قارنها، وكل ذلك بقضائه وقدره، كما خلق سائر الأسباب، وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة، فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة، ولذذ بها من قارنها من الناس، وخلق ضدها وجعلها سبباً لإيذاء من قارنها من الناس، والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحس، فكذلك في الديار والنساء والخيل، فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر” مفتاح دار السعادة: (٢-٢٥٧).
45- قال ابن القيم: “وقد كانت العرب تقلب الأسماء تطيرًا وتفاؤلًا، فيسمون اللديغ سليمًا باسم السلامة، وتطيرًا من اسم السقم، ويسمون العطشان ناهلًا، أي: سينهل -والنهل: الشرب- تفاؤلًا باسم الري، ويسمون الفلاة مفازةً، - أي: منجاةً - تفاؤلًا بالفوز والنجاة، ولم يسموها مهلكة لأجل الطيرة”. مفتاح دار السعادة: (٢/٢٤٥، ٢٤٦).
46- قال الجاحظ: “ومنعا للتشاؤم سمت العرب المنهوش بالسليم، والبرية بالمفازة؛ تفاؤلًا في تجاوزها والفوز، لئلا يهلكوا فيها عند قطعها، وكنوا الأعمى أبا بصير، والأسود أبا البيضاء، وسموا الغراب بحاتم، إذ كان يحتم الزجر به على الأمور”. الحيوان: (٣-٢٠٩).
47- قال محمد بن إبراهيم الحمد: “حيث يتشاءم النصارى وغيرهم من بعض الأرقام، وأشهر رقم يتشاءمون به هو الرقم - ١٣- ولذلك حذفته بعض شركات الطيران من ترقيم المقاعد، وحذفته بعض العمارات من أرقام الطوابق والشقق؛ لأن الناس يتشاءمون من ذلك الرقم، ويقال: إن قصة ذلك سببها خرافة نصرانية تزعم أن حواريي عيسى عليه السلام عددهم اثنا عشر حواريًا، فانضم إليه يهوذا الأسخريوطي فصاروا ثلاثة عشر، وهذا الأخير هو الذي وشى بعيسى عليه السلام وتسبب في صلبه - كما يزعمون -؛ فلذلك كرهوا هذا الرقم وتشاءموا منه، وهذه خرافة ظاهر بطلانها؛ ذلك أن الأرقام لا تقدم ولا تؤخر، وأن عيسى عليه السلام لم يصلب ولم يقتل، بل رفعه الله إليه”. الطيرة (ص: ٤٠).
48- قال الماتريدي: “فيه إخبار أن ما يصيب العبد من الضر والخير إنما يصيب به، ثم الضر المذكور في الآية لا يخلو من أن يراد به سقم النفس، أو ضيق العيش، أو شدة وظلم يكون من العباد، لا يخلو من هذه الأوجه الثلاثة، فإذا كان كذلك فدل إضافة ذلك إلى الله تعالى على أن لله فيه فعلًا، وهو أن خلق فعل ذلك منهم، فهو على كل شيء قدير من كشف الضر له، والصرف عنه، وإصابة الخير، لا يملك ذلك غيره”. انظر: تأويلات أهل السنة” تأويلات أهل السنة: (٤-٣٨).
49- قال النووي: “ودلالة الحديث: أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها، من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك، فيقولون: يا خيبة الدهر، ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر، أي: لا تسبوا فاعل النوازل؛ فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى؛ لأنه هو فاعلها ومنزلها، وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له، بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى، ومعنى: (فإن الله هو الدهر)، أي: فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات”. المنهاج شرح صحيح مسلم، النووي: (١٥-٣).
50- قال الشَّوكانيُّ: “قَولُه: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ) [الأعراف: 131] أي: الخَصلةُ الحَسَنةُ من الخِصبِ بكثرةِ المطَرِ وصلاحِ الثَّمَراتِ، ورخاءِ الأسعارِ، قالوا: لَنَا هَذِهِ أي: أُعطيناها باستحقاقٍ، وهي مختصَّةٌ بنا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ أي: خَصلةٌ سَيِّئةٌ من الجَدبِ والقَحطِ وكثرةِ الأمراضِ ونحوِها من البلاءِ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أي: يتشاءَموا بموسى ومَن معه من المؤمِنينَ به.
قولُه: (أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ)؛ أي: سبَبُ خَيرِهم وشَرِّهم بجميعِ ما ينالُهم من خِصبٍ وقَحطٍ، من عندِ اللهِ، ليس بسبَبِ موسى ومَن معه، وكان هذا الجوابُ على نمَطِ ما يعتَقِدونه وبما يفهَمونه؛ ولهذا عَبَّر بالطَّائِرِ عن الخيرِ والشَّرِّ الذي يجري بقَدَرِ اللهِ وحِكمتِه ومَشيئتِه، ولكِنَّ أكثَرَهم لا يَعلَمون بهذا، بل يَنسُبون الخَيرَ والشَّرَّ إلى غيرِ اللهِ جَهلًا منهم”. فتح القدير.
51- قال السَّعديُّ في قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ) [الأعراف: 131]: “يخبِرُ تعالى عن الذين لا يَعلَمونَ، المُعرِضين عمَّا جاءت به الرُّسُلُ، المعارِضين لهم: أنَّهم إذا جاءتهم حَسَنةٌ، أي: خِصبٌ وكثرةُ أموالٍ، وتوفُّرُ أولادٍ وصِحَّةٌ، قالوا: هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وأنَّهم إن أصابَتْهم سَيِّئةٌ، أي: جَدبٌ وفَقرٌ، ومَرَضٌ وموتُ أولادٍ وأحبابٍ، قالوا: هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ أي: بسَبَبِ ما جِئْتَنا به يا محمَّدُ، تطَيَّروا برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما تطَيَّرَ أمثالُهم برُسُلِ اللهِ”. تيسير الكريم الرحمن.
52- قال الزَّمَخشَريُّ في قوله تعالى: (تَطَيَّرْنَا بِكُمْ...) [يس: 18-19]: تشاءَمنا بكم، وذلك أنَّهم كَرِهوا دينَهم، ونَفَرت منه نفوسُهم، وعادةُ الجُهَّالِ أن يتيَمَّنوا بكُلِّ شيءٍ مالوا إليه واشتَهَوه وآثروه وقَبِلَته طباعُهم، ويتشاءَموا بما نَفَروا عنه وكَرِهوه، فإن أصابهم نِعمةٌ أو بلاءٌ قالوا ببركةِ هذا وبشؤمِ هذا”. ثمَّ توعَّدوهم فقالوا: (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ): قال قتادةُ: بالحِجارةِ. وقال مجاهِدٌ: بالشَّتمِ”.
53- “حينَئذٍ أجابهم الرُّسُلُ: (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ) [يس:19]؛ أي: قالوا لهم: سَبَبُ شؤمِكم من أفعالِكم لا من قِبَلِنا كما تزعَمون، فأنتم أشرَكْتُم باللهِ سِواه، وأُولِعْتُم بالمعاصي واجتَرَحْتُم السَّيِّئاتِ، أمَّا نحن فلا شؤمَ مِن قِبَلِنا، فإنَّا لا ندعو إلَّا إلى توحيدِ اللهِ، وإخلاصِ العبادةِ له، والإنابةِ إليه، وفي ذلك منتهى اليُمنِ والبَرَكةِ”. تفسير المراغي.
54- قال القُرطبيُّ في قوله تعالى: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) [النمل: 47]: “أي: تشاءَمْنا. والشُّؤمُ: النَّحسُ. ولا شيءَ أضَرُّ بالرَّأيِ ولا أفسَدَ للتَّدبيرِ مِن اعتقادِ الطِّيَرةِ. ومَن ظَنَّ أنَّ خُوارَ بَقَرةٍ أو نَعيقَ غُرابٍ يَرُدُّ قضاءً، أو يدفَعُ مقدورًا، فقد جَهِل”. تفسير القرطبي.
55- قال ابن عاشور في قوله تعالى: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) [النمل: 47] قال: “وأجاب صالحٌ كلامَهم بأنَّه ومَن معه ليسوا سَبَبَ شُؤمٍ، ولكِنْ سَبَبُ شُؤمِهم وحلولِ المضارِّ بهم هو قُدرةُ اللهِ”. التحرير والتنوير.
56- قال الرَّازيُّ في قوله تعالى: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) [النمل: 47]: "ثمَّ بَيَّن أنَّ هذا جَهلٌ منهم، بقَولِه: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ)، فيحتَمِلُ أنَّ غيرَهم دعاهم إلى هذا القَولِ، ويحتَمِلُ أن يكونَ المرادُ أنَّ الشَّيطانَ يَفتِنُكم بوسوستِه". مفاتيح الغيب.
57- قال ابنُ بَطَّالٍ: "جَعَل اللهُ في فِطرةِ النَّاسِ محبَّةَ الكَلِمةِ الطَّيِّبةِ والفَألِ الصَّالحِ، والأُنسَ به، كما جَعَل فيهم الارتياحَ للبُشْرى والمَنظَرِ الأنيقِ، وقد يمُرُّ الرَّجُلُ بالماءِ الصَّافي فيُعجِبُه وهو لا يشرَبُه، وبالرَّوضةِ المنثورةِ فتَسُرُّه وهي لا تنفَعُه". شرح صحيح البخاري: (9-437).
58- قال الخَطَّابيُّ: "الفَرقُ بَينَ الفَألِ والطِّيَرةِ أنَّ الفَألَ مأخوذٌ من طريقِ حُسنِ الظَّنِّ باللهِ تعالى، والطِّيَرةُ إنَّما هي من طريقِ الاتِّكالِ على شيءٍ سِواه". غريب الحديث: (1-183).
59- قال حسين بن محمد المهدي: "الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن ويقضي على التشاؤم والطيرة ويزيد الإنسان قوة وفتوة فيجعله كالجبل الذي لا تهزه ريح ولا يجحبه مطر، فالمؤمن بقدر الله يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطأه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وفي الحديث الشريف: "عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلَاّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" أخرجه مسلم: (5318)، وفي الذكر الحكيم: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَاّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة:51]، (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَاّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 22-23]". صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال: (1/146-147).
60- قال حسين المهدي: "الرحمة جاء بها الاسلام، واتصف بها سيد ولد عدنان المبعوث الى كافة الانام محمد عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام، وتحلى بها اصحابه الكرام، وفي المسلم به انه لا شيء يضر بشخصية الانسان مثل التشاؤم، فهو من اخطر الامراض التي تصيب النفس وتعصف بها، وتقعدها عن العمل، وكثيرا ما يجرها الى الهلاك، ويجعلها ترتمي في الاخطار، وتقسو على الاخرين وعلى نفسها، لان الحياة تصبح في نظرها جحيما لا يطاق، ولكن النفس المؤمنة بالله المدركة لرحمة الله لا يغادرها الامل، فهي تعالج مشاكل الحياة بحكمة وصبر وايمان، فهي تنظر الى اثار رحمة الله وتطلب من الله الرحمة والعون لا يصيبها خيبة ولا يدركها ملل، فهناك قوة روحية تدخل في نفوس المؤمنين، تبعدها عن القنوط، وتجعلها في فرح وسرور، فرحمة الله قريبة من المؤمنين المحسنين". صيد الأفكار: (1/165-166).
61- قال حسين المهدي: "فأخذ النفس البشرية بالشدة وإدخال الهم والحزن والقنوط عليها غير مرغوب ولا محبوب، بخلاف الترويح عليها بما يفرح القلب، ويوصلها بالسلوى والسرور، فإنه محمود غير مذموم، ومألوف غير مبغوض، ومرغب فيه غير منفر عنه، لأنه يزيل عن النفس التشاؤم، ويستأصل شأفة الاكتئاب والابتعاد، ويبعث في النفس النشاط، وذلك كله مما يدحض اليأس والقنوط، ويزيل الخمول والجمود، ويحث على العمل، وأنت بحاجة في سفرك وإقامتك إلى ما يروح عليك وعلى زملائك وأهلك وإخوانك". صيد الأفكار: (1-222).
62- قال حسين المهدي: "وممَّا يجلُب الفرح والسُّرور: الأسْفارُ والتَّنقُّلُ في الدِّيارِ ورؤيةُ الأمصارِ، وعليك بثلاثة أطباء: الفرحِ والراحةِ والحِمْيةِ وإياك وثلاثة أعداءٍ: التشاؤمِ والوهمِ والقنوطِ؛ فاجعل الفرح شكراً، والحزن صبراً، والصمت تفكراً، والنظر اعتباراً، والنطقِ ذِكْراً، والحياء طاعةً، والموت أمنيةً". صيد الأفكار: (1-320).