غراب
2025-09-23 - 1447/04/01
التعريف
الغُراب: جنس طير من الجواثم، يطلق على أنواع كثيرة، منها: الأسود، والأبقع، والزّاغ، والغُداف، والأعصم. والعرب يتشاءمون به إذا نعق قبل الرحيل، فيقولون: غراب البين. ويضرب به المثل في السواد، والبكور، والحذر، والبعد؛ يقولون: بكَّر بُكُور الغراب. وفلان أحذر من الغراب. ودون هذا شيب الغراب، ويقال: طار غرابه: شاب. وأرض لا يطير غرابها: خَصْبة. غِرْبان، وأغْرُب، وأغْرِبة. ومن كل شيء: أوّله وحدّه. يقال: غراب الفأس، وغراب السيف، ونحو ذلك.
المصدر: المعجم الوسيط
العناصر
1- حيوان الغراب ودلالاته في العلم والدين.
2- حكمة الله في خلق الحيوانات، ومنها الغراب.
3- معلومات عن الغراب.
4- قصة الغراب في القرآن
5. الدروس والعبر من الغراب
الايات
1- قال الله تعالى: (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرابًا يَبْحَثُ في الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأةَ أخِيهِ قالَ يا ويْلَتا أعَجَزْتُ أنْ أكُونَ مِثْلَ هَذا الغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأةَ أخِي فَأصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ) [المائدة: ٣١].
2- قال تعالى: (ومِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ ألْوانُها وغَرابِيبُ سُودٌ) [فاطر: ٢٧]. قال ابن عاشور: "جمع غربيب، والغربيب: اسم للشيء الأسود الحالك سواده، ولا تعرف له مادة مشتق هو منها، وأحسب أنه مأخوذ من الجامد، وهو الغراب لشهرة الغراب بالسواد".
الاحاديث
1- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوابِّ، كُلُّهُنَّ فاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ في الحَرَمِ: الغُرابُ، والحِدَأَةُ، والعَقْرَبُ، والفَأْرَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ". أخرجه مسلم: (١١٩٨).
2- عن عكرمة مولى ابن عباس أنَّ رِفاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَها عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ الزَّبِيرِ القُرَظِيُّ، قالَتْ عائِشَةُ: وعَلَيْها خِمارٌ أخْضَرُ، فَشَكَتْ إلَيْها وأَرَتْها خُضْرَةً بجِلْدِها، فَلَمّا جاءَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم والنِّساءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا- قالَتْ عائِشَةُ: ما رَأَيْتُ مِثْلَ ما يَلْقى المُؤْمِناتُ! لَجِلْدُها أشَدُّ خُضْرَةً مِن ثَوْبِها. قالَ: وسَمِعَ أنَّها قدْ أتَتْ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَجاءَ ومعهُ ابْنانِ له مِن غيرِها، قالَتْ: واللَّهِ ما لي إلَيْهِ مِن ذَنْبٍ، إلّا أنَّ ما معهُ ليسَ بأَغْنى عَنِّي مِن هذِه، وأَخَذَتْ هُدْبَةً مِن ثَوْبِها، فَقالَ: كَذَبَتْ واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي لَأَنْفُضُها نَفْضَ الأدِيمِ، ولَكِنَّها ناشِزٌ، تُرِيدُ رِفاعَةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فإنْ كانَ ذَلِكِ لَمْ تَحِلِّي له -أوْ: لَمْ تَصْلُحِي له- حتّى يَذُوقَ مِن عُسَيْلَتِكِ"، قالَ: وأَبْصَرَ معهُ ابْنَيْنِ له، فَقالَ: "بَنُوكَ هَؤُلاءِ؟" قالَ: نَعَمْ، قالَ: "هذا الذي تَزْعُمِينَ ما تَزْعُمِينَ؟! فَواللَّهِ لهمْ أشْبَهُ به مِنَ الغُرابِ بالغُرابِ". رواه البخاري: (٥٨٢٥).
3- عن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: بينَما نحن مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشعبِ إذْ قال: "انظُرُوا! هل تروْنَ شيئًا؟" فقُلْنا: نَرى غِربانًا فيها غُرابٌ أعْصَمُ؛ أحْمَرُ المِنقارِ والرِّجليْنِ، فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَدخلُ الجنةَ من النساءِ إلّا مَنْ كان مِنهنَّ مِثلَ هذا الغُرابِ في الغِربانِ". أخرجه أحمد: (١٧٨٠٥)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٤-٤٦٦): "إسناده صحيح".
عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "من يأكلُ الغرابَ وقد سمّاهُ رسولُ اللَّهِ -صلّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ-: فاسِقًا، واللَّهِ ما هوَ منَ الطَّيِّباتِ". رواه ابن ماجه: (٢٦٤٦)، وصححه الألباني.
عن عبدالرحمن بن شبل -رضي الله عنه- قال: "نهى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عن نقرةِ الغُرابِ وافتراشِ السَّبعِ وأن يوطِّنَ الرَّجلُ المكانَ في المسجدِ كما يُوطِّنُ البعيرُ". رواه أبو داود: (٨٦٢)، وحسنه الألباني.
الاثار
1- قال ابن عباس: جاء غراب إلى غراب ميت، فحثى عليه من التراب حتى واراه، فقال الذي قتل أخاه يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي". تفسير ابن كثير: (3-81).
2- قال ابن عباس: مكث يحمل أخاه في جراب على عاتقه سنة حتى بعث الله الغرابين، فرآهما يبحثان، فقال أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فدفن أخاه". تفسير ابن كثير: (3-81).
3- قال مجاهد: كان يحمله على عاتقه مائة سنة ميتا لا يدري ما يصنع به، يحمله ويضعه إلى الأرض حتى رأى الغراب يدفن الغراب، فقال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين). تفسير ابن كثير: (3-81).
4- قال مجاهد: بعث الله غرابين فاقتتلا حتى قتل أحدهما صاحبه ثم حفر فدفنه. وكان ابن آدم هذا أول من قتل". تفسير القرطبي: (6-141).
5- قال عطية العوفي: لما قتله ندم فضمه إليه حتى أروح، وعكفت عليه الطيور والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله. تفسير ابن كثير: (3-81).
6- قال ابن عباس: جاء غراب إلى غراب ميت فحثا عليه التراب حتى واراه فقال الذي قتل أخاه: (يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي). الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (3-63).
7- قال أيضا: مكث يحمل أخاه في جراب على رقبته سنة حتى بعث الله بغرابين فرآهما يبحثان فقال: (أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب) فدفن أخاه. الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (3-63).
8- قال سالم بن أبي الجعد: ان آدم لما قتل أحد ابنيه الآخر مكث مائة عام لا يضحك حزنا عليه فأتى على رأس المائة فقيل له: حياك الله وبياك وبشر بغلام فعند ذلك ضحك". الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (3-63).
القصص
1- قال ابن عباس: "لما قتل ابن آدم أخاه قال آدم عليه الصلاة والسلام: تغيرت البلاد ومن عليها فلون الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم وقل بشاشة الوجه المليح قتل قابيل هابيلا أخاه فواحزنا مضى الوجه المليح فأجابه إبليس عليه اللعنة:
تنح عن البلاد وساكنيها فبي في الخلد ضاق بك الفسيح”. الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (3-63).
2- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لما قتل ابن آدم بكى آدم فقال: تغيرت البلاد ومن عليها فلون الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم وقل بشاشة الوجه المليح فأجيب آدم عليه السلام: أبا هابيل قد قتلا جميعا وصار الحي بالميت الذبيح وجاء بشره قد كان منه على خوف فجاء بها يصيح.
3- قال المطلب بن عبد الله بن حنطب: "لما قتل ابن آدم أخاه رجفت الأرض بما عليها سبعة أيام ثم شربت الأرض دمه كما يشرب الماء، فناداه آدم: أين أخوك هابيل؟ قال: ما أدري ما كنت عليه رقيبا، فقال آدم: إن دم أخيك ليناديني من الأرض، فلم قتلت أخاك؟ قال: فأين دمه إن كنت قتلته؟ فحرم الله عز وجل على الأرض يومئذ أن تشرب دما بعده أبدًا”. تفسير البغوي: (2-40).
4- قال مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: لما قتل قابيل هابيل وآدم عليه السلام بمكة اشتاك الشجر وتغيرت الأطعمة وحمضت الفواكه، وأمر الماء واغبرت الأرض، فقال آدم عليه السلام: قد حدث في الأرض حدث، فأتى الهند فإذا قابيل قد قتل هابيل، فأنشأ يقول وهو أول من قال الشعر:
تغيرت البلاد ومن عليها *** فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي طعم ولون *** وقل بشاشة الوجه المليح
الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (3-62).
5- قال عطية العوفي: لما قتله ندم ضمه إليه حتى أروح، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله وكره أن يأتي به آدم فيحزنه فبعث الله غرابين قتل أحدهما الآخر وهو ينظر إليه ثم حفر به بمنقاره وبرجليه حتى مكن له ثم دفعه برأسه حتى ألقاه في الحفرة ثم بحث عليه برجليه حتى واراه فلما رأى ما صنع الغراب: (يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي). الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (3-62).
6- قال عطية: لما قتله ندم ضمه إليه حتى أروح وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله وكره أن يأتي به آدم فيحزنه فبعث الله غرابين قتل أحدهما الآخر وهو ينظر إليه ثم حفر به بمنقاره وبرجليه حتى مكن له ثم دفعه برأسه حتى ألقاه في الحفرة ثم بحث عليه برجليه حتى واراه فلما رأى ما صنع الغراب (يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي)”. الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (3-62).
7- قال القرطبي: "بعث الله الغراب حكمة، ليرى ابن آدم كيفية المواراة، وهو معنى قوله تعالى: (ثم أماته فأقبره) [عبس: 21] فصار فعل الغراب في المواراة سنة باقية في الخلق، فرضا على جميع الناس على الكفاية، من فعله منهم سقط فرضه عن الباقين. وأخص الناس به الأقربون الذين يلونه، ثم الجيرة، ثم سائر المسلمين. وأما الكفار فقد روى أبو داود عن علي قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: (اذهب فوار أباك التراب ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني) فذهبت فواريته وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي". تفسير القرطبي: (6-143).
الاشعار
1- قال الشاعر:
ومن يكن الغراب له دليلا *** يمرّ به على جيف الكلاب
المستطرف؛ للأبشيهي (ص: 50)
2- قال أبو الشيص الخُزاعي:
ومن يكن الغراب له دليلاً *** فناووس المجوس له مصير
التمثيل والمحاضرة (ص: 320).
3- قال الشاعر:
وكم من غرابٍ رام مِشيةَ قَبْجةٍ *** فأنسِيَ ممشاه ولم يمش كالحجلْ
التمثيل والمحاضرة (ص: 369).
6- قال المتنبي:
لا تشكوَنّ إلى خلقٍ فتشمتَه *** شكوى الجريح إلى الغِربان والرَّخَم
وكن على حذرٍ للناسِ تَسْتُرُهُ *** ولا يغرْنكَ منهم ثغرُ مبتسمِ
هوِّنْ على ماشق منظرُه *** فإِنما يقظاتُ العينِ كالحُلُمِ
معجم الحكم والأمثال في الشعر العربي: (5-353).
7- قال أحمد شوقي:
مَرَّ الغُرابُ بِشاةٍ *** قَد غابَ عَنها الفَطيمُ
تَقولُ وَالدَمعُ جار *** وَالقَلبُ مِنها كَليمُ
يا لَيتَ شِعرِيَ يا اِبني *** وَواحِدي هَل تَدومُ
وَهَل تَكونُ بِجَنبي *** غَداً عَلى ما أَرومُ
فَقالَ يا أُمَّ سَعدٍ *** هَذا عَذابٌ أَليمُ
فَكَّرتِ في الغَدِ وَالفِكـ *** ـرُ مُقعِدٌ وَمُقيمُ
لِكُلِّ يَومٍ خُطوبٌ *** تَكفي وَشُغلٌ عَظيمُ
وَبَينَما هُوَ يَهذي *** أَتى النَعِيُّ الذَميمُ
يَقولُ خَلَّفتُ سَعداً *** وَالعَظمُ مِنهُ هَشيمُ
رَأى مِنَ الذِئبِ ما قَد *** رَأى أَبوهُ الكَريمُ
فَقالَ ذو البَينِ لِلأُمـ *** ـمِ حينَ وَلَّت تَهيمُ
إِنَّ الحَكيمَ نَبِيٌّ *** لِسانُهُ مَعصومُ
أَلَم أَقُل لَكِ توا *** لِكُلِّ يَومٍ هُمومُ
قالَت صَدَقتَ وَلَكِن *** هَذا الكَلامُ قَديمُ
فَإِنَّ قَومِيَ قالوا *** وَجهُ الغُرابِ مَشومُ
الشوقيات: (2-323).
8- قال الشاعر:
إنّ الغراب وكان يمشي مشية *** فيما مضى من سالف الأحوال
حسد القطاة فرام يمشي مشيها *** فأصابه ضرب من العقّال
فأضلّ مشيته وأخطأ مشيها *** فلذاك كنّوه أبا مرقال
العقد الفريد: (2-174).
9- قال عنترة:
ظعن الذين فراقهم أتوقع *** وجرى ببينهم الغراب الأبقع
تفسير القرطبي: (10-153).
الحكم
1- "هم في شيء لا يطير غرابه.".
واصله إنَّ الغراب إذا وقع في موضع منه لم يحتج إلى أنَّ يتحول إلى غيره. قالا: وقد يضرب هذا المثل في الشدة أيضاً قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في الخير قول النابغة الذبياني:
ولرهط حراب وقد سورة *** في المجد ليس غرابها بمطار
الأمثال؛ لأبي عبيد (ص: 186).
2- "وجده عند تمرة الغراب".
قال: وذلك لأن الغراب إنّما ينتقي من التمر أطيبه وأجوده. ومن أمثالهم في التماس الخصب والسعة. الأمثال؛ لأبي عبيد (ص: 187).
3- قال مالك بن دينار يوصي ختنه: "يا مغيرة انظر كلّ أخ لك، وصاحب لك، وصديق لك، لا تستفيد منه في دينك خيرا فانبذ عنك صحبته، فإنّما ذلك لك عدوّ، يا مغيرة: النّاس أشكال: الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والصّعو مع الصّعو، وكلّ مع شكله". المنتقى من مكارم الأخلاق: (159).
4- قال مالك: "النّاس أشكال كأجناس الطّير، الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والبطّ مع البطّ، والصّعو مع الصّعو، وكلّ إنسان مع شكله". روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (ص: 109).
متفرقات
1- قال ابن قتيبة: إنما سمي الغراب فاسقا فيما أرى لتخلفه حين أرسله نوح -عليه السلام- ليأتيه بخبر الأرض فترك أمره ووقع على جيفة، وقال صاحب المجالسة: سمي غراب البين؛ لأنه بان عن نوح - عليه السلام - لما وجهه لينظر الماء فذهب ولم يرجع؛ فلذلك العرب تشاءموا به، وروى الإمام أحمد في الزهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان إذا نعب الغراب قال: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك، وإنما تشاءمت الجاهلية بالغراب؛ لأنه إذا بان أهل منزلة عنها وقع موضعهم يلتمس ويتقمقم فتشاءموا به لذلك وتطيروا منه إذ كان لا يعتري منازلهم إلا إذا بانوا عنها؛ فلذا سموه غراب البين، قال فيه شاعرهم:
وصاح غراب فوق أعواد بانة *** بأخبار أحبابي فقسمني الفكر
فقلت غراب باغتراب وبانة *** ببين النوى تلك العيافة والزجر
وهب جنوب باجتنابي منهم *** وهاجت صبا قلت الصبابة والهجر
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (2-45).
2- قال السفاريني: (تنبيه): الغراب أصناف: منها غراب الزرع والزاغ، وهما حلال كما بيناه قريبا، ومنها الغداف بالغين المعجمة غراب القيظ، وهو الغراب الضخم لونه كلون الرماد وليس هو الذي يسمى القاق". غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: (2-45).
3- قال الحجاوي: "والعقعق كجعفر طائر نحو الحمامة طويل الذنب فيه بياض وسواد، وهو نوع من الغربان ويسمى القاق، والعرب تتشاءم به. انتهى. وفي حياة الحيوان العقعق كثعلب، ويسمى كندشا بالشين المعجمة، وصوته العقعقة، وهو طائر على قدر الحمامة على شكل الغراب، وجناحاه أكبر من جناحي الحمامة، وهو ذو لونين أبيض وأسود طويل الذنب، ويقال له القعقع أيضا، وهو لا يأوي تحت سقف ولا يستظل به ويوصف بالسرقة، والخبث، والعرب تضرب به المثل في جميع ذلك، قال شاعرهم:
إذا بارك الله في طائر *** فلا بارك الله في العقعق
قصير الجناح طويل الذناب *** متى ما يجد غفلة يسرق
يقلب عينين في رأسه *** كأنهما قطرتا زئبق
ومنها: الأكحل، والأورق، والغراب الأعصم عزيز الوجود، قالت العرب: أعز من الغراب الأعصم". غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: (2-46).
4- قال الغزالي في الإحياء: الأعصم الأبيض البطن، وقال غيره: الأعصم الأبيض الجناحين وقيل: أبيض الرجلين أراد قلة الصالحة في النساء وقلة من يدخل الجنة منهن. وفيه بحث ذكرته مع جوابه في كتابي البحور الزاخرة في علوم الآخرة". غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: (2-46).
5- قال أبو مسلم الأصفهاني: "عادة الغراب دفن الأشياء، فجاء غراب فدفن شيئاً فتعلَّم ذلك منه".
6- قال ابن الأثير معلقا على حديث: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ": "خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ" ودكر منها: "وَالغُرَابُ": "أصل الفسوق: الخروج عن الاستقامة، والجور، وبه سمي العاصي فاسقا، وإنما سميت هذه الحيوانات فواسق، على الاستعارة لخبثهن". النهاية في غريب الحديث: (3-446).
7- قال بدر الدين العيني: "وسميت هذه الخمس فواسق لخروجها عن الحرمة التي لغيرهن، وأن قتلهن للمحرم وفي الحرم مباح، فالغراب ينقر ظهر البعير وينزع عينه إذا كان مسيرا، ويختلس أطعمة الناس، والحدأة كذلك تختلس اللحم والفراريج، والعقرب تلدغ وتؤلم، والفأرة تسرق الأطعمة وتفسدها وتقرض الثياب وتأخذ الفتيلة من السراج وتضرم بها البيت، والكلب العقور يجرح الناس". عمدة القاري: (10-183).
8- قال بدر الدين الزركشي الشافعي رحمه الله تعالى: "يحرم على المكلف اقتناء أمور: منها: الكلب لمن لا يحتاج إليه، وكذلك بقية الفواسق الخمس: الحدأة والعقرب والفأرة والغراب الأبقع والحية". المنثور: (3-80).
9- قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله تعالى: "وما وجب قتله: حرم اقتناؤه وتعليمه". المغني: (13-268).
10- قال ابن حجر رحمه الله تعالى: "وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك، ويقال له غراب الزرع، ويقال له: الزاغ، وأفتوا بجواز أكله... وقال صاحب الهداية: المراد بالغراب في الحديث الغداف والأبقع لأنهما يأكلان الجيف، وأما غراب الزرع فلا. وكذا استثناه بن قدامة وما أظن فيه خلافا ". فتح الباري: (4-38).
11- قال ابن القيّم: “سبحان الله! في النّفس كبر إبليس، وحسد قابيل وعتوّ عاد، وطغيان ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقبح هامان، وهوى بلعام، وحيل أصحاب السّبت، وتمرّد الوليد، وجهل أبي جهل، وفيها من أخلاق البهائم: حرص الغراب، وشره الكلب، ورعونة الطّاووس، ودناءة الجعل، وعقوق الضّبّ، وحقد الجمل، ووثوب الفهد، وصولة الأسد، وفسق الفأرة، وخبث الحيّة، وعبث القرد، وجمع النّملة، ومكر الثّعلب، وخفّة الفراش، ونوم الضّبع، غير أنّ الرّياضة والمجاهدة تذهب ذلك". الفوائد (ص: 74-75).
12- قال الخطابي: "قوله نقرة الغراب هي أن لا يتمكن الرجل من السجود فيضع جبهته على الأرض حتى يطمئن ساجدا وإنما هو أن يمس بأنفه أوجبهته الأرض كنقرة الطائر ثم يرفعه، وافتراش السبع أن يمد ذراعيه على الأرض لا يرفعهما ولا يجافي مرفقيه عن جنبيه". معالم السنن: (1-212).
13- قال المناوي: "(نهى عن نقرة الغراب) أي تخفيف السجود وعدم المكث فيه بقدر وضع الغراب منقاره للأكل". فيض القدير: (6-339).
14- قال ابن تيمية: "إن من نقر نقر الغراب لم يكن لفعله قدر أصلا. فإن قدر الشيء ومقداره فيه زيادة على أصل وجوده. ولهذا يقال للشيء الدائم: ليس له قدر فإن القدر لا يكون لأدنى حركة بل لحركة ذات امتداد. وأيضا: فإن الله عز وجل أمرنا بإقامتها والإقامة: أن تجعل قائمة والشيء القائم: هو المستقيم المعتدل فلا بد أن تكون أفعال الصلاة مستقرة معتدلة. وذلك إنما يكون بثبوت أبعاضها واستقرارها. وهذا يتضمن الطمأنينة. فإن من نقر نقر الغراب لم يقم السجود ولا يتم سجوده إذا لم يثبت ولم يستقر". مجموع الفتاوى: (22-545).
15- قال السفاريني: "قال القرطبي: "اختلف في أول من سن القبر فقيل: الغراب لما قتل قابيل هابيل، وقيل إن قابيل كان يعلم الدفن وترك أخاه استخفافا به فبعث الله الغراب ليبحث في الأرض يعني التراب على هابيل ليدفنه - كذا في التذكرة فقال عند ذلك (يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين) [المائدة: 31] حيث رأى كرامة الله لهابيل بأن قيض الله الغراب حتى واراه ولم يكن ذلك ندم توبة. وقيل كان ندمه على عدم معرفة الدفن ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو كان ندمه على قتله لكان ندم توبة. وقيل إنه لما قتله قعد يبكي على رأسه فأقبل غرابان فاقتتلا فقتل أحدهما الآخر ثم حفر له حفرة فدفنه ففعل قابيل بأخيه كذلك فكان ندمه لعدم هدايته أن يفعل كما فعل الغراب فصار الدفن سنة في بني آدم. وفي التنزيل (ثم أماته فأقبره) [عبس: 21] أي جعل له قبرا يوارى فيه إكراما له ولم يجعل مما يلقى على وجه الأرض". لوامع الأنوار البهية: (2-4).
16- قال محمد الأمين الهرري: "ويحكى: أنّ ولد الغراب إذا خرج من القشر يكون كلحم أحمر، ويفرّ الغراب منه، فيجتمع عليه البعوض، فيلتقمه إلى أن ينبت ريشه، فعند ذلك تعود الأمّ إليه، ولهذا قيل: يا رازق النّعاب في عشّه. تفسير حدائق الروح والريحان: (1-61).
17- قال محمد الأمين الهرري: "وجاء في: إن العرب إذا علقت ما يجوز كونه بما لا يجوز كونه استحال كون ذلك الجائز، وهذا كقوله: لا آتيك حتى يشيب الغراب، ويبيضّ القار، ومنه قول الشاعر:
إذا شاب الغراب أتيت أهلي *** وصار القار كاللّبن الحليب
وقال آخر:
من رام العلم بلا كدّ *** سيدركها حين شاب الغراب
تفسير حدائق الروح والريحان: (9-306)
18- قال القرطبي: "بعث الله الغراب حكمة، ليرى ابن آدم كيفية المواراة، وهو معنى قوله تعالى: (ثم أماته فأقبره) [عبس: 21] فصار فعل الغراب في المواراة سنة باقية في الخلق، فرضا على جميع الناس على الكفاية، من فعله منهم سقط فرضه عن الباقين. وأخص الناس به الأقربون الذين يلونه، ثم الجيرة، ثم سائر المسلمين. وأما الكفار فقد روى أبو داود عن علي قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: (اذهب فوار أباك التراب ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني) فذهبت فواريته وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي". تفسير القرطبي: (6-143).
19- قال ابن كثير: "وقد ذكروا أن الغراب إذا فقس عن فراخه البيض خرجوا وهم بيض، فإذا رآهم أبواهم كذلك نفرا عنهم أياما حتى يسود الريش، فيظل الفرخ فاتحا فاه يتفقد أبويه فيقيض الله تعالى طيرا صغارا كالبرغش، فيغشاه فيتقوت به تلك الأيام حتى يسود ريشه، والأبوان يتفقدانه كل وقت، فكلما رأوه أبيض الريش نفرا عنه، فإذا رأوه قد اسود ريشه عطفا عليه بالحضانة والرزق، ولهذا قال الشاعر:
يا رازق النعاب في عشه *** وجابر العظم الكسير المهيض".
تفسير ابن كثير: (6-263).
20- قال ابن قدامة: "ويحرم منها ما يأكل الجيف، كالنسور والرخم، وغراب البين، وهو أكبر الغربان، والأبقع. قال عروة: ومن يأكل الغراب وقد سماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاسقا، والله ما هو من الطيبات. ولعله يعني قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم؛ الغراب، والحدأة، والفأرة، والعقرب، والكلب العقور”. فهذه الخمس محرمة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أباح قتلها في الحرم". المغني: (9-410).
21- قال الجاحظ: "[ضعة الغراب وضعفه]
وقال صاحب الكلب: الغراب من لئام الطير وليس من كرامها، ومن بغاثها وليس من أحرارها، ومن ذوات البراثن الضعيفة والأظفار الكليلة، وليس من ذوات المخالب المعقّفة والأظفار الجارحة. ومن ذوات المناقير وليس من ذوات المناسر.
وهو مع أنّه قويّ النّظر. لا يتعاطى الصّيد. وربّما راوغ العصفور، ولا يصيد الجرادة إلّا أن يلقاها في سدّ من الجراد. وهو فسل إن أصاب جيفة نال منها وإلّا مات هزالا، ويتقمّم كما يتقمم بهائم الطير وضعافها، وليس ببهيمة لمكان أكله الجيف، وليس بسبع لعجزه عن الصّيد.
[ألوان الغربان]
وهو مع ذلك يكون حالك السّواد شديد الاحتراق، ويكون مثله من الناس الزّنج فإنّهم شرار الناس، وأردأ الخلق تركيبا ومزاجا، كمن بردت بلاده فلم تطبخه الأرحام، أو سخنت فأحرقته الأرحام. وإنما صارت عقول أهل بابل وإقليمها فوق العقول، وجمالهم فوق الجمال لعلّة الاعتدال.
والغراب إمّا أن يكون شديد الاحتراق فلا يكون له معرفة ولا جمال، وإمّا أن يكون أبقع فيكون اختلاف تركيبه وتضادّ أعضائه دليلا على فساد أمره. والبقع ألأم من السّود وأضعف.
[أنواع الغربان]
ومن الغربان غراب الليل، وهو الذي ترك أخلاق الغربان وتشبّه بأخلاق البوم.
ومنها غراب البين. وغراب البين نوعان: أحدهما غربان صغار معروفة بالضّعف واللّؤم والآخر: "كلّ غراب يتشاءم به. وإنّما لزمه هذا الاسم لأن الغراب إذا بان أهل الدّار للنّجعة، وقع في مرابض بيوتهم يلتمس ويتقمّم، فيتشاءمون به ويتطيّرون منه، إذ كان لا يعتري منازلهم إلّا إذا بانوا، فسمّوه غراب البين. ثمّ كرهوا إطلاق ذلك الاسم له مخافة الزّجر والطّيرة، وعلموا أنّه نافذ البصر صافي العين- حتى قالوا: “أصفى من عين الغراب". كما قالوا: “أصفى من عين الدّيك” فسمّوه الأعور كناية، كما كنوا طيرة عن الأعمى فكنوه أبا بصير. وبها اكتنى الأعشى بعد أن عمي. ولذلك سمّوا الملدوغ والمنهوش سليما، وقالوا للمهالك من الفيافي:
المفاوز. وهذا كثير.
والغدقان جنس من الغربان، وهي لئام جدّا.
[التشاؤم بالغراب]
ومن أجل تشاؤمهم بالغراب اشتقّوا من اسمه الغربة، والاغتراب، والغريب.
وليس في الأرض بارح ولا نطيح، ولا قعيد، ولا أعضب ولا شيء مما يتشاءمون به إلّا والغراب عندهم أنكد منه، يرون أنه صياحه أكثر أخبارا، وأنّ الزّجر فيه أعمّ. وقال عنترة:
حرق الجناح كأنّ لحيى رأسه *** جلمان، بالأخبار هشّ مولع
[التعاير بأكل لحم الغراب]
وهو عندهم عار، وهم يتعايرون بأكل لحمه. ولو كان ذلك منهم لأنّه يأكل اللحوم، ولأنّه سبع، لكانت الضّواري والجوارح أحقّ بذلك عندهم. وقد قال وعلة الجرمي:
فما بالعار ما عيّرتمونا *** شواء الناهضات مع الخبيص
فما لحم الغراب لنا بزاد *** ولا سرطان أنهار البريص
[فسق الغراب وتأويل رؤياه]
قال: والغربان جنس من الأجناس التي أمر بقتلها في الحلّ والحرم، وسميت بالفسق وهي فواسق، اشتقّ لها من اسم إبليس.
وقالوا: رأى فلان فيما يرى النّائم أنه يسقط أعظم صومعة بالمدينة غراب.
فقال سعيد بن المسيّب: يتزوج أفسق الفاسقين امرأة من أهل المدينة. فلم يلبثوا إلا أيّاما حتى كان ذلك.
[غراب نوح]
وقالوا في المثل: “لا يرجع فلان حتّى يرجع غراب نوح”، وأهل البصرة يقولون: “حتّى يرجع نشيط من مرو”، وأهل الكوفة يقولون: “حتى يرجع مصقلة من سجستان”. وكما تقول العرب: حتى يؤوب القارظ العنزي فهو مثل في كل موضع من المكروه.
[نتن فرخ الغراب والهدهد]
وزعم الأصمعيّ عن خلف الأحمر، أنّه قال: رأيت فرخ غراب فلم أر صورة أقبح ولا أسمج ولا أبغض ولا أقذر ولا أنتن منه. وزعم أنّ فراخ الغربان أنتن من الهدهد- على أنّ الهدهد مثل في النّتن- فذكر عظم رأس وصغر بدن، وطول منقار وقصر جناح، وأنّه أمرط أسود، وساقط النّفس، ومنتن الرّيح.
وصاحب المنطق يزعم أنّ رؤية فرخ العقاب أمر صعب، وشيء عسى. ولست أحسن أن أقضى بينهما.
والغربان عندنا بالبصرة أوابد غير قواطع، وهي تفرخ عندنا في رؤوس النّخل الشّامخة، والأشجار العالية.
[خداع الغراب للديك]
فالغراب عند العرب مع هذا كلّه، قد خدع الدّيك وتلعّب به «1» ، ورهنه عند الخمّار، وتخلّص من الغرم، وأغلقه عند الخمّار، فصار له الغنم وعلى الدّيك الغرم، ثم تركه تركا ضرب به المثل.
فإن كان معنى الخبر على ظاهر لفظه. فالدّيك هو المغبون والمخدوع والمسخور به، ثمّ كان المتلعّب به أنذل الطير وألأمه.
وإن كان هذا القول مهم يجري مجرى الأمثال المضروبة، فلولا أنّ عليا الدّيك في قلوبهم دون محلّ الغراب- على لؤم الغراب ونذالته وموقه وقلّة معرفته- لما وضعوه في هذا الموضع.
الحيوان: (2/417-420).
الإحالات
الحيوان؛ للجاحظ.
حياة الحيوان الكبرى؛ للدميري.