تمكين

2025-10-11 - 1447/04/19

التعريف

التعريف لغة:

 

التمكين: مصدر للفعل مكّن وهو من مزيد الثلاثي والأصل “مكَن” وقد وردت مادة “مكن” في كتب اللغة ولم تخرج عن أصل وضعها، قال الجوهري: “مكن” مكنه الله من الشيء وأمكنه منه بمعنى، واستمكن الرجل من الشيء وتمكن منه بمعنى، وفلان لا يمكنه النهوض: أي لا يقدر عليه. والمكْن: بيض الضب.. قال الكسائي: أمكنت الضبة جمعت بيضها في بطنها”. ينظر: الصحاح (6-2205).

 

وقال صاحب اللسان: “وقد مكنت الضبة وهي مكون، وأمكنت وهي ممكن إذا جمعت البيض في جوفها.. وفي حديث أبي سعيد: “لقد كنا على عهد رسول الله - -صلى الله عليه وسلم- - يهدى لأحدنا الضبة المكون أحب إليه من أن يُهْدى إليه دجاجة سمينة”؛ المكون التي جمعت المكن وهو بيضها، وقيل: الضبة المكون التي على بيضها.. والمَكِنة التمكن؛ تقول العرب: إن بني فلان لذوو مَكِنة من السلطان أي تمكن.. وقال ابن سيده: والمكانة المنزلة عند الملك؛ والجمع مكانات ولا يجمع جمع تكسير وقد مَكُن مكانة فهو مكين، والجمع مكناء، وتمكَّن كَمَكن. وتمكن من الشيء واستمكن ظفر، والاسم من كل ذلك المكانة، قال أبو منصور: ويقال أمكنني الأمر، يمكنني فهو ممكن، ولا يقال: أنا أمكنه بمعنى أستطيعه”. لسان العرب: (13/412ـ-415).

 

وقال صاحب المفردات عند مادة: “مكن”: “المكان عند أهل اللغة الموضع الحاوي للشيء، وعند بعض المتكلمين أنه عرض وهو اجتماع جسمين حاوٍ ومحويّ، وذلك أن يكون سطح الجسم الحاوي محيطًا بالمحوي، فالمكان عندهم هو المناسبة بين هذين الجسمين، قال: (مَكَانًا سُوًى) - (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا) ويقال: مَكَّنتُه ومكنت له فتمكن. قال: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) - (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) - (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ) - (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) .. وأمكنت فلانا من فلان ويقال: مكان ومكانة، قال -تعالى-: (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ) .. وقرئ: (على مكاناتكم). وقوله: (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) أي متمكن ذي قدر ومنزلة، ومَكَنات الطير ومَكُناتها مقارُّه...”. المفردات: (471).

 

اصطلاحا:

 

قال الخازن التمكين: “هو أن لا ينازع الممكن منازع فيما يراه ويختاره”. انظر: لباب التأويل: (٢-٥٣٦).

 

وقال ابن عرفة: “التمكين هو القدرة على الفعل”. انظر: تفسير ابن عرفة: (١-٣٥٨).

 

وقال مصطفى مسلم: “إن لفظة التمكين في القرآن الكريم لا تأتي إلا للشيء الذي لا تسعفه الأسباب المادية من الوصول إليها، فيأتي بأسباب وتدابير ربانية غير عادية”. مباحث في التفسير الموضوعي (ص: ٢١٦).

 

العناصر

1- مفهوم التمكين

 

2- التمكين مشيئة إلهية

 

3- أنواع التمكين

 

4- مقومات التمكين

 

5- أهداف التمكين

 

6- أسباب زوال التمكين

الايات

1- قال الله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ) [الأعراف: 10].

 

2- قال تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) [الأنعام: 6].

 

3- قال تعالى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) [يوسف: 21].

 

4- قال تعالى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ) [يوسف: 56].

 

5- قال تعالى: (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 6].

 

6- قال تعالى: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ) [القصص: 57].

 

7- قال تعالى: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) [الكهف: 84].

 

8- قال تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ) [الحج: 41].

 

9- قال تعالى: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) [يوسف: 101] تمكين يوسف بعد البلاء.

 

10- قال تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 5–6]. وعد الله بتمكين بني إسرائيل.

 

11- قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) [إبراهيم: 13–14]. وعد بالتمكين بعد الاضطهاد.

 

12- قال تعالى: (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ...) [ص: 36]. تمكين سليمان عليه السلام في الكون.

 

13- قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) [سبأ: 15].

 

14- قال تعالى: (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ) [ص: 36].

 

15- قال تعالى: (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [يس: 41].

الاحاديث

1- عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "بشر هذه الأمةَ بالسناءِ والتمكينِ في البلادِ والنصرِ والرفعةِ في الدينِ، ومن عمل منهم بعملِ الآخرةِ للدنيا، فليس له في الآخرةِ نصيبٌ". أخرجه أحمد (٢١٢٥٨)، والحاكم (٧٨٦٢)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (٦٨٣٣) باختلاف يسير. وقال الألباني في أحكام الجنائز (٧٠): "إسناده صحيح على شرط البخاري".

 

2- عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظاهِرِينَ، حتّى يَأْتِيَهُمْ أمْرُ اللَّهِ وهُمْ ظاهِرُونَ". أخرجه البخاري: (٧٣١١)، ومسلم: (١٩٢١).

 

الاثار

1- قال قَتَادَة -رضي الله عنه- فِي قَوْله: (أَو لم نمكن لَهُم حرما آمنا) قَالَ: كَانَ أهل الْحرم آمِنين يذهبون حَيْثُ شَاءُوا فَإِذا خرج أحدهم قَالَ: إِنَّا من أهل الْحرم لم يعرض لَهُ أحد وَكَانَ غَيرهم من النَّاس إِذا خرج أحدهم قتل وسلب”. الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (6-430).

 

2- قال قَتَادَة -رضي الله عنه- أيضا فِي قَوْله: (أَو لم نمكن لَهُم حرما آمنا) قَالَ: أَو لم يَكُونُوا آمِنين فِي حرمهم لَا يغزون فِيهِ وَلَا يخَافُونَ”. الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (6-430).

 

3- قال قَتَادَة في قوله: (وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم) قَالَ: هُوَ الإِسلام”. الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (6-216).

 

4- قال ابن عباس عند قوله -تعالى-: (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى): “يريد يوسع لهم في البلاد حتى يملكوها، ويظهر دينهم على جميع الأديان، ويملِّكهم على جميع الملوك”. التفسير البسيط: (16-345).

 

5- سئل الإمام الشافعي رحمه الله يومًا: أيٌ أفضل الصبر أو المحنة، أو التمكين؟ فقال الشافعي رحمه الله: “التمكين درجة الأنبياء، ولا يكون التمكين إلا بعد المحنة، فإذا امتحن صبر، وإذا صبر مكن، ألا ترى أن الله عز وجل امتحن إبراهيم عليه السلام ثم مكنه، وامتحن سليمان عليه السلام، ثم مكنه، وآتاه ملكًا، والتمكن أفضل الدرجات”. تفسير الإمام الشافعي: (٢-٩٧٨).

 

6- قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وقتادة والضحاك وغيرهم عند قوله: (وآتيناه من كل شيء سببا): “يعني علما”. تفسير ابن كثير: (5-171).

 

7- قال قتادة أيضا في قوله: (وآتيناه من كل شيء سببا) قال: منازل الأرض وأعلامها”. تفسير ابن كثير: (5-171).

 

8- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: (وآتيناه من كل شيء سببا) قال: تعليم الألسنة، قال: كان لا يغزو قوما إلا كلمهم بلسانهم”. تفسير ابن كثير: (5-171).

 

9- قال حبيب بن حماز: كنت عند علي -رضي الله عنه- وسأله رجل عن ذي القرنين كيف بلغ المشرق والمغرب؟ فقال: سبحان الله سخر له السحاب، وقدر له الأسباب، وبسط له اليد”. تفسير ابن كثير: (5-171).

 

10- وقال علي عن قوله -تعالى-: (إنا مكنا له في الأرض): (سخر له السحاب، ومدت له الأسباب، وبسط له في النور، فكان الليل والنهار عليه سواء” تفسير القرطبي: (11-48).

 

11- قال مقاتل بن سليمان في تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ ...)[الحج: 41]. قال: "يعنى: أرض المدينة وهم المؤمنون بعد القهر بمكة". تفسير مقاتل بن سليمان.

القصص

من قصص التمكين:

 

نوح عليه السلام

 

داود عليه السلام

 

سليمان عليه السلام

 

يوسف عليه السلام

 

قصة طالوت وجالوت

 

قصة فرعون وموسى

 

قصة التيه وموسى

 

ذو القرنين

 

قصة الاحزاب

 

قصة فتح مكة

 

 


 

الاشعار

قال ابن دراج القسطلي:

هُوَ النَّصْرُ والتَّمْكِينُ أَدْرَكَ طالِبُهُ *** ولاحَتْ وَشيكاً بالسُّعودِ كواكِبُهْ

وبَشَّرَ بالفتحِ المُبينِ افْتِتاحُهُ *** وأَحْرَزَتِ الصُّنعَ الجليلَ عواقِبُهْ

وسلطانُ عِزٍّ فِي أَرُومَةِ مَفْخَرٍ *** تعالَتْ عَلَى زُهْرِ النجومِ مَرَاقِبُهْ

وجُودٌ تناهى فِي الخلائِقِ وانْتَهَتْ *** إِلَى حاتِمٍ فِي الأَكْرَميْنَ مَناسِبُهْ

تَقَضَّتْ رَجاءَ الراغِبينَ سِجَالُهُ *** وعَمَّتْ كما عَمَّ الغَمامُ مَوَاهِبُهْ

ومَلْجَأُ أَمْنِ المُسْتَضَامِ ومَعْقِلٌ *** كَفى الدهرَ حَتَّى مَا تنوبُ نوائِبُهْ

وسيفٌ مُحَلَّىً بالمَكارِمِ جَفْنُهُ *** مُعَوَّدَةٌ نصرَ الإِلهِ مَضارِبُهْ

إذَا سلَّهُ دينُ الهُدى بَكَّرَ الرَّدى *** لديهِ يُرَاعِي أَمرَهُ ويُرَاقِبُهْ

تَخَيَّرَهُ الرَّحمنُ من سَرْوِ حِمْيَرٍ*** فَناضَلَ عنه باتِكُ الخَدِّ قاضِبُهْ

مُخَلَّدَةٌ فِي الصالحينَ سِماتُهُ *** وباقِيةٌ فِي العالَمِينَ مَنَاقِبُهْ

حسامُ الإِمامِ المُصْطَفى وسِنانُهُ *** ومَفْزَعُهُ فِي المُشْكِلاتِ وحاجِبُهْ

هو القَدَرُ المحتومُ من ذا يَرُدُّهُ *** وسلطانُ ربِّ العرشِ مَنْ ذا يُغَالِبُهْ

سما لعميدِ المشركِينَ بعزمَةٍ *** تداعَتْ لَهَا أَركانُهُ وجوانِبُهْ

وشَيَّعْتَهُ يَا ابْنَ الكرامِ بجحفَلٍ *** سواءٌ عَلَيْهِ خَرقُهُ وسباسِبُهْ

يُكاثِرُ أَعدادَ الحصَى بِكُمَاتِهِ *** وتَعْتَدُّ أَضعافَ النجومِ قواضِبُهْ

لَهَامٌ كسا أرضَ الفضاءِ بِجَمْعِهِ *** وفاضَتْ عَلَى شمسِ النهارِ ذَوَائِبُهْ

نَهَضْتَ بِهِ والجَوُّ بالنَّقْعِ مُفْعَمٌ *** وأَنَّسْتَهُ والليلُ تسطُو غَياهِبُهْ

وأَعلى لَكَ القدرَ الجليلَ أَمَامَهُ *** لواءٌ أَضاءَ الشرقَ والغربَ ثاقِبُهْ

فلما رأَى غَرْسِيَّةٌ أَنَّهُ الرَّدى *** يقيناً وأَنَّ اللهَ لا شَكَّ غالِبُهْ

وَقَدْ حَلَّ حزبُ اللهِ دونَ شَغافِهِ *** وَقَدْ سَلَكَتْ فِي ناظِرَيْهِ كتائبُهْ

ووافاهُ ريحُ العزمِ يسقي رُبُوعَهُ *** وتنهَلُّ بالموتِ الزؤامِ سحائِبُهْ

وأَبصَرَ بحرَ الموتِ طَمَّ عُبابُهُ *** وفاضَتْ نواحِيهِ وجاشَتْ غوارِبُهْ

وأَيقَنَ أَن اللهَ صادقُ وَعْدِهِ *** وأَنَّ أَمانيَّ الضلالِ كواذِبُهْ

وأَسلَمَهُ ضنكُ المقامِ إِلَى الَّتِي *** لَهَا قامَ ناعِيهِ وضَجَّتْ نوادِبُهْ

وَقَدْ رابَهُ أَنصارُهُ وكُماتُهُ *** وأَوْحَشَهُ أَشياعُهُ وأَقارِبُهْ

وأَخلفَهُ الشيطانُ خادِعَ وعدِهِ *** وأَيقنَ أَنَّ اللهَ عنكَ مُحارِبُهْ

تلقَّاكَ فِي جيشٍ من الذُّلِّ جحفلٍ *** صوارِمُهُ آمالُهُ ورغائِبُهْ

ومِن قَبْلُ أَحفى الرُّسْلَ نحوَكَ ضارِعاً *** عَلَى حينَ أَنْ عَزَّتْ لديكَ مطالبُهْ

وأَعْيا بآراءِ التَّرَضِّي وزيرُهُ *** وأَنْفَذَ أَلفاظَ التَّذَلُّلِ كاتِبُهْ

فأَعْطى بِكِلْتَيْ راحَتَيْهِ مُبادِراً *** لأَمْرِكَ مُرْضٍ بالَّذِي أَنتَ راغبُهْ

وأَمْكَنَ حَبْلَ الرِّقِّ من حُرِّ جِيدِهِ *** مُتابِعَ عَزْمٍ حَيْثُ أَمْرُكَ جاذِبُهْ

فأَعْطَيْتَهُ مَا لَوْ تَأَخَّرَ ساعَةً *** لَزُمَّتْ إِلَى نارِ الجحيمِ رَكائِبُهْ

وأَضْحَتْ سَبايا المسلمينَ حُصُونُهُ *** وَقَدْ نَفِدَتْ وِلْدَانُهُ وكواعِبُهُ

فَمَلّاكَ عِزَّ الملكِ والنصرِ رَبُّهُ *** وهَنَّأَكَ الصُّنْعَ المُتَمَّمَ واهِبُهْ

موقع الديوان.

 

2- قال ابن الأبار البلنسي:

غَزْوٌ على النّصر والتمكين منْشؤُه *** الفَتْحُ غَايَتُه والنُّجْح مَبْدَؤُهُ

لا رَيْبَ فيما تجلّى مِنْ دَلائِلهِ *** إنّ السَّعادَةَ لِلْحُسْنى تُهيِّئهُ

والفجر إذ يَصْدُق الأبصارَ مطْلِعُه *** لا يستطيعُ جَناحُ الجُنْحِ يُخفِئُهُ

يُعْطِيكَ أوَّلُه مَضْمونَ آخِره *** فإِن واصفَه صدْقَاً يُنَبَّؤُهُ

خَطّتْ بِهِ اليَدُ منهُ مُهْرَقاً فبَدا *** عنْوَانُه لِعُيونِ الناسِ تَقْرَؤُهُ

الأمْرُ أمْرُك تُعْطيه وتَمْنَعُه *** والحُكم حُكمك تُمضيهِ وتُرْجِئهُ

غَضبت لله تَسْتَرْعي فرائِضَهُ *** فَجِئتَ تَرْمي بِسهم لَيسَ يخطِئهُ

وقُمْتُ للدّين إفْصاحاً بنصْرَتِه *** فاسحنْفَرتْ عندها الدُّنيا تُهنّئُهُ

قد كانَ مُنتهكاً جسْمُ الهُدى مَرَضاً *** وأَنت رُوحٌ لَهُ مازِلت تُبْرئُهُ

للهِ جيْشُك والأسْطول قد ضَمِنا *** لِلْمُقْتدي بالهُدى سيْراً يُهدّئُهُ

تَساوقا في سبيل الله واسْتَبَقا *** فَاستَوْسَقَ النّصر أوفَاه وأبْطؤُهُ

هذا على أَغْبَرِ البَيْداء يسْجرُه *** وَذاك في أخضَر الدّأماء يملؤُهُ

كُلُّ عَلَيْهِ بِما جَشَّمْتَهُ أبْداً *** كِلاءةُ الدين واليُمنُ يُكلِّئُهُ

يا حبَّذا من بَنات الماء سَابِحَةٌ *** تطفو لِما شبّ أهل النار تطفئُهُ

تُطيرُها الرّيح غرْباناً بأجنِحة ال *** حمائمِ البِيض للإشْراكِ تَرْزَؤُهُ

مِن كلّ أدْهمَ لا يُلفى به جرَبٌ *** فَما لراكِبه بالقارِ يهنئُهُ

يُدْعَى غُراباً ولِلْفتخاء سرْعتُه *** وهوَ ابْن ماء وللشاهِين جُؤْجُؤُهُ

إن كانَ مِن نحو بَحر الشرق مسبَحه *** فإنّ سَاحِلَ بَحْر الغَرْبِ مَرْفَؤُهُ

حَنَّ الإمَامُ إلى أوْطانِه كَرَماً *** آثارهُ خيمُهُ الأرضَى وضِئْضِئُهُ

فيمّم المَغْربَ الأَقصى يُمَلّكه *** واسْتَقبَلَ المَنْزل الأَعلى يبَوّؤُهُ

سَما إلى مَطلع المهديّ يصْدعُ ما *** غَشّاهُ ظُلْمَاً وَإظْلامَاً تلأْلُؤُهُ

نَادى بِيحيى بن عَبد الواحدِ بنِ أبي *** حَفْصٍ فَلَبَّاهُ يَجْزيهِ ويُجْزِئُهُ

لمَّا رَأى إخوَة التثليث تَمْحَقُه *** أجَابَه بِبَني التّوحيدِ يُنْشِئُهُ

مِنْ جحْفلٍ يَحمل الإسعَادُ رَايتهُ *** لا يَرْبأ بالعَالَمُ العَلْويُّ يُرْبِئُهُ

تُنْمى نِكايَتُهُ في الرُّوم إذْ جعلت *** بالقَرْحِ توجعه والجرْح تنكؤُهُ

كَم ظامئٍ للظُّبا فِيهم تضَلُّعُه *** وساغِبٍ للْقَنَا مِنْهم تَمَلُّؤُهُ

إمَام عَدْلٍ بِنُور اللَهِ يَنْظُر مَا *** غَدا يُعَجّله أو مَا يُرَوِّئُهُ

موقع الديوان

متفرقات

1- قال ابن كثير معلقا على قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً): “يقول -تعالى-: ولقد مكنا الأمم السالفة في الدنيا من الأموال والأولاد وأعطيناهم منها ما لم نعطكم مثله ولا قريبًا منه”. تفسير ابن كثير: (4-144).

 

2- قال ابن كثير: “وقد أنجز الله موعده لرسوله صلوات الله عليه أي فإنه -تعالى- مكنه في البلاد وحكمه في نواصي مخالفيه من العباد وفتح له مكة وأظهره على من كذبه من قومه وعاداه وناوأه واستقر أمره على سائر جزيرة العرب وكذلك اليمن والبحرين وكل ذلك في حياته ثم فتحت الأمصار والأقاليم والرساتيق بعد وفاته في أيام خلفائه -رضي الله عنهم- أجمعين، كما قال الله -تعالى-: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز) [المجادلة: 21] (وقال إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) [غافر: 51-52] وقال -تعالى-: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) [الأنبياء: 105]، وقال -تعالى-: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) [النور: 55] الآية وقد فعل الله ذلك بهذه الأمة المحمدية وله الحمد والمنة أولا وآخرا وظاهرا وباطنا”. تفسير ابن كثير: (3-308).

 

3- قال ابن كثير: “وليبدلنهم من بعد خوفهم من الناس أمنا وحكما فيهم، وقد فعله تبارك وتعالى، وله الحمد والمنة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يمت حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكمالها، وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر وإسكندرية وهو المقوقس، وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة الذي تملك بعد أصحمة رحمه الله وأكرمه. ثم لما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واختار الله له ما عنده من الكرامة، قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق، فلم شعث ما وهي بعد موته -صلى الله عليه وسلم-، وأطد جزيرة العرب ومهدها، وبعث الجيوش الإسلامية إلى بلاد فارس صحبة خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، ففتحوا طرفا منها، وقتلوا خلقا من أهلها. وجيشا آخر صحبة أبي عبيدة -رضي الله عنه- ومن اتبعه من الأمراء إلى أرض الشام، وثالثا صحبة عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إلى بلاد مصر، ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بصرى ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها وتوفاه الله عز وجل واختار له ما عنده من الكرامة. ومن على أهل الإسلام بأن ألهم الصديق أن يستخلف عمر الفاروق، فقام بالأمر بعده قياما تاما، لم يدر الفلك بعد الأنبياء على مثله في قوة سيرته وكمال عدله. وتم في أيامه فتح البلاد الشامية بكمالها وديار مصر إلى آخرها وأكثر إقليم فارس. وكسر كسرى وأهانه غاية الهوان وتقهقر إلى أقصى مملكته، وقصر قيصر، وانتزع يده عن بلاد الشام، وانحدر إلى القسطنطينية، وأنفق أموالهما في سبيل الله، كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله، عليه من ربه أتم سلام وأزكى صلاة. ثم لما كانت الدولة العثمانية امتدت الممالك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، ففتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك الأندلس وقبرص، وبلاد القيروان، وبلاد سبتة مما يلي البحر المحيط، ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين، وقتل كسرى وباد ملكه بالكلية، وفتحت مدائن العراق وخراسان والأهواز، وقتل المسلمون من الترك مقتلة عظيمة جدا، وخذل الله ملكهم الأعظم خاقان، وجبي الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمعه الأمة على حفظ القرآن”. تفسير ابن كثير: (6-71).

 

4- قال السعدي معلقا على قوله : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ): “هذا من أوعاده الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جدا بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة، وبغوا لهم الغوائل. فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية، وهي لم تشاهد الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي، والأمن التام، بحيث يعبدون الله ولا يشركون به شيئا، ولا يخافون أحدا إلا الله، فقام صدر هذه الأمة، من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم، فمكنهم من البلاد والعباد، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها، وحصل الأمن التام والتمكين التام، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح، فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين، ويديلهم في بعض الأحيان، بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح”. تفسير السعدي (ص: 573).

 

5- قال السعدي: "(وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ) التمكين والسلطنة التامة لكم، يا معشر المسلمين، (فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) الذين خرجوا عن طاعة الله، وفسدوا، فلم يصلحوا لصالح، ولم يكن فيهم أهلية للخير، لأن الذي يترك الإيمان في حال عزه وقهره، وعدم وجود الأسباب المانعة منه، يدل على فساد نيته، وخبث طويته؛ لأنه لا داعي له لترك الدين إلا ذلك. ودلت هذه الآية، أن الله قد مكن من قبلنا، واستخلفهم في الأرض، كما قال موسى لقومه: (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) وقال -تعالى-: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ)". تفسير السعدي (ص: 573).

 

6- قال القرطبي: (إنك اليوم لدينا مكين أمين) "أي متمكن نافذ القول، (أمين) لا تخاف غدرا”. تفسير القرطبي: (9-212).

 

7- وقار صاحب المنار: (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض) "أي وعلى هذا النحو من التدبير والتسخير جعلنا ليوسف مكانة عالية في أرض مصر، كان هذا العطف عليه والرجاء فيه من هذا العزيز مبدأها؛ ليقع له في بيته ثم في السجن ما يقع من التجارب، والاتصال بساقي الملك فيكون وسيلة للوصول إليه (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) كتعبير الرؤيا ومعرفة حقائق الأمور ما ينتهي به إلى الغاية من هذا التمكين”. تفسير المنار: (12-225).

 

8- قال ابن كثير معلقا على قوله: (إنا مكنا له في الأرض) "أي أعطيناه ملكا عظيما ممكنا فيه من جميع ما يؤتى الملوك من التمكين والجنود وآلات الحرب والحصارات، ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض، ودانت له البلاد، وخضعت له ملوك العباد، وخدمته الأمم من العرب والعجم”. تفسير ابن كثير: (5-171).

 

9- قال ابن كثير معلقا على قوله: (أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا)[القصص: 57]: “وهذا من لطفه -تعالى- وكرمه ورحمته وبركته أنه ليس في البلد الحرام مكة شجرة مثمرة وهي تجبى إليها ثمرات ما حولها استجابة لدعاء الخليل عليه السلام”. تفسير ابن كثير: (4-441).

 

10- قال السعدي: “قال الله مبينا لهم حالة هم بها دون الناس وأن الله اختصهم بها، فقال: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا) أي: أولم نجعلهم متمكنين [ممكنين] في حرم يكثره المنتابون ويقصده الزائرون، قد احترمه البعيد والقريب، فلا يهاج أهله، ولا ينتقصون بقليل [ولا كثير] . والحال أن كل ما حولهم من الأماكن، قد حف بها الخوف من كل جانب، وأهلها غير آمنين ولا مطمئنين، فَلْيَحْمَدُوا ربهم على هذا الأمن التام، الذي ليس فيه غيرهم، وعلى الرزق الكثير، الذي يجيء إليهم من كل مكان، من الثمرات والأطعمة والبضائع، ما به يرتزقون ويتوسعون. ولْيَتَّبِعُوا هذا الرسول الكريم، ليتم لهم الأمن والرغد”. تفسير السعدي (ص: 621).

 

11- قال ابن تيمية: “إنه سبحانه جعل صلاح أهل التمكين في أربعة أشياء: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. مجموع الفتاوى (28-242).

 

12- ذكر ابن تيمية: “... يروى “الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة”. مجموع الفتاوى: (63 -28).

 

13- “فلننظر إلى ما يتخلل هذه القصة من مغزى عميق، أو معنى دقيق، فقوله -تعالى-: (وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) بعد قوله: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ) إشارة إلى أن التمكين في الأرض، أي أرض كانت، واستقرار السلطان فيها، إنما يتم عند توافر الأسباب والعوامل الضرورية له، ويفهم من هذا أنه متى اختل سبب من تلك الأسباب أو عامل من تلك العوامل، وقع من الخلل بحسبه، وعلى قدر أهميته، وعلى رأس تلك الأسباب والعوامل: الإيمان بالله، وإقامة العدل بين الناس، ومقاومة الفساد وردع المفسدين، وهذه الأسباب والعوامل كلها توفرت في ذي القرنين، طبقا لما حكاه كتاب الله في قصته”. أحاديث التفسير: (4-13).

 

14- قال البغوي معلقا على قوله عز وجل: (إنا مكنا له في الأرض) أوطأنا، والتمكين: تمهيد الأسباب”. تفسير البغوي: (3-212).

 

15- قال العثيمين: قوله -تعالى-: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ) وذلك بثبوت ملكه وسهولة سيره وقوته. (وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) أي شيئاً يتوصل به إلى مقصوده، وقوله: (من كل شيء) لا يعم كل شيء؛ لكن المراد من كل شيء يحتاج إليه في قوة السلطان، والتمكين في الأرض”. تفسير العثيمين: الكهف (ص: 126).

 

16- قال ابن كثير معلقا على قوله: (إنا مكنا له في الأرض): أي أعطيناه ملكا عظيما ممكنا فيه من جميع ما يؤتى الملوك من التمكين والجنود وآلات الحرب والحصارات، ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض، ودانت له البلاد، وخضعت له ملوك العباد، وخدمته الأمم من العرب والعجم”. تفسير ابن كثير: (5-171).

 

17- قال السعدي: “(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ) أي: ملكه الله -تعالى-، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض، وانقيادهم له. (وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا) أي: أعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وصل إليه، ما به يستعين على قهر البلدان، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران، وعمل بتلك الأسباب التي أعطاه الله إياها، أي: استعملها على وجهها، فليس كل من عنده شيء من الأسباب يسلكه، ولا كل أحد يكون قادرا على السبب، فإذا اجتمع القدرة على السبب الحقيقي والعمل به، حصل المقصود، وإن عدما أو أحدهما لم يحصل”. تفسير السعدي (ص: 485).

 

18- قال البغوي: (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) يعني فيما لم نمكنكم فيه من قوة الأبدان وطول العمر وكثرة المال. قال المبرد: (ما) في قوله فيما بمنزلة الذي، وإن بمنزلة ما، وتقديره: ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه. وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن). تفسير البغوي: (4-201)

 

19- قال السعدي: “ذكر علامة من ينصره، وبها يعرف، أن من ادعى أنه ينصر الله وينصر دينه، ولم يتصف بهذا الوصف، فهو كاذب فقال: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ) أي: ملكناهم إياها، وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض، (أَقَامُوا الصَّلاةَ) في أوقاتها، وحدودها، وأركانها، وشروطها، في الجمعة والجماعات. (وَآتُوا الزَّكَاةَ) التي عليهم خصوصا، وعلى رعيتهم عموما، آتوها أهلها، الذين هم أهلها، (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ) وهذا يشمل كل معروف حسنه شرعا وعقلا من حقوق الله، وحقوق الآدميين، (وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) كل منكر شرعا وعقلا معروف قبحه، والأمر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتم إلا به، فإذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم، أجبروا الناس على التعلم والتعليم، وإذا كان يتوقف على تأديب مقدر شرعا، أو غير مقدر، كأنواع التعزير، قاموا بذلك، وإذا كان يتوقف على جعل أناس متصدين له، لزم ذلك، ونحو ذلك مما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به”. تفسير السعدي (ص: 540).

 

20- قال الشعراوي معلّقًا على قوله -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف: ٢١] قال: “وقد بدأ التمكين في الأرض من لحظة دخوله بيت عزيز مصر ليحيا حياة طيبة”. تفسير الشعراوي: (١١-٦٨٩٩)

 

21- قال أيضًا في قوله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ) [يوسف: ٥٦] قال: “وهكذا كان تمكين الله ليوسف عليه السلام في الأرض بحيث أدار شؤون مصر”. تفسير الشعراوي: (١١-٧٠٠١)

 

22- قال محمد الناصري في تفسير في قوله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا) [يوسف: ٥٦]: “إشارة إلى ما أكرم الله به يوسف من الحرية والسعة والنفوذ والتصرف في أرض مصر...”. التيسير في أحاديث التفسير: (٣-١٨٨).

 

23- قال ابن جرير معلقا على قوله -تعالى-: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ): “يقول -تعالى- ذكره: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة. والذين هاهنا ردّ على الذين يقاتلون، ويعني بقوله: (إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ) إن وطنا لهم في البلاد، فقهروا المشركين وغلبوهم عليها، وهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. يقول: إن نصرناهم على أعدائهم وقهروا مشركي مكة، أطاعوا الله، فأقاموا الصلاة بحدودها، وآتوا الزكاة: يقول: وأعطوا زكاة أموالهم من جعلها الله له (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ) يقول: ودعوا الناس إلى توحيد الله والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الإيمان بالله (وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) يقول: ونهوا عن الشرك بالله، والعمل بمعاصيه، الذي ينكره أهل الحقّ والإيمان بالله (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ) يقول: ولله آخر أمور الخلق، يعني: أن إليه مصيرها في الثواب عليها، والعقاب في الدار الآخرة”. جامع البيان: (18-651).

 

24- سئل الإمام الشافعي رحمه الله يومًا: أيٌ أفضل الصبر أو المحنة، أو التمكين؟ فقال الشافعي رحمه الله: "التمكين درجة الأنبياء، ولا يكون التمكين إلا بعد المحنة، فإذا امتحن صبر، وإذا صبر مكن، ألا ترى أن الله -عز وجل- امتحن إبراهيم -عليه السلام- ثم مكنه، وامتحن سليمان -عليه السلام-، ثم مكنه، وآتاه ملكًا، والتمكن أفضل الدرجات". تفسير الإمام الشافعي: (٢-٩٧٨).

 

25- قال الدكتور وهبة الزحيلي: "خطط إخوة يوسف للتخلص نهائيًا من أخيهم، فباءوا بالخيبة والفشل؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الإله القادر المنفذ لما يريد".

 

26- قال المراغي في تفسير في قوله تعالى: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) [الكهف: ٨٤]. "أي: مكنا له أمره من التصرف فيها كيف شاء، بحيث يصل إلى جميع مسالكها، ويظهر على سائر ملوكها، وآتيناه من كل شيء أراده من مهام ملكه وبسطة سلطانه طريقًا يوصله إليه، فآتيناه العلم والقدرة والآلات التي توصله إلى ذلك". تفسير المراغي.

 

27- قال أبو جعفر الطبري في قوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ..)[الأنعام: 6]. قال: "يقول -سبحانه وتعالى- ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم ير هؤلاء المكذبون بآياتي، الجاحدون بنبوئتك، كثرة من أهلكت من قبلهم من القرون الذين وطأت لهم البلاد والأرض توطئة لم أوطئها لهم، وأعطيتهم فيها ما لم أعطهم". تفسير الطبري.

 

28- قال أبو السعود في تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)[الْأَعْرَافِ: 10] قال: "لما أمر الله سبحانه أهل مكة باتباع ما أنزل إليهم، ونهاهم عن اتباع غيره، وبين لهم وخامة عاقبته بالإهلاك في الدنيا والعذاب المخلد في الآخرة ذكرهم ما أفاض عليهم من فنون النعم الموجبة للشكر ترغيبًا في الامتثال بالأمر والنهي إثر ترهيب، أي: جعلنا لكم فيها مكانًا وقرارًا، أو ملكناكم فيها وأقررناكم على التصرف فيها". إرشاد العقل السليم.

 

29- "وإنّ الاستخلاف في الأرض قدرة على العمارة والإصلاح لا على الهدم والإفساد، وقدرة على تحقيق العدل والطمأنينة لا على الظلم والقهر، وقدرة على الارتفاع بالنفس البشرية والنظام البشري لا على الانحدار بالفرد والجماعة إلى مدارج الحيوان". في ظلال القرآن: (4- 2528).

 

 

الإحالات

1- سنّة التمكين في ضوء القرآن الكريم، رمضان زكي خميس الغريب.

 

2- السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية، عبد الكريم زيدان