العظة والعبرة في قصة الأبرص والأقرع والأعمى

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1447/04/23 - 2025/10/15 22:42PM
الْحَمْدُ لِلَّهِ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَأَصَحْابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللَّهِ فَتَقْوَى اللَّهِ تُورِثُ الْمَرْءَ فِي الدُّنْيَا انْشِرَاحًا وَانْبِسَاطًا وَفِي الْآخِرَةِ فَوْزًا وَفَلاَحًا فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمْ اللهُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَقِفُ مَعَ قِصَةٍ نَأْخُذْ مِنْهَا العِظَةُ وَالعِبْرَةُ فِي الاِبْتِلَاءِ قَصَّهَا لَنَا النَّبِيُّ  رَوَى البُخَارِيُ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ إِنَّ ثَلاَثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا فَقَالَ أَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْك قَالَ الإِبِلُ فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ فَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعرًا حَسَنًا قَالَ فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ البَقَرُ قَالَ فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلا وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ قَالَ فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الغَنَمُ فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ غَنَمٍ ثُمَّ إِنَّهُ أي الـمَلك أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ تَقَطَّعَتْ بِيَ الحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلاَ بَلاَغَ اليَوْمَ إِلا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ وَالجِلْدَ الحَسَنَ وَالمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي فَقَالَ لَهُ إِنَّ الحُقُوقَ كَثِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ كَأَنِّي أَعْرِفُكَ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ فَقَال إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ تَقَطَّعَتْ بِيَ الحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلاَ بَلاَغَ اليَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي وَفَقِيرًا وَقَدْ أَغْنَانِي خُذْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ لا أَجْهَدُكَ اليَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ إِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ تَدُلُ عَلَى أَنَّ اللهَ يَبْتَلِيَ عِبَادَهُ بالسراء وبالضراء وهذا دليل على قدرة الله تعالى وأنه المتصرف في عباده بما شاء كما أن في القصةِ دلالة على أنَّ السعيد من رزقه الله القناعة وفي القصة أن الله يرضى عن عباده الشاكرين ويزيدهم من فضله ويسخط على الجاحدين لنعمه وربما عاجلهم بالعقوبة جعلنا الله تعالى شاكرين لنعمه مثنين بها قابليها وأتمها علينا ونعوذ بالله من زوال نعمته وتحول عافيته وفجاءة نقمته آمين بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكمْ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالحِكْمَةِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ والمسلمات فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعتبروا ففي قصة الثلاثة تتجلى أهميةُ الصدقةِ ومنـزلتُها عند الله تعالى وأنها سبب لاستدامة العافية فالصدقة باب عظيم لشكر النعم (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد )) فشكر النعمة واجبٌ شرعيّ وهو موجب في الدنيا لحـفظِ النعمة وزيادتها وسببٌ للثـواب في الآخرة وإنّ كُفرَ النِعَمِ معصيةٌ عظيمة توجبُ زوالَها في الدنيا مع الإثم الموجب لعقوبة الآخرة فمن دُعِيَ للإنفاق وجب عليه أن يتذكر فضل الله عليه فيحذر من الشح والبخل فهو إن أنفق فإنما يُنفقُ مما آتاه الله وإن بخل فإنما يبخل عن نفسه وفي القصة زجر عن الشح (( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ))
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ الخَير اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات

1760556839_خطبة الجمعة 25 ربيع الثاني 1447هـ وقفة مع حديث قصة الثلاثة في الابتلاء.pdf

1760556849_خطبة الجمعة 25 ربيع الثاني 1447هـ وقفة مع حديث قصة الثلاثة في الابتلاء.docx

المشاهدات 62 | التعليقات 0