أَثمن المكاسب

عبدالعزيز بن محمد
1447/04/24 - 2025/10/16 15:33PM

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أيها المسلمون: تَتَفاوَتُ المَكاسِبُ وتَتَفاضَلُ المُقْتَنَيات. فَكاسِبٌ كَنْزاً ثَمِيْناً، وكاسِبٌ رِبْحاً زَهِيد، ومُقْتَنٍ شَيئاً شَرِيْفاً، ومُقْتَنٍ سَقَطَ المَتاع.  ومَنْ جَهِلَ قِيْمَةَ شَيءٍ زَهِدَ فيهِ، ومَنْ لَمْ يَعْرِف قَدْرَ سِلْعَةٍ بَخَسَها. وأَعْقَلُ النَّاسِ مَنْ خَبَرَ الأَشْياءَ وخَبَرَ قِيْمَتَها، فَعَرَفَ النَّفِيْسَ مِنْها وعَرَفَ الخَسِيْس، وعَرَفَ الغَالِيْ مِنْها وعَرَفَ الرَّخِيْص.

فَاسْتَمْسَكَ بِأَثْمَنِ مَا مَلَك، وحَافَظَ على أَغْلَى ما يَجِد، ولَمْ يُفَرِّطْ في كَرائِمِ النِعَمِ التي بَيْنَ يَدِيْهِ، ولَمْ يَزْهَد فِيْها، ولَمْ يَحْتَقِرْها، ولَمْ يَرْغَبْ عَنْها إِلى غَيْرِها.

أَكْرَمُ اللهُ بَنِيْ إِسْرائِيلَ بأَطْيَبِ الأَطْعِمَةِ وأَلَذِّها وأَفْضَلِها، أَنْزَلَ عَلِيْهِم المَنَّ والسَّلْوى ــ

رِزْقٌ طَيِّبُ، وطَائِرٌ شَهِيٌّ ــ أَرْزَاقٌ يَنالُونَها بِغَيْرِ عَناءٍ، ويُدْرِكُونَهُا مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ، فَما عَرَفُوا قَدْرَ تِلْكَ النِعْمَةِ فَزَهِدُوا فيها، واسْتَنْكَفُوا عَنْ شُكْرِها حِيْنَ اعْتَادُوا دَوامَها وتَوالِيْها. فَأَقْبَلُوا إِلى نَبِيِّهِم شاكِيْنَ مُتَسَخِّطِيْنَ ضَجِرِيْن، وَقَالُوا: {يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ} 

أُجِيْبُوا إِلى مَا سَأَلُوا، فَقُطِعَتْ عَنْهُم تِلْكَ الأَرْزَاقُ النَّفِيْسَةِ، وأُمِرُوا بِحَرْثِ الأَرْضِ وزَرْعِها وسَقْيْها، لِيُدْرِكُوا الطَعامَ الزَّهِيْدَ الذِيْ سأَلَوه. وكذا يَكُونُ الجَاهِلُ عَدُوَّ نَفْسِه. وكَذا يَكُونُ الجَاهِلُ سَبباً لِضَياعِ كَسْبِه.

وما مِنْ امرئٍ إِلا وتُحِيْطُ بِهِ نِعَمٌ يَعْجَزُ العَقْلُ عَنْ إِدْراكِها، ويَقْصُرُ الفِكْرُ عَنِ الإِحاطَةِ بِها.  والعَاقِلُ مُمْسِكٌ بِزِمامِ نَفْسِهِ، فَلا يُذَرُها تَجْمحُ عَنْ دَرْبِ الشَّاكِرينَ، ولا يَذَرُها تَجْنَحُ إِلى دَربِ الجَانِحِيْن. فلا يَمُدُّ عَيْنَيهِ إِلى ما مُتِّعَ بِهِ الآخَرُونَ، ولا يُطِيْلُ النَظَرَ فيما يَتَقَلَّبُ بِهِ المُتْرَفُون.  ولا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ مُطَفِّفاً في حُكْمِهِ، يُكْثِرُ الشَّكْوَى إِنْ مَسَّهُ نَصَبٌ، ولا يُبْصِرُ النِعَمَ التِيْ نالَها يَتَمَنَى مِعْشارَها المَحْرُومُون.

إِنَّ مِنْ أَكْرَمِ العِبادِ على اللهِ قَومٌ مُهْتَدُون. كُلَّما وَخَزَتْـهُمْ مِنْ البلاءِ وخَزَةٌ، أَو مَسَّهُمْ مِنْ الشَيْطَانِ طائِفٌ يَبْعَثُ في النُفوسِ تَسَخُّطاً وجَزَعاً وشَكْوَى،

فَتَحُوا نافِذَةً على النِعَمِ التِيْ غَمَرَهُمُ اللهُ بِها، فَلا يَزَالُونَ يَتَفَكَّرُونَ فيها ويَشْكُرُونَ، ويَتَفَكَرُونَ فيها ويَشْكُرُون، ويَتَفَكَّرُونَ فيها ويَشْكُرُون. حَتَى يَعْلُو مَقامُ النِعَمِ التِيْ عليها يَتَرَبَّعُون ويَثْقُلُ في القَلْبِ مِيْزانُها، فَيَعْظُمُ في القَلْبِ الحَياءُ مِنَ اللهِ، ويَخْنُسُ شَيْطانٌ تَسَللَ إِلى الصَّدْرِ يُوَسْوِس.

غَنِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليهِ وسَلَمَ يَومَ حُنِيْنٍ غَنائِمَ لَمْ يَغْنَمْ مِنْ قَبْلُ مِثْلَها، وكانَ غَزْوَةُ حُنَيْنٍ بَعْدَ فَتِحِ مَكَةَ، وشَهِدَها كَثِيْرٌ مِمَّنْ أَسْلَمُوا بُعَيْدَ الفَتْحِ. فَكانُوا حَدِيْثو عَهْدٍ بإِسلامٍ. فَقَسَم رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الغَنائِمَ، فأَجْزَلَ العَطاءَ لزُعَماءَ مِنْ قُرِيْشٍ يَتَأَلَفُهُم فِيْها، ويُحَبِّبُهُم فِيْها للإِسْلامِ. فَوَجَدَ بَعْضُ الأَنْصَارِ في نُفُوسِهِم، أَنْ لَمْ يَصِيبُوا مِن الغَنائِمِ ما أَصابَ هؤُلاءِ القُرَشِيينَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليهِ وسلم فَأَمَر الأَنْصارَ أَنْ يَجْتَمِعُوا فاجْتَمَعُوا. فَقَامَ فيهم فحَمِدَ اللهَ وأثْنى عليه بالَّذي هو له أهْلٌ، ثُمَّ قال: (يا مَعشَرَ الأَنْصَارِ، مَا قَالَةٌ بَلَغَتْني عَنْكُمْ؟ وَجِدَةٌ وَجَدتُموها في أنْفُسِكم؟! أَلَمْ آتِكم ضُلَّالًا فهَداكمُ اللهُ؟ وَعَالةً فأغْناكمُ اللهُ؟ وَأَعْدَاءً فَألَّفَ اللهُ بيْنَ قُلوبِكم؟ قَالُوا: بَلِ اللهُ ورسولُه أمَنُّ وَأَفْضَلُ، قَالَ: (أَلَا تُجيبونَني، يا مَعشَرَ الأنْصارِ؟) قَالُوا: وَبِمَاذَا نُجيبُكَ يا رَسولَ اللهِ؟ وللهِ وَلِرَسُوْلِه المَنُّ والفَضْلُ، قَالَ: (أَمَا وَاللهِ لَوْ شِئتُم لَقُلتُم، فَلَصَدَقتُم وَصُدِّقتُم، أَتَيتَنا مُكذَّبًا فصَدَّقْناك، وَمَخذولًا فَنَصَرْناك، وطَريدًا فَآوَيْناك، وَعَائِلًا فَآسَيْناك، أَوَجَدتُم في أنْفُسِكم يَا مَعشَرَ الأَنْصَارِ، في لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا، تَألَّفتُ بِهَا قَومًا لِيُسلِموا، ووَكَلتُكُمْ إِلى إسْلامِكم، أَفَلا تَرضَوْنَ يا مَعشَرَ الأنْصارِ، أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالشَّاةِ والبَعيرِ، وَتَرجِعُوْنَ بِرَسُوْلِ اللهِ في رِحَالِكُمْ؟ فَوَالَّذي نَفْسُ مُحمَّدٍ بيَدِه، لَوْلا الهِجْرةُ لَكُنتُ امرَأً مِنَ الأَنْصارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وسَلَكَتِ الأنْصارُ شِعْبًا، لَسَلَكتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأنْصارَ، وأبْناءَ الأنْصارِ، وأبْناءَ أبْناءِ الأنْصارِ!) فبَكى القَومُ، حتى أخْضَلوا لِحاهُم، وَقَالُوا: رَضِينا بِرَسُوْلِ اللهِ قَسْمًا وحَظًّا..) رواه الإِمام أَحمدُ بهذا اللفظِ وأَصْلهُ في الصحيحين

إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبْرَةً، وإِنْ في ذَلِكَ لَذِكْرَى، وكَذا يُكُونُ المُؤْمِنُ حِيْنَ تُنازِعُهُ النَّفْسُ إِلى رَغَباتِها، وتَتَحَسَّرُ على فَواتِ بَعضِ مَلَذَّاتِها، يَلْتَفِتُ بِها صَاحِبُها إِلى النِعَمِ التِيْ تُرَفْرِفُ في جَنَبَاتِها، وتَزْخُرُ في ساحاتِهِا. وأَكْرَمُ نِعْمَةٍ يَجِبُ على المُسْلِمِ أَنْ يَسْتَحْضِرَها في كُلِّ حِيْن، وأَنْ يَسْتَشْعِرَها في كُل آنٍ، نِعْمَةُ الإِسْلامِ.

تَتَبَخَّرُ في مُحِيْطِ هذهِ النِعْمَةِ كُلُّ مُتَعِ الحَياةِ، وتَصْغُرُ أَمامَها عَظَمَتِها كُلُّ المُشْتَهَياتِ. كَيْفَ لا. وهِيَ النِعْمَةُ التِيْ لا تُنالُ سَعَادَةُ الدُّنْيا إِلا بِها، ولا فَوزُ الآخِرَةِ إِلا بِها {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}

يُقِيْمُ المُسْلِمُ نَفْسَهُ مَقامَ مُحاسَبَةٍ كُلَّما تَسَخَّطَتْ أَو جَزِعَتْ أَو طَمِعَت. أَو تَمنَّتْ أَو تَلَهَّفَتْ أَو رَغِبَتْ. أَو تَأَفَّفَتْ لِفَقْدٍ، أَو مَرَضٍ، أَو قِلَةِ ذاتِ يَدٍ.  قَالَ لَها: وأَكْمْ هِيَ النِعَمُ التَيْ أَنْتِ بِها تَتَنَعَّمِيْن؟ وكَمْ هِيَ الهِباتُ التِيْ أَنْتِ بِها تُكْرَمِيْن؟!  أَلمْ يُكْرِمْكِ اللهُ بِنِعَمٍ يَتَمنَّى مِعْشارَها المَحْرُومُون؟ أَلَمْ يَهَبَكِ عَطاءً عُدِمَهُ آخَرُون؟!

وكذَا القُرآنُ جاءَ مُرَبِياً، وكذا ذَكَّرَ اللهُ نَبِيَّهُ في القُرآنِ، حِيْنَ اشْتَدَّ بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَرْبٌ في سَبِيْلِ رِسالَتِهِ ودَعْوَتِه. ذَكَّرَهُ اللهِ بِسوابِغِ النِعَمِ التِيْ أَسْلَفَها إِليهِ، لِيَطْمَئِنَ القَلْبُ ويَسْلَو {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ}  {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} بارك الله لي ولكم.. 


 

الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً  أما بعد:  فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون

أيها المسلمون: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مُوجِباتِ سَلْبِ النِعَمِ وزَوالِها، أَنْ يَزْهَدَ العَبْدُ بِما لَدِيْهِ، وأَنْ يَحْتَقِرَ ما وَهَبَهُ اللهُ مِنْ إِحْسانٍ إِليهِ، وأَنْ لا يَقُومَ في قَلْبِهِ مَقَامٌ التَعْظِيْمِ لِوَهِبِها سُبْحانَه قَالَ اللهُ سُبْحانَهُ {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

وإِنْ مِنْ أَعْظَمِ ما يَنْبَغِيْ للمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَحْضِرَهُ ويَعِيَه، أَنَّ النِّعَمَ التِيْ يَكُونُ بِها صلاحُ الدِيْنِ، وحِفْظُ الإِيْمانِ، وفَوزُ الآخِرَةِ، هِيَّ النِعَمِ العُظْمَى، التِيْ يَجِبُ أَنْ يُعْتَنَى بِها ويُحافَظَ عليها. وأَنْ لا يُتَخَلَّى المرءُ عَنْها طَمَعاً في نَيْلِ ما هُو دُونَها مِنْ مُتَعِ الحَياةِ وزِيْنَتِها.  

فَلا يُؤْثِرُ المؤْمِنُ طَمَعاً على ورَعٍ، ولا يُؤْثِرُ هُوَىً على تَقْوَى، ولا يُؤْثِرُ مَنْصِباً على سَلامَةِ دِيْنٍ. في حَدِيثِ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا) رواهُ مُسْلِم فَبِئْسَتِ الصَّفْقَةُ، وبئِسَ الثَمَن (يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا).

ولا يُؤْثِرُ المؤْمِنُ صُحْبَةَ أَهْلِ اللَّهْوِ واللَّعِبِ، على صُحْبةِ أَهْلِ التَقْوَى والصَلاح، فَجَلِيْسُ الصَلاحِ ذُخْرٌ في الدُّنْيا، وشَفِيْعٌ في الآخِرَةِ {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}  ومما يَنْبَغِيْ للمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَحْضِرَهُ ويَعِيَه، أَنَّ كُلَّ مُتْعَةٍ في الحَياةِ كَانَتْ سَبباً في تَضْييعِ فَرِيْضَةٍ، أَو تَجاوُزِ حَدٍّ، فإِنَّها قِطْعَةٌ مِنْ عُقُوبَةٍ مُعَجَّلَةٍ في الدُّنْيا، ولَها في الآخِرَةِ عَاقِبَةٌ أَشَد. فَلا يَغْتَرُّ المُسْلِمُ بِبَرِيِقِها، ولا تَسْتَهْوِيْهِ زَهْرَتُها، ولا تَسْتَمِيْلُهُ فِتْنَتُها.   ولَئِنْ رَجَعَ أَهْلُ الأَهْواءِ بِشَهَواتِهِم وبِمَلَذَّاتِهِم، وآَبَ أَهْلُ التَقْوَى بِقُرُبَاتِهِم وطَاعاتِهِم، فَلَيَعْلَمُنَّ غَداً، مَنْ الفَائِزُ حَقاً، ومَنْ الرَّابِحُ صِدْقاً، ومَنْ المَغْبُونُ في زَمَنِ المُتَاجَرَةِ وكَسْبِ الحَسَنات. 

فَلا تَسْتَبْدِلَنَّ الذِيْ هُو أَدْنَى بالذِيْ هُوَ خَيْر. ولا تُغْبَنْ حَياتَكَ أَيَّها الفَطِنُ {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} 

اللهم ..

المرفقات

1760618036_أَثمن المكاسب 25 ـ 4 ـ 1447هـ.docx

المشاهدات 764 | التعليقات 0