عناصر الخطبة
1/من خطبة النبي في حجة الوداع 2/الأضحية من أعظم القربات 3/من الطاعات التي تكون في يوم العيد 4/الحث على الأخوة والتكافلاقتباس
ولا يجوز التكلف في شراءها أو التباهي بها فتخرج عن مقصدها من التقرب والتعبد بها إلى عادة لا يؤجر فاعلها؛ ولهذا رغب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في التصدق منها، وهي سنة إبراهيم -عليه السلام-، وإحياء لذكرى إسماعيل الذي أعطى أروع مثال في...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
الحمد لله في كل حين وعلى كل حال، حمدا خفيفا على الألسن ثقيلا في موازين المآل، (سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[مريم: 35]، نحمده ونشكره على ما أولانا من وافر النعم، وما حبانا به دون سائر الأمم، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار، أما بعد:
فيا عباد الله: هذا هو اليوم الذي ينتظره الكبير والصغير، والغني والفقير؛ لتلهج ألسنتهم بالتسبيح والتكبير، وتعم مظاهر الأفراح في جو بلا نظير، إنه يوم للتذكير وبالتعظيم جدير، إنه يوم الحج الأكبر وهو عيد الأضحى، وصف بأنه يوم الحج الأكبر؛ لأن أكثر أعمال الحج تقع وتقام فيه، بلا حرج في تقديم بعضها على بعض، من رمي للجمرات ونحر للأضاحي والحلق، وطواف الإفاضة وهو ركن من أركان الحج.
واعلموا أن يومكم هذا يوم فرح عام، تتناثر فيه أوراق الخطايا والذنوب، وتجتمع فيه الخلائق يدعون علام الغيوب، وتتقوى فيه أواصر التآخي وتتآلف فيه القلوب، ويتزاور فيه الأقارب متغاضين عن الدنايا والعيوب.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
أيها المسلمون والمسلمات: في مثل هذا اليوم السعيد، خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- على ناقته القصواء بما ينفع ويفيد؛ ليسمع القاصي والداني والقريب والبعيد، وقال في قوله وختام كلامه السديد: "اللهم اشهد فقد بلغت"، فقرر -صلى الله عليه وسلم- في خطابه قواعد الدين، وأصول التشريع، وحذر من الفرقة والاختلاف فقال: "لا ترتدوا بعدي كفارا؛ يضرب بعضكم رقاب بعض"، وقال: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا"، وأوصى بالنساء خيرا فقال: "واستوصوا بالنساء خيرا؛ فإنهن عوان عندكم".
فاتقوا الله -عباد الله- وتقربوا إليه بأنواع القربات؛ (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)[النساء: 128]، واعلموا أن من السنة في هذا اليوم أن يذبح المسلم أضحيته بعد صلاة العيد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمل ابن آدم من عمل أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنها تأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا".
ولا يجوز التكلف في شراءها أو التباهي بها فتخرج عن مقصدها من التقرب والتعبد بها إلى عادة لا يؤجر فاعلها؛ ولهذا رغب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في التصدق منها، وهي سنة إبراهيم -عليه السلام-، وإحياء لذكرى إسماعيل الذي أعطى أروع مثال في البر والصبر والسمع والطاعة بقوله: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)[الصافات: 102]، وامتثالاً لأمر رب العالمين في قوله -عز وجل-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)[الكوثر: 2]، فتقديمه -سبحانه- الصلاة على النحر، يؤذن بتقديم صلاة العيد على نحر أو ذبح الأضحية.
وإن هذا اليوم أحد أيام ذكر لله الوارد في قوله -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)[البقرة: 203]؛ ولهذا يسن لكل من صلى فريضة في هذا اليوم وفي أيام التشريق أن يكبر ويهلل دبرها، أي: بعد السلام منها، ثلاث مرات.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
أيها المسلمون والمسلمات: اعلموا -رحمكم الله- أنه يحرم صيام يوم العيد والثلاثة أيام بعده وهي أيام التشريق، والتي قال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيام منى أيام أكل وشرب، وذكر لله".
واذكروا نعمة الله عليكم؛ فإن ذكر النعم باعث على شكر المنعم، وشكرها يربيها ويزيد فيها، يقول -تعالى-: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم: 7].
واعلموا كذلك أن من أعظم النعم التي امتن الله بها علينا نعمة الإسلام، الذي اكتمل فلا يحتاج من يكمله، وتمت به النعمة فلا خلل ولا تيه ولا ضلال؛ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة: 3]، فلنحافظ على هذا الدين في أنفسنا وأهلنا وبلداننا، ولنلتزم بتشريعاته في كل أحوالنا لنكون من الفائزين؛ (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آل عمران: 84 - 85].
ولنتذكر في هذا العيد أن الإخاء والمودة والنصرة والتعاون بين المسلمين مما جاء به الإسلام وأمر به، ولا ينبغي التفريط فيه؛ لقوله -تعالى-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آل عمران: 102 - 103]، وقوله -عز من قائل-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[التوبة: 71].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وسنة المبعوث رحمة للعالمين، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وفيما قاله النبي الكريم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم؛ إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
عباد الله: عظموا شعائر ربكم، فمن يعظم شعائر الله يعظم له أجرا، واجعلوها من أعظم ذخائركم، واستشعروا التقوى في ضمائركم، فلن يقبل الله من الأعمال إلا ما كان خالصا له وصوابا؛ (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى)[الحج: 37].
واعلموا أنه يجب على كل مسلم حر غني واجد للسعة الفاضلة عن الحوائج الأصلية، أن يضحي عن نفسه بعد صلاة العيد، فيسمي الله ويكبر داعيا أن يتقبل الله منه، فيأكل منها ويتصدق ويهدي، وقد ورد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده الشريفة، واضعا على صفاحهما قدمه الشريفة، فلما ذبح الأول قال: "بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك وإليك، الله إن هذا عن محمد وآله"، ثم ذبح الثاني وقال: "بسم الله والله أكبر، اللهم إن هذا عمن شهد لي بالبلاغ، وشهدت الملائكة له بالتصديق، ولقي الله لا يشرك به شيئا".
فاتقوا -عباد الله-، وعظموا شعائر الله وأدوا فرائضه، فإن الله -تعالى- ذاكر لمن ذكر، وشاكر لمن شكر.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم