الصَّلَاةُ… عَمُودُ الدِّينِ وَمِيزَانُ الاسْتِقَامَةِ

فهد فالح الشاكر
1447/05/15 - 2025/11/06 15:35PM

الحمدُ للهِ الَّذِي فَرَضَ الصَّلَاةَ عَلَى عِبَادِهِ، وَجَعَلَهَا نُورًا وَصِلَةً بَيْنَ العَبْدِ وَرَبِّهِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا الأَحِبَّةُ فِي اللهِ:

إِنَّ الصَّلَاةَ هِيَ عَمُودُ الدِّينِ، وَهِيَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَإِنْ صَلَحَتْ صَلَحَ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ.

قَالَ ﷺ:

«رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ».

الصلاةُ هِيَ الفَارِقُ بَيْنَ المُؤْمِنِ وَالكَافِرِ، قَالَ ﷺ:

«العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ».

أيُّهَا الشَّبَابُ:

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُمْتَحَنُ بِهِ المُؤْمِنُ فِي زَمَنِنَا هٰذَا تَرْكُ الصَّلَاةِ أَوِ التَّهَاوُنُ بِهَا، بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتِ الشَّوَاغِلُ تَمْلَأُ الأَوْقَاتَ، وَالأَجْهِزَةُ تَسْرِقُ السَّاعَاتِ، وَالغَفْلَةُ تَسُودُ البُيُوتَ.

فَيَسْمَعُ المُؤَذِّنُ يَقُولُ: “حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ”، فَيَبْقَى النَّاسُ عَلَى أَرَائِكِهِمْ وَأَسِرَّتِهِمْ، كَأَنَّهُ لَا يُنَادَى إِلَى الجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ!

أَيُّهَا الأَحِبَّةُ:

مَا بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ سَعَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ حَقَّ إِقَامَتِهَا.

الصلاةُ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ، وَتُزَكِّي النُّفُوسَ، وَتَغْسِلُ القُلُوبَ.

مَنْ أَقَامَهَا فَقَدْ أَقَامَ الدِّينَ، وَمَنْ هَدَمَهَا فَقَدْ هَدَمَ الدِّينَ.

قَالَ اللهُ تَعَالَى:

﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾.

 


أيها المصلون هذه 🌿 وقفة مؤثرة مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحرصه على الصلاة وهو يعاني من سكرات الموت

فلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الفَجْرَ، سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ، وَظَلَّ النَّاسُ فِي حَالٍ مِنَ الحُزْنِ وَالخَوْفِ.

فَلَمَّا أَفَاقَ كَانَ أَوَّلَ كَلَامِهِ:

“أَصَلَّى النَّاسُ؟”

فَقَالُوا: نَعَمْ، يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ كَلِمَتَهُ الخَالِدَةَ:

“لَا حَظَّ فِي الإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ.”

ثُمَّ طَلَبَ المَاءَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَنْزِفُ.

اللهُ أَكْبَرُ! مَا أَعْظَمَ الصَّلَاةَ فِي قُلُوبِ الصَّالِحِينَ!

رَجُلٌ يَنْزِفُ دَمًا وَهُوَ بَيْنَ الحَيَاةِ وَالمَوْتِ، وَمَعَ ذٰلِكَ لَا يَنْسَى صَلَاتَهُ.

فَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ هٰذِهِ القِصَصِ العَظِيمَةِ؟ وَهَلْ تَعْظُمُ الصَّلَاةُ فِي قُلُوبِنَا كَمَا عَظُمَتْ فِي قَلْبِ عُمَرَ؟

 


أَيُّهَا الشَّبَابُ الأَعِزَّاءُ:

كَيْفَ يُرْجَى صَلَاحُ قَلْبٍ لَا يَقِفُ بَيْنَ يَدَي رَبِّهِ؟

وَكَيْفَ يُرْجَى نُورٌ فِي صَدْرٍ قَدْ قَطَعَ عَنْهُ أَعْظَمَ صِلَةٍ؟

مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَظْلَمَ قَلْبُهُ، وَتَغَيَّرَتْ مَلامِحُ وَجْهِهِ، وَضَاقَ صَدْرُهُ، وَقَلِقَتْ نَفْسُهُ، وَفَقَدَ لَذَّةَ الحَيَاةِ وَرَاحَةَ البَالِ.

يَبْتَسِمُ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ فِي الدَّاخِلِ مَكْرُوبٌ، يَمْتَلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا السَّكِينَةَ، وَيَسِيرُ بَيْنَ النَّاسِ جَسَدًا بِلَا رُوحٍ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى:

﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

أَيُّهَا الأَحِبَّةُ:

مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ قَطَعَ حَبْلَهُ بِرَبِّهِ، وَهَدَمَ سُورَ الإِيمَانِ مِنْ حَوْلِ قَلْبِهِ، وَأَطْفَأَ نُورَ الرُّوحِ فِي دَاخِلِهِ.

تَغِيبُ الطُّمَأْنِينَةُ مِنْ قَلْبِهِ، وَتُسْلَبُ البَرَكَةُ مِنْ يَوْمِهِ، وَتَتَبَدَّلُ سَعَادَتُهُ وَحْشَةً وَضِيقًا، وَلَوْ مَلَكَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا.

فَالصَّلَاةُ – يَا شَبَابَ الإِسْلَامِ – نَبْضُ القَلْبِ الإِيمَانِيِّ، وَرُوحُ الحَيَاةِ الرُّوحِيَّةِ، وَمِفْتَاحُ السَّكِينَةِ وَالسُّرُورِ، مَنْ ذَاقَ حَلاوَتَهَا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَنْ فَقَدَهَا فَقَدَ كُلَّ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ

 

أَيُّهَا الأَبْنَاءُ وَالأُمَّهَاتُ:

رَبُّوا أَبْنَاءَكُمْ عَلَى الصَّلَاةِ مُنْذُ صِغَرِهِمْ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:

 

«مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ».

 

فَالصَّلَاةُ تَرْبِي فِي الأَبْنَاءِ الانْضِبَاطَ وَالطَّاعَةَ وَالمَسْؤُولِيَّةَ، وَتَغْرِسُ فِي قُلُوبِهِمْ مَعْنَى العُبُودِيَّةِ لِلَّهِ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هٰذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 


 

 

🕌 الخُطْبَةُ الثَّانِيَة

الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَيَا عِبَادَ اللهِ، أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّ التَّقْوَى سَبِيلُ الفَلَاحِ، وَعُنْوَانُ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ * وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

أَيُّهَا الأَحِبَّةُ:

حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا، وَاعْلَمُوا أَنَّهَا نُورٌ فِي الوَجْهِ، وَسَعَادَةٌ فِي القَلْبِ، وَبَرَكَةٌ فِي العُمْرِ.

قَالَ تَعَالَى:

﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ المُقِيمِينَ لِلصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّاتِنَا، رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَ،اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَنَا، وَرُدَّهُمْ إِلَى دِينِكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ المَسَاجِدَ وَذِكْرَكَ وَطَاعَتَكَ،

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أُمُورِنَا، وَوَفِّقْهُمْ لِمَا فِيهِ خَيْرُ البِلادِ وَالعِبَادِ،

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ

المرفقات

1762432528_الصَّلَاةُ… عَمُودُ الدِّينِ وَمِيزَانُ الاسْتِقَامَةِ .pdf

المشاهدات 187 | التعليقات 0