أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةِ وَوُجُوبُ إِخْلَاصِهَا

الشيخ عبدالعزيز الراجحي
1447/06/08 - 2025/11/29 15:14PM

 

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَى الْخَلْقِ طَاعَتَهُ وَتَوْحِيدَهُ، أَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلٰهِيتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الَّذِي أَشَادَ مَنَارَ الْإِسْلَامِ وَأَحْكَمَ أَسَاسَهُ، صَلَّى اللَّهُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ أَخْلَصُوا تَوْحِيدَهُمْ لِلَّهِ وَجَاهَدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَاقْتَدَىٰ بِهِمْ فِي إِخْلَاصِ الْعَمَلِ وَالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَةِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ:

فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَحَقِّقُوا تَوْحِيدَكُمْ، وَأَخْلِصُوا الْعِبَادَةَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لِلَّهِ تَعَالَى، فَمَنْ أَثْبَتَ رُبُوبِيَّةَ اللَّهِ وَإِلٰهِيتَهُ وَأَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ وَعَظَمَتِهِ كَمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَخْلَصَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَلَمْ يَخْلِطْهَا بِشِرْكٍ، وَكَانَ فِي ذَٰلِكَ مُقْتَدِيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ الْأَمْنُ وَالْهُدَىٰ، وَقَدْ أَتَىٰ بِالتَّوْحِيدِ الْوَاجِبِ الَّذِي تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ وَيَسْتَحِقُّ بِهِ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَالسَّلَامَةَ مِنَ النَّارِ إِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا لِفَرَائِضِ اللَّهِ مُجْتَنِبًا لِمُحَرَّمَاتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعَام: 82]، وَمَنْ أَتَىٰ بِالتَّوْحِيدِ وَأَتَىٰ مَعَهُ بِكَبَائِرِ ارْتَكَبَهَا كَتَرْكِهِ لِبَعْضِ الْمَفْرُوضَاتِ أَوْ ارْتِكَابِهِ لِبَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالتَّوْحِيدِ الْوَاجِبِ الَّذِي تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ؛ بَلْ هُوَ عَلَىٰ خَطَرٍ عَظِيمٍ مِنْ دُخُولِ النَّارِ، وَهُوَ مُتَعَرِّضٌ لِسَخَطِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ أَنْوَاعِ تَوْحِيدِ اللَّهِ: الْعِلْمُ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ وَخَالِقُهُ وَمُدَبِّرُهُ وَمُصَرِّفُهُ، وَأَنَّهُ الرَّازِقُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ النَّافِعُ الضَّارُّ، وَذٰلِكَ تَوْحِيدُ اللَّهِ بِأَفْعَالِهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَهٰذَا النَّوْعُ قَدْ أَقَرَّ بِهِ الْكُفَّارُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا دَلَّ عَلَىٰ ذٰلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَىٰ: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [العَنكبوت: 61] وقولِه: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ [يُونس: 31]، وقولِه: ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ *قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ *سَيَقُولُونَ لِلَّهُ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ *قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *سَيَقُولُونَ لِلَّهُ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: 84-89].

وَمِنْ أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ: الإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الحَقِيقَةِ مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَعَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهَا بِشَيْءٍ مِنَ التَّكْيِيفِ أَوِ التَّشْبِيهِ أَوِ التَّمْثِيلِ أَوِ التَّحْرِيفِ أَوِ التَّعْطِيلِ، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشّورى: 11]، وقوله: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مَريَم: 65]، وقوله: ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعرَاف: 180]. وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ مِنَ التَّوْحِيدِ: تَوْحِيدَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَكَانَ الْكُفَّارُ يُقِرُّونَ بِجِنْسِ هَذَا النَّوْعِ كَمَا كَانُوا يُقِرُّونَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَلَكِنَّ إِقْرَارَهُمْ بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَحْدَهُ لَمْ يُدْخِلْهُمْ فِي الإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ جَحَدُوا تَوْحِيدَ العِبَادَةِ فَلَمْ يُخْلِصُوهُ لِلَّهِ، بَلْ أَشْرَكُوا مَعَهُ فِي عِبَادَتِهِ ـ الَّتِي هِيَ مَحْضُ حَقِّهِ ـ غَيْرَهُ، وَلِهَذَا قَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَبَاحَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ مَعَ إِقْرَارِهِمْ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ؛ فَمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِوَحْدَانِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْ أَسْمَائِهِ أَوْ صِفَاتِهِ فَقَدْ بَدَّلَ الدِّينَ وَأَشْرَكَ بِرَبِّ العَالَمِينَ، وَهُوَ فِي الدُّنْيَا لَيْسَ فِي عِدَادِ المُؤْمِنِينَ، وَفِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَأَحْبَطَ عَمَلَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عِمرَان: 85]، وقال: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزُّمَر: 65]، وقال: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المَائدة: 72].

فَلَابُدَّ مِنَ الإِخْلَاصِ لِلَّهِ فِي التَّوْحِيدِ وَالعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ، وَاتِّبَاعِ السُّنَّةِ؛ حَتَّى يَكُونَ العَمَلُ صَالِحًا مَقْبُولًا نَافِعًا مُضَاعَفًا مُبَارَكًا فِيهِ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: كَمَا أَنَّهُ بِالإِخْلَاصِ يَعْظُمُ ثَوَابُ العَمَلِ وَيُبَارَكُ فِيهِ، فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مَدْعَاةٌ لِلتَّقْدِيرِ وَالتَّعَاوُنِ وَالحُبِّ وَالوَلَاءِ، فَمَا تَحَلَّتْ بِهِ نَفْسٌ أَوْ أُمَّةٌ إِلَّا أَحَبَّهَا اللَّهُ وَأَحَبَّهَا النَّاسُ، وَاسْتَوْلَتْ بِإِخْلَاصِهَا عَلَى القُلُوبِ وَكَسَبَتِ النُّفُوسَ، وَحَلَّ التَّعَاوُنُ فِيهَا مَحَلَّ التَّخَاذُلِ، وَالنُّصْحُ مَحَلَّ الخِيَانَةِ، وَالِاجْتِمَاعُ مَحَلَّ الفُرْقَةِ، وَالعَدَالَةُ مَحَلَّ الفِسْقِ.

وَمَا تَحَلَّتْ بِالإِخْلَاصِ أُمَّةٌ إِلَّا عَزَّ سُلْطَانُهَا، وَعَظُمَ شَأْنُهَا وَهَابَ جَانِبُهَا، وَمَكَّنَ اللَّهُ لَهَا فِي الأَرْضِ، وَبَدَّلَ خَوْفَهُمْ أَمْنًا كَمَا حَصَلَ هَذَا لِلْأُمَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ فِي أَوْجِ إِخْلَاصِهَا، حَيْثُ تَحَقَّقَ فِيهِمْ وَعْدُ اللَّهِ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النُّور: 55].

وَمَا فَقَدَتِ الإِخْلَاصَ أُمَّةٌ إِلَّا فَقَدَتْ كُلَّ مُقَوِّمَاتِ حَيَاتِهَا المَعْنَوِيَّةِ، وَانْحَطَّتْ إِلَى الحَضِيضِ، عِيَاذًا بِاللَّهِ لِأُمَّةِ الإِسْلَامِ مِنْ ذَلِكَ.

فَاحْمَدُوا اللَّهَ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ أَنْ حَفِظَ لَكُمْ هَذَا الدِّينَ بِرِجَالِهِ المُخْلِصِينَ ـ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ ـ الَّذِينَ هُمْ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ، وَأَعْلَامٌ يُهْتَدَى بِهِمْ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ وَالإِخْلَاصِ، وَإِنَّ فِي وُجُودِ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ فِي الأُمَّةِ حِفْظًا لِدِينِهَا وَصَوْنًا لِعِزَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا؛ فَهُمْ السِّيَاجُ المُتِينُ الَّذِي يَحُولُ بَيْنَ الدِّينِ وَأَعْدَائِهِ، وَالنُّورُ الَّذِي تَسْتَنِيرُ بِهِ الأُمَّةُ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الحَقِّ وَخَفَائِهِ.

وَاشْكُرُوا اللَّهَ أَنْ يَسَّرَ لَكُمْ دِينًا سَلِيمًا وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَجَعَلَكُمْ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ الأُمَمِ وَأَبَرَّهَا وَأَزْكَاهَا، وَحَفِظَ لَكُمْ دِينَكُمْ حَتَّى وَصَلَ إِلَيْكُمْ ـ وَلِلَّهِ الحَمْدُ ـ نَقِيًّا مِنَ البِدَعِ وَالإِشْرَاكِ، وَبَرِيئًا مِنْ طَرِيقِ الغَيِّ وَالهَلَاكِ، بِمَا أَقَامَ لَكُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَالجَهَابِذَةِ المُرْشِدِينَ المُخْلِصِينَ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، وَأَخْلِصُوا أَعْمَالَكُمْ لِلَّهِ، وَطَهِّرُوهَا مِنْ إِرَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وَلَا يَغِيبَنَّ عَنْكُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى السَّرَائِرِ وَالضَّمَائِرِ: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غَافر: 19]، فَأَخْلِصُوا لَهُ النِّيَّةَ فِيمَا أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ مِنْ طَاعَةٍ، وَمَا نَدَبَكُمْ إِلَيْهِ مِنْ بِرٍّ؛ تَفُوزُوا بِرِضَاهُ تَعَالَى، وَيَصْرِفْ عَنْكُمُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ، وَتَكُونُوا مِنْ عِبَادِهِ المُخْلَصِينَ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.

رَزَقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمُ الإِخْلَاصَ فِي عِبَادَتِهِ، وَالتَّحْقِيقَ لِتَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، وَجَعَلَنَا مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى وَالخَشْيَةِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ، وَبَارَكَ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الدَّاعِيَ إِلَى جَنَّتِهِ وَرِضْوَانِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَأَخْلِصُوا العَمَلَ لِلَّهِ، وَأَخْلِصُوا تَوْحِيدَكُمْ وَطَاعَتَكُمْ لِلَّهِ؛ لِتَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَقًّا، فَيَحْصُلَ لَكُمُ الأَمْنُ وَالهِدَايَةُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ أَهْلِهَا بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعَام: 82]، وَاحْذَرُوا مَا يُضْعِفُ إِيمَانَكُمْ وَتَوْحِيدَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالبِدَعِ وَالمَعَاصِي، وَتَدَبَّرُوا كِتَابَ رَبِّكُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَدَاوُوا بِهِمَا أَمْرَاضَ قُلُوبِكُمْ، وَحَكِّمُوهُمَا فِي كُلِّ شُؤُونِكُمْ؛ لِتَكُونُوا أَعِزَّاءَ فِي الدُّنْيَا، سُعَدَاءَ فِي الآخِرَةِ.

أَلَا وَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَالهُدَى، نَبِيِّنَا وَسَيِّدِنَا وَقُدْوَتِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزَاب: 56].

المرفقات

1764411226_انواع التوحيد الثلاثة1.pdf

1764411291_أنواع التوحيد الثلاثة ووجوب إخلاصها1.docx

1764411291_أنواع التوحيد الثلاثة ووجوب إخلاصها1.pdf

المشاهدات 342 | التعليقات 0