عناصر الخطبة
1/حاجة المرأة إلى التعليم والتوجيه 2/مسؤولية الرجال عن تعليم المرأة 3/المشاركة في العبادات والتعاون على البر والتقوى 4/الخاسر الحقيقي من خسر نفسه وأهله.اقتباس
ولو فرضنا أن آية الحجاب خاصةٌ بأزواجه -صلى الله عليه وسلم-، فلا شك أنهنّ خير أسوة لنساء المسلمين في الآداب الكريمة، المقتضية للطهارة التامة، وعدم التَّدنُّس بأنجاسِ الريبة، فمن يحاول منعَ نساء المسلمين، من الاقتداء بهن؛ فهو غاشٌّ لأمةِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، مريض القلب كما ترى...
الخطبةُ الأولَى:
الحمد لله الذي أنعم علينا بنزول كتابه العزيز، تبياناً لكل شيء، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بكل شيء، فلا تخفى عليه خافية، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صاحب الحوض المورود والمقام المحمود، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: أيها المسلمون: فإن الفتنة بالنساء من أعظم الفتن على الرجال، بل قد يَحْملُ الميلُ إليهنَّ إلى التعدي على الأعراض، والوقوع في المعاصي، ونفادِ المال، وغير ذلك.
وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعِظَم هذه الفتنة، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تركت بعدي فتنة، هي أضر على الرجال من النساء".
فعلينا معشر المسلمين أن نتنبَّه لها، وأن نحذر من الوقوع فيها، وقد شرع -تعالى- أموراً كثيرة للوقاية من هذه الفتنة، فشرع للمرأة وظيفة تلائمها في البيت، وأمرها بالاستقرار فيه، وبالحجاب فيما لو خرجت لحاجة، فقال -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[الأحزاب: ٣٣].
وأمر المؤمنين والمؤمنات بغضّ البصر، وحفظ الفرج، فقال -تعالى-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)[النور: ٣٠ – ٣١]، فمن طهارة المؤمنين ونزاهتهم: أن يغضوا أبصارهم ويحفظوا فروجهم إلا فيما أحل الله لهم، وكذا المؤمنات.
ومما يوقع في الافتتان بالمرأة أن تُظْهِر زينَتها للرجال، ولهذا نهى -تعالى- المؤمنات عن ذلك، فقال -تعالى-: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)[النور: ٣١]، قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي: لا يُظْهِرن شيئاً من الزينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه"، قال ابن مسعود: "كالرداء، والثياب، يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب، من المقنعة التي تُجلُّ ثيابها، وما يبدو من أسافل ثيابها فلا حرج عليها فيه؛ لأن هذا لا يمكن إخفاؤه".
وذكر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان، الأدلة من القرآن ومن السنة على وجوب الحجاب؛ فقال -رحمه الله-: "ومن الأدلة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنِها حتى وجهها، قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[الأحزاب: ٥٩]، فقد قال غير واحد من أهل العلم: "إن معنى (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ): أنهنّ يسترن جميع وجوههنّ، ولا يظهر منهنّ شيء إلا عين واحدة تبصر بها". وممن قال به ابنُ مسعود وابنُ عباس وعبيدةُ السلماني وغيرُهم".
واستدل أيضاً بقوله -تعالى-: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)[النور: ٣١]، وإن أظهر القولين في الزينة قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إن الزينة الظاهرة هي: ما يستلزم النظر إلى شيء من بدن المرأة الأجنبية"، ثم قال -رحمه الله-: "وإنما قلنا: إن هذا القول هو الأظهر، لأنه هو أحْوطُ الأقوال، وأبعدُها عن أسباب الفتنة، وأطهرُها لقلوب الرجال والنساء، ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيتُه من أعظم أسباب الافتتان بها، كما هو معلوم، والجاري على قواعد الشرع الكريم: هو تمام المحافظة والابتعاد من الوقوع فيما لا ينبغي".
وذكر في موضع آخر آية الحجاب، وهي قوله -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)[الأحزاب: ٥٣]، وأنها عامة لأزواج الرسول، وغيرهن من نساء المؤمنين، ثم قال: "ولو فرضنا أن آية الحجاب خاصةٌ بأزواجه -صلى الله عليه وسلم-، فلا شك أنهنّ خير أسوة لنساء المسلمين في الآداب الكريمة، المقتضية للطهارة التامة، وعدم التَّدنُّس بأنجاسِ الريبة، فمن يحاول منعَ نساء المسلمين، كالدعاة للسفور والتبرج والاختلاط اليوم، من الاقتداء بهن في هذا الأدب السماوي الكريم، المتضمن سلامة العرض، والطهارة من دنس الريبة، غاشٌّ لأمةِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، مريض القلب كما ترى".
ثم ذكر أدلة أخرى من السنة، على احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب، وفصّل في جميع ذلك تفصيلاً دقيقاً ومقنعاً، فجزاه الله عنا وعن المسلمين أحسن الجزاء، ووفّق الله ولاة أمورنا على إعانتنا بالقيام بهذه الشعيرة، صيانة للأعراض وحفظاً للفروج، وكذا غيرها من شعائر الإسلام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[الأحزاب: ٥٩]، بارك الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله مُعِزّ مَن أطاعه ومُذِلّ مَن عصاه، فسبحانه مِن إلهِ عظيم خلق فسوى وقدَّر فهدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالمُ بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خيرنا لأهله وقدوتنا في كل شرف وعزة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله -تعالى- حق تقواه، غضّوا أبصاركم واحفظوا فروجكم، وحافظوا على ستر نسائكم، حفظاً للأعراض، لئلا يفتتن بهنّ الرجال، (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[سورة النور:32].
و"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء".
اللهم ارزقنا العفاف والتقى، وأعنا بالصبر والصلاة على طاعتك، واجعلنا من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، واجعل من ولاتنا من يعيننا على الحق، يأطرنا عليه أطراً، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم