عناصر الخطبة
1/أهم الأسس التربوية لتربية المراهق 2/وسائل زرع الأسس في نفوس المراهقاقتباس
إِنَّ أَوَّلَ الْأُسُسِ لِتَرْبِيَةِ شَبَابٍ صَالِحٍ هِيَ: التَّخْلِيَةُ وَالتَّحْلِيَةُ: وَمَعْنَاهَا: تَطْهِيرُ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ وَالْقَلْبِ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ الَّتِي تُصِيبُهُ فِي رِحْلَتِهِ وَسَيْرِهِ إِلَى اللَّهِ، وَمَلْءُ هَذِهِ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ بِالطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ وَالْفَرَائِضِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا عِبَادَ اللَّهِ: يَتَحَدَّثُ النَّاسُ كَثِيرًا عَنْ مَرْحَلَةِ الْمُرَاهَقَةِ كَأَخْطَرِ وَأَهَمِّ مَرَاحِلِ النُّمُوِّ فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ، فَبِرَغْمِ قِصَرِ مَرْحَلَةِ الْمُرَاهَقَةِ نِسْبِيًّا، إِلَّا أَنَّهَا تَمْتَازُ بِحَسَاسِيَتِهَا الْكَبِيرَةِ؛ لِمَا لَهَا مِنْ أَثَرٍ كَبِيرٍ عَلَى الْفَرْدِ، فَهِيَ مَرْحَلَةُ التَّغَيُّرَاتِ الْفِيسْيُولُوجِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ؛ فَفِيهَا تَتَغَيَّرُ نَظْرَةُ الْمَرْءِ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ حَوْلِهِ، وَتَتَغَيَّرُ كَذَلِكَ احْتِيَاجَاتُهُ وَسُلُوكِيَّاتُهُ وَتَصَوُّرَاتُهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ.
لِذَا تَوَجَّبَ -أَيُّهَا الْكِرَامُ- أَنْ تُولَى هَذِهِ الْمَرْحَلَةُ مِنْ مَرَاحِلِ الْعُمْرِ بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ، وَفَضْلٍ مِنَ الرِّعَايَةِ، وَأَنْ يُهْتَمَّ بِهَا، وَيُبْحَثَ عَنِ الطُّرُقِ الْمُنَاسِبَةِ وَالْأُسُسِ الْمُلَائِمَةِ لِتَرْبِيَةِ الْمُرَاهِقِ وَتَعْلِيمِهِ وَتَقْوِيمِهِ.
وَاعْلَمُوا -عِبَادَ اللَّهِ- أَنَّهُ لَا يُبْنَى الْبِنَاءُ الْمَتِينُ إِلَّا عَلَى أَسَاسٍ مَتِينٍ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لَا يُبْنَى عَلَى أَرْكَانٍ قَوِيَّةٍ، وَدَعَائِمَ مَتِينَةٍ فَهُوَ عُرْضَةٌ لِلسُّقُوطِ، آيِلٌ لِلْهَدْمِ مَعَ أَوَّلِ هِزَّةٍ وَأَقَلِّ حَرَكَةٍ، وَهَذَا هُوَ حَالُ التَّرْبِيَةِ فِي الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّ لَهَا أُسُسًا تَقُومُ عَلَيْهَا، وَدَعَائِمَ تَتَّكِئُ عَلَيْهَا، فَإِنِ اهْتَمَمْنَا بِهَا خَرَجَ الشَّبَابُ فَتِيًّا عَفِيًّا، وَإِنْ أَهْمَلْنَاهَا أَخْرَجْنَا جِيلًا مَلِيئًا بِالْآفَاتِ وَالثَّغَرَاتِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ أَوَّلَ الْأُسُسِ لِتَرْبِيَةِ شَبَابٍ صَالِحٍ هِيَ: التَّخْلِيَةُ وَالتَّحْلِيَةُ: وَمَعْنَاهَا: تَطْهِيرُ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ وَالْقَلْبِ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ الَّتِي تُصِيبُهُ فِي رِحْلَتِهِ وَسَيْرِهِ إِلَى اللَّهِ، وَمَلْءُ هَذِهِ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ بِالطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ وَالْفَرَائِضِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي تُؤَهِّلُ الْقَلْبَ لِلْوُصُولِ إِلَى خَالِقِهِ وَمَوْلَاهُ.
فَمَا مِنْ شَابٍّ إِلَّا وَقَدِ احْتَوَى قَلْبُهُ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَإِنَّ مِنْ مُهِمَّاتِ الْآبَاءِ الْعُظْمَى هِيَ أَنْ يَعْمَلُوا جَاهِدِينَ عَلَى طَرْدِ كُلِّ خُلُقٍ سَيِّءٍ، وَسُلُوكٍ رَدِيءٍ، وَأَنْ يُكَرِّهُوا إِلَى قَلْبِهِ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ؛ وَمِنْ ثَمَّ يَسْعَوْنَ جَاهِدِينَ إِلَى تَحْبِيبِ الْخَيْرِ إِلَيْهِ وَالْإِيمَانِ، وَمُسَاعَدَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِمَا لِلْقَلْبِ مِنْ أَهَمِّيَّةٍ فِي صَلَاحِ الشَّبَابِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الْمَنْهَجِيَّةِ؛ حَيْثُ قُدِّمَ الْكُفْرُ بِالطَّاغُوتِ عَلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ فَقَالَ -تَعَالَى-: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)[الْبَقَرَةِ:256].
وَمِنْ أَدِلَّةِ السُّنَّةِ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الَّذِي يَرْوِيهِ قَائِلًا: "فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ: "مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟" قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، قَالَ: "تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟" قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: "أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ أَنَّ عَمْرًا قَالَ: "لَا أُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى تَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي".
وَإِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الطُّرُقِ لِلتَّخْلِيَةِ وَالتَّحْلِيَةِ: تَرْبِيَةَ النَّشْءِ عَلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ، فَالْفَضَائِلُ تَطْرُدُ الرَّذَائِلَ، وَكُلَّمَا تَحَلَّى الشَّابُّ بِفَضِيلَةٍ حَلَّتْ مَكَانَ رَذِيلَةٍ، حَتَّى تُبَغَّضَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الرَّذَائِلِ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ، وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا، وَلَا تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالْأَمَانَةُ جَمِيعًا"(صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَيَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَاللَّهُ -سُبْحَانَهُ- لَمْ يَجْعَلْ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ، فَبِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ الْقَلْبَ مِنْ هَمٍّ وَإِرَادَةٍ وَحُبٍّ، يَخْرُجُ مِنْهُ هَمٌّ وَإِرَادَةٌ وَحُبٌّ يُقَابِلُهُ".
الْأَسَاسُ الثَّانِي لِتَرْبِيَةِ الشَّبَابِ: الْعَقِيدَةُ؛ فَالْعَقِيدَةُ هِيَ حَجَرُ الْأَسَاسِ فِي التَّرْبِيَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، بَلْ هِيَ أَسَاسُ الْحَيَاةِ كَكُلٍّ؛ وَلَمَّا كَانَتِ الْعَقِيدَةُ مُهِمَّةً وَعَظِيمَةً اهْتَمَّ بِهَا الْبَشِيرُ النَّذِيرُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَسَعَى إِلَى غَرْسِهَا وَتَرْسِيخِهَا فِي النُّفُوسِ بَادِئَ الْأَمْرِ وَأَوَّلَهُ، بَلِ اسْتَمَرَّتِ الدَّعْوَةُ إِلَى الْعَقِيدَةِ تُلَازِمُ الدَّعْوَةَ إِلَى الشَّرِيعَةِ وَتُصَاحِبُهَا إِلَى أَنْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَارَ عَلَى هَذَا خُلَفَاؤُهُ الْكِرَامُ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ دُعَاةِ الْعَقِيدَةِ وَحُرَّاسِ الْفَضِيلَةِ.
وَالْعَقِيدَةُ هِيَ الْهَدَفُ الْأَسْمَى، وَالْغَايَةُ الْعُظْمَى مِنَ التَّرْبِيَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَالتَّرْبِيَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ مَا هِيَ إِلَّا وَسِيلَةٌ دَاعِمَةٌ لِلْعَقِيدَةِ وَمُؤَيِّدَةٌ لَهَا؛ لِذَا تَوَجَّبَ عَلَى الْآبَاءِ وَالْمُرَبِّينَ أَنْ يَسْعَوْا سَعْيًا حَثِيثًا لِإِنْشَاءِ جِيلٍ مُهْتَمٍّ بِعَقِيدَتِهِ، مُتَمَسِّكٍ بِهَا، مُسَاهِمٍ فِي نَشْرِهَا، وَيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ أَوَّلِيَّاتِ الْآبَاءِ وَالْمُرَبِّينَ، وَصَدْرِ اهْتِمَامَاتِهِمْ، فَهَذَا لُقْمَانُ الْحَكِيمُ فِي أَوَّلِ وَصَايَاهُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يُحَذِّرُهُ مِنَ الشِّرْكِ قَائِلًا: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لُقْمَانِ:13]، ثُمَّ يَغْرِسُ فِيهِ مُرَاقَبَةَ اللَّهِ فَيَقُولُ: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)[لُقْمَانَ:16].
وَعَلَى ذَاتِ النَّهْجِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَهَذَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَشْهَدُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّمَهُ عَقِيدَتَهُ حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، فَيَقُولُ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ، فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا"(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ).
الْأَسَاسُ الثَّالِثُ لِتَرْبِيَةِ الشَّبَابِ: إِقَامَةُ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَأَدَاءُ الْحُقُوقِ: مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ، وَسَائِرِ الْقُرُبَاتِ وَالطَّاعَاتِ، فَهِيَ أَحَبُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: "وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ"؛ فَالِاهْتِمَامُ بِالْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، وَالْعِنَايَةُ بِهَا أُسٌّ عَظِيمٌ مِنْ أُسُسِ التَّرْبِيَةِ، وَرُكْنٌ شَدِيدٌ مِنْ أَرْكَانِهَا، لِذَا قَالَ الْأَبُ الْحَكِيمُ لِوَلَدِهِ: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ)[لُقْمَانَ:17]، وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ يَقُولُ الْمَوْلَى الْجَلِيلُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)[طه:132].
وَفِي تَعْلِيمٍ نَبَوِيٍّ عَظِيمٍ، يُرْشِدُنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى تَرْبِيَةِ أَبْنَائِنَا عَلَى الْفَرَائِضِ وَأَدَائِهَا، قَائِلًا: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).
وَقَدْ سَارَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى هَذَا الْأُسِّ الْعَظِيمِ، وَانْتَهَجُوا هَذَا النَّهْجَ الْقَوِيمَ، فَجَعَلُوا تَرْبِيَةَ أَبْنَائِهِمْ عَلَى الْفَرَائِضِ وَأَدَائِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَوْلَوِيَّاتِ، فَهَذِهِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ تَحْكِي كَيْفَ عَلَّمَتْ أَوْلَادَهَا الصِّيَامَ قَائِلَةً: "فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، وَمَا هَذَا إِلَّا لِيَعْتَادُوا عَلَى الْعِبَادَةِ.
وَمِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَسَاسًا فِي تَرْبِيَةِ الشَّبَابِ: حَقُّ الْوَالِدَيْنِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ اللَّهُ -تَعَالَى- فَقَالَ: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا)[الْعَنْكَبُوتِ:8]، بَلْ قَرَنَ اللَّهُ حَقَّهُمَا بِحَقِّهِ، وَشُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ، وَأَوْصَى بِهِمَا إِحْسَانًا بَعْدَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ وَالنَّهْيِ عَنِ الشِّرْكِ بِهِ فَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[النِّسَاءِ:36].
وَمِنَ الْحُقُوقِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهَا الْآبَاءُ وَالْمُرَبُّونَ فِي مَسِيرَتِهِمُ التَّرْبَوِيَّةِ، حُقُوقُ الْأَرْحَامِ، بِحَيْثُ يَحُثُّونَهُمْ عَلَى الصِّلَةِ، وَيُنَفِّرُونَهُمْ مِنَ الْقَطِيعَةِ، وَيُبَيِّنُونَ لَهُمْ فَدَاحَةَ أَمْرِ قَطْعِ الْأَرْحَامِ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)[مُحَمَّدٍ:22]، وَمِنْهَا: حَقُّ الْعُلَمَاءِ وَالْكُبَرَاءِ وَالَّذِي قَالَ عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ).
الْأَسَاسُ الرَّابِعُ مِنْ أُسُسِ تَرْبِيَةِ الشَّبَابِ: الْأَخْلَاقُ وَالْقِيَمُ؛ فَالْأَخْلَاقُ وَالْقِيَمُ هِيَ الْمُوَجِّهُ الْأَسَاسُ لِعَمَلِيَّةِ التَّرْبِيَةِ؛ فَهُمَا يَرْسِمَانِ الطَّرِيقَ، وَتَنْبَثِقُ عَنْهُمَا الْأَهْدَافُ؛ وَالِاهْتِمَامُ بِهِمَا سَبِيلٌ لِبِنَاءِ الْفَرْدِ الصَّالِحِ الَّذِي يَنْفَعُ نَفْسَهُ وَمُجْتَمَعَهُ، وَيَنْطَلِقُ فِي عَمَلِهِ مِنْ أَخْلَاقٍ عَظِيمَةٍ، وَقِيَمٍ رَاسِخَةٍ تُوَجِّهُهُ إِلَى الطَّرِيقِ السَّلِيمِ.
أَمْسَكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَلَقَّنَهُ خَمْسَةً مِنَ الْأَخْلَاقِ قَائِلًا: "اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضِ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ"(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ).
وَمَا أَصْدَقَ ابْنَ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- حِينَ قَالَ: "الدِّينُ كُلُّهُ خُلُقٌ، فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الْخُلُقِ: زَادَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ".
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 281].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَعَلَّ السُّؤَالَ الَّذِي يَطْرَحُ نَفْسَهُ هُوَ: كَيْفَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَزْرَعَ هَذِهِ الْأُسُسَ فِي نُفُوسِ أَبْنَائِنَا الْمُرَاهِقِينَ، وَنَغْرِسَهَا فِي قُلُوبِهِمْ؟ وَهَذَا سُؤَالٌ غَايَةً فِي الْأَهَمِّيَّةِ لِلْجَوَابِ عَلَيْهِ نَقُولُ مُسْتَعِينِينَ بِاللَّهِ:
أَوَّلًا: نَسْتَطِيعُ أَنْ نَغْرِسَ هَذِهِ الْأُسُسَ فِي قُلُوبِ أَبْنَائِنَا بِالْقُدْوَةِ الْحَسَنَةِ، وَالْأُسْوَةِ الطَّيِّبَةِ، وَهَذِهِ مِنْ أَهَمِّ وَسَائِلِ التَّرْبِيَةِ وَأَقْرَبِهَا إِلَى النَّجَاحِ؛ لِذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لِيَكُونَ قُدْوَةً حَسَنَةً؛ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[الْأَحْزَابِ: 21]، فَكَانَ تَرْجَمَةً عَمَلِيَّةً حَيَّةً، وَمِثَالًا يُحْتَذَى بِهِ فِي تَعَالِيمِ وَآدَابِ الْقُرْآنِ.
فَلَا بُدَّ لِلشَّبَابِ -أَيُّهَا الْآبَاءُ الْكِرَامُ وَالْمُرَبُّونَ الْأَفَاضِلُ- مِنْ قُدْوَةٍ تُجَسِّدُ لَهُمُ الشَّرِيعَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ، وَتَتَمَثَّلُ لَهُمُ الْأَخْلَاقَ الْحَيَّةَ؛ وَالْمَبَادِئَ الزَّكِيَّةَ، فَيَتَطَلَّعُ الشَّبَابُ إِلَيْهَا، وَيَسِيرُونَ عَلَى خُطَاهَا، وَيَقْتَدُونَ بِنَهْجِهَا.
ثَانِيًا: نَسْتَطِيعُ أَنْ نَغْرِسَ هَذِهِ الْأُسُسَ فِي أَرْوَاحِ أَبْنَائِنَا الْمُرَاهِقِينَ بِإِعْطَائِهِمْ حُقُوقَهُمْ، وَعَدَمِ بَخْسِهِمْ إِيَّاهَا، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ الْأَبُ الَّذِي جَاءَ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- شَاكِيًا وَلَدَهُ قَائِلًا: "إِنَّ ابْنِي هَذَا يَعُقُّنِي"، فَقَالَ عُمَرُ لِلِابْنِ: "أَمَا تَخَافُ اللَّهَ فِي عُقُوقِ وَالِدِكَ، فَإِنَّ مِنْ حَقِّ الْوَالِدِ كَذَا، وَمِنْ حَقِّ الْوَالِدِ كَذَا"، فَقَالَ الِابْنُ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَمَا لِلِابْنِ عَلَى وَالِدِهِ حَقٌّ؟"، قَالَ: "نَعَمْ، حَقُّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَنْجِبَ أُمَّهُ، وَيُحْسِنَ اسْمَهُ، وَيُعَلِّمَهُ الْكِتَابَ"، فَقَالَ الِابْنُ: "فَوَاللَّهِ مَا اسْتَنْجَبَ أُمِّي، وَمَا هِيَ إِلَّا سِنْدِيَّةٌ اشْتَرَاهَا بِأَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلَا حَسَّنَ اسْمِي؛ سَمَّانِي جُعَلًا، وَلَا عَلَّمَنِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ آيَةً وَاحِدَةً"، فَالْتَفَتَ عُمَرُ إِلَى الْأَبِ وَقَالَ: "تَقُولُ: ابْنِي يَعُقُّنِي! فَقَدْ عَقَقْتَهُ قَبْلَ أَنْ يَعُقَّكَ، قُمْ عَنِّي".
ثَالِثًا: وَتُغْرَسُ هَذِهِ الْأُسُسُ فِي قُلُوبِ أَبْنَائِنَا بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَالنَّصِيحَةِ الْبَلِيغَةِ؛ فَالْمَوْعِظَةُ الْمُؤَثِّرَةُ تَنْفُذُ مُبَاشَرَةً إِلَى النَّفْسِ عَنْ طَرِيقِ الْوِجْدَانِ، وَتُرَبِّي الْعَوَاطِفَ وَتُنَمِّيهَا؛ لِذَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ بِقِصَّةِ الْحَكِيمِ لُقْمَانَ: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ....)[لُقْمَانَ:13]، عَارِضًا حِوَارَهُ الْقَيِّمَ، وَمَوْعِظَتَهُ الْبَلِيغَةَ.
رَابِعًا: غَرْسُ هَذِهِ الْأُسُسِ فِي قُلُوبِ أَبْنَائِنَا بِاسْتِجْلَابِ النَّمَاذِجِ التَّارِيخِيَّةِ الْعَظِيمَةِ مِنْ أَنْبِيَاءَ وَصَالِحِينَ وَقُدُوَاتٍ، وَاسْتِعْرَاضِ قِصَصِهِمْ وَحَيَاتِهِمْ، وَأَخْذِ الْعِبَرِ مِنْهَا، وَهَذَا أُسْلُوبٌ قُرْآنِيٌّ عَظِيمٌ، فَقَدْ حَفَلَ الْقُرْآنُ بِكَثِيرٍ مِنَ الْقَصَصِ، وَفِي كُلِّ قِصَّةٍ نَجِدُ مَثَلًا تَرْبَوِيًّا تُمَثِّلُهُ شَخْصِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ، فَتُثِيرُ فِي النَّفْسِ انْفِعَالًا لِتَقْلِيدِهَا وَمُحَاكَاتِهَا وَتَقَمُّصِهَا، قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)[هُودٍ: 120].
خَامِسًا: غَرْسُ هَذِهِ الْأُسُسِ فِي نُفُوسِ أَبْنَائِنَا بِرَبْطِهِمْ بِالصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ، وَالرُّفْقَةِ الْخَيِّرَةِ؛ فَالْإِنْسَانُ مَوْسُومٌ بِسَيْمَاءِ مَنْ قَارَبَ، وَمَنْسُوبٌ إِلَيْهِ أَفْعَالُ مَنْ صَاحَبَ، وَهَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: "مَا مِنْ شَيْءٍ أَدَلَّ عَلَى شَيْءٍ، وَلَا الدُّخَانُ عَلَى النَّارِ، مِنَ الصَّاحِبِ عَلَى الصَّاحِبِ".
قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)[الْكَهْفِ: 28].
وَخِتَامًا -مَعَاشِرَ الْآبَاءِ وَالْمُرَبِّينَ- احْتَسِبُوا جُهْدَكُمْ فِي تَرْبِيَةِ الشَّبَابِ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَإِنَّهُمْ لَبِنَةٌ فِي بِنَاءِ صَرْحِ الْإِسْلَامِ الْمَتِينِ؛ وَاسْتَفْرِغُوا الْوُسْعَ فِي تَرْبِيَتِهِمْ، وَاسْتَعِينُوا بِاللَّهِ فِي إِصْلَاحِهِمْ.
فَاللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى تَرْبِيَةِ شَبَابِنَا عَلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم