أم الكتاب (1)

علي بن عبدالعزيز الشبل

2025-10-03 - 1447/04/11 2025-11-20 - 1447/05/29
عناصر الخطبة
1/فضائل سورة الفاتحة 2/أنواع التوحيد الثلاثة في سورة الفاتحة 3/سورة الصلاة 4/التأمين في الصلاة.

اقتباس

هي الفرقان، هي أم الكتاب، هي القرآن العظيم، هي السبع المثاني، خصَّنا بها عن من قبلنا، وجعلها منةً علينا إلى يوم بعثنا، سورة الفاتحة مع آخر آيتين من سورة البقرة خصيصة الله لكم أهل الإسلام وأهل الإيمان، وأنتم يا أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته....

الخطبة الأولى:

الحَمْدُ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شهادةً نرجو بها النجاة من عذابه، ونرجو بها الفلاح في الدنيا والآخرة، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من دينكم الإسلام بالعروة الوثقى، فإن أجسادنا على النار لا تقوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أيها المؤمنون: أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- علينا سورةً في القرآن هي أعظم سوره، هي الفرقان، هي أم الكتاب، هي القرآن العظيم، هي السبع المثاني، خصَّنا بها عن من قبلنا، وجعلها منةً علينا إلى يوم بعثنا، سورة الفاتحة مع آخر آيتين من سورة البقرة خصيصة الله لكم أهل الإسلام وأهل الإيمان، وأنتم يا أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته؛ كما روى ذلك الترمذي بسنده عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

 

سورة الفاتحة يحفظها الصغار والكبار، المتعلمون وغير المتعلمين، لا تصح الصلاة إلا بها، "كل صلاةٍ لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداجٌ خداجٌ خداج"؛ قاله النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وقال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، أوقفنا مع هذه السورة –يا رعاكم الله-؟ وما فيها من العبر العظيمة؟ هذه السورة جمعت أنواع التوحيد الثلاثة:

 

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)؛ دليلٌ على ربوبية الله -جَلَّ وَعَلا- على عموم العالمين من خلقه.

 (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)؛ أصلٌ في إثبات أسماء الله الحسنى وصفاته العلا.

 

 (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)؛ إشارةٌ للإيمان باليوم الآخر متضمنًا أسماء الله الحسنى.

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)؛ توحيد الله -عَزَّ وَجَلَّ- بالعبودية والألوهية والعبادة، فقد اشتملت هذه السورة على أنواع التوحيد الثلاثة.

 

هذه السورة امتن الله -عَزَّ وَجَلَّ- علينا وعلى نبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- في قوله -جَلَّ وَعَلا-: (وَلَقَدْ آَتَينَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ)[الحجر: 87].

 

نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله كما أمر، أحمده -سبحانه- وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مؤمنًا بألوهيته، وبأسمائه وصفاته، وربوبيته، مراغمًا بذلك من عاند به أو جحد أو شك وكفر، وأصلي وأسلم على سيد البشر الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه السادة الغرر، خير آلٍ ومعشر ما طلع ليلٌ وأقبل عليه نهارٌ وأدبر.

 

أما بعد؛ يا عباد الله: سورة الفاتحة سماها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بالصلاة، وسماها ربي بالصلاة؛ لأنها اشتملت على ركنٍ عظيمٍ من أركانها؛ ففي الصحيح عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: "قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)؛ إذا قلتَ أيها المصلي في صلاتك فرضًا أو نفلاً، في كل ركعةٍ منها: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)؛ قال الله -جَلَّ وَعَلا- في علوه: "حمدني عبدي"، فإذا قلتَ: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)؛ قال الله -جَلَّ وَعَلا-: "أثنى عليّ عبدي"، أثنيتَ على الله بما له من الأسماء الحسنى والصفات العلا، فإذا قال: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)؛ قال الله -جَلَّ وَعَلا-: "مجدني عبدي"، تمجيدك لله عبوديةٌ منك لهذا الرب الذي عبدته ولم تره، فإذا قال: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)؛ قال الله -جَلَّ وَعَلا-: "هذا بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل".

 

ويُستَحب لك إمامًا أو مأمومًا أن تقول: "آمين"؛ وتَمُدّ بها صوتك؛ لعلك أن توافق تأمين الملائكة في السماء لقراءتك -أيها المصلي- في الأرض، "فمَن وافق تأمينه تأمين الملائكة في السماء غُفر له ما تقدم من ذنبه"(أخرجاه في الصحيحين).

 

ثُمَّ اعلموا -عباد الله- أنَّ أصدق الحديث كلام الله، وَخِيرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَى الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار، ولا يأكل الذئب إِلَّا من الغنم القاصية.

 

اللهم ارضَ عنا رضاءً لا تسخط علينا معه أبدًا، اللهم اجعلنا من أهل ذكرك ومن أهل قرآنك، ومن أهل ولايتك، ومن أهل الإيمان، يا ذا الجلال والإكرام، ومن عبادك المخلصين.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ وارضَ عن الأربعة الخلفاء، وعن المهاجرين والأنصار، وعن التابع لهم بإحسانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ، وعنَّا معهم بمنِّك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم عِزًّا تعزّ به الإسلام وَالسُّنَّة وأهلها، وذِلًّا تذل به الكفر والبدعة وَالشِّرْك والانحلال وأهله، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم عزًّا تعزُّ به أولياءك، وذِلًّا تذل به أعداءك، يا ذا الجلال والإكرام.

 

 اللَّهُمَّ احفظ علينا ديننا الَّذِي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا الَّتِي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا الَّتِي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.

 

اللَّهُمَّ وفق ولي أمرنا بتوفيقك، اللهم اجعله عزًّا للإسلام، ونصرةً لعبادك وأوليائك المؤمنين، اللَّهُمَّ اجعله عزًّا لِلسُّنَّةِ، وكفًّا عَلَى عبادك المسلمين، يا ذا الجلال والإكرام.

 

 اللَّهُمَّ أنت الله لا إله إِلَّا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزل علينا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللَّهُمَّ غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا، سحًّا طبقًا مجللاً، اللَّهُمَّ سُقيا رحمة، اللَّهُمَّ سُقيا رحمة، لا سُقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا نصب.

 

اللهم أغث بلادنا بالأمن والأمطار والخيرات، وأغث قلوبنا بمخافتك وتعظيمك، وتوحيدك يا رب العالمين، اللهمَّ إنك ترى ما بنا من الحاجة واللأواء، ولا غنى لنا عن فضلك، اللَّهُمَّ فأنزل علينا من بركات السماء.

 

 اللَّهُمَّ ارحمنا برحمتك الَّتِي وسعت كل شيء، نستغفرك اللَّهُمَّ إنك كنت غفَّارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، نستغفر الله العظيم، نستغفر الله العظيم من ذنوبنا، ونستغر الله العظيم من شر سفهائنا، ونستغفر الله العظيم الَّذِي لا إله هو الحي القيوم ونتوب إليه.

 

اللهم أغثنا، اللهم ارحم هؤلاء الشيوخ الرُّكَّع، وهؤلاء البهائم الرُّتَّع، وهؤلاء الأطفال الرُّضَّع، ولا غنى لنا عن فضلك يا رب العالمين.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، أحيائهم وأمواتهم يا رب العالمين.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

المرفقات

أم الكتاب (1).doc

أم الكتاب (1).pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات