التحذير من الافتتان بالنساء والأمر بالحجاب

الشيخ سعد بن عبدالرحمن بن قاسم

2025-05-09 - 1446/11/11 2025-09-01 - 1447/03/09
عناصر الخطبة
1/ فتنة الرجال بالنساء من أعظم الفتن 2/خطورة الاختلاط بين الرجال والنساء 3/وجوب صيانة الأهل عن المحرمات 4/أهمية التمسك بآداب الإسلام

اقتباس

تمسكوا بآداب الإسلام؛ فإن فيها العزة والشرف والسعادة في الدنيا والآخرة، غضُّوا أبصاركم عن النظر إلى الحرام، واحفظوا فروجكم، وحافظوا على ستر نسائكم ومنعهن من الحرام، كونوا عونًا على الخير، وسدوا أبواب الشر...

الخطبةُ الأولَى:

 

الحمد لله الذي أنعم علينا بنزول كتابه العزيز، تبيانًا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمحسنين، أحمده -تعالى- وأشكره وأستغفره وأتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العالم بكل شيء فلا تخفى عليه خافية.

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صاحب الحوض المورود والمقام المحمود، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى- حق تقاته، واحذروا غاية الحذر من الوقوع في الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولا يخفى عليكم أن فتنة الرجال بالنساء من أعظم الفتن، أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-؛ ففي الصحيحين، عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء".

 

وذلك لما عند الرجل من غريزة وشهوة، وما في المرأة أيضًا من غريزة وشهوة، ودواعي فتنة وابتلاء من نعومة وجمال وأنوثة واستمالة، فإذا خرجت المرأة بلباس خلاعة ومجون، وتعرضت للرجال وقعت الفتنة بها، فما أكثر ما يحصل من التعدي على الأعراض، والوقوع في المعاصي، والانتهاك لحرمات الله بسببها.

 

بل إن مرضى القلوب يطمعون فيها بمجرد سماع صوتها الخاضع، فضلاً عن خروجها متبرجة، فما أعظمها من فتنة! وما أخطرها على الرجال والنساء!

 

أيها المسلم: يا مَن يخاف على دينه وعِرْضه: عليك بالاستغناء عن الخدم حفاظًا على دينك وعرضك، فلا تَسْتهن بالأمور الخطرة، وخصوصًا ما حذّرك منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخافه عليك من فتنة الرجال بالنساء.

 

وعليك أن تُذكِّر محارمك بما يقي من الفتنة بهن، بالأمر باستقرارهن في بيوتهن ليسلم منهن الرجال الأجانب، فقد أمرهن -تعالى- بذلك في قوله -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)[سورة الأحزاب:33]، وهي بذلك خليفة الرجل في بيته، تحفظ أولاده وتربيهم، ولها من الأجر مثل ما للرجل إذا أحسنت لزوجها واتبعت مرضاته فيما يرضي الله.

 

 فإن أبت إلا التبرج والخروج؛ فلتعلم بأنها منهية عن ذلك بقوله -تعالى-: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[سورة الأحزاب:33]، وآثمة بخروجها ويُخْشَى عليها وعلى دينها، ووليها مسؤول عن ذلك أمام الله، وهي مسؤولة أيضًا، فهي راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها، والزوج كذلك.

 

 وكون الأسرة في جهاد لإصلاح أنفسهم بصدق وإخلاص، يُرْجَى لهم الخير، ويذكرون بالخير، وهذا من حفظ النفس والمال والعرض، ولو نظرت في الأسر المنخلعة من دينها والجهلة في سلوكهم الأسرية في بعض من بلدان العالم؛ لظهر لك الفرق الكبير والبون الشاسع بين حال المحافظين والمهملين، وما أقبح وأتعس مَن وصَل منهم إلى الرضا بالفاحشة في أهله، فصار ديوثًا والعياذ بالله، فإذا مات وهو على هذه الحالة لا يدخل الجنة ولا يجد ريحها، مع ما أصابه في دنياه من العار والفقر وتسليط الأعداء.

 

 وإذا كان الأمر يصل ببعض الأُسَر ولو بعد حين ما سمعت وأخبرت به، فكن حازمًا وجادًّا -أيها المؤمن- في المحافظة على نفسك، وعلى أسرتك، ومجتمعك، ولا تنتظر التجارب بل سُدّ كل باب تراه يُوصّل إلى شر، وكن مفتاحًا للخير، وسِرْ على المنهج السماوي، فقد أمر -تعالى- بغض البصر وحفظ الفرج، قال -تعالى-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)، ثم بيَّن -تعالى- الحكمة في ذلك بقوله: (ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)؛ وذكَّرهم برقابته عليهم وعِلْمه بحالهم فقال: (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[سورة النور:30].

 

 فالملك الأعلى يرانا في كل حركاتنا وسكناتنا، ويعلم ما يجول في خواطرنا من هواجس وأفكار، فما موقفنا إذاً إزاء علمه واطلاعه، وكذلك أمر -تعالى- المؤمنات بغضّ أبصارهن وحفظ فروجهن، فقال -تعالى-: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، ولما في الزينة من الفتنة بهن قال -تعالى-: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)[سورة النور:31]، وهذا بالنسبة للرجال الأجانب.

 

 فإذا رأيت متبرجة كاسية عارية مائلة مميلة، فاذكر ما أخبر به رسول الهدى عن مصيرها، بأنها لا تدخل الجنة ولا تجد ريحها، حتى تبغضها وتكرهها، بل وتحذر أن تجرّك معها إلى طينة الخبال في جهنم، للمومسات وغيرهن، وربما ثبت الحد بالجلد أو الرجم لفاعل الفاحشة عقوبة في الدنيا، فارفع بنفسك عن ذلك كله، وارفع أسرتك عنه.

 

 وتذكر قوله -تعالى-: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)[سورة الإسراء:32]، وما أخبر به رسوله بقوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"، وتذكر قوله -تعالى-: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)[سورة النور:26].

 

وتذكر قصة نبي الله يوسف، وما جرى له مع امرأة العزيز حين قال: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)[سورة يوسف:33]، واسأل الله النجاة من كل شر، والعون على كل خير.

 

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم: ٦]، بارك الله لي ولكم...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله مُعِزّ مَن أطاعه ومُذِلّ مَن عصاه، فسبحانه مِن إله عظيم وملك كريم، أحمده -تعالى- وأشكره وأستغفره وأتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العالم بكل شيء فلا تخفى عليه خافية يعلم سرنا ونجوانا ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خيرنا لأهله، وقدوتنا في كل شرف وعز وطهارة وعفة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، تمسكوا بآداب الإسلام؛ فإن فيها العزة والشرف والسعادة في الدنيا والآخرة، غضُّوا أبصاركم عن النظر إلى الحرام، واحفظوا فروجكم، وحافظوا على ستر نسائكم ومنعهن من الحرام، كونوا عونًا على الخير، وسدوا أبواب الشر.

 

تذكروا الأوامر الشرعية؛ (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[النور: ٣٢]، و"إذا خطب إليكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".

 

 و"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، وعليكم بتقوى الله؛ فإنه مَن يتق الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب.

 

اللهم ارزقنا العفاف والتقى، والصدق والوفاء، وبصِّرنا بمواطن الضعف فينا ووفقنا لإصلاحها وسدادها على الوجه الذي يرضيك عنا، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

 

 (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

المرفقات

التحذير من الافتتان بالنساء والأمر بالحجاب.doc

التحذير من الافتتان بالنساء والأمر بالحجاب.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات