وظيفة المرأة ورعايتها

الشيخ سعد بن عبدالرحمن بن قاسم

2025-01-03 - 1446/07/03 2025-09-01 - 1447/03/09
عناصر الخطبة
1/الرجل قيّم على المرأة ومسؤول عنها 2/صفات المرأة الصالحة 3/آداب شرعية للنساء 4/التحذير من دعوات تغريبية هدامة 4/نقص المرأة وضعفها.

اقتباس

المرأة الصالحة التي تتقي الله حقاً: لا تخاطب الرجال بكلام رقيق فتستميل مَن في قلبه مرض، ولا تخرج من بيتها إلا لحاجة ماسّة وهي متحشمةٌ، فتمتثل أمر ربها، باستقرارها في بيتها الذي هو محل وظيفتها لتربية الأولاد وحفظ المال، وإعفافها زوجها..

الخطبةُ الأولَى:

 

الحمد لله مفضّل عباده على بعض لتفاوتهم في العلم، وكمال الإيمان والعمل والصبر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الحكم العدل فلا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالهدى ودين الحق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: أيها المسلمون: فإن الرجل قيّم على المرأة ومسؤول عنها أمام الله -عز وجل-، قال -تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)[النساء: ٣٤]؛ قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي: هو رئيسها وكبيرها وهو الحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت، وهي راعية على بيت زوجها وولده؛ لما في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته".

 

 فالمرأة الصالحة التي تتقي الله حقاً: لا تخاطب الرجال بكلام رقيق فتستميل مَن في قلبه مرض، ولا تخرج من بيتها إلا لحاجة ماسّة وهي متحشمةٌ، فتمتثل أمر ربها، باستقرارها في بيتها الذي هو محل وظيفتها لتربية الأولاد وحفظ المال، وإعفافها زوجها، ومع ذلك فهي تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتطيع الله ورسوله، فهنيئاً لمن هذه صفات امرأته وربة بيته.

 

 وقد جاءت هذه التشريعات في القرآن الكريم صريحة لنساء النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ونساءُ الأُمة تبعٌ لهن في ذلك، قال -تعالى-: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)[الأحزاب: ٣٢ – ٣٣]، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآيات: "هذه آدابٌ أمر الله -تعالى- بها نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونساء الأمة تبع لهن في ذلك".

 

 وقال -رحمه الله- في تفسير قوله -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)[الأحزاب: ٣٣]؛ أي: الْزَمْن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهنّ تفلات"، وفي رواية "وبيوتهنّ خير لهن".

 

وذكر ما رواه البزار عن أبي الأحوص عن عبد الله -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "إن المرأة عورة، فإذا خرجت: استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون برّة بربها وهي في قعر بيتها".

 

 وروى الترمذي عن عمرو بن عاصم نحوه، وذكر الهيثمي -رحمه الله- في مجمع الزوائد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إنما النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها من بأس، فيستشرفها الشيطان فيقول: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال: أين تريدين؟ فتقول أعود مريضاً، أو أشهد جنازة، أو أصلي في مسجد، وما عبدت امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها".

 

فيا معشر المسلمين: اتقوا الله -تعالى- في نسائكم، وقوموا برعايتهن وفق ما شرعه الله ورسوله، فلا يجوز لولي المرأة أن يأذن لها بالخروج وهي متبرجة، وإن من تبرجها أن تخرج شيئاً من جسمها عند الرجال الأجانب، وعليه أن يأمرها بالقيام بوظيفتها الحقيقية التي أرشد إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بقوله: "والمرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها".

 

عباد الله: ذكّروهنّ قوله -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)[الأحزاب: ٣٣]، وغيرها من الآيات والأحاديث، وعلّموهن كما كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يُعلّمون نساءهم بما أوجب الله عليهن، ويحذرونهنّ من مخالفة أمره، كونوا حصناً لهنّ من الغزو الفكري والهدم الخُلقي، فما أكثر الأقلام المسمومة، والأصوات المذمومة، بل نحن في عصر كثر فيه أهل الآراء والأهواء، وقل فيه الفقهاء.

 

 لقد كتب بعضهم، فقال: "المرأة طاقة مهدرة"، يعارض بذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها". وقال أيضاً: "المرأة حبيسة بيت"؛ يهيّجها بذلك للخروج منه، غير مبالٍ بأمر الله لهن في قوله -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)[الأحزاب: ٣٣].

 

فتأمل -أيها المسلم- ما يريد لأجيالنا من شر بيّن، كأنه لا يعرف من التوحيد شيئاً، ألا يذكر قوله -تعالى-: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[هود: ١٥ – ١٦] ، وقول رسوله -صلى الله عليه وسلم-: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش"(رواه البخاري).

 

فيا أيها المسلمون: إن الخطر عظيم، وإن الخاسر الحقيقي مَن خسر نفسه وأهله يوم القيامة، فجدّوا -رحمكم الله-، واجتهدوا في إنقاذ أنفسكم وأهليكم من الشُّبَه والتضليلات، التي قد توصل أصحابها إلى النار.

 

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم: ٦]، بارك الله لي ولكم...

 

 

الخطبة الثانية:

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: أيها المسلمون: فإن الرجل أفضلُ من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيِّمًا عليها، كما قال -تعالى-: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)[البقرة: ٢٢٨] ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)، يعني: "أمراء عليهن، أي تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنةً لأهله حافظةً لماله"، وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك، ذكر ذلك ابن كثير -رحمه الله-.

 

وقد أشار الله -تعالى- إلى نقص المرأة وضعفها بقوله: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)[الزخرف: ١٨] ، وقوله في الأمر بالإشهاد: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ)[البقرة: ٢٨٢]، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار"، فقالت امرأة منهن جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهلِ النار؟ قال: "تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكنّ".

 

قالت يا رسول الله: ما نقصان العقل والدين؟ قال: "أما نقصان عقلها: فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي لا تصلي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين".

وقال -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"(رواه البخاري).

 

أيها المسلمون: إن هذه الآيات والأحاديث ما هي إلا بعض مما ذكر في التفضيل والرعاية، فعلى المسلم أن يتزوّد من ذلك لأهميته وشدة الحاجة إليه.

 

 ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً.

 

اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين، وألحق بنا ذرياتنا يا أرحم الراحمين، يا ذا الجود والعطاء والمن، ويا أكرم الأكرمين.

 

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

المرفقات

وظيفة المرأة ورعايتها.doc

وظيفة المرأة ورعايتها.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات