عناصر الخطبة
1/أمور ضرورية جاءت الشرائع بحفظها 2/خطورة المخدرات والمسكرات 3/مفاسد المخدرات وعواقبها 4/نتائج وخيمة بسبب فشو المخدرات 5/المهرب والمروّج من المفسدين في الأرض.اقتباس
بسبب المخدرات ذهبت مروءة الرجل وذهب ماله، وبسبب المخدرات تهريبًا وترويجًا وتوزيعًا ذهبت الدماء وأُحِلَّت النفوس، بسبب المخدرات والمسكرات -يا عباد الله- كثر الطلاق وانتشر، وكثرت الأذية وفاشت وانتشرت، وبسبب المسكرات والمخدرات تقاطع الأقارب والجيران، وبسببها كثرت المطالبات والخصومات في المحاكم...
الخطبة الأولى:
الحَمْدُ للهِ عَلَى إحسانه، والشكر له عَلَى توفيقه وامتنانه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إعظامًا لشأنه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الداعي إِلَى رضوانه، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ومن سلف من إخوانه، وسار عَلَى نهجهم، واقتفى أثرهم، واتبعهم وأحبهم وذبَّ عنهم إِلَى يوم رضوانه، وَسَلّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا مزيدًا.
أَمَّا بَعْدُ: يا عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من دينكم الإسلام بالعروة الوثقى، فإن أجسادنا على النار لا تقوى؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
أيها المؤمنون! جاءت الأديان السماوية من ربنا -جَلَّ وَعَلا- متفقةً مجتمعةً على حفظ الضروريات الخمس؛ وهي: حفظ الدين وحفظ المال وحفظ النفس وحفظ العرض وحفظ الأخلاق، هذه الضروريات جاءت الشرائع بحفظها، وتواردت على أهميتها، وكان شرفاء العرب في الجاهلية يأنفون مما يزيل عقولهم، كما كان عقلاؤهم يأنفون من أن يشركوا مع الله غيره أو يهلوا معه غيره في ذبحهم وطعامهم.
وإن المخدرات والمسكرات لَمِمَّا يَنتهك حُرمة الدين أولاً، وحرمة المال ثانيًا، وحرمة العرض ثالثًا، وحرمة النفس رابعًا، وحرمة الدماء خامسًا.
نعم، هذه المخدرات بأنواعها مشروبةً أو محقونةً أو مشمومة؛ إنها تتعرض لدينكم، وتتعرض لمروءتكم ورجولتكم، وتتعرض لأعراضكم، ولدمائكم وأموالكم، ولا زلنا ولا زلت تسمعون آثارها الوخيمة ونتائجها العقيمة على الإنسان في نفسه، وفي عقله، وفي دينه، وفي عِرْضه ومروءته، بل وفي ماله، بسبب المخدرات وطئ هؤلاء ذوات محارمهم، ويقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "من وطئ على ذات محرمٍ فاقتلوه".
بسبب المخدرات ذهبت مروءة الرجل وذهب ماله، وبسبب المخدرات تهريبًا وترويجًا وتوزيعًا ذهبت الدماء وأُحِلَّت النفوس، بسبب المخدرات والمسكرات -يا عباد الله- كثر الطلاق وانتشر، وكثرت الأذية وفاشت وانتشرت، وبسبب المسكرات والمخدرات تقاطع الأقارب والجيران، وبسببها كثرت المطالبات والخصومات في المحاكم... إلى آخر ذلك من هذه النتائج الوخيمة والثمار العفنة لفشو هذه المسكرات والمخدرات.
وما حرمها ربي -جَلَّ وَعَلا- إلا لحكمةٍ عظيمة، لتَسْلَم عقولكم، وتسلم أعراضكم، وتسلم أموالكم وأنفسكم ودماؤكم، وأهم ذلك وأوله وآخره ليسلم دينكم؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[المائدة: 90].
لما نزلت هذه الآية من سورة المائدة استجاب الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وأرْضاهم-، فقالوا: "انتهينا انتهينا"، فشقوا قِرَب الخمر، وكسروا أوانيها حتى سالت طرقات المدينة بهذه الخمرة؛ فرضي الله عنا وعنهم وأرضاهم، وألحقنا بهم بعملٍ صالح.
نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه كان غفارًا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله كما أمر، أحمده -سبحانه- وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا بربوبيته، وإيمانًا بألوهيته وأسمائه وصفاته، مراغمًا بذلك من عاند به أو جحد وكفر، ونصلي ونسلم على سيد البشر، ذلكم الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه السادة الغرر، خير آلٍ ومعشر ما طلع ليلٌ وأقبل عليه نهارٌ وأدبر.
أما بعد: عباد الله: إن هذه المسكرات وهذه المخدرات أفسدت المجتمعات، وأفسدت الأُسَر، وأفسدت الأفراد، فلا بد من تنادينا جميعًا وتناصحنا على ذمّها وتقبيحها، وعلى النذارة والتحذير منها؛ سلامةً لديننا أولاً، ولعقولنا وأموالنا وأعراضنا بعد ذلك.
ولهذا -يا عباد الله- لما كانت هذه الآثار الوخيمة لهذه المخدرات ترويجًا وتهريبًا، ومن ثَم بعد ذلك تعاطيًا من أبناء المسلمين وبناتهم صدر قرار هيئة كبار العلماء في بلادكم المملكة العربية السعودية باعتبار أن المهرب والمروّج من المفسدين في الأرض، والمفسد في الأرض إن لم يُدفع شره بقتله قُتل، فصدر القرار بقتله تعزيرًا.
كل ذلك -يا عباد الله- يدلكم على وخامة هذه الجريمة، وعلى فظاعتها وشناعتها، وعلى كبير خطرها، ولا حول ولا قوة إلا الله، ولا يتأتى ذلك إلا بالتعاون والتواصي بين الناس بعضهم مع بعض، ومع المسؤولين في جهات مكافحة المخدرات، ومع إمارات والشرط ليُقضى على هذا الفساد بأقل ضررٍ يمكن، بهذا يسلم الناس في دينهم ويسلمون في دنياهم، نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
ثُمَّ اعلموا -عباد الله- أنَّ أصدق الحديث كلام الله، وَخِيرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَى الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار، ولا يأكل الذئب إِلَّا من الغنم القاصية.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ وارضَ عن الأربعة الخلفاء، وعن المهاجرين والأنصار، وعن التابع لهم بإحسانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ، وعنَّا معهم بمنِّك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللَّهُمَّ عِزًّا تعزّ به الإسلام وأهله، وذِلاً تذلّ به الكفر وأهله، اللَّهُمَّ أبرِم لهذِه الأُمَّة أمرًا رشدًا، يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم أرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم رحمةً ترحم بها حالنا، وترحم بها شيوخنا، وترحم بها بهائمنا.
اللهم إنك ترى ما بنا من الحاجة واللأواء، اللهم فارحمنا برحمتك الواسعة، اللهم ارحم هؤلاء الشيوخ الركع والبهائم الرتع، اللهم أغثنا، اللهم غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سحًا طبقًا مجللاً.
اللهم سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا نصب، اللهم أغث بلادنا بالأمطار والأمن والخيرات، وأغث قلوبنا بمخافتك وتعظيمك وتوحيدك، يا ذا الجلال والإكرام، لبلدنا هذا خاصة، ولبلاد المسلمين عامةً، يا رب العالمين.
اللهم عزًا تعز به الإسلام وأهله، وذلاً تذل به الشرك والكفر وأهله، يا قوي يا عزيز، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، اللهم خذ بناصيته ومستشاريه إلى البر والتقوى، اللهم اجعلنا وإياهم هداةً مهديين ممن يقولون بالحق وبه يعدلون.
اللهم من ضارنا أو ضار المسلمين فضره، ومن مكر بنا فامكر به، يا خير الماكرين، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان، في بلاد الشام، وفي كل مكانٍ، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم كن لهم وليًا ونصيرًا وظهيرًا، اللهم أفرغ عليهم الصبر إفراغًا.
اللهم إن هؤلاء تتابعوا عليهم، اللهم ولا ناجي لهم ولا منجي ولا حسب إلا أنت، أنت حسبنا ونعم الوكيل، اللهم كن لجنودنا المرابطين على حدودنا، اللهم سدد رأيهم ورميهم، وأعذنا وإياهم من عدوك وعدونا يا رب العالمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.
عباد الله: إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، اذكروا الله يذكركم، واشكروه عَلَى نعمه يزدكم، ولذكر اللَّه أَكْبَر، والله يعلم ما تصنعون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم