أهمية الأمن واجتماع الكلمة ووحدة الصف

أهمية الأمن واجتماع الكلمة ووحدة الصف

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي منَّ علينا بنعمة الإسلام ، عقيدة صافية صحيحة ، ووحدة صفٍّ واجتماع كلمة ، وأمن في ظل قيادة رشيدة ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ، وأشهد أنَّ نبينا محمداً عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين . أمَّا بعد :-

فاتقوا الله تعالى وخافوه ، وأطيعوا أمره ولا تعصوه : (.. وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ ) [ البقرة: 223] . 

عباد الله : إن بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية منذ أن وحدها الملك عبدالعزيز غفر الله له ورحمه إلى يومنا هذا وهي تنعم بنعم عظيمة ، في ظل هذه القيادة الرشيدة ،  قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبدالعزيز وولي عهدة الأمير  محمد بن سلمان حفظهما الله ، وإن من أعظم هذه النعم ، نعمة العقيدة الصحيحة الصافية من الشرك والبدع ، ثم نعمة الأمن والرخاء واجتماع الكلمة ووحدة الصف ، وعدم التفرُّق والاختلاف ، وكلها من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية ،  قال تعالى : ( إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) {سورة الأنبياء 92} . ويقول تعالى : ( وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ) {سورة المؤمنون 52}. وقال تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا )[آل عمران: 103] . وهذا أمر بالوحدة والاجتماع ،  قال النووي رحمه الله عند قوله : " وَلَا تَفَرَّقُوا " : " هُوَ أَمْرٌ بِلُزُومِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَتَأَلُّفِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَهَذِهِ إِحْدَى قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ " ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا ، يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا : قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ) رواه مسلم . وقال السعدي رحمه الله : " في اجتماع المسلمين على دينهم ، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم ، وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور ، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدّها ، من التعاون على البر والتقوى ، كما أنَّ بالافتراق والتعادي يختلّ نظامهم وتنقطع روابطهم ، ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه ، ولو أدَّى إلى الضرر العام " (تفسير السعدي) . ونهى سبحانه عن الافتراق والاختلاف ، فقال تعالى : ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أن رسول الله ﷺ قال : ( علَيكُم بالجماعةِ ، وإيَّاكم والفُرقةَ ؛ فإنَّ الشَّيطانَ معَ الواحدِ ، وَهوَ منَ الاثنَينِ أبعدُ ، مَن أرادَ بَحبوحةَ الجنَّةِ فلْيلزَمِ الجماعةَ ) [رواه الترمذي وصححه الألباني] . وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ ) رواه أحمد وحسنه الألباني .

عباد الله : إن نعمة الأمن والأمان واجتماع الكلمة ووحدة الصف ورغد العيش لهي من أعظم النعم . فيجب علينا أن نشكر الله عز وجل على هذه النِّعَم ، فإن بعض الناس يكون في نِعَم ولا يعرف قدرها حتى تزول ، بل ربما يتململ من هذه النعم فإذا زالت تحسر على فواتها . فاشكروا الله على نعمة هذا الأمن والاطمئنان ، واجتماع الكلمة ووحدة الصف ، ورغد العيش في هذا البلد المبارك ، أرض الوحي والقرآن ، أرض الحرمين الشريفين ، أرض العقيدة الصحيحة ، فلا مثيل لها في أي مكان على وجه الأرض ، فالأمنُ نعمةٌ للجميع ، ومسْئُوليَّةُ المحافظةُ عليه منَ الجميعِ . وإذا اجتمع في الوطن  قُوتٌ وَرِزقٌ ، وَتَوْحِيدٌ وَوَحْدَةٌ ، وَأَمْـنٌ وَإِيمَانٌ ، فهيَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ اللهِ تَسْـتَوْجِبُ الشُّكْرَ ، وَمِنَّةٌ تَسْـتَدْعِي الحَمْدَ . فعلينا أن نشكر الله تعالى ليزيدنا من واسع فضله ، قال تعالى : ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ . فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ واعْلَمُوا أنَّ الأمنَ والاستقرارَ ليس مسئوليةُ الحاكمِ وحدَه ، ولا مسئوليةُ العالِمِ وحدَه ، بل مسئولية الجميع ، فعلى كلِّ إنسانٍ منا القيامُ بمسؤوليَّته وواجبهِ في المحافظة على هذه النِّعمة ، فالأمنُ نعمةٌ للجميع ، ومسْئُوليَّةُ المحافظةُ عليه مسْئُوليَّةُ الجميعِ . اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيْنا دِينَنا ، وأدِمْ عليْنا أمْنَنا ، وارْزُقْنا شُكْرَ نِعَمِكَ عَليْنا يارب العالمِينَ .. أقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم .

 

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ ، أحمدُهُ سُبحانه وأشكرُه على نِعمةِ الأمنِ والدّين ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وليُّ الصّالحينَ ، وأشهدُ أنّ نبيّنا مُحمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ إمامَ الْمتّقينَ ، صلّى الله وسلَّم عليهِ وعلى آلهِ وصحْبِه أجْمعين . أما بعد :-

عِبَادَ اللهِ : إنَّ تـَحَقُّقَ الأمنُ في بلادنا له أسبابُهُ الشَّرْعِيَّةُ والدُّنْيَوِيُّةُ منْ أهمّـِها :-

   1- العقيدةُ الصَّافِيةُ في هذه البلادِ ، والْـمُتَمَثِّلَةُ بتوحيد الله والإيمانِ به ، والتَّخَلُّصِ من خوارمِ العقيدة ، ومجانبةِ البدع والْـخُرافات ، قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) فقوله ( وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ) أيْ لَـمْ يَلْبِسُوا إيمانـَهُمْ بِشِرْك . فالحمد لله أن جعل ولاة أمرنا من لدن الملك عبدالعزيز وأبنائه الملوك وإلى عهد الملك سلمان وولي عهده حفظهما الله يولون اهتماماً كبيراً بنصرة السنة وأهلها ، ونشر العقيدة الصحيحة ودعوة الناس إليها .

    2- ومن أسباب تحقق الأمن : لُزُومُ جَماعةِ الْـمُسْلمينَ وإمامهم ، والتمسُّكُ بالإسلام الذي جاء به نبيُّنا مُـحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلم عن ربِّ العالمينَ ، مما جعل لِلإسْلامِ في هذه الديارِ بقاءً بنَقاءٍ ، وهيْمَنةً بِصَفاءٍ ، وستبقى هذه البلادُ قائمةً ما أقامَتِ التَّوْحيدَ ، منصورةً ما نصرَت السُّنَّةَ ، عاليةً ما أعلنَتِ الْعَدْلَ ، ولن نخشى إلا ذنوبَنا وتقْصِيرَنا معَ ربِّنا . قال تعالى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) ، وقال : ( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ *مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) .

     3- ومن أسباب تحقق الأمن : الحرص على طاعة الله ورسوله وطاعة ولي الأمر في المعروف ، والالتزام بالأنظمة والتعليمات التي وضعتها الدولة لحفظ الحقوق وصيانة الأرواح والممتلكات ، قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ .

 4 - اجتماع الكلمة ووحدة الصف ، والبعد عن التحزب والاختلاف والفرقة . والحذر من الارتباطات الفكرية والحزبية المنحرفة ، إذ الأمة في هذه البلاد جماعة واحدة متمسكة بما عليه السلف الصالح وتابعوهم ، وما عليه أئمة الإسلام قديماً وحديثاً من لزوم الجماعة والمناصحة الصادقة ، وعدم اختلاق العيوب وإشاعتها ، مع الاعتراف بعدم الكمال ووجود الخطأ ، وأهمية الإصلاح على كل حال وفي كل وقت .

فينبغي لنا جميعًا أن نشعر بنعمة الأمن والتكاتف ووحدة الكلمة ، وأن نحافظ عليها ، وأن نَحْذَرَ من أُناس يريدون إقامة الفتن وإفساد الأمن في بلادنا ، وأن نُحَذِّرَ منهم . وَقِفُوا صَفًّا واحِدًا فِي وَجْهِ كُلِّ مُرْجِفٍ ، وَتَنَبَّهُوا لِسَعْيِ كُلِّ مُفْسِدٍ ، واغْرِسُوا فِي أَبنَائِكُمْ حُبَّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازَ بِإِنْجَازَاتِهِ الحَاضِرَةِ وَمَجْدِهِ التَّلِيدِ حَتَّى يُحَقِّقُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَعْنَى المُوَاطَنَةِ الصَّالِحَةِ ، فَهُمْ أَمَلُ الوَطَنِ وَبُنَاةُ الغَدِ . هذا وصلُّوا وسلِّموا على نبيكم  كما أمركم الله بذلك فقال : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين ، وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنَّا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ، وانصر عبادك المؤمنين ، اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم احفظ إمامنا وولي عهده بحفظك وأيدهم بتأييدك وأعز بهم دينك ياذا الجلال والإكرام . اللهم وفقْهُم لهُدَاكَ واجعلْ عمَلَهُم في رضاكَ ، اللهم وارزقْهُم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تدلُهُم على الخيرِ وتعينهم عليه ، اللهم أمّن حدودنا واحفظ جنودنا . اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين . " اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء إليك أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين . اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا غيثا مغيثا ، نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل ، تسقي به البلاد وتنفع به العباد . اللهم أسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق " ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 

( خطبة الجمعة 27/3/1447هـ . جمع وتنسيق خطيب جامع العمار بمحافظة الرين / عبد الرحمن عبد الله الهويمل                          للتواصل جوال و واتساب /  0504750883  ) .

 

 

المرفقات

1758058127_أهمية الأمن واجتماع الكلمة ووحدة الصف.docx

المشاهدات 400 | التعليقات 0