عناصر الخطبة
1/حديث القرآن عن غزوة خيبر 2/خروج النبي لمقاتلة اليهود 3/إعطاء النبي الراية لعلي 4/احتماء اليهود بحصونهم وحصار المسلمين لهم 5/عرض اليهود الاستسلام وحقن دمائهماقتباس
وَفِي سَاعَاتِ الصَّبَاحِ الأُولَى خَرَجَ الْيَهُودُ إِلَى مَزَارِعِهِمْ وَبَسَاتِينِهِمْ كَعَادَتِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ، وَكَانَتِ الْمُفَاجَأَةُ عِنْدَمَا شَاهَدُوا جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَشَارِفِ الْمَدِينَةِ، فَفَرُّوا إِلَى دَاخِلِ حُصُونِهِمْ، وَتَشَاوَرُوا وَقَرَّرُوا الْمُوَاجَهَةَ، فَانْتَدَبُوا أَشْجَعَ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الرِّجَالِ، فَخَرَجَ مُتَبَخْتِرًا...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ الْغَزَوَاتِ وَأَجَلِّ الْفُتُوحَاتِ الَّتِي بَشَّرَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ غَزْوَةُ خَيْبَرَ، وَأَنَّ لَهُمْ فِيهَا فَتْحًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً، كَمَا قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا)[الفتح:٢٠]، وَقَوْلُهُ: (فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ) يَعْنِي: فَتْحَ خَيْبَرَ الَّذِي كَانَ سَنَةَ سَبْعٍ عَلَى الصَّحِيحِ.
خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- بِأَلْفٍ وَأَرْبِعِمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، مُقَابِلَ أَعْدَادٍ ضَخْمَةٍ هَائِلَةٍ مِنَ الْيَهُودِ، وَلَكِنْ: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[البقرة: ٢٤٩]، وَبَعْدَمَا اقْتَرَبَ رَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خَيْبَرَ، وَكَانَ هَذَا الاقْتِرَابُ فِي اللَّيْلِ، وَرَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يُقَاتِلُ بِاللَّيْلِ، بَلْ كَانَ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْفَجْرُ، ثُمَّ يُقَاتِلَ بَعْدَ الْفَجْرِ.
وَبَعْدَمَا اسْتَقَرَّ الْجَيْشُ فِي مَكَانِهِ، قَامَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَخَطَبَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ لَهُمْ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ"، فَبَاتَ الصَّحَابَةُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِأَنَّ الْفَتْحَ غَدًا لاَ مَحَالَةَ، وَخَاضَ وَتَحَدَّثَ الصَّحَابَةُ لَيْلَتَهُمْ، بَلْ كَانَ شُغْلاً شَاغِلاً بَيْنَهُمْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، مَنْ يُعْطَى الرَّايَةَ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟!، جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "فَتَسَوَّرْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أَيْ: رَفَعْتُ نَفْسِي لِيَرَانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْ بُرَيْدَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَمَا فِي الْمُسْنَدِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟"، فَقِيلَ: هُوَ -يَا رَسُولَ اللَّهِ- يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: "فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ"، وَعَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَعَهُمْ، بَلْ جَاءَ مُتَأَخِّرًا مِنَ الْمَدِينَةِ؛ لأَنَّهُ كَانَ مُصَابًا فِي عَيْنَيْهِ، وَجَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جَاءَ يَقُودُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُصَابًا بِشِدَّةٍ، وَكَانَ يَتَأَلَّمُ، حَتَّى إِنَّهُ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَمْشِيَ وَحْدَهُ.
وَفِي هَذَا وِقْفَةٌ: وَهِيَ أَنَّ الأَوْلِيَاءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا، فَكَيْفَ يَمْلِكُونَ لِغَيْرِهِمْ؟! فَلَوْ كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ لَدَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَمْلِكَ لِغَيْرِهِ.
فَلَمَّا جَاءَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-بَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فِي عَيْنَيْه وَدَعَا لَهُ؛ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، وَفِي هَذَا وِقْفَةٌ: وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ مُبَارَكًا، بَلْ بَرَكَتُهُ ذَاتِيَّةٌ يَتَعَدَّى أَثَرُهَا إِلَى الْغَيْرِ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا هُوَ سَبَبُ الْبَرَكَةِ، لاَ أَنَّهُ مَانِحُهَا؛ فَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ.
فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ -أَيْ: امْضِ بغَيرِ تَعَجُّلٍ- حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ، لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ".
وَفِي هَذَا وِقْفَةٌ: وَهِيَ أَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى التَّوْحِيدِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ الأَمْرُ بِهَا كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[النحل: 125].
وَفِي قَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-: "ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ"، فِيهِ فَضْلُ الدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَنَّهَا أَفْضَلُ الأَعْمَالِ، وَهِيَ وَظِيفَةُ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَهِيَ رِسَالَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَرِسَالَةُ أَتْبَاعِهِ مِنْ بَعْدِهِ، قَالَ -تَعَالَى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[يوسف: 108].
اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنَا فِي طَاعَتِكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَنَا فِي مَرْضَاتِكَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَفِي سَاعَاتِ الصَّبَاحِ الأُولَى خَرَجَ الْيَهُودُ إِلَى مَزَارِعِهِمْ وَبَسَاتِينِهِمْ كَعَادَتِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ، وَكَانَتِ الْمُفَاجَأَةُ عِنْدَمَا شَاهَدُوا جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَشَارِفِ الْمَدِينَةِ، فَفَرُّوا إِلَى دَاخِلِ حُصُونِهِمْ، وَتَشَاوَرُوا وَقَرَّرُوا الْمُوَاجَهَةَ، فَانْتَدَبُوا أَشْجَعَ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الرِّجَالِ، فَخَرَجَ مُتَبَخْتِرًا فِي مِشْيَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ
شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فِي حِينٍ ظَلَّ الْيَهُودُ خَلْفَ حُصُونِهِمْ، يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ، مَاذَا عَسَاهُ يَصْنَعُ فَارِسُهُمْ؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ يَقُولُ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ أَيْ: اسْمٌ لِلْأَسَدِ.
كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ وَالسَّنْدَرَةُ مِكْيَالٌ وَاسِعٌ.
وَفِي لَمْحِ الْبَصَرِ أَجْهَزَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ مَرْحَبٍ، وَبِمَقْتَلِهِ انْهَارَتْ مَعْنَوِيَّاتُ الْيَهُودِ، وَسَقَطَ خِيَارُ الْمُقَاوَمَةِ، وَفَضَّلُوا الْبَقَاءَ فِي حُصُونِهِمْ.
ثُمَّ ضَرَبُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ حِصَارًا مُحْكَمًا حَوْلَ خَيْبَرَ، فَقَاتَلُوا فَهُزِمُوا، وَأَعْلَنُوا الاِسْتِسْلاَمَ التَّامَّ، وَعَرَضُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمُوهُ خَيْبَرَ كَامِلَةً بِمَزَارِعِهَا وَكُنُوزِهَا، وَكَانَ ذَلِكَ، وَتَحَقَّقَ النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ -تَعَالَى-، وَانْكَسَرَتْ شَوْكَةُ الْيَهُودِ فِي الْحِجَازِ، قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)[غافر: 51 – 52].
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم)، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِالإِسْلامِ قَائِمِينَ، وَاحْفَظْنَا بِالإِسْلامِ قَاعِدِينَ، وَاحْفَظْنَا بِالإِسْلامِ رَاقِدِينَ، وَلا تُشْمِتْ بِنَا أَعْدَاءً وَلا حَاسِدِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ، وَوَفِّقْ جَمِيعَ وُلاةِ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَمَل بِكِتَابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ، اللَّهُمَّ احْفَظْ رِجَالَ الأَمْنِ، والمُرَابِطِينَ عَلَى الثُّغُورِ، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ مِنْ بينِ أيديهِم ومِنْ خَلْفِهِمْ وعنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَمِنْ فَوْقِهِمْ، وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ يُغْتَالُوا مِنْ تَحْتِهِمْ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 180 - 182]، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
التعليقات