العطلة الصيفية غرس وبناء

مركز حصين للدراسات والبحوث

2025-06-19 - 1446/12/23
عناصر الخطبة
1/ متى يكون أولادنا قُرَّة عين لنا؟ 2/ المسؤولية تجاه الأولاد. 3/ خطة مُثلى لاستغلال العُطلة الصَّيفية.

اقتباس

قُرَّةُ العينِ، أنْ يُصلِحَ اللهُ ولدَكَ فيكونَ طائعًا لربِّهِ، يَحيا في مَراضيهِ، تَطيبُ حياتُهُ بإسلامِهِ وإيمانِهِ، وإلّا فأيُّ قُرَّةِ عينٍ تلكَ، بولدٍ قد تَعرَّضَ لعذابِ اللهِ -تعالى- بِمَعصيتِهِ وإعراضِهِ؟!...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ الغفورِ ذي الرحمةِ، جعلَ الأولادَ هبةً ونِعمةً، وجعلَ في صَلاحِهم قُرّةَ عينٍ وارتِسامَ بَسمَةٍ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كلّما سَمَتْ هِمّةٌ، وصَدَقَتْ عَزْمَةٌ.

 

أمّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- حَقَّ التَّقوى، وراقِبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

 

عبادَ الله: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ).

 

تِلكُم من أشرفِ دعَواتِ عبادِ الرَّحمنِ!

 

قُرَّةُ العينِ أنْ تُسَرَّ نفسُكَ، وتَهنَأَ رُوحُكَ، كلَّما وقعَتْ عينُكَ على ولدِكَ، رِضًا بما صارَ إليهِ، واطمئنانًا لفضلِ اللهِ عليهِ. لكنْ، متى يكونُ أولادُنا قُرَّةَ عينٍ لنا؟ يقولُ المقدادُ بنُ الأسوَدِ -رضيَ اللهُ عنه-: “وَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَشَدِّ حَالٍ بُعِثَ عَلَيْهَا فِيهِ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي فَتْرَةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ، مَا يَرَوْنَ أَنَّ دِينًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَرَى وَالِدَهُ وَوَلَدَهُ أَوْ أَخَاهُ كَافِرًا، وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ قُفْلَ قَلْبِهِ لِلْإِيمَانِ، يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ دَخَلَ النَّارَ، فَلَا تَقَرُّ عَيْنُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ، وَإنَّهَا لَلَّتِي قَالَ اللَّهُ -عزّ وجلّ-: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)[الفرقان: 74]”(رواه أحمد).

 

قُرَّةُ العينِ، أنْ يُصلِحَ اللهُ ولدَكَ فيكونَ طائعًا لربِّهِ، يَحيا في مَراضيهِ، تَطيبُ حياتُهُ بإسلامِهِ وإيمانِهِ، وإلّا فأيُّ قُرَّةِ عينٍ تلكَ، بولدٍ قد تَعرَّضَ لعذابِ اللهِ -تعالى- بِمَعصيتِهِ وإعراضِهِ؟! إنَّ اللهَ -تعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ ‌وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم: 6].

 

عِبادَ الله: جاءَتِ العُطلَةُ الصَّيفيَّةُ، وأخذَ أولادُنا هُدْنَةً مُؤقَّتةً منَ الدِّراسةِ النِّظاميَّةِ، تِسعينَ يومًا تقريبًا، فماذا يُمكنُ أنْ نُقدِّمَ لهم؟

 

إنَّ العُمُرَ والأيّامَ هديَّةٌ منَ اللهِ المَنّانِ، والخاسرُ منْ ضيَّعَ عُمُرَهُ فيما يُغضِبُ ربَّهُ ومولاهُ، أو أذهَبَ عُمُرَهُ وأيّامَهُ سُدًى، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ”(رواه البخاري).

 

أولادُنا أمانةُ اللهِ، هم فِلْذاتُ أكبادِنا، ومُستَقبَلُ أُمَّتِنا، فإذا لم نَشغَلْهُم بالحقِّ -خاصةً في عُمُرِ الصِّبا والفُتُوَّةِ والقُوَّةِ والشَّبابِ- شغَلَهُم الشَّيطانُ وأولياؤُهُ بالباطلِ.

 

وأنتُما أيُّها الأبُ والأمّ، تُسأَلانِ يومَ القيامةِ عن تلكَ الأمانةِ، يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”(رواه البخاري ومسلم).

 

وهذه الأعمارُ نُسألُ عنها يومَ القيامةِ كذلك، يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ”(رواه الترمذي).

 

فإذا كانَ الأمرُ كذلكَ؛ فالواجبُ علينا أوّلًا أنْ نُخَطِّطَ لأولادِنا عُطلَةً نافعةً، لا أنْ نَتركَهُم دونَ خُطَّةٍ وهَدَفٍ؛ فكمْ منَ السِّنينَ مرَّتْ دونَ خُطَّةٍ وهَدَفٍ، فضاعَتِ الأيّامُ دونَ ثمرةٍ، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: “لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ”(رواه البخاري ومسلم).

 

إنَّ اللهَ أمرَنا أنْ نأخُذَ الكِتابَ بقوَّةٍ، وأثنَى على عبادِهِ أُولي القوَّةِ والبصيرةِ، وكانَ سيِّدُ المتوكِّلينَ نبيُّنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- يُخطِّطُ في دعوتِهِ مُتوكِّلًا على ربِّهِ؛ فالإسلامُ لا يَرضى بالعَشوائيَّةِ والاتِّكاليَّةِ، قال -سبحانه-: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ ‌بِقُوَّةٍ)[البقرة: 63]، وقال -عزّ وجلّ-: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ‌أُولِي ‌الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ)[ص: 45].

 

وها هو النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في كلِّ حياتِهِ، يَنظُرُ إلى الأمورِ نظرَ العاقلِ المُسترشِدِ المُستعينِ بربِّهِ، ويأخُذُ بالأسبابِ، ويَعلَمُ حالَ أصحابِهِ وواقعَهُ وواقعَ مَنْ حَولَهُ، حتى منَ الأُممِ والبُلدانِ وأحوالِ مُلوكِهِم وما هُم عليهِ، يُرسِلُ جماعةً من أصحابِهِ إلى الحَبَشةِ، ويُخَطِّطُ لهجرتِهِ المُبارَكةِ أعظمَ تخطيطٍ وأرشدَهُ، ويُجَهِّزُ جيشَهُ قبلَ غَزَواتِهِ، يَنظُرُ إلى الأهمِّ والمُهمِّ، ويَتَأمَّلُ في مآلاتِ الأمورِ وعواقبِ الأحداثِ، ثمَّ يَعمَلُ بجِدٍّ وَفقَ ذلكَ؛ فهذا هَدْيُهُ الكريمُ -صلى الله عليه وسلم-.

 

إنَّ أوَّلَ ما يَجِبُ أنْ نَحرِصَ عليهِ: بِنَاءُ الإيمانِ في نُفوسِ أولادِنا؛ إذْ هذا هو الأصلُ والغايَةُ التي خَلَقَنا اللهُ لها، يقول جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: “كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ غِلْمَانٌ حَزَاوِرَةٌ (يعني: قارَبوا البلوغ)، فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا”(رواه ابن ماجه).

 

وكيفَ نُعلِّمُ أولادَنا الإيمانَ؟ يَنبغي أنْ نَجلِسَ معهم فَنُعلِّمَهُم أُصولَ الإيمانِ باللهِ، نَدُلُّهُم على اللهِ وأسمائِهِ وصفاتِهِ، نَغرسُ فيهم توحيدَهُ وتعظيمَهُ ومحبَّتَهُ وخشيتَهُ، نُعلِّمُهُم ثمَراتِ الإيمانِ باللهِ ومَلائكتهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ واليومِ الآخرِ والقَدَرِ، نُخبِرُهُم عن مَحاسِنِ الإسلامِ، نَقصُّ عليهم قِصَصَ القرآنِ، فإنْ لم نَكُنْ نُحسِنُ ذلكَ تَعلَّمناهُ وعلَّمناهُ، أو أَخذناهم إلى مجالسِ العِلمِ وأهلِهِ الذينَ يُحسِنونَ ذلكَ؛ ليُرَبُّوهُم على الإيمانِ والأخلاقِ والفضائلِ.

 

ادفَعْ بهم إلى حَلَقاتِ القرآنِ، في المراكزِ القرآنيَّةِ أو المساجدِ، فإنْ لم تَجِدْ فلا أَقَلَّ من أنْ تَتَّفِقَ معَ مُقْرِئٍ مُتقِنٍ لكتابِ اللهِ، يَجلِسونَ بينَ يَدَيْهِ يَحفَظونَ ما تَيَسَّرَ من كتابِ اللهِ، وضَعْ لذلكَ خُطَّةً وجائزةً، يقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ”(رواه البخاري).

 

ألحِق ولدَك بحَلَقاتِ القرآن، وأبشِرْ باليومِ الذي تُكسى أنتَ وزوجُكَ أجملَ الحُلَل، حُلَّةً خيرًا من الدنيا وما عليها، فتقولانِ بمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ لَكما: “بأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ”(رواه أحمد).

 

ثمَّ اجعَلْ من أهدافِكَ قوَّةَ التَّرابُطِ بينَكَ وبينَ أولادِكَ، أنْ تُشعِرَهُم بِدِفْءِ الأُسرةِ، وترابُطِ العائلةِ.

 

انظُرْ إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- المُربِّي الأمينِ كيفَ كانَ يُسامِرُ زوجاتِهِ، ويُجالِسُ بناتِهِ، ويُلاعِبُ أحفادَهُ، بلِ انظُرْ ماذا قالَ لِهؤلاءِ الشَّبابِ الذينَ جاؤوا يَتَعلَّمونَ عندَهُ الإسلامَ والإيمانَ؟ يقول مالكُ بنُ الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا، قَالَ: “ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ... وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي”(رواه البخاري ومسلم).

 

هكذا كانتِ الوصيةُ النَّبويَّةُ: “ارجِعُوا فَكونوا فيهِم”. لقد شَتَّتَتْ وسائلُ التواصُلِ تلكَ الرَّوابطَ، وصارَتِ الجَلَساتُ العائليَّةُ عُكُوفًا على الهواتفِ؛ فهلَّا عُدْنا يَصِلُ بعضُنا بعضًا، نَتَسامَرُ ونتجاذَبُ أطرافَ الحديثِ، يَشعُرْ أولادُنا بصداقةِ الأُبُوَّةِ الرّاشدةِ، وعطفِ الأمِّ الرَّحيمةِ؟!

 

اجعَلْ من أهدافِكَ أنْ يعَرِفَ ولدُكَ أرحامَهُ، ويَصِلَ أقارِبَهُ، يقول النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ؛ فإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ”(رواه الترمذي).

 

اجعَلْ من أهدافِكَ أنْ يَخرُجَ ولدُكَ منَ العُطلَةِ أقوَى فكريًّا وبدنيًّا ونفسيًّا ومهاريًّا؛ فإنَّ المؤمنَ القويَّ أَحبُّ إلى اللهِ -تعالى-، يقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ”(رواه مسلم).

 

اشترِ لهُ كُتُبًا نافعةً، وأَشرِكهُ في دَورةٍ هادفةٍ، واجعَلْ لهُ جائزةً كلّما أنجَزَ دَورةً أو كتابًا؛ فإنَّنا أُمَّةٌ أوَّلُ ما سَمِعَ نبيُّها -صلى الله عليه وسلم- منَ الوحيِ قولُه -تعالى-: (‌اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)[العلق: 1].

 

وحَبَّذا ضمُّهُ في رياضةٍ مُباحةٍ، يَصِحُّ بها بدنُهُ، ويَخرُجُ بها منَ التُّخَمَةِ والكَسلِ؛ فإنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: “كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ، فَهُوَ لَهْوٌ وَسَهْوٌ، إِلَّا أَرْبَعَ خِصَالٍ: مَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ -يعني بَينَ الهَدَفَينِ في الرَّمْي-، وَتَأدِيبُهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ، وَتَعَلُّمُ السِّبَاحَةِ”(رواه الطبراني).

 

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعدُ:

 

أيّها الآباءُ الكِرام: إنَّ أعداءَ الإسلامِ يُخَطِّطونَ ليلًا ونهارًا لإفسادِ أولادِنا، يُغرقونَهُم في الشَّهَواتِ المُحرَّمَةِ، ويَبُثُّونَ فيهمُ الشُّبُهاتِ المُضِلَّةَ، حتّى يَنزِعوهُم من دِينِهِم وعَقيدَتِهِم، ويَسلَخوهم من هُوِيَّتِهِم وانتمائِهِم لأُمَّتِهِم؛ لذا وَجَبَ على كلِّ راعٍ مَسؤولٍ أنْ يَحفَظَ أولادَهُ منَ الضَّياعِ وأَسبابِهِ.

 

إنَّ تَرْكَ أولادِنا للمنتَدَياتِ المُضِلَّةِ، والمراكزِ المشبوهةِ، والنواديِ الترفيهيَّةِ غيرِ المُنضَبِطَةِ بالشرعِ، بحُجَّةِ التَّرفيهِ في العُطلَةِ الصَّيفيَّةِ، لَهُوَ إفسادٌ لدِينِهِم ودُنياهُم، وتَضْييعٌ لأمانةِ اللهِ التي استأمنَنا عليها؛ فكَمْ جَرَّتْ هذهِ المراكزُ والنوادي من تلفٍ لدِينِهِم بإدمانِ المُخَدِّراتِ، ومُلاحَقَةِ الفتَياتِ، وحُضورِ أماكِنِ اللَّهوِ، وارتِكابِ المُحرَّماتِ.

 

أيّها الآبَاءُ: انظروا في خِلّان أولادِكم، لا تتركُوهم لصُحبة السُّوء؛ فإنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: “الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ”(رواه الترمذي).

 

أيّها الآبَاءُ: أولادُكم غَرسُكم، فاجعلوه غرسًا طيّبًا تطيبُ به قلوبُكم ودنياكم وأُخراكم، وتسعَدُ به أمَّتكم، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”(رواه مسلم).

 

اللَّهُمَّ أصلِحْ لنا ذُرِّيّاتِنا، إنّا تُبنا إليكَ وإنّا منَ المُسلمينَ.

 

(رَبَّنا هَبْ لنا من أزواجِنا وذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أعيُنٍ واجعَلْنا للمتَّقينَ إمامًا)

 

اللَّهُمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعِزَّ المسلمينَ، وأهْلِكِ اليهودَ المجرمينَ، اللَّهُمَّ وأنزِلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونَجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

 

اللَّهُمَّ اغفِرْ لِلمُسلِمِينَ وَالمُسلِمَاتِ، وَالمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ، الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ.

 

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

 

عِبَادَ اللَّهِ: اُذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life